لسنا سُذّجًا ولا تابعين... هل يغـيِّــر ماكرون بوصلة فرنسا بعيدًا عن أمريكا؟
قال الرئيس الفرنسي بمؤتمر صحفي في أمستردام أن تكون حليفًا لا يعني أن تكون تابعاً... ولا يعني أنّه لم يعد من حقّك أن يكون لك تفكيرك الخاص

السياق
سهام الانتقادات الأمريكية والأوروبية على السواء، مازالت توجه إلى الإليزيه، بعد تصريحات وُصفت بالصادمة، للرئيس الفرنسي ماكرون من الصين، أثناء لقائه شي جين بينغ، بضرورة أخذ أوروبا موقفًا مستقلًا عن الولايات المتحدة، في ما يتعلق بالتورات بين بكين وتايوان.
وبينما قال سياسيون أمريكيون، إن كان ماكرون يريد موقفًا مستقلًا عن الولايات المتحدة، فعلى أوروبا أن تدير الحرب في أوكرانيا، أكدت قيادات أوروبية ضرورة أن يتحدث ماكرون نيابة عن باريس، لا بلسان دول التكتل.
خرج ماكرون بتصريحات جدلية أخرى –الأربعاء- شدد فيها على أنّ التحالف مع الولايات المتّحدة لا يعني "التبعية" لها، مؤكّداً تمسّكه بما قاله بشأن تايوان.
وقال الرئيس الفرنسي بمؤتمر صحفي في أمستردام: "أن تكون حليفًا لا يعني أن تكون تابعاً... ولا يعني أنّه لم يعد من حقّك أن يكون لك تفكيرك الخاص".
وأضاف: "فرنسا تؤيّد الوضع القائم في تايوان، وتؤيّد سياسة الصين الواحدة والتوصّل إلى تسوية سلمية للوضع".
صديق يتذلل للصين
كان الرئيس الفرنسي أثار استغراب كثيرين في الولايات المتّحدة وأوروبا، بدعوته الاتّحاد الأوروبي إلى ألا يكون "تابعاً" لواشنطن أو بكين في قضية تايوان.
وفُسّر تصريحه بأنّه ابتعاد عن الولايات المتّحدة، في وقت دخلت واشنطن بقوة في دعم كييف، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وشدّد ماكرون على أنّ "موقف فرنسا والأوروبيين هو نفسه بالنسبة لتايوان: نحن مع الوضع القائم، هذه السياسة ثابتة ولم تتغيّر".
ودخل على خط انتقاد ماكرون، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي شنّ هجوماً لاذعاً على الرئيس الفرنسي.
وقال ترامب: "ماكرون، وهو صديق، يتذلّل للصين".
وتعليقاً على ما قاله ترامب، اكتفى ماكرون بإبداء أسفه لما بدر من الملياردير الجمهوري، موضحًا أنّه يسهم في "تصعيد" الموقف.
وقال ماكرون: "عندما كان رئيساً لم أكن أعلّق على عباراته، لن أفعل ذلك اليوم بعدما لم يعد رئيساً".
من جهته أيضًا دخل وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير على الخط ذاته لماكرون، وقال –الأربعاء- إنّ فرنسا "حليف قوي وموثوق به" للولايات المتّحدة، لكنها ترى أنّ من الضروري التحاور مع الصين، بعد تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تايوان.
لسنا سذّجًا
وقال لومير خلال مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن: "نحن عازمون على أن نبقى حلفاء أقوياء وموثوق بهم للولايات المتحدة وينبغي عدم الخلط".
وأضاف: "قبل أن يذهب إلى الصين، اتصل الرئيس ماكرون بالرئيس بايدن، لتنسيق المواقف الأمريكية والفرنسية حيال الصين".
ودعا ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى ألا يكون "تابعًا" لواشنطن ولا بكين في مسألة تايوان، وفُسرت تصريحاته بأنها تشير إلى الابتعاد عن واشنطن.
وردّاً على سؤال بهذا الشأن قال لومير: "مطالبة الصين بوقف التصعيد في تايوان أولوية".
على الجانب الاقتصادي، أعرب الوزير الفرنسي عن أسفه لأنّ "في الولايات المتحدة من يعتقدون أن علينا فصل الاقتصادات الغربية -الأمريكية والأوروبية- تمامًا عن الاقتصاد الصيني"، في حين أنّ "حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة أعلى بكثير مما كان".
وقال: "من ثم، يُطلب من أوروبا التخلّي عن علاقات تجارية زادت بين الولايات المتحدة والصين... لسنا سذّجًا لنُخدع".
ووصلت صادرات وواردات السلع والخدمات بين الولايات المتحدة والصين إلى أعلى مستوى لها عام 2022، وفقًا لبيانات وزارة التجارة الأمريكية.
لكنّ الصين فقدت مكانتها، كأكبر شريك تجاري للولايات المتحدة لصالح الاتحاد الأوروبي، لأول مرة منذ الحرب التجارية عام 2019.
ورأى لومير أنّ من الضروري الاستمرار في السعي إلى إشراك الصين، سواء تعلّق الأمر بعدم بيع أسلحة لروسيا، أم محاربة تغيّر المناخ، أم إعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة.