تونس على أبواب محطة الإخوان الأخيرة... هل تقصي جولة الانتخابات الثانية التنظيم؟
أوضح المحلل السياسي التونسي، نزار جليدي لـ-السياق- أن الشعب لم يشارك في المرحلة الأولى من الانتخابات، لعدم وجود المال السياسي الفاسد وأيديولوجيا الأحزاب.

السياق
على طريق التخلص من إرث «الإخوان»، تمضي تونس في طريقها الذي رسمته بعناية، لإقصاء التنظيم الإرهابي، الذي قبض على زمام الأمور في البلد الإفريقي طوال «عشرية سوداء»، أعاده فيها عقودًا إلى الخلف.
ذلك الطريق الذي بدأ بقرارات 25 يوليو 2021 الاستثنائية، التي أيدها الشارع، ما زال تنظيم الإخوان يواجهها بكل ما أوتي من قوة، محاولًا بث الفوضى، أملا في إرباك مسار الإصلاح، الذي من المقرر أن يبلغ محطته الأخيرة بانتخابات الأحد.
ومن المقرر أن تجري تونس، الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات البرلمانية، التي لم يكن الدور الأول منها في 17 ديسمبر، بنسبة مشاركة بلغت 11.22%، على المستوى المأمول، لأسباب عدة، إلا أنها كانت رسالة قاصمة لتنظيم الإخوان.
وفي محاولة لتعطيل قطار الإصلاح، ظنًا منهم أنهم سيعودون إلى الحكم، حتى لو على أنقاض الأمن والاستقرار، يواصل إخوان تونس السير على طريق الفوضى، بمخططات «إرهابية»، انكشفت على صخرة الوعي الأمني، والإرادة الشعبية.
فماذا فعل الإخوان؟
في بيان مقتضب، أعلنت وزارة الداخلية التونسية، مساء الخميس، فتح تحقيق في قضية تتعلق بـ«تكوين عصابة تهدف إلى الاعتداء على الأشخاص والأملاك وتقديم أموال للتأثير في الناخبين والمشاركة في حملة انتخابية بتمويل مجهول المصدر والمشاركة في ذلك».
وقالت وزارة الداخلية التونسية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها تتبعت عددًا من الأشخاص، عمدوا إلى التخطيط لتحركات تهدف إلى بثّ الفوضى، خدمة لأجندات خاصة، في إشارة إلى تنظيم الإخوان الإرهابي.
تلك المخططات الهادفة لإفشال العملية الانتخابية في تونس، تتسق مع أهداف تنظيم الإخوان، الرافض لاستكمال الانتخابات البرلمانية في البلد الإفريقي، التي ستقصيه من المشهد السياسي.
ولم تكن تلك المخططات الأولى من نوعها، بل إنها تأتي بعد أيام من إحباط السلطات التونسية، مخططًا يقوده نجل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية وشقيق مرشح رئاسي سابق، لإثارة الفوضى بالبلاد.
وألقت السلطات التونسية حينها القبض على شخصين بمحافظة القصرين (وسط غرب) بصدد توزيع مبالغ على آخرين اعترفا بتلقي مبالغ لتوزيعها من أجل القيام بأعمال شغب وإثارة الفوضى، بإشعال الإطارات وتأجيج الأوضاع في أحياء المدينة.
رسالة رئاسية
تلك الجهود الأمنية اتسقت مع رسالة رئاسية، وجَّهها الرئيس قيس سعيد، مساء الخميس، خلال لقائه بقصر قرطاج، توفيق شرف الدين، وزير الداخلية، الذي قدَّم له، تقييمًا سنويًا عن التطرّف والإرهاب والجريمة المنظّمة.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الرئيس سعيد تطرق خلال هذا الاجتماع، لآخر الاستعدادات لتنظيم الدور الثاني لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب، مع تأكيد ضرورة التزام الإدارات المعنية بالحياد، حتى يعبّر الناخبون والناخبات عن إرادتهم بكلّ حرّية.
