اشتباكات طرابلس... هل تلغي اجتماعات وزراء الخارجية العرب؟

قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ -السياق-، إن اشتباكات المليشيات المسلحة، ستؤثر في تغيير مسارات الوفود، خوفًا من أن تكون هدفًا للقذائف العشوائية، حالها حال ساكني طرابلس

اشتباكات طرابلس... هل تلغي اجتماعات وزراء الخارجية العرب؟

السياق

على طريق مسار ليبيا السياسي المليء بالأشواك، كانت الأوضاع في البلد الإفريقي، التي أوشكت على دخول عامها الثاني عشر، تتجه إلى مزيد من التأزيم، وسط انفراجة يلوح نورها الخافت نهاية النفق المظلم.

فبينما تدخل أزمة ليبيا عامها الثاني عشر بعد أيام، بحكومتين تتنافسان على السلطة، وبأوضاع اقتصادية ومأزومة، وغضب شعبي من سلوك الساسة الذين يتصدرون المشهد، يزداد الوضع الأمني في المنطقة الغربية توترًا.

ذلك الوضع الأمني المتوتر، صبَّت الاشتباكات الأخيرة بين المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس الزيت على ناره، ما أشعل الأزمة، وأثار تساؤلات عن استحقاقات مهمة تنتظر ليبيا.

ونشبت اشتباكات دامية بين المليشيات المسلحة بمحيط مطار طرابلس الدولي، فجر الخميس، وتجددت الجمعة، ما أدى إلى مقتل شخص من مليشيا «اللواء 111» وثلاثة من مليشيا «جهاز الردع»، إضافة إلى 13 جريحًا من الطرفين، وتدمير بعض الممتلكات الخاصة.

وبينما عاد الهدوء الحذر إلى العاصمة طرابلس، بعد تدخل مليشيات «اللواء 444» بقيادة محمود حمزة، التابع لرئاسة الأركان بحكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية، إلا أن توقيتها وأسبابها التي تمحورت حول عقد لصيانة مطار طرابلس الدولي، المغلق منذ سنوات، ألقت بثقلها على اجتماع لوزراء الخارجية العرب، يعقد الأحد في العاصمة طرابلس.

ذلك الاجتماع، حاولت حكومة الدبيبة الاستعداد له، بمنح الأحد المقبل إجازة بالجهات العامة وما في حكمها، الواقعة داخل نطاق بلديات طرابلس الكبرى، تجنبًا للازدحام وعرقلة حركة السير للوفود المشاركة، إلا أن الاشتباكات الأخيرة، أثارت مخاوف من عقد ذلك الاجتماع.

 

إلغاء حضور وفود

تلك المخاوف يبدو أنها في طريقها إلى التحقق، خاصة بعد تدوينة للكاتب الصحفي محمود المصراتي، المحسوب على معسكر غربي ليبيا، قال فيها، إن عددًا من وزراء الخارجية العرب تراجعوا عن حضور اجتماعهم، الأحد المقبل في طرابلس، بسبب مخاوف أمنية أثارتها اشتباكات المليشيات قرب المطار.

في السياق نفسه، قال وكيل وزارة خارجية ليبيا الأسبق حسن الصغير، إن تعطيل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة العمل، الأحد المقبل، لأسباب تتعلق بالاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب، دليل على أنها «تعمل بعقلية إدارة صفحات الفيسبوك والقنوات الفضائية الخاصة».

وأوضح الدبلوماسي الليبي، أنه -حتى الآن- لم تؤكد الدول حضورها الاجتماع المرتقب، مشيرًا إلى أن الدول الموافقة على حضور الاجتماع حتى الآن: تونس والجزائر والسودان وجزر القمر، مشيرًا إلى أن أغلبية الدول طلبت التأجيل حتى يحدث التوافق، باستثناء مصر التي رفضت بصورة صريحة، وأبلغت بأن إجراءاتهم غير صحيحة وأنهم حكومة غير شرعية.

