ناظم الزهاوي.. قصة عراقي هرب من صدام طفلًا فأصبح أغنى وأشهر سياسي ببريطانيا
من حقول النفط العراقية إلى مقر حزب المحافظين... كيف خلط ناظم الزهاوي بين التجارة والسياسة؟

ترجمات - السياق
"من حقول النفط العراقية إلى مقر حزب المحافظين... كيف خلط ناظم الزهاوي بين التجارة والسياسة؟"، تحت هذا العنوان سلَّطت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الضوء على رئيس حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، الذي يتعرض لضغوط سياسية متزايدة، بسبب محاولته التهرب من الضرائب، موضحة أن هذه المتاعب الضريبية، أحدث فصل في حياته المهنية، التي جلبت له ثروة كبيرة.
وحسب الصحيفة، من المقرر أن ينشر الزهاوي مذكراته هذا العام، بعنوان "صبي من بغداد... رحلتي من الوزيرية إلى وستمنستر"، لافتة إلى أن هذا الكتاب يشرح فيه الظروف التي نقلته من حقول النفط المتربة في كردستان العراق، إلى المستويات العليا في السياسة البريطانية.
وأشارت إلى أن الزهاوي محور أول فضيحة كبيرة تجتاح رئاسة الوزراء حديثة العهد لـريشي سوناك، بعد الكشف عن دفعه غرامة للإدارة المعنية بجمع الضرائب في بريطانيا، التي تعرف بـ "إدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك".
وغُرِّم الزهاوي لعدم سداده ضريبة، أثناء شغله منصب وزير المالية، في إطار نزاع يقدَّر بملايين الجنيهات الاسترلينية.
اعتراف
وبينت "فايننشال تايمز" أن أحد المقربين من الزهاوي اعترف بأنه دفع غرامة لـ "إدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك"، كجزء من تسوية إجمالية قدرها 5 ملايين جنيه استرليني للضرائب غير المسددة.
وكلف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مستشاره المستقل لشؤون الوزراء بالتحقيق، في ما كشف عنه من شؤون ضريبية تتعلق بـالزهاوي، الذي كان يتولى الإشراف على استعدادات حزب المحافظين لانتخابات العام المقبل.
وكذلك يواجه رئيس الوزراء ريشي سوناك ضغوطًا أكبر لإقالة الزهاوي من منصبه وزيرًا بلا حقيبة، لأن سوناك وصل لرئاسة الوزراء بشعار "الالتزام بالمعايير الحكومية وتحمُّل المسؤولية".
وقال سوناك إن هناك "أسئلة تحتاج إلى أجوبة" في هذه القضية، مشددًا على أن "النزاهة والمساءلة مهمتان بالنسبة لي، ومن الواضح في هذه القضية أن هناك أسئلة تحتاج إلى أجوبة".
ونوه سوناك إلى أن الزهاوي باقٍ في رئاسة حزب المحافظين أثناء التحقيق، مشيرًا إلى أنه كان قد وافق على "التعاون".
وقال الزهاوي -في بيان- إنه يرحب بالتحقيق ويتطلع إلى "توضيح وقائع هذه القضية" للسير لوري ماغنوس، المستشار المستقل لرئيس الحكومة لشؤون الوزراء، مضيفًا: "ضمانًا لاستقلال هذه العملية، يتعين الفهم أنه من غير اللائق طرح هذه القضية لمزيد من النقاش، بينما أضطلع بمهامي رئيسًا لحزب المحافظين".
وترى الصحيفة البريطانية، أن فضيحة "التهرب الضريبي"، أحدث فصل في قصة حياة نجح فيها الزهاوي باجتياز عوالم الأعمال والسياسة، وأصبح ثريًا للغاية، وشغل عديدًا من المناصب العليا في الحكومة البريطانية، لافتة إلى أنه في آخر أيام حكومة بوريس جونسون، شغل أحد أعظم المناصب في الدولة (وزير المالية لمدة شهرين).
وُلد الزهاوي في بغداد، وانتقل مع والده إلى لندن هربًا من بطش صدام حسين، وهناك التقى أحد أكبر ساسة حزب المحافظين الحاكم، اللودر جيفرى آرتشر.
توثقت الصلة بينهما، ودخل الزهاوى فى حزب المحافظين، وفي مرحلة لاحقة انتقل للعمل وسيطًا لشركات النفط في عالم عراق ما بعد صدام، وعام 2000، شارك فى تأسيس أكبر شركات الاستطلاعات عبر الإنترنت "يو غوف"، التي حققت مكاسب خيالية.
