لماذا كان زلزال تركيا مدمرًا لهذه الدرجة؟

يقول علماء الزلازل إن الزلزال، الذي ضرب تركيا وسوريا بقوة 7.8 درجة قد يكون أحد أكثر الزلازل تسببًا في ضحايا خلال السنوات العشر الماضية، حيث تسبب في صدع يمتد طوله إلى ما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية.

لماذا كان زلزال تركيا مدمرًا لهذه الدرجة؟

ترجمات - السياق

زلزال مدمر ضرب تركيا وأجزاء من سوريا، وتسبب في آلاف الضحايا والمصابين، بينما لا يزال مئات في عداد المفقودين محاصرين تحت أنقاض المباني المنهارة.

إلى ذلك، يقول علماء الزلازل إن الزلزال، الذي ضرب تركيا وسوريا بقوة 7.8 درجة قد يكون أحد أكثر الزلازل تسببًا في ضحايا خلال السنوات العشر الماضية، حيث تسبب في صدع يمتد طوله إلى ما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست، أن هذه المنطقة لم يحدث فيها زلزال كبير أو شهدت هزات تحذيرية منذ أكثر من 200 عام، ولذلك فإن مستوى التأهب يتوقع أن يكون أقل من منطقة أكثر اعتيادًا على التعامل مع الهزات الأرضية.

 

ما أسبابه؟

وعن أسباب الزلازل في هذه المنطقة، أشارت "واشنطن بوست" إلى أن الزلزال كان الساعة 4.17 صباحًا بالتوقيت المحلي، بالقرب من بلدة نورداغي في مقاطعة غازي عنتاب التركية، ما تسبب في دمار شديد وقتل آلاف في تركيا وسوريا المجاورة، بينما شعر الناس بالاهتزاز في أماكن بعيدة، مثل قبرص ولبنان ومصر.

وحسب الصحيفة، تقاس الزلازل من حيث حجمها، كمقياس لوغاريتمي، ما يعني أن كل عدد صحيح يمثل زيادة في القوة بعشرة أضعاف.

ونوهت إلى أنه في حين لا حد أعلى من الناحية الفنية، فإن أقوى زلزال كان بقوة 9.5 درجة، ضرب تشيلي في مايو 1960. وبناءً على هذا المقياس، فإن الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة يعد قويًا للغاية.

وأفادت بأن عشرات الهزات الارتدادية المدمرة -الزلازل الصغيرة التي تحدث في المنطقة نفسها بعد الزلزال الرئيس- استمرت في زعزعة المنطقة.

ووقعت هزة ارتدادية قوتها 6.7 درجة بعد 11 دقيقة، كما ضرب زلزال بقوة 7.5 درجة المنطقة بعد الواحدة ظهرًا.

وبالعودة إلى سبب الزلازل، ذكرت الصحيفة الأمريكية أن تركيا تقع في منطقة ساخنة من الزلزال، حيث تلتقي ثلاث صفائح تكتونية -الصفائح العربية والأناضولية والإفريقية- في هذه المنطقة، وعندما تنزلق وتضغط على بعضها، فإنها تكوِّن الاحتكاك والضغط لينطلقا على شكل زلازل، وفقًا لما ذكره يعرب الطويل، عالم الزلازل في المركز القومي لمعلومات الزلازل بكولورادو.

وأوضح الطويل أن زلزال تركيا الأخير، يطابق ضعف أقوى زلزال شهدته المنطقة -منذ نحو أكثر من عقدين وفق السجلات المتاحة- وهو زلزال بقوة 3.8 درجة كان في نوفمبر 1999.

بينما كتب ستيفن هيكس، باحث في علم الزلازل بإمبريال كوليدغ لندن، على تويتر: "كان زلزال الاثنين بقوة الزلزال نفسه، الذي أودى بحياة قرابة 30 ألف شخص في ديسمبر 1939 شمالي شرق تركيا".

وتعد تركيا، بؤرة النشاط الزلزالي، حيث تقع على صدع الأناضول، التي تحد صدعين رئيسين: الصفيحة العربية التي تتحرك شمالًا بمعدل بوصة سنويا، والصفيحة الأوراسية التي تعد قشرة أرضية ثابتة نسبيًا.

وتعني هذه الحركة -وفق هيكس- أن تركيا لديها صدعان رئيسان حيث تنشأ الزلازل: (صدع شمال الأناضول يبلغ طوله 930 ميلًا، وصدع شرق الأناضول الذي يبلغ طوله أكثر من 300 ميل)، مشيرًا إلى أن عددًا من أكبر الزلازل في تركيا ينشأ من الصدع الشمالي، وقد حظي بأكبر قدر من الاهتمام بسبب احتمال وقوع زلزال كبير بالقرب من المركز السكاني في اسطنبول.

وأوضح أن عدم حدوث زلازل كبيرة في القرن الماضي على طول هذا الصدع، جنبًا إلى جنب مع الحركة باتجاه الشمال للصفائح العربية، يشير إلى إجهاد مكبوت في هذه المنطقة.

