قتلى وجرحى في أحداث القدس... ماذا عن الهجوم الأسوأ في 15 عامًا ومنفذه؟
أعلنت الشرطة الإسرائيلية -السبت- أنها اعتقلت 42 شخصًا، بينهم أفراد من عائلة مطلق النار الفلسطيني.

السياق
أثار العنف المحتدم منذ أشهر، الذي تصاعد بعد الهجمات الدامية في إسرائيل العام الماضي، المخاوف من أن الصراع قد يخرج عن السيطرة، ما يؤدي إلى مواجهة أوسع بين الفلسطينيين وإسرائيل.
فغداة عملية للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، قتل مسلح، سبعة أشخاص على الأقل وأصاب ثلاثة، في إطلاق نار خارج كنيس يهودي، في حي نيفي يعقوب الاستيطاني بالقدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل.
وفي بيان، قالت الشرطة الإسرائيلية: «وصل إرهابي إلى كنيس يهودي في حي نيفي يعقوب في القدس وأطلق النار على عدد من الأشخاص في الموقع»، مشيرة إلى أنها تمكنت من قتل منفذ العملية، بعد أن تسبب الهجوم في قتل 7 أشخاص.
وقالت خدمة الإسعاف «نجمة داود الحمراء»، إن عدد قتلى وجرحى إطلاق النار بلغ عشرة أشخاص، بينهم رجل يبلغ 70 عامًا وصبي يبلغ 14 عامًا.
فمن منفذ الهجوم؟
بعد سويعات من تنفيذ الهجوم، تضاربت التصريحات بشأن هوية منفذه، ففي بادئ الأمر، نشرت تقارير إخبارية صورة لشخص يدعى فادي عياش، زاعمة أنه منفذ الهجوم، إلا أن الأخير خرج في بث مباشر عبر حسابه بـ«تيك توك»، نافيًا تورطه في الهجوم، مؤكدًا أنه ما زال حيًا يرزق.
ولم يكتفِ الشاب الفلسطيني بالمقطع الذي بثه، بل نشر ذلك عبر «فيسبوك»، مطالبًا الفلسطينيين بحذف صورته من مواقع التواصل، قائلًا بلهجته المحلية: «أنا فادي عايش من بيت لحم، أنا مش منفذ العملية ولا إلي دخل في العملية».
إلا أنه بعد سويعات أعلنت الشرطة الإسرائيلية هوية منفذ الهجوم، مؤكدة أنه شاب من القدس الشرقية يدعى خيري علقم ويبلغ 21 عامًا، ونشرت صورة لسيارة تويوتا بيضاء اخترقها الرصاص من الأمام قالت إنها للمهاجم الذي أردته عند محاولته الفرار من المكان.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن «الإرهابي» وصل بالسيارة الساعة 8.13 مساء إلى الكنيس الواقع في حي القدس الشرقية وفتح النار على الإسرائيليين خارج الكنيس وغيرهم من المارة، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الإرهابي انتظر خارج الكنيس حتى انتهاء صلاة السبت، ثم فتح النار على المصلين أثناء خروجهم.
وتابعت: ثم فر من المكان بالسيارة باتجاه حي بيت حنينا الفلسطيني -على بعد مئات الأمتار- حيث التقى بعد نحو خمس دقائق الذين استدعوا إلى مكان الحادث، مشيرة إلى أن الإرهابي -وهو من سكان القدس الشرقية- قُتل بالرصاص، بعد أن خرج من السيارة وفتح النار على الضابطين، أثناء محاولته الفرار سيرًا على قدميه.
وبينما قالت إنها تمكنت من ضبط مسدس استخدم في الهجوم، قالت القناة 12، إن «الإرهابي» أطلق النار في البداية على مسنة في الشارع، ثم واجه راكب دراجة نارية وأطلق النار عليه، قبل أن يصل إلى كنيس عطيرت أفراهام ويطلق النار على الإسرائيليين في الخارج.
ماذا قال شهود العيان؟
قال فادي دكيدك، أول مسعف من نجمة داود الحمراء وصل إلى مكان الحادث: «لقد كان الحادث خطيرًا للغاية. رأينا امرأة وأربعة رجال مستلقين في الشارع. جميعهم مصابون بطلقات نارية وليست لديهم علامات على الحياة».
