تتويج الملك تشارلز... مراسم دينية ومخاوف أمنية
ينقسم البريطانيون بشأن مراسم العائلة الملكية البريطانية، بين من يعتز بها كتقليد متوارث من تاريخ بريطانيا مترامية الأطراف ومن يراها تبذيرًا للمال العام ولا حاجة للشعب في ذلك.

السياق
ملابسات كثيرة بزوايا متنوعة، تحيط بالحدث المرتقب في بريطانيا، الذي تعود جذوره إلى مئات السنين، وهو تتويج "الملوك".
وبين تقاليد دينية ومخاوف أمنية، ينتظر كثيرون تتويج الملك تشارلز الثالث رسمياً، وزوجته كاميلا، في كاتدرائية وستمنستر، لينصب رأساً للكنيسة الأنغليكانية -السبت- بعد تحضيرات استمرت أشهرًا، وهو التتويج الذي يحدث للمرة الأولى منذ 70 عامًا، آخرها تتويج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية عام 1953.
قبل ألف عام
وفي عصرنا الحديث، ينقسم البريطانيون بشأن مراسم العائلة الملكية البريطانية، بين من يعتز بها كتقليد متوارث من تاريخ بريطانيا "مترامية الأطراف" ومن يراها تبذيرًا للمال العام ولا حاجة للشعب في ذلك، وجماعات معارضي "الملكية".
وقبل أيام من التتويج أخذ بعض أشدّ مؤيّدي العائلة المالكة مواقعهم، على الممرات الممتدّة من قصر باكينغهام.
وينتظر أن يصطف عشرات الآلاف، من بريطانيين وسياح على طول الطريق، الذي سيسلكه موكب تشارلز وكاميلا، بين قصر باكينغهام وكنيسة ويستمنستر، ودعي نحو 2300 شخص لهذا الحفل بينهم مئة رئيس دولة.
يشارك نحو سبعة آلاف جندي، في الموكب الذي سيسير بين باكينغهام وويستمنستر.
وقال إدوارد ويليام فيتزالان هوارد، المسؤول عن تنظيم حفل التتويج إنه سيكون "حدثًا بأبهة عظيمة"، ويستمر الحفل الديني ساعتين، وأضاف: "إنه الوقت المناسب لنتذكر الفخر الذي نشعر به حيال بلدنا العظيم ودستورنا غير المكتوب الذي يعود الى ألف عام".
جدل ديني
يبقى الجانب الديني في عملية التتويج، مثار جدل هو الآخر، في حين تقل نسبة المسيحين في بريطانيا عن نصف عدد السكان، مع تزايد كبير في نسبة "اللادينيين" -وفق الإحصائيات الرسمية- ومع ذلك فإن القانون يمنع تتويج أو توريث العرش، لأي شخص غير "بروتستانتي" تحديدًا يجب أن يكون من "أتباع المذهب الأنغليكاني".
وتؤكد "بي بي سي" أنه قبل عشرة أعوام، كان القانون البريطاني يحظر توريث "المتزوجين بكاثوليك".
وفي مراسم التتويج، سيطلب من الملك تشارلز التعهّد بأن يحافظ على القانون وكنيسة إنجلترا، ويكون ذلك بوضع يده على "الإنجيل" مع القسم بأنه "بروتستانتي ملتزم".
زيتون القدس
تكتمل المراسم بجلوس تشارلز على كرسي التتويج "كرسي الملك إدوارد" ليمسحه رئيس الأساقفة "بزيت الزيتون المقدس"، ليدهن بشكل صليب على رأسه وصدره ويديه.
وضمن التقليد المتبع، فإن الزيت الذي يجلب من القدس، يوضع في قارورة ذهبية على شكل نسر.
وحسب تقرير لـ "بي بي سي"، فإن زيت الزيتون الذي يستخدم في التتويج جاء من أشجار جبل الزيتون "وقدّس" في كنيسة القيامة.
مخاوف أمنية
من التقليد الديني إلى الجانب الأمني، حيث طمأنت السلطات البريطانية المواطنين، بعد اعتقال رجل يشتبه أنه مسلح قرب قصر باكينغهام، وألقى أغراضًا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري في حديقة القصر، مؤكدة أنها ستنشر أكثر من عشرة آلاف شرطي، خلال حفل التتويج.