 

تغيير المسار

إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن اشتباكات المليشيات المسلحة، ستؤثر في تغيير مسارات الوفود، خوفًا من أن تكون هدفًا للقذائف العشوائية، حالها حال ساكني طرابلس، رغم أن الدبيبة سارع إلى إصدار مرسوم يعطي فيها إجازة إلزامية للموظفين وأوقف عجلة المدارس، حتى تستطيع الوفود تأمين تنقلاتها بالسرعة الممكنة، لتفادي مواقع الاشتباكات.

وأوضح المحلل الليبي، أنه على البلدان العربية، عدم حضور اجتماع في عاصمة «يسيطر عليها اللصوص والقتلة، ويديرها مجرم فاسد مثل عبدالحميد الدبيبة»، على حد قوله.

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن الوضع الأمني في طرابلس لم يكن يومًا يسمح بعقد أي اجتماع دولي ولا استضافة شخصيات مهمة، مشيرًا إلى أن قادة هذه المليشيات والجماعات المسلحة، على تواصل مباشر مع رئاسة الحكومة، ما يفسر توقف الاشتباكات واختفاء مظاهر التسليح عند استضافة الحكومة لأي شخصيات دولية، وعند عقد المؤتمرات والاحتفالات.

 

هل تعتذر الوفود؟

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن هذه الاشتباكات لن تؤثر، إلا حال تجددها أثناء وجود الوفود الوزارية في طرابلس، مشيرًا إلى أن ذلك مستبعد.

وعن إمكانية اعتذار الوفود المشاركة، استبعد المحلل السياسي الليبي ذلك، لأن هذه الوفود تعلم جيدًا الأوضاع في طرابلس، مشيرًا إلى أن هذه الاشتباكات ليست الأولى، بل تكررت العام الماضي أكثر من 8 مرات، بين الفصائل المتناحرة في طرابلس ومحيطها.

وبينما قال إن العالم يعلم جيدًا أن طرابلس ليست آمنة، أشار إلى أن أمرًا كهذا لا يخفى على الوفود العربية، التي إن حاولت إلغاء الاجتماع، ستبحث عن سبب مقنع لذلك، قد يتمثل في الاشتباكات المسلحة.

 

هل تؤثر في اجتماعات اللجنة الدستورية؟

الاشتباكات المسلحة لم يقتصر تأثيرها على اجتماع وزراء الخارجية العرب المرتقب، بل إنها قد تلقي بظلالها على مطالبة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، لجنتي المسار الدستوري بالاجتماع عاجلًا.

ودعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أعضاء لجنتي المسار الدستوري بمجلسي النواب والدولة، إلى الاجتماع لاستئناف المشاورات، لإعداد صيغة نهائية للتوافقات في هذا المسار، وتقديم تقرير بنتائج عمل اللجنتين إلى المجلسين لاعتمادها.

تلك الدعوة قال عنها عضو مجلس النواب الهادي الصغير، في تصريحات صحفية، إن المجلس الأعلى للدولة استجاب لها، على أن تعقد بين اللجنتين الأسبوع المقبل، في مدينة البيضاء أو كما كانت في العاصمة المصرية القاهرة.

وأشار إلى أن اللجنتين ستبدآن مناقشة ما تبقى من نقاط ومواد خلافية لحسمها، ثم عرضها على المجلسين للتصويت، مؤكدًا أن البعثة الأممية أبدت استعدادها لرعاية عودة الاجتماعات الدستورية.

وعن إمكانية تأثير تلك الاشتباكات في اجتماع لجنتي البرلمان والأعلى للدولة، قال المحلل الليبي الأوجلي، إن الاجتماعات التي ينتظر منها التوافق على نقاط خلافية، يجب أن تجرى بعيدًا عن أي ضغط مليشياوي، مؤكدًا أنه لا يمكن أن تجرى تلك الاجتماعات في بيئة تعج بالصراعات المسلحة.

وأوضح المحلل الليبي، أن هذه الاجتماعات تدخل –كسابقاتها- في إطار المناورة السياسية المكشوفة، للبقاء في المشهد من قبل رئيسي هذين الجسمين، اللذين وصفهما بـ«فاقدي الشرعية».