قبل انتخابات 2024... بايدن يواجه عامين مصيرين بين حرب وحشية وحملة رئاسية وعرة
بايدن بين مطرقة حرب وحشية وسندان حملة رئاسية وعرة.. هل تكون أوكرانيا ورقة اليانصيب الرابحة؟

ترجمات -السياق
حرب «وحشية» وحملة انتخابية «وعرة»، تحديان جوهريان يفرضان نفسيهما على مستقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن وفرصه في الترشح لولاية ثانية، في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.
إلا أن أحد ذلك التحديين يعد نتيجة للآخر، فالحرب التي تستعر على أبواب أوروبا، تعد ورقة اليانصيب الرابحة في يد الرئيس الأمريكي، خاصة أنه صورها بأنها معركة من أجل الديمقراطية، ما يجعل أبواب البيت الأبيض مشرعة أمامه في الفترة الرئاسية المقبلة.
ورغم ذلك، فإن أي انتكاسة في الحرب الأوكرانية أو أي تقدم روسي، سيضر برواية بايدن، نهاية المطاف، خاصة أن الناخبين سيتساءلون عن سبب إنفاق الإدارة كثيرًا من الأموال والأسلحة لدعم أوكرانيا.
وعن ذلك تقول مجلة بوليتيكو الأمريكية، في تقرير ترجمته «السياق»، إن قرار بايدن بإرسال دبابات إبرامز إلى أوكرانيا، شكّل فصلًا جديدًا في التزام الولايات المتحدة تجاه كييف، وعكس اعتقادًا متزايدًا بأن العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا قد تمتد سنوات، ما يستدعي اتخاذ إجراءات «استثنائية» للحفاظ على تماسك التحالف المضاد لروسيا.
المجلة الأمريكية، قالت إن عدم وجود نهاية قريبة تلوح في الأفق للحرب الدائرة في أوكرانيا، في وقت يستعد فيه بايدن لإعلان ترشحه لولاية ثانية، يعني أن الحرب «قد تؤثر في حملته الانتخابية».
وأشارت إلى أن التعهد الأمريكي بتقديم دبابات إبرامز، يبرز الصراع الذي يقترب من عامه الأول، ويلمح إلى الاتجاه الذي ترى الإدارة الأمريكية أن الحرب تسير فيه.
استمرار الصراع
ورغم أن المركبات الأمريكية قد لا تصبح جاهزة للمشاركة في القتال على الخطوط الأمامية قبل عام تقريبًا، فإنها ساعدت في دفع ألمانيا المترددة لإرسال دباباتها الخاصة «ليوبارد2» لكييف، التي يرجح أن تصل الميدان قريبًا للمساعدة في مواجهة هجوم الربيع الروسي المحتمل.
تلك التطورات، جعلت المسؤولين الأمريكيين يدركون أن الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع الحلفاء الأوروبيين، له أهمية قصوى في الوقت الذي لا يظهر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي علامة على التراجع «رغم تعرض جيشه لانتكاسات متكررة»، بحسب المجلة الأمريكية.
اختبار ذو حدين
ورجحت «بوليتيكو» استمرار الصراع فترة طويلة، ما يلقي بظلاله على حملة إعادة انتخاب بايدن المحتملة، ويشكل اختبارًا لعزم أوروبا على مواجهة مشكلاتها الاقتصادية المتفاقمة.
وتقول المجلة الأمريكية، إن بوتين كان يتوقع أن تضعف عزيمة أوروبا والولايات المتحدة بمرور الوقت، وأن ينهار دعمهما لأوكرانيا، ما جعل بايدن يرد على ذلك بقوله: «نحن متحدون... واشنطن والعالم متحدون في التصدي لحرب روسيا في أوكرانيا».
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أنه «بالنظر إلى أن الشعب الأمريكي أصبح على بُعد أسابيع من إعلان بايدن المحتمل لرغبته في إعادة انتخابه، فإن هذه الحرب التي لا تبدو نهايتها تلوح في الأفق، ستؤثر في حملته الرئاسية بلا شك».
يأتي ذلك، بينما ينظر مساعدو بايدن للحرب في أوكرانيا على أنها ستكون «ورقة رابحة» في انتخابات عام 2024 للرئيس الذي صوَّر الصراع على أنه «معركة من أجل الديمقراطية».
تلك المعركة يخوضها بايدن متكئًا على فريقه للأمن القومي، إذ ما زال وزيرا الخارجية أنتوني بلينكين، والدفاع لويد أوستن في منصبيهما، إضافة إلى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بينما يستعد رئيس الأركان الجديد جيف زينتس، لمنصبه الجديد بعد فترة وجيزة من حالة الاتحاد، بداية الشهر المقبل.
وقالت المجلة الأمريكية: رغم أن مساعدي الرئيس الأمريكي لا يتوقعون أن تكون الحرب من أهم القضايا المؤثرة في الانتخابات المقبلة، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الجمهور يدعمه.
وأظهر استطلاع جديد للرأي لشركة إبسوس، هذا الأسبوع، أن أغلبية الأمريكيين يفضلون إبقاء خط توريد الأسلحة إلى أوكرانيا مفتوحًا، مع إبقاء جيش بلادهم خارج ساحة المعركة.
