البرامج الاجتماعية في مصر... شاشات تحت طائلة المساءلة القانونية والمهنية 

خبراء: المحتوى فارغ والشباب الأكثر تأثرًا به 

البرامج الاجتماعية في مصر... شاشات تحت طائلة المساءلة القانونية والمهنية 

السياق

انتقادات حادة تلاحق الإعلامية المصرية ياسمين عز، بشأن محتوى برنامجها " كلام الناس" في قناة MBC مصر، ودفاعها المستمر عن الرجل وتعظيمه وانتقاد المرأة، الأمر الذي أثار حفيظة مؤسسات معنية، واصفة ما تقدمه ياسمين بالمحتوى المسيء للمرأة المصرية. 

المركز القومي للمرأة، وهو أعلى سلطة مدافعة عن حقوق المرأة في مصر، تقدَّم ببلاغ للمجلس الأعلى للإعلام، ضد البرنامج الذي وصف محتواه بالمهين والرجعي، وبأنه يسعى إلى تحقير المرأة المصرية. 

المجلس القومي للمرأة، يرى -وفق بيانه- أن البرنامج يتضمن خطابًا تحريضيًا لممارسة العنف ضد المرأة المصرية، وتطبيع إهانة وضرب الأزواج للزوجات، ويدعو النساء إلى تقبل العنف والإهانة، إضافة إلى السخرية والتنمر على حال الأسرة المصرية. 

وقف البرنامج

بلاغ "القومي للمرأة" الذي ذكر أنه تلقى عديد الشكاوى من نساء يطالبن بوقف البرنامج، لم يكن الوحيد، إذ تقدَّمت المحامية نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة -مؤسسة مستقلة- ببلاغ للنائب العام، ضد الإعلامية نفسها، تتهمها بالتحريض على العنف ضد المرأة. 

وأشارت نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، إلى أن ما تقدِّمه ياسمين عز يخرج من حيز حرية الرأي، إلى أفعال وجرائم بموجب قانوني العقوبات ومكافحة الجرائم التقنية، وفق ما ذكرت في البلاغ. 

حالة الجدل التي أثارتها ياسمين عز، ليست حديثة، بل مستمرة منذ أشهر بدرجات متفاوتة وتصريحات مختلفة، لكن تدخل مؤسسات نسوية ببلاغات رسمية غيَّـر المعادلة، وجعل إعلاميين يدخلون على خط الأزمة، منهم تامر أمين وشريف عامر، فالأول وصف الأمر بالمشاجرة التي لا داعي لها، في ظل وجود المجلس الأعلى للإعلام، الذي دوره ضبط المشهد الإعلامي وإصدار القرارات، حال رصد مخالفة، بينما دعا عامر إلى عدم اللجوء لإلغاء كل ما لا يعجب الشخص، تعليقًا على تصريحات لمايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، تهاجم فيها ياسمين عز وإن لم تسمها. 

 

فريق آخر

بين المساندة والإدانة ذهب فريق آخر مثَّله الإعلامي محمد مصطفى شردي، إلى مقارنة ما تعرضه ياسمين عز بما قدَّمته الإعلامية المصرية رضوى الشربيني منذ فترة، ومهاجمتها للرجل وبث أفكار هدامة للمجتمع، ولم يحرك أحد ساكنًا وقتها -بحسب وصفه- وإن كان يرى في الوقت نفسه أن الثنائي مخطئ على المستوى المهني.  

كل ذلك يجري وسط صمت المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الهيئة المخولة بتنظيم الإعلام في مصر ورصد المخالفات. 

في الوقت نفسه، أعلنت نقابة الإعلاميين إحالة الإعلامية ياسمين عز للتحقيق معها، في ما هو منسوب إليها، من مخالفات مهنية وقانونية، بناءً على توصيات المرصد الإعلامي التابع للنقابة، إضافة إلى الشكاوى التي وردت إلى النقابة من جهات كثيرة. 