نال الزهاوي أيضًا إشادة كبيرة في عمله وزيرًا للقاحات، إذ كانت بريطانيا من أسرع الدول في إطلاق برامج التطعيم للوقاية من كورونا.
لذلك حاز إعجاب المحيطين به، خصوصًا كرجل أعمال عصامي.
لكن طوال حياته المهنية، واجه الزهاوي انتقادات عدة بسبب عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الأعمال والسياسة، وبين ما هو عام وما هو شخصي.
وقد وصلت هذه الانتقادات إلى ذروتها في فضيحة التهرب الضريبي الأخيرة، إذ بدأت متاعب الزهاري مع مصلحة الضرائب في بريطانيا، التي تعرف بإدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك، والتي تعد من أقوى المصالح الحكومية، يوليو العام الماضي، عندما دخلت مصلحة الجرائم المالية على الخط، للتحقيق في السجلات المالية للزهاوي وكان حينها وزيرًا للخزانة.
ظلت هذه التحقيقات طي الكتمان، إلى أن كشفت صحيفة غارديان البريطانية عن دفع الزهاوي غرامة لمصلحة الضرائب، بين يوليو وسبتمبر العام الماضي.
بعد ذلك، كشفت صحيفة ذا صن قيمة الغرامة التي بلغت 5 ملايين جنيه استرليني.
وحسب الصحيفة، فإن سبب هذه الغرامة عدم إدلاء الزهاوي بالتصريح المالي الصحيح، في ما يخص عملية بيع أسهمه من شركة يو غوف، التي يُعد أحد مؤسسيها، وهي الآن أكبر مؤسسة استطلاع للرأي في بريطانيا.
يلامس الشمس
شهرة ونجاح الزهاوي وصلا حد أن وصفه أحد الوزراء السابقين في حزب المحافظين بأنه "نائب شعبي ورجل أعمال ناجح"، لكنه قال "إن الزهاوي ربما طار أخيرًا قريبًا جدًا من الشمس"، في إشارة إلى أن أزمة الضرائب الأخيرة قد تطيحه بعيدًا.
وُلد الزهاوي عام 1967 لعائلة كردية ذات نفوذ، إذ كان أحد الأجداد محافظًا للبنك المركزي العراقي، وظهر توقيعه على الأوراق النقدية العراقية.
وفي التاسعة من عمره، فر والده حارث من بغداد عام 1978 هربًا من بطش نظام صدام، بسبب رفضه الانضمام إلى صفوف حزب البعث.
وبعد أن وصل ناظم الزهاوي مع أسرته من العراق إلى بريطانيا كطفل لاجئ، أخبر معلموه والديه بأنه قد يجد صعوبة في التعلم بسبب معاناته في نطق الإنجليزية وتعلمها، كما تنقل "فايننشال تايمز".
لكن أولئك المعلمين لم يكونوا يعلمون أن ذلك الطفل سيصبح يومًا سياسيًا بارزًا في بلده الجديد بريطانيا، بل وسيؤتَمن على خزينة هذا البلد، فقد عُيّن الزهاوي، المولود في العراق لعائلة كردية، وزيرًا للمالية ببريطانيا في حكومة بوريس جونسون، بعد ساعات من استقالة وزير المالية السابق ريشي سوناك (الخامس من يوليو).
ويقترب الزهاوي كثيرًا من الوصول إلى منصب رئيس الوزراء، بعد رئاسته لحزب المحافظين.
أكمل الزهاوي دراسة الهندسة الكيميائية، لكنه قرر أن يسير على خطى والده في ممارسة الأعمال التجارية، فأسس شركة لبيع سلع ألعاب "تيلي تابيز" المعروفة، وهي الشركة التي استثمر فيها السياسي جيفري آرتشر (اللورد آرتشر الآن) الذي كان من كبار سياسيي حزب المحافظين آنذاك، والذي من خلاله تعرف الزهاوي إلى عديد من الشخصيات السياسية.
وقال اللورد آرتشر لبرنامج بروفايل لشبكة بي بي سي عن الزهاوي: "كان ناظم منظمًا بالفطرة، فإذا قلتَ له إني بحاجة إلى ست سيارات أجرة وثلاث طائرات وحافلة ذات طابقين، وكلها في غضون 30 دقيقة، فإنه كان يتمكن من تحقيق ذلك".
