حصى ومطبات.. تدهور حالة الطرق في الكويت مشكلة عمرها 20 عاماً
يعاني مواطنو ومقيمو الكويت -منذ قرابة ربع قرن- تردي جودة الطرق وتهالك بعضها، وسط فشل الحلول الحكومية في معالجة تلك الأزمة.

السياق
تطاير الحصى على السيارات، حفر كثيرة، مطبات لا حصر لها، مشكلات عدة جعلت من الطرق في الكويت مادة للسجال بين نواب البرلمان ووزراء الأشغال المتعاقبين، ومعاناة يومية تتجدد، من دون حل.
تلك المشكلة التي ظهرت منذ نحو عشرين عامًا، تنكأ جراحها أية حالة مطرية أو غبارية تضرب البلد الخليجي، ما سبب حالة من الغضب ضد الحكومات المتعاقبة، وفاقم أعباءها.
وبينما تمر الكويت -خلال اليومين الجاريين- بحالة مطرية، علق في أعقابها البلد الخليجي الدراسة الحضورية، ورفعت إثرها وزارة الأشغال وهيئة الطرق حالة الاستنفار والترقب، فإن المواطنين والمقيمين على موعد مع أزمة جديدة، ستؤدي إلى تعطيلهم عن مواعيد دوامهم، بسبب حالة الطرق التي يُرثى لها.
تلك الحالة تعيد إلى الأذهان، الحالة المطرية التي شهدتها الكويت 26 و27 مارس الماضي، ما تسبب في ارتباك حركة السير، وإغلاق بعض الطرق وتعطل وصول الموظفين إلى مقار عملهم، الأمر الذي دفع الحكومة إلى عدم احتساب الغياب أو التأخير في هذين اليومين.
أزمة الطرق في الكويت
يعاني مواطنو ومقيمو الكويت -منذ قرابة ربع قرن- تردي جودة الطرق وتهالك بعضها، وسط فشل الحلول الحكومية في معالجة تلك الأزمة.
أزمة شقت طريقها إلى سطور كتاب الرأي والصحف المحلية، التي لم تكف يومًا عن إثارة تلك الأزمة، وما تسببه من مخاطر للسكان، إلا أن الحلول كانت تتعثر على صخرة الخلافات المستمرة بين الحكومة والبرلمان.
فالصحفية الكويتية فاطمة الخالدي، قالت في مقال بعنوان «شوارعنا المتهالكة»، إن «الذي يرى شوارعنا يرأف لحالنا من الحكومات السابقة ومجلس الأمة»، مشيرة إلى أن هذين الجسدين هما المسؤولان عن هذه الكارثة، إضافة إلى الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، الذي كان بمباركة الحكومات السابقة.
وطالبت بضرورة حل هذه المشكلة، واختيار الشركات العالمية التي لها باع طويل في رصف شوارع ذات مواصفات عالمية وطويلة الأمد بلا حفر وبلا حصى متطاير.
الأمر نفسه أشار إليه الصحفي الكويتي علي الفيروز، الذي اتهم القائمين على البنى التحتية بالفساد، قائلًا: «مع كثرة الأمطار هذه السنة، شاهدنا كارثة تطاير الحصى وكارثة الحُفر في جميع شوارع الكويت بشكل لا يُطاق».
وأضاف أن «الحُفر بدأت تغزو الطرقات الرئيسة والفرعية، بينما يؤذي تطاير الحصى الصغير، قائدي المركبات»، مشيرًا إلى «ظهور الفساد في عقود الصيانة والأمطار الكثيفة فضح سوء إنجاز المشاريع وفساد الصيانة في الأشغال والهيئة العامة للطرق، والتقاعس الحكومي عن مواجهة صيانة الشوارع الداخلية والخارجية حتى وصلت إلى معظم الطرق السريعة».
كانت جمعية المحامين أطلقت حملة بعنوان «عيب» لمواجهة تراجع جودة الطرق والبنية التحتية، قائلة عبر «تويتر»: عيب أن تعجز مؤسسات الدولة بكوادرها ومسؤوليها عن حل هذه المشكلة البسيطة أكثر من 20 عاما».
أسباب الأزمة
أرجع بعض الخبراء الأزمة إلى مناخ الكويت الصحراوي المتقلب، الذي يتميز بالحرارة الشديدة في الصيف والبرودة الشديدة والأمطار في الشتاء، بشكل يؤثر سلبًا في الخلطة الإسفلتية.