وبعد ثمانية أشهر على عملية "جسر لندن"، الاسم الرمزي لتنظيم جنازة إليزابيث الثانية، تنفّذ الشرطة البريطانية عملية "غولدن أورب" لتتويج الملك.
وقال وزير الدولة لشؤون الأمن توم توغندهات، إنّ الحفل الذي يتوّج ثلاثة أيام من الاحتفالات، سيكون "من أهم العمليات الأمنية" التي شهدتها بريطانيا.
وأضاف: "أجهزة استخباراتنا وقواتنا الأمنية الأخرى على عِلم بالتحدّيات التي نواجهها، وهي مستعدة لمواجهتها كما فعلت الشرطة ببراعة".
وجاء في بيان للشرطة أنّ خبراء عمدوا إلى تفجيرها -الحقيبة-احترازيًا، وأوضح البيان أنّ المشتبه به اعتُقل، وقالت إنها لا تتعامل مع القضية على أنها مرتبطة بالإرهاب.
ولم يكن الملك تشارلز في القصر حينذاك، لكنّه كان قد استقبل قبل وقت قليل من ذلك رئيس الوزراء الاسترالي أنتوني ألبانيزي، ضمن أحد اللقاءات الدبلوماسية التي تسبق التتويج.
والسبت سينشر أكثر من 11500 من قوات الأمن، كما أعلنت شرطة لندن، وقال أدي اديليكان، المسؤول في سكوتلانديارد، إنّ "هذه ستكون أكبر تعبئة للشرطة في يوم واحد منذ عقود".
مناهضو النظام الملكي
على مدى أسبوع سينشر 29 ألف فرد أمن.
وسط لندن ستستخدم الشرطة تقنية التعرّف إلى الوجوه، وسينشر القناصة على الأسطح.
إضافة إلى الاحتراز من خطر أي عمل إرهابي، تراقب الشرطة "نشطاء المناخ"، الذين حضر كثير منهم في الأيام الأخيرة إلى لندن، كما تراقب "مناهضي النظام الملكي".
كانت مجموعة "جمهورية" خططت لتظاهرة، في ساحة ترافالغار، على طول مسيرة موكب الملك.
وقال المنظمون إنهم يتوقعون مشاركة أكثر من ألف شخص فيها.
وحذّرت شرطة لندن بالقول إن "تسامحنا مع الاضطرابات أو التظاهرات، أو أي أمور أخرى، سيكون ضعيفًا" مضيفة: "سنتعامل بحزم مع أي شخص ينوي الإخلال بهذا الاحتفال".
غداء كبير
إضافة إلى حفل التتويج، تستعدّ بريطانيا لثلاثة أيام من الاحتفالات، فقد دُعي الشعب للمشاركة الأحد بـ "غداء كبير" في إطار الاحتفالات التي تشهدها الأحياء، حيث ستكون "تورتة التتويج" على القائمة، التي كشف القصر النقاب عن وصفتها منتصف أبريل.
وفي الليل، ستقام حفلة موسيقية في قلعة وندسور غربي لندن، يحضرها 10 آلاف بريطاني اختيروا عشوائياً. ويتصدّر كلّ من كاتي بيري وليونيل ريتشي والتينور أندريا بوتشيلي، ملصقاً خاصّاً بهذا الحفل، بغياب النجوم البريطانيين.
وأخيراً، ستدعو العائلة المالكة البريطانيين للقيام بأعمال تطوعية الاثنين في الثامن من مايو، الذي سيكون عطلة.
وعند عودتهما إلى باكينغهام، سيوجه تشارلز وكاميلا تحية للجمهور من الشرفة.
إذا حضرالأمير هاري -الذي غادر البلاد وسط بلبلة عام 2020- الحفل في "ويستمنستر" فلن يظهر مع العائلة في الشرفة، كما أفادت وسائل إعلام بريطانية، وسينظّم عرض جوي، ست دقائق، في أجواء لندن.