عام 1994، أصبح ناظم عضوًا محافظًا في مجلس بلدية منطقة واندسوورث جنوبي لندن، وبعد سنوات ثلاث، ترشح لخوض الانتخابات النيابية عن دائرة إيريث وتايمزميد، لكنه لم يوفق ولم يُنتخب لمجلس العموم.
وعندما أطلق اللورد آرتشر حملته الانتخابية لعمودية مدينة لندن، التحق ناظم الزهاوي بفريقه الانتخابي.
ولكن آرتشر أُجبر على الانسحاب من سباق العمودية، ولذا تعيّن على الزهاوي البحث عن عمل آخر.
وقد أطلق الزهاوي، بالمشاركة مع عضو سابق في فريق آرتشر هو ستيفان شيكسبير، شركة يو غوف المتخصصة في استطلاعات الآراء عبر الإنترنت.
وبالفعل حقق المشروع نجاحًا كبيرًا، فحسب ما نشرته صحيفة إيفنينغ ستاندارد اللندنية، باع الزهاوي أسهمه في الشركة بـ 1.2 مليون جنيه استرليني.
ولكن عند تأسيسها، خصصت "يو غوف" 42.5% من أسهمها لشركة بالشور إنفستمنتس، وهي مسجلة في جبل طارق، وليس في بريطانيا، ويسيطر عليها والده.
ووُصفت "بالشور إنفستمنتس" بأنها "صندوق عائلي لأسرة ناظم الزهاوي" في تقرير "يو غوف" السنوي لعام 2009.
عام 2018، بيعت هذه المساهمة من قِبل بالشور بـ 27 مليون جنيه سترليني، يعتقد أنها أدت إلى تسوية الزهاوي مع إدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك الصيف الماضي.
ثراء فاحش
وبينت "فايننشال تايمز" أن الزهاوي أصبح مليارديرًا يمتلك ثروة ضخمة جدًا، مشيرة إلى أنه يمتلك امبراطورية عقارات تقدر قيمتها بأكثر من 58 مليون جنيه استرليني.
كما يمتلك منزلًا فخمًا في بلغرافيا بلندن، اشتراه بـ 13.75 مليون جنيه استرليني عام 2013 ، إضافة إلى منزل آخر في ستراتفورد أبون آفون.
وبعد أن أصبح متمكنًا ماليًا، رفض الزهاوي البوح بحجم ثروته، لكن يعتقد أنه من أغنى السياسيين في مجلس العموم، اتجه ثانيةً إلى محاولة الفوز بمقعد برلماني.
عام 2010، تمكن من تحقيق حلمه، إذ فاز بمقعد برلماني عن دائرة سترتفورد أبون إيفون، وهي دائرة ما برح المحافظون يحتفظون بها منذ أكثر من مئة سنة.
عام 2013، تعرض الزهاوي لانتقادات من خصومه السياسيين، عندما اتضح أنه طالب بـ 5822 جنيهًا استرلينيًا كنفقات لتدفئة الاسطبلات بأموال دافعي الضرائب، إلا أنه رد حينها بالقول: "كان هذا خطأ بريئًا".
وفي الوقت الذي كانت فيه أعمال استطلاع "يو غوف" تنطلق، كان الزهاوي يبحث أيضًا عن فرص تجارية في العراق، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
فقد اشترت شركة والده -التي كانت تسمى آنذاك مجموعة الزهاوي، لكنها تعرف الآن باسم تطوير أعمال مشاريع العراق- عقدًا لتوفير خدمات التنظيف والخدمات اللوجستية والدعم للحكومة المؤقتة الجديدة بقيادة الولايات المتحدة، ومقرها قصر الحسين الجمهوري.
وحسب الصحيفة البريطانية، فإنه خلال الأيام الأولى التي أعقبت الغزو، عمل الزهاوي في مكتب صغير "مترب" في الجناح نفسه من القصر مع بول بريمر، الحاكم الأمريكي للعراق.
في ذلك الوقت، التقى لأول مرة صديقه بوريس جونسون الذي أجرى، بصفته محرر مجلة ذا سبيكتاتور البريطانية، استطلاعًا على "يو غوف" لسكان بغداد عن الغزو الأمريكي.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الزهاوي، الذي أصبح نائبًا عن ستراتفورد عام 2010، قال ذات مرة عن حياته في البرلمان: "أولويتي، قبل أي شيء آخر، العمل في دائرتي الانتخابية، ولن أترك أي شيء يعيق ذلك، ولن أتركه".