وفقًا لقرار تأسيس النقابة، أو بالأحرى قرار تشكيل اللجنة المؤقتة، المشرفة على إجراءات تأسيس النقابة، التي تتولى مؤقتًا إدارة أعمال النقابة، فإن من اختصاصها وضع وتطبيق الضوابط اللازمة لممارسة الإعلامي لمهنته، بالاشتراك مع المجلس الأعلى للإعلام.  

النقيب لا يرد

وعن تلك الضوابط، حاولنا التواصل مع طارق سعدة، نقيب الإعلاميين في مصر، الخميس، لكنه طلب موعدًا آخر للحديث، الجمعة، لكنه لم يرد على اتصالاتنا أكثر من مرة، حتى كتابة هذه السطور.

بدوره وصف أستاذ الإعلام د. حسن عماد مكاوي، ما تقدِّمه هذه النوعية من البرامج، بالفارغ والخلل الوظيفي في أداء الإعلام، وأنها ظاهرة سلبية.

وقال عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقًا، في تصريحات خاصة لـ "السياق"، إن هذه النوعية من البرامج تتناول موضوعات سطحية بحثًا عن الشهرة، بلا محتوى إعلامي، يتناول قضية تخص المرأة أو الشباب أو المجتمع.  

افتعال الأزمات

ويضيف مكاوي أن بعض البرامج تلجأ لأسلوب مبتذل لافتعال أزمات، وأنها لا تناسب مجتمعًا ناميًا، يبحث عن العمل والإنتاج والتقدم. 

وانتقد عميد كلية الإعلام الأسبق، صمت المجلس الأعلى للإعلام على ما يثار، قائلًا إنه لا يقوم بدروه، مشيرًا إلى أن قرار نقابة الإعلاميين، بإحالة ياسمين عز للتحقيق، قرار ممن لا يملك حقًا ولا شيئًا، ولن ينفذ. 

وعن البلاغات المقدَّمة في الإعلامية ياسمين عز، سواء للنائب العام أم للمجلس الأعلى للإعلام، قال إنه تمنى ألا تتقدم د. مايا مرسي، رئيسة المركز القومي للمرأه ببلاغ ضد الإعلامية ياسمين عز، وأن تربأ مايا مرسي بنفسها عن هذا الجدال، لأن قيمتها أكبر.  

مهمة اجتماعية

على الجانب الاجتماعي يرى د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن تلك البرامج تؤثر في الشباب صغير السن، الذي لا يزال يكون ثقافته وطريقته لفهم الحياة. 

ويشير في تصريحات خاصة لـ "السياق"، إلى أن مهمة الإعلام الاجتماعية، إما أن تتعايش مع الأفكار الموجودة، وهو شأن عديد البرامج، التي لا تلهث خلف "التريند"، وإما تنشئ أفكارًا جديدة، أو تصطدم بها، وهو ما تفعله بعض البرامج. 

ويوضح أن بعض البرامج مثل "كلام الناس" لياسمين عز، يصدم الجمهور حتى يجذب مشاهدين أكثر، وأن البرنامج يتكلم بلسان قرويات وبأفكار تغيرت منذ زمن، إلا في بعض الأوساط. 

غير متشابهين

ويتابع أن تلك الأوساط -في الغالب- لا تشاهد الفضائيات، وتصدم الجمهور الأكثر ثقافة بـ "الترند" المستمر، أما على الجانب الآخر فبرنامج الإعلامية رضوى الشربيني، يخاطب طبقة متوسطة وفوق المتوسطة المعنية، وتركز على استقلال المرأة والموضة أحيانًا، لذلك فالبرنامجان غير متشابهين، على حد وصفه. 

وختم أستاذ علم الاجتماع بأن البرامج الاجتماعية، التي تخاطب النساء موجودة ضمن الخرائط البرامجية منذ زمن، لكنها كانت تقدِّم حلولًا لمشكلات أسرية، أو قصص نجاح للنساء، على عكس ما يحدث حاليًا في معظم القنوات، مشيرًا إلى أن هناك 4 عوامل تحدد وضع المرأة في المجتمع: العادات والتقاليد، والتنشئة الاجتماعية، والخطاب الديني والأوضاع السياسية.