فيصل بن فرحان يزور كييف.. السعودية تجدد حرصها على الحل السياسي في أوكرانيا
خلال زيارته المفاجئة إلى كييف، وقَّع وزير الخارجية السعودي اتفاقية ومذكرة تفاهم لتزويد أوكرانيا بـ 410 ملايين دولار

السياق
مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا عامها الثاني، من دون أي أفق لإنهاء الصراع العنيف، سجل وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، زيارة مفاجأة إلى كييف، هي الأولى منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 30 عامًا.
واستقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزير الخارجية السعودي، مشددًا على دعم المملكة لحل الحرب الأوكرانية الروسية عبر الوسائل السياسية.
وقال زيلينسكي إنه يتوقع أن الاجتماع "سيوفر قوة دفع جديدة لزيادة تكثيف حوارنا متبادل المنفعة"، وأضاف: "أشكركم على دعم السلام في أوكرانيا، وسيادتنا، ووحدة أراضينا، هذا مهم جدًا بالنسبة لنا ولمجتمعنا".
ومنذ بدء الحرب الأوكرانية، اتبعت المملكة العربية السعودية مسارًا محايدًا في الصراع، وتوسطت في عملية تبادل أسرى العام الماضي، أطلِق فيها سراح أمريكيين وخمسة بريطانيين، كانوا قيد الاعتقال لدى روسيا.
معاناة الأوكرانيين
إلى ذلك، قال وزير الخارجية السعودي: "نحن في المملكة العربية السعودية مقتنعون بأن أي إنهاء للحرب، يجب أن يكون من خلال المناقشات وعلى طاولة المفاوضات، في إطار القانون الدولي ومن خلال ميثاق الأمم المتحدة لاحترام سيادة الدول، ولهذا السبب سنواصل العمل مع الأطراف المختلفة، للبحث عن فرصة للوصول إلى هذه التسوية".
وخلال زيارته المفاجئة إلى كييف، وقَّع وزير الخارجية السعودي اتفاقية ومذكرة تفاهم لتزويد أوكرانيا بـ 410 ملايين دولار من "المساعدة الإنسانية".
وقال وزير الخارجية السعودي، إن المملكة لا تألو جهدًا لتخفيف معاناة الأوكرانيين، وأضاف: "نحن نركز على تخفيف عواقب الأزمة الإنسانية في أوكرانيا. ولهذا السبب قرر الملك وولي العهد إرسال مساعدات إنسانية إلى كييف بـ 410 ملايين دولار".
كما التقى الأمير فيصل بن فرحان نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، وشهد اللقاء مناقشة مستجدات الأزمة في أوكرانيا، مع تأكيد دعم المملكة لكل ما يسهم في خفض حدة التصعيد، وحماية المدنيين، والسعي الجاد نحو الحلول السياسية التفاوضية، ودعم الجهود الدولية الرامية لحل الأزمة سياسياً.
كما تطرق الجانبان إلى فرص تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، وسبل دعمها وتطويرها في كثير من المجالات، إضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
موقف محايد
يأتي هذا الاتفاق تنفيذاً لتعهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2022 إلى زيلينسكي، يتضمن برنامج تعاون مشترك بـ 100 مليون دولار مع كييف، لتقديم مساعدات إنسانية للدولة التي مزقتها الحرب.
وتتضمن الاتفاقية برنامج تعاون مشترك لتقديم مساعدات إنسانية من السعودية لأوكرانيا بـ 100 مليون دولار أمريكي، حيث وقَّع الاتفاقية الدكتور عبدالله الربيعة المستشار في الديوان الملكي، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ونائب رئيس الوزراء لإعادة الإعمار أوليكساندر كوبراكو.
وتتضمن مذكرة التفاهم تمويل مشتقات نفطية بـ 300 مليون دولار كمنحة سعودية، من خلال الصندوق السعودي للتنمية لصالح أوكرانيا، حيث وقَّع المذكرة سلطان المرشد الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، ووزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو.
ويعكس توقيع الاتفاقية ومذكرة التفاهم، حرص حكومة المملكة العربية السعودية على دعم أوكرانيا وشعبها الصديق، في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها، والإسهام في تخفيف الآثار الإنسانية الناجمة عنها.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، حافظت المملكة العربية السعودية على موقف محايد، داعية إلى وقف التصعيد وتقديم الدعم إلى كييف، مع الحفاظ على علاقتها بموسكو، زميلتها في أوبك.
كما أعربت المملكة عن استعدادها للتوسط بين طرفي النزاع للتوصل إلى حل سلمي.
اجتماع ناجح
بدوره، وصف أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئاسة الأوكراني، الاجتماع بالناجح، عبر تطبيق تليغرام.
وقال المسؤول الأوكراني: "أوكرانيا ستتلقى مساعدة من السعودية. وقَّع المكتب الرئاسي وثيقتين لإضفاء الطابع الرسمي على حزمة مساعدات بـ 400 مليون دولار لأوكرانيا: 100 مليون دولار من المساعدات الإنسانية و300 مليون دولار من المنتجات النفطية".
إلى ذلك، نوّه المبعوث الأوكراني الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا السفير مكسيم صبح، بزيارة وزير الخارجية السعودي إلى كييف، قائلًا إنها «تندرج في سياق التنسيق المتواصل بين حكومتي البلدين، وتأتي تأكيداً لحرص المملكة على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي أعلِن عنها بموجب قرار حكومي سعودي، لمساعدة أوكرانيا في تحمل هذا الشتاء، في ظل القصف الروسي الذي أدى إلى تدمير 50 في المئة من منشآت الطاقة».
وأضاف السفير صبح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه خلال الزيارة تطرق إلى التعاون الإقليمي والدولي، واستعرض آفاق التنسيق بين البلدين، لمواجهة التحديات المشتركة.
وأشار إلى أن الجانب السعودي أكد المشاركة في مشاريع اقتصادية وتجارية مع أوكرانيا، وتقديم مزيد من العون لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن الاجتياح الروسي.
وقال إن اللقاءات أكدت أيضاً ضرورة بذل كل ما هو مستطاع لوقف العدوان الروسي، حقناً للدماء ولإنقاذ أرواح المدنيين الذين يسقطون جراء الحرب.