ومع ذلك، احتلت أنشطته التجارية جزءًا كبيرًا من اهتمامه خلال سنواته الأولى عضواً في البرلمان.
ففي غضون أسابيع من الانتخابات، أصبح نائب رئيس المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب (APPG) في البرلمان البريطاني، حيث قام بخمس رحلات مجانية إلى منطقة الحكم الذاتي شمالي العراق بين عامي 2011 و2015 بتمويل من حكومة المنطقة.
في الوقت نفسه تقريبًا، أنشأ أيضًا شركته الاستشارية مجموعة الزهاوي، التي سيستخدمها خلال السنوات السبع المقبلة، لتقديم المشورة لشركات النفط العاملة في المنطقة الغنية بالطاقة، ما اضطره لدفع أكثر من مليون جنيه استرليني كرسوم.
وقالت مصادر في صناعة النفط إنه سرعان ما أثبت نجاحه وتعمقت علاقاته، وأصبح وسيطًا مهمًا يمكن أن يساعد في تهدئة العلاقات، أو إجراء تعارف بين المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط والمسؤولين الأكراد.
الزهاوي والنفط
وبينت "فايننشال تايمز" أن شركات النفط اعتمدت في ذلك الوقت، على مستشارين لهم علاقات وثيقة بالمسؤولين الحكوميين الإقليميين، بما في ذلك الوزير المؤثر للموارد الطبيعية، آشتي هورامي، الذي يُنسب إليه الفضل إلى حد كبير في بناء الصناعة من الصفر.
وأشارت إلى أنه رغم أن الزهاوي كان "انتهازيًا"، على حد تعبير أحد مستشاري النفط، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أنه تصرف بشكل غير لائق في العرا ، وهو بلد غني بالنفط يعاني الفساد المستشري، خصوصًا في قطاع الطاقة.
ونقلت الصحيفة عن بعض المقربين من الزهاوي، قولهم: إن طموحاته السياسية في المملكة المتحدة جعلته حذرًا للغاية بشأن أي مخالفات. وقال أحدهم: "لقد كان حريصًا للغاية بشأن روابطه هناك وكيف يمكن أن يُنظر إليها".
ووفقًا لمصادر صناعية ومقربين من الزهاوي، فإنه بعد دخوله البرلمان، بدأ بناء علاقات أوثق مع عائلة البرزاني، إحدى العائلتين الحاكمة التي تهيمن على إقليم كردستان، إذ رأوه "قناة محتملة" للوصول إلى الحكومة البريطانية ووزير النفط هورامي.
ووفقًا للسجلات البرلمانية، كان من بين عملاء الزهاوي شركة إنتاج النفط المدرجة في لندن إفرين، وقد كان هناك تحقيق مع الشركة، التي تتخذ من تكساس مقرًا لها في ما بعد، بتهمة الرشوة من مكتب مكافحة الاحتيال عام 2015 ، إلا أن الزهاوي كان قد ترك الشركة المتعثرة، ولا يوجد ما يشير إلى تورطه في أي مخالفة.
عام 2013، أصبح أيضًا مساهمًا كبيرًا في شركة التنقيب الأنجلوتركية (جينيل للطاقة)، التي كانت تدير حقلاً في كردستان.
لكنه في يوليو 2015، كان قد تولى دورًا كبيرًا رئيسًا تنفيذيًا للاستراتيجية في شركة غلف كيستون، التي كانت تدير حقل شيكان النفطي، أحد أكبر حقول إقليم كردستان.
كان غلف كيستون تدفع للزهاوي راتبًا قدره 29643 جنيهًا استرلينيًا شهريًا، وظل يعمل بها نحو ثلاثة أعوام، حتى عام 2017، وكان قد حصل إجمالاً -بما في ذلك مكافأة مغادرة قدرها 285 ألف جنيه استرليني- على 1.3 مليون جنيه استرليني على الأقل.
صعوده الوظيفي
وفي ما يخص صعوده الوظيفي، بينت "فايننشال تايمز" أن الزهاوي أصبح وزيرًا للتعليم بالمملكة المتحدة في يناير 2018، ومع ذلك، فإن صعوده إلى المناصب الوزارية كاد ينحرف عن مساره، بعد أيام قليلة، عندما تبين أنه حضر عشاءً خيريًا في جمعية برزيدنس كلوب، كان مسرحًا لتحرشات جنسية غير لائقة.