ويفسر سبب زلزال تركيا بالقول: "في هذه الحالة، حدث الزلزال في ما يُعرف بصدع الانزلاق، وهو كسر في قشرة الأرض حيث تنزلق الصخور ببعضها أفقيًا عندما تنكسر".

 

لماذا كان مدمرًا؟

أما لماذا كان زلزال تركيا مدمرًا جدًا ومميتًا، فأوضحت "واشنطن بوست" أن حصيلة القتلى المروعة نتجت عن:

- أولا: الحجم الهائل للزلزال، مشيرة إلى أن الزلزال ضرب قريبًا نسبيًا من سطح الأرض، وقريبًا من المكان الذي يعيش فيه الناس، لافتة إلى أن زلزال الاثنين نشأ على عمق 11 ميلاً فقط تحت سطح الأرض، وذلك يعني أن الموجات الزلزالية لم تضطر إلى السفر بعيدًا، قبل أن تصل إلى المباني والأشخاص على السطح، ما يؤدي إلى مزيد من الاهتزازات الشديدة.

وكتب ديفيد روثيري عالم جيولوجيا الكواكب في الجامعة المفتوحة ببريطانيا على "تويتر": "ربما كان الاهتزاز على سطح الأرض أشد من تأثير زلزال على مستوى أعمق بالقوة نفسها عند المصدر".

 

ثانيًا: الهزات الارتدادية

يقول الطويل: توابع هذا الزلزال كانت كبيرة أيضًا، ومن المتوقع أن تستمر.

وأضاف: "حتى الآن لدينا قرابة 40 هزة ارتدادية"، مشيرًا إلى أن تلك الهزات الارتدادية لم تكن عادية، وإنما بدت مدمرة أيضًا، ومن ثمّ لا تقل خطورة عن الزلزال الرئيس.

 

ثالثًا: طرق البناء الخاطئة

وبحسب روجيه موسون، الباحث في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية، فإن الزلزال وقع باكرًا، والناس نائمون، ومن ثمّ "وجدوا أنفسهم عالقين عندما انهارت منازلهم".

وأوضح موسون -الذي ألف كتابًا عن الهزات الأرضية- أن بنية المساكن "لا تتوافق مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة"، ويمكن تفسير ذلك بأن الصدع الزلزالي، حيث هذه المساكن، كان هادئًا نسبيًا.

وتقول الدكتورة كارمن سولانا، الأستاذة في علم البراكين والتواصل بشأن المخاطر في جامعة بورتسموث: "البنية التحتية المقاومة للأسف غير مكتملة جنوبي تركيا، وفي سوريا، لذا فإن إنقاذ الأرواح يعتمد -في الغالب- على سلوك فرق الإنقاذ عقب الزلزال".

وبالفعل، كانت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية حذرت -في تقرير- من أن "السكان في هذه المنطقة يقيمون في هياكل معرضة بشدة للهزات الأرضية، رغم بعض الهياكل المقاومة".

وسلطت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية الضوء على المباني التي تستخدم حجارة البناء غير المسلحة والأطر الخرسانية منخفضة الارتفاع لتكون في خطر أكبر، لافتة إلى أن هذه المواد صلبة جدًا بحيث لا تتأثر بالاهتزاز وهي أكثر عرضة للانقباض، ما يؤدي إلى الانهيارات الكارثية.

وفي حين أن قوانين البناء الأفضل يمكن أن تساعد في مقاومة الزلازل، تسبب الزلزال الضحل الذي بلغت قوته 7.8 درجة في اهتزاز شديد للغاية، في منطقة لم تشهد هذه الزلازل الكبيرة، على عكس شمالي تركيا.

ويقول هيكس: "لم يتعرض الجزء الجنوبي الشرقي من تركيا لزلزال قوي كهذا".

وترى الصحيفة الأمريكية، أن صدع شرق الأناضول يعد "خطًا زلزاليًا عبارة عن كسر في الصخور يؤدي إلى انزلاقات زلزالية تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي، ما يؤدي إلى زيادة الضغوط حتى تنزلق إحداها في النهاية بحركة تفضي إلى قدر هائل من الطاقة، يمكن أن يتسبب في زلزال".

ويُعتقد أن زلزال الاثنين، الأكبر في تركيا منذ عام 1939، عندما ضرب زلزال بقوة 7.8 درجة الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.

وفي مارس 1970، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.1 درجة غربي تركيا، ما أسفر عن أكثر من 1000 قتيل وتدمير أكثر من 8000 مبنى.

وفي أغسطس 1999 ، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.4 درجة شمالي غرب تركيا ، ما تسبب في أكثر من 17 ألف قتيل، وتشريد أكثر من 250 ألف شخص، وتبعه زلزال آخر 7.2 بعد بضعة أشهر أسفر عن أكثر من 800 قتيل، كما ضرب زلزال بقوة 6.7 درجة شرقي تركيا في 24 يناير 2020.