كان الكونغرس أقر -العام الماضي- تمويلًا لأوكرانيا يستمر أشهرًا عدة. ورغم أن الأغلبية الجديدة في مجلس النواب الجمهوري هددت بقطع أو تقليص المساعدات المستقبلية، فإن الجناح الغربي يخطط للضغط على الجمهوريين الرئيسين للتصويت على المساعدة المستقبلية.
مخاوف
ورغم نتائج استطلاعات الرأي التي تخدم بايدن، فإن بعض كبار الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي يخشون أن تضر الظروف على الأرض في أوكرانيا برواية بايدن، نهاية المطاف، إذ يشعرون بالقلق من أنه حال تحقيق روسيا مكاسب، أو فشل أوكرانيا في التقدم بشكل أكبر بحلول الخريف، سيتساءل الناخبون عن سبب إنفاق الإدارة كثيرًا من الأموال والأسلحة لدعم أوكرانيا.
ونقلت «بوليتيكو» عن النائب الديمقراطي، المؤيد القوي لمساعدة أوكرانيا، توم مالينوفسكي، قوله: «قد تساعدك معارضة المساعدة لأوكرانيا في الفوز ببعض الأصوات بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، إنها لا تزال طريقة مروِّعة لكسب الأصوات في الانتخابات العامة».
وأضاف: «حتى يومنا هذا، هناك كثير من أعلام أوكرانيا التي ترفرف في مقاطعة نيوجيرسي الخاصة بي، أكثر بكثير من أعلام الرئيس السابق دونالد ترامب، حتى في المناطق الأكثر تحفظًا».
ويخشى الديمقراطيون أن تكون للحديث الخاص بالدفاع عن الديمقراطية قيمة كبيرة، إذا ظلت كييف في موقف ضعيف، بينما تكتسب موسكو القوة على الأرض، بحسب المجلة الأمريكية التي رأت أن القرار الخاص بالدبابات يعبر عن الحقائق المتضاربة قصيرة وطويلة المدى في هذه الحرب.
انتصار جديد
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي وافقت فيه واشنطن على إرسال دبابات أبرامز، وألمانيا على إرسال دبابات ليوبارد، تحشد روسيا مزيدًا من القوات، وتحمي خطوط الإمداد وتطور تكتيكاتها، مؤكدة أن الانتصار الجديد الذي حققته موسكو في سوليدار -الأربعاء الماضي- دفعها خطوة إلى الأمام للاستيلاء على مدينة باخموت الشرقية الاستراتيجية.
تلك التطورات، تتطلب من بايدن إدارة حرب طويلة المدى وحملة انتخابية خلال العامين المقبلين، بحسب المجلة الأمريكية التي قالت إن كبار المسؤولين في الإدارة ليسوا قلقين بشكل كبير بشأن الجزء السياسي، لكن التعامل مع الجانب العسكري سيكون أكثر صعوبة بكثير.
ويقدر المسؤولون الأمريكيون أن الأمر قد يستغرق أشهرًا عدة، وربما عامًا، لتتمكن القوات الأوكرانية من استخدام دبابات أبرامز، ما يؤكد الاعتقاد المتزايد بأن هذه الحرب «ستظل مستعرة حتى ذلك الوقت».
وتقول «بوليتكو»، إن دبابات ليوبارد2 الألمانية الصُنع، التي من المتوقع أن تصل إلى أوكرانيا في غضون 3 أشهر، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنها قد تساعد كييف أيضًا في تغيير مسار القتال بالشرق وشن هجوم مضاد.
لكن روسيا لا تزال تسيطر على نحو 20% من أوكرانيا، بينما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الهدف الأوكراني باستعادة شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها روسيا بالقوة عام 2014، لا يزال غير محتمل.
تمزيق أوروبا
وقالت المجلة إن مساعدي بايدن يخشون أن تهدد إطالة أمد الحرب وعدم ظهور تقدم أوكراني، بتمزيق الوحدة الأوروبية، وتتسبب في خفوت الدعم الشعبي لكييف على جانبي المحيط الأطلسي.
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن قرار بايدن بربط انتقال أبرامز بقرار ألمانيا بشأن ليوباردز، أبقى الحلفاء في حالة تماسك، إذ كان المستشار الألماني أولاف شولتز مترددًا في إرسال الدبابات من جانب واحد.
من جانبه، حذر مدير معهد السياسة العامة العالمية، وهو مركز أبحاث في برلين، ثورستن بينر من أن الانتخابات الأمريكية المقبلة قد تغير الدعم عبر المحيط الأطلسي، قائلًا: شولتز خائف من تصعيد روسيا، وإذا كان من الواضح أن هذه الدبابات الألمانية ترسل مع الولايات المتحدة، فإن أمريكا تشارك هذا الخطر.
وأضاف: يجب أن يعلم الأوروبيون أن إدارة بايدن ينظر إليها على أنها آخر إدارة ذات عقلية تراعي الأطلسي، لن يكون لدينا مثل إدارة الجد بايدن الذي يعتني باحتياجاتنا.