ووبّخ مجلس الوزراء البريطاني رسميًا وزير الدولة لشؤون الأطفال والأسر في بريطانيا، ناظم الزهاوي، لحضوره حفلًا صاخبًا للرجال فقط، أثيرت حوله مزاعم بوقوع حالات تحرش وتصرفات جنسية غير لائقة تجاه النادلات.
وقال الزهاوي حينها، إنه حضر حفل عشاء خيري لجمعية برزيدنس كلوب لجمع التبرعات، لكنه غادره في وقت مبكر.
بعد أشهر، أصبح الوزير المسؤول عن لقاحات كورونا عام 2020.
وخلال توليه المنصب، اتُهم بمساعدة رئيس وزرائه ديفيد كاميرون حينها، بدعم شركة التمويل غرينسيل كابيتال، التي كانت تسعى إلى الاستفادة من خطط الدعم التي قدمتها وزارة الخزانة البريطانية للمؤسسات، خلال فترة تفشي كورونا عام 2020.
وكشفت مؤسسات إعلامية بريطانية حينها، أن كاميرون، نصح الزهاوي بالتعامل مع "غرينسيل كابيتال"، قبل شهرين من فوز الشركة الأمريكية نفسها بعقود تصل قيمتها إلى 870 ألف جنيه استرليني (مليون و209 آلاف دولار أمريكي).
وفي ظل رئاسة الوزراء لصديقه القديم جونسون، انطلقت مسيرة الزهاوي السياسية مع منصب وزير اللقاحات الحساس أثناء الوباء، تبعه منصب وزير التعليم، ثم بعد استقالة سوناك في يوليو 2022، عُين وزيرًا للخزانة (المالية)، قبل أن ينتهي به المطاف رئيسا لحزب المحافظين في أكتوبر الماضي.
وقال الزهاوي لراديو إل.بي.سي حينها: "لا أكاد أصدق نفسي كل صباح عندما أفكر في الفرصة التي أتاحها هذا البلد لصبي مهاجر ولد في بغداد... إنه بلد عظيم".
وبالعودة إلى قضية التهرب الضريبي، فإنه في آخر بيان أصدره بهذا الصدد، قال الزهاوي إنه يريد "تصحيح الالتباس بشأن وضعه المالي"، وأكد أن ما حدث أن والده الذي كان من المؤسسين لموقع يو غوف أخذ أسهم المؤسسين في الشركة مقابل جزء من رأس المال"، مشيرًا إلى أن هذه العملية كانت بموافقة "إدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك، لكن كان هناك اختلاف في تشخيص هذه العملية المالية".
ووصف الزهاوي ما حدث بأنه "إهمال غير متعمد"، مضيفًا أنه دفع ما كان مستحقًا للدولة، وأنه واثق من سلامة وضعه المالي.
بينما وُصفت "بالشور إنفستمنتس" بأنها "صندوق عائلي لأسرة ناظم الزهاوي" في تقرير "يو غوف" السنوي لعام 2009.
لكن ما فتح باب التساؤل أن الزهاوي لم يؤكد مقدار الغرامة أو القيمة الإجمالية للتسوية النهائية مع إدارة الضرائب، إلا أن صحيفة غارديان ذكرت أنه وافق على دفع غرامة كجزء من تسوية تتألف من سبعة أرقام، ونقلت عن خبراء قولهم إنهم قدروا فاتورة الضرائب بنحو خمسة ملايين جنيه استرليني.
وبحسب الزهاوي، تمت تسوية قضية الضرائب قبل تعيينه رئيسًا لحزب المحافظين.
وتولى الزهاوي منصبه في اليوم الذي أصبح فيه ريشي سوناك رئيسًا للوزراء، أي في 25 أكتوبر من العام الماضي.
وخلال الأسئلة الموجهة لرئيس الوزراء البريطاني الأسبوع الماضي، قال سوناك إن الزهاوي "عالج هذه المسألة وليس هناك ما يمكنني إضافته".
لكن هل انتهى الزهاوي سياسيًا على خلفية هذه القضية؟
يجيب أحد كبار نواب حزب المحافظين للصحيفة البريطانية، بالقول: "نعم... انتهى ناظم".