نزار جليدي المحلل السياسي التونسي، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه المرحلة ستكون كسابقاتها متأثرة بعديد من المخاطر وعزوف كبير من الناخبين، لأن الوضع التونسي هش اقتصاديًا واجتماعيًا، ما يؤثر في الوضع السياسي.
ألاعيب باطلة
وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن الشعب لم يشارك في المرحلة الأولى، لعدم وجود المال السياسي الفاسد وأيديولوجيا الأحزاب، متوقعًا أن تشارك النسبة نفسها في الاستحقاق الدستوري.
وأشار إلى أن ألاعيب الإخوان باطلة، سيحاولون حتمًا الضغط على الشارع، وأن تكون المواجهة الاجتماعية قبل السياسية، مؤكدًا أنه سيحاولون بيع الأوهام وترويج الأوضاع الاجتماعية خاصة الاقتصادية، إلا أنه قال إن محاولاتهم ستكون بائسة، لأن الشارع التونسي لفظ الإخوان.
من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي، في تصريحات تلفزيونية تابعتها «السياق»، إن نسبة المشاركة ليس لها تأثير قانوني في تشكيل البرلمان واستكمال المسار الديمقراطي، مشيرًا إلى أن التونسيين ينتظرون بعد اكتمال البرلمان الجديد، أن تكون هناك حكومة تملك من الكفاءة ما يمكنها من الإصلاحات المطلوبة.
طريق ثالث
وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن تونس في حاجة إلى طريق ثالث، يتقاطع مع خارطة طريق الرئيس التونسي، بشرط الابتعاد عن الإخوان، مشيرًا إلى أن هناك فئات كثيرة من الشعب التونسي تثق بالرئيس سعيد.
وعن اعتراضات الأحزاب السياسية، قال المحلل السياسي إن المسارات التي تطرحها الأحزاب لا تحظى بقدر من الجدية، مشيرًا إلى أن النخبة السياسية بعيدة عن الواقع.
وأكد المحلل السياسي التونسي، أن عزوف الناخبين عن المشاركة في الجولة الأولى رسالة إلى النخبة السياسية، التي لا تستمع إلا لصوتها الداخلي، ولا تصدق إلا أكاذيبها التي تطلقها بنفسها.
إنهاء الاستثناءات
وأوضح أن اختيار الشعب التونسي للرئيس قيس سعيد، كان لرجل من خارج النخبة السياسية، مشيرًا إلى أن الرئيس التونسي ماضٍ في تنفيذ خارطة الطريق التي أعلنها، بإنهاء حالة الاستثناء عبر إجراء الانتخابات التشريعية.
وأشار إلى أن حركة النهضة والأحزاب المنضوية تحت لوائها في قطيعة مع الواقع، مؤكدًا أن النخبة السياسية وحركة النهضة كانت تتوقع إطاحة الرئيس التونسي قيس سعيد في 14 يناير 2023، إلا أنها اختصمت في من يحل رئيسًا للبلاد.
المحلل السياسي التونسي قال إن الأحزاب الإخوانية، رأت أن مسار 25 يوليو انقلاب، وهو شكل مغاير للواقع، مشيرًا إلى أن أحزابًا حاولت العثور على غنيمة من كعكعة مسار الرئيس التونسي، إلا أنه حينما أقصاها فضلت العودة إلى أحضان الإخوان.
من جهة أخرى، قال الرئيس السابق للبرلمان التونسي بالنيابة عبدالفتاح مورو، إن إدارة الشأن العام ليست سهلة، إنما تستوجب معرفة وقدرات، وتخطيطاً، وهو ما لم يتوافر لحركة النهضة في تونس، مشيرًا إلى أن فشل الحركة كان ذريعًا.
وأوضح الرئيس السابق للبرلمان التونسي بالنيابة، في تصريحات تلفزيونية تابعتها «السياق»، أن انسداد الآفاق السياسي، كان بسبب حركة النهضة، مشيرًا إلى أن الشعب التونسي قادر على أن يختط لنفسه طريقًا للخلاص من حركة النهضة.