ورغم ذلك، فإن وكالة رويترز نقلت عن أستاذ قسم الهندسة المدنية في جامعة الكويت، الدكتور محمد الياقوت قوله، إن الخلطات الإسفلتية أصبحت تتعامل مع الحرارة والبرودة والمطر، مشيرًا إلى أن استمرار الماء فوقها فترات طويلة بسبب سوء تصريف الأمطار، ما يؤدي إلى زيادة سرعة تآكلها.
وبحسب الأكاديمي الكويتي، فإن هناك أسبابًا مرجحة لتطاير الحصى على طرق الكويت، منها احتمال خلل الخلطة الإسفلتية المستخدمة، لاسيما في الأحجار الصغيرة بهذه الخلطة، إضافة إلى احتكار مجموعة من المقاولين للعمليات والمشاريع، واعتماد هؤلاء على مقاولين من الباطن، وصفهم بالأقل كفاءة منهم، وعدم دقة الإشراف والرقابة على صيانة الطرق.
عواقب الأزمة
مدير مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية ناصر النفيسي قال -في تصريحات لوكالة رويترز- إن هذه المشكلة تستنزف موارد الدولة، إذ تنفق مليارات على الطرق وصيانتها «وكلها تذهب هباءً منثورًا»، إضافة إلى الأذى والضرر اللذين يلحقان بمستخدمي الطرق.
وبحسب الاقتصادي الكويتي، فإن تكلفة بناء الطرق وصيانتها بالكويت، الخالية من الجبال، يفترض أن تكون متواضعة، مشيرًا إلى أن محاولة إيجاد حل لمشكلة الطرق في الكويت، تبسيط لمشكلة معقدة، لأن التعامل مع الحارة اليمنى غالبًا يختلف عن اليسرى، رغم أن الطريق واحد.
وأشار إلى أن الصيانة ليست الحلقة الأسهل في التعامل مع الطرق، وإنما هي المرحلة المتقدمة، موضحًا أن «الصيانة علاج لمريض ينبغي تشخيص مرضه أولًا بشكل دقيق قبل علاجه».
حلول الأزمة
ورغم ذلك، فإن هناك مؤشرات على مساعٍ لحل الأزمة من جذورها، بعد أن طرحت على طاولة سفراء دول عدة في الكويت، الذين بادروا إلى طرح أسماء شركات دولية متخصصة في البنى التحتية، لتولي مشاريع تأهيل طرق الكويت.
كانت صحيفة القبس الكويتية، نقلت عن مصادر مطلعة قولها، إن السفارات الأجنبية في الكويت زودت وزارة الأشغال العامة بأسماء 35 شركة عالمية حكومية وخاصة، للمشاركة في صيانة الطرق والشوارع وإعادة فرش الإسفلت.
وبحسب الصحيفة المحلية في تقريرها الذي بثته في 30 مارس 2023، فإن سفارات تركيا واليابان والصين وفرنسا وكوريا وألمانيا رشحت -خلال الاجتماع الذي عقدته وزيرة الأشغال وزيرة الكهرباء والماء أماني بو قماز- 35 شركة رائدة، بينما أبدى ممثلو السفارة الأمريكية استعدادهم لتقديم الدعم والخبرات المطلوبة في مجال البنية التحتية.
وبحسب وزارة الأشغال العامة، فإن تطاير الحصى خلال موسم الأمطار، بدأ منذ عام 2014، مشيرة إلى أنه «يحدث في بعض الشوارع التي لا تخضع لصيانة منذ سنوات، بسبب عدم وجود عقود لتلك الشوارع».
وتعكف الوزارة -عبر فريق شكلته- على الانتهاء من كل ما يتعلق باستفساراتها بشأن ملف الطرق خلال أسبوعين، بينما أكدت أنه «لا توجد عقود صيانة حالياً للشوارع، وإن العقود التي وافقت عليها أخيراً وزارة المالية، تحتاج إلى قرابة عام حتى تنتهي الدورة المستندية لها».
وأشارت إلى أن ما طرحته سفارات دول لاعتماد شركات دولية تعمل على مشاريع البنى التحتية الخاصة بالطرق، يؤكد أن الكويت ستحل تلك المشكلة.
كانت وزيرة الأشغال العامة الكويتية أماني بوقماز، بحثت في 6 أبريل الجاري، مع السفير الهندي لدى الكويت، أدارش سويكا، الإمكانات العالية للتعاون الثنائي في قطاعات البنية التحتية.
وبحسب بيان وزارة الأشغال العامة، قبل أيام، فإن سويكا وبوقماز اطلعا على التطوير الهائل للبنية التحتية في الهند، وقدرة الشركات الهندية على تقديم مشاريع عالية الجودة في الخارج.