وقالت نجمة داود الحمراء إن مسعفيها أعلنوا قتل خمسة في مكان الحادث، بينما أعلن قتل ضحيتين في مستشفيات بالقدس.
ووصف شاهد مذهول «المذبحة» لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في مكان الحادث، قائلًا إن الإرهابي كاد يقتله، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن مطلق النار انتظر خارج الكنيس وفتح النار على المصلين أثناء مغادرتهم بعد صلاة السبت.
وأضاف: «خرجت ورأيت الناس يصرخون ويركضون، وكان شخصان على الأرض، مضيفًا وهو يشير في اتجاه الضحايا، ويكافح من أجل الكلام: «كان يقف أمامي بسلاح، كاد أن يقتلني. لا أعرف كيف لم يقتلني. زحفت عائدًا إلى المنزل».
وتابع شاهد العيان: لو كنت مسلحاً كنت لأمنع ثلاثة أو أربعة قتلى. أنا لست مسلحًا. لن يسمحوا لي بحمل سلاح"، مضيفًا أن خمسة من أفراد عائلته، بمن فيهم شقيقه، قُتلوا في هجوم إرهابي بالقدس عام 2002. لا يمكنني أن أنسى ذلك. يجب أن يتوقف».
وقال مفوض الشرطة كوبي شبتاي للصحفيين، من مكان الحادث، إن الحادث كان من أسوأ الهجمات التي شهدتها إسرائيل منذ سنوات، مشيرًا إلى أن «الإرهابي» أطلق النار على كل شخص قابله.
وروى أحد ضباط الشرطة، الذين أطلقوا النار على الإرهابي، ما حدث لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بينما كان رئيس الوزراء يزور مكان الهجوم.
وقال الضابط: «توقفت السيارة وسحب الإرهابي سلاحه. ظللت أتحرك بسرعة في اتجاهه واقتربت منه بينما كان يطلق النار علينا»، مضيفًا: «أوقفنا سيارة الدورية وسحبنا أسلحتنا، وعبر الإرهابي إلى الجانب الآخر. أطلقنا النار عليه فسقط. انتقلنا إلى المنزل ورأينا أنه لا يزال يتحرك ويحاول إدارة سلاحه. لقد حيدناه».
الهجوم الأسوأ
مع قتل سبعة، كان إطلاق النار في القدس الأكثر دموية منذ عام 2011، عندما عبر إرهابيون إلى إسرائيل من شبه جزيرة سيناء المصرية، ما أسفر عن قتل ثمانية إسرائيليين.
كما يعد الهجوم الفلسطيني الأكثر دموية منذ عام 2008، عندما قتل مسلح من القدس الشرقية ثمانية طلاب إسرائيليين في مدرسة مركاز هاراف الدينية بالعاصمة، بحسب «تايمز أوف إسرائيل».
مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي، وصف الهجوم بأنه «أحد أسوأ الهجمات التي واجهناها في السنوات الأخيرة، هذا هجوم صعب ومعقّد أوقع عددًا كبيرًا من الضحايا».
ما توابع الهجوم؟
بعد الهجوم، أعلنت الشرطة الإسرائيلية -السبت- أنها اعتقلت 42 شخصًا، بينهم أفراد من عائلة مطلق النار الفلسطيني، مؤكدة -في بيان- أنها «اعتقلت 42 مشتبهًا بهم للاستجواب، بعضهم من أفراد عائلة الإرهابي» إضافة إلى سكان من الحي الذي يسكن فيه بالقدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل.
وأطلق الهجوم نداءات لتعديل قوانين حيازة السلاح في إسرائيل، فوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يرأس حزب «عوتسما يهوديت»، قال: «لا نريد أن نأخذ القانون بأيدينا»، مضيفًا: «آمل أن نغير قريبًا سياسة الأسلحة. يجب أن تكون هناك أسلحة لمزيد من المدنيين».
بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: «سنتّخذ خطوات فوريّة ردًّا على الهجوم وستسمعون عنها الليلة»، داعيًا الإسرائيليين إلى ألا يأخذوا القانون بأيديهم، قائلًا «لدينا أجهزة شرطة ولدينا جيش. سيجتمع مجلس الأمن المصغّر ونُعلن النتائج».
وزار نتانياهو مكان الهجوم وتحدّث مع موجودين فيه، بينما رددوا شعارات بينها «الموت للعرب والموت للمخربين».
وقال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي قطع رحلته للولايات المتحدة، في بيان: «الهجوم على المدنيين مساء الجمعة كان مروّعًا»، متعهدًا بـ«العمل بحسم وقوة ضد الإرهاب والوصول إلى أي متورط في الهجوم».
وأجرى نتنياهو تقييمًا لكبار المسؤولين الأمنيين قبل التوجه إلى مكان الهجوم، بعده أصدر رئيس الجيش الإسرائيلي هيرزي هاليفي تعليمات لتعزيز القوات في الضفة الغربية وعلى طول الحاجز الأمني، والاستعداد لتصعيد محتمل في المنطقة.
وقال مسؤولون كبار في الشرطة لقناة كان العامة، إنهم سيعززون القوات في جميع أنحاء البلاد، خاصة في القدس. كما قالوا إنهم قلقون من هجمات انتقامية محتملة ضد العرب.
إدانات عربية
أدانت دولة الإمارات بشدة الهجوم «الإرهابي»، مؤكدة -عبر وزارة خارجيتها- أن دولة الإمارات تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب، التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية.
وأعربت الوزارة عن خالص تعازيها للحكومة الإسرائيلية وشعبها الصديق ومواساتها لأهالي وذوي الضحايا جراء هذه الجريمة النكراء، وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين.
ومن الإمارات إلى مصر، أعربت وزارة الخارجية المصرية عن رفضها واستنكارها الشديد للهجوم الذي شهدته القدس الشرقية، مؤكدةً إدانتها لكل العمليات التي تستهدف المدنيين.
وحذرت مصر من المخاطر الشديدة للتصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مطالبةً بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، ووقف الاعتداءات والإجراءات الاستفزازية، لتجنب الانزلاق إلى حلقة مفرغة من العنف، الذى يزيد الوضع السياسي والإنساني تأزماً، ويقوِّض جهود التهدئة وكل فرص إعادة إحياء عملية السلام. وتقدمت مصر بخالص العزاء لأسر الضحايا، متمنية الشفاء العاجل للمصابين.
خطوات عاجلة
من مصر إلى الأردن، الذي أكد -في بيان لوزارة خارجيته- ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وفاعلة لوقف حالة التصعيد الخطيرة والمدانة، التي راح ضحيتها مدنيين فلسطينيين وإسرائيليين، وتنذر بتفجر دوامات من العنف سيدفع الجميع ثمنها.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة السفير سنان المجالي، إن الأردن يدين الهجوم الذي استهدف مدنيين في كنيس في القدس الشرقية، كما يدين كل أعمال العنف التي تستهدف المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف أن الأردن يدين العنف ضد المدنيين بكل أشكاله، ويؤكد ضرورة احترام حرمة دور العبادة.
وأكد المجالي ضرورة العمل الفوري للحيلولة دون تفاقم دوامة العنف المتصاعدة، وتكثيف الجهود لاستعادة التهدئة، ووقف كل الإجراءات الأحادية والاستفزازية، التي تدفع باتجاه المزيد من التصعيد والتوتر.
وشدد المجالي على ضرورة وقف التدهور الخطير، الذي يكرس اليأس ويغذي التطرف، عبر تكاتف الجهود لإعادة الثقة بجدوى العملية السلمية، من خلال استئناف مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام العادل والشامل، على أساس حل الدولتين، لينعم الجميع بالأمن والسلام.
إدانات غربية
تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نتانياهو، الجمعة، ودان ما سماه «الهجوم الإرهابي المروِّع» خارج الكنيس اليهودي في القدس الشرقيّة.
وقال البيت الأبيض في بيان إن «الرئيس قال بوضوح إن هذا كان هجومًا على العالم المتحضر»، مضيفًا أن بايدن «شدد أيضًا على التزام الولايات المتحدة الصارم بأمن إسرائيل».
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إن «التزامنا أمن إسرائيل يبقى صارمًا، ونحن على اتّصال مباشر بشركائنا الإسرائيليين».
ودانت وزارة الخارجية الفرنسية «الهجوم الإرهابي المروِّع»، قائلة في بيان إن «هذا الهجوم على مدنيين وقت الصلاة وفي اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة، شنيع جدًا».
ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إطلاق النار، قائلًا عبر المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك: «من الشنيع جدًّا أن الهجوم استهدف مكان عبادة، وفي اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست».