الولايات المتحدة تخطب ود الهند كشريك تكنولوجي لمواجهة الصين

أعرب مسؤولون في إدارة بايدن عن مخاوفهم من استمرار اعتماد الولايات المتحدة الكبير على الصين، في صناعة أشباه الموصلات وأجزاء الاتصالات السلكية واللاسلكية، وغيرها من السلع المهمة

الولايات المتحدة تخطب ود الهند كشريك تكنولوجي لمواجهة الصين

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن المسؤولين الأمريكيين والهنود يعملون على شراكات جديدة في تكنولوجيا الدفاع والاتصالات المتقدمة وأشباه الموصلات، لمواجهة التقدم الصيني في هذا المجال.

وذكرت أن مسؤولين من الولايات المتحدة والهند اتفقوا -الثلاثاء- على توسيع التعاون في الأسلحة المتقدمة والحوسبة الفائقة وأشباه الموصلات وغيرها من مجالات التكنولوجيا الفائقة، حيث تتطلع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تعزيز علاقاتها بالحلفاء الآسيويين، وتعويض هيمنة الصين على التقنيات المتطورة.

جاءت الاتفاقات بعد يومين من الاجتماعات رفيعة المستوى في واشنطن، بين مسؤولين حكوميين ومديرين تنفيذيين من عشرات الشركات، تنفيذًا للحوار الجديد بين البلدين، الذي أعلنه بايدن ورئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، في طوكيو، مايو الماضي، بشأن التعاون التقني.

شارك مستشار الأمن القومي الهندي أغيت دوفال في مناقشة مائدة مستديرة مع نظيره الأمريكي جيك سوليفان ووزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو، الاثنين، استضافها مجلس الأعمال الأمريكي الهندي  في غرفة التجارة الأمريكية، للترويج لتطوير تقنيات مهمة، مثل الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي، وسط تقدم الصين السريع في هذه القطاعات.

وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، للصحفيين، الثلاثاء: الهدف أن تكون الشراكات التكنولوجية "المعلم الكبير التالي" في العلاقات الأمريكية الهندية بعد اتفاقية عام 2016 بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية.

ووصف هذا الجهد بأنه "جزء من استراتيجية شاملة لوضع العالم الديمقراطي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في موقع قوة".

وأضاف سوليفان: "التحدي الأكبر الذي تفرضه الصين -من ممارساتها الاقتصادية، وتحركاتها العسكرية العدوانية، وجهودها للسيطرة على صناعات المستقبل وسلاسل التوريد- كان له تأثير عميق في التفكير بدلهي".

 

اختبار

وترى "نيويورك تايمز" أن الاتفاقيات ستكون اختبارًا لما إذا كان بإمكان إدارة بايدن "تكوين صداقات" من خلال تحويل تصنيع بعض المكونات الأساسية إلى دول صديقة.

وأعرب مسؤولون في إدارة بايدن عن مخاوفهم من استمرار اعتماد الولايات المتحدة الكبير على الصين، في صناعة أشباه الموصلات وأجزاء الاتصالات السلكية واللاسلكية، وغيرها من السلع المهمة.

وفي الأشهر الأخيرة، شددت واشنطن إجراءات بيع تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين، في محاولة لإحباط صناعة يقول البيت الأبيض إنها يمكن أن تمنح بكين تفوقًا عسكريًا هائلًا.

وقال سوليفان إن بايدن ومودي يدفعان أيضًا تعاونًا أمريكيًا هنديًا أوثق، في الجهود المبذولة لبناء القواعد الصناعية والابتكارية لبلديهما.

وحسب الصحيفة الأمريكية، تشمل الشراكات التي أعلنت، الثلاثاء، اتفاقية بين وكالات العلوم الوطنية الأمريكية والهندية، للتعاون في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا اللاسلكية المتقدمة، ومجالات أخرى.

كما تعهدت الدول بتسريع جهودها للإنتاج المشترك وتطوير تقنيات دفاعية معينة، بما في ذلك المحركات النفاثة وأنظمة المدفعية وعربات المشاة المدرعة.

وتقول الولايات المتحدة إنها تتطلع إلى مراجعة اقتراح لشركة جنرال إلكتريك لإنتاج محرك نفاث مع الهند، إذ تخطط الولايات المتحدة والهند لمشاركة تكنولوجيا الدفاع والحاسوب المتقدمة، بما في ذلك الإنتاج المشترك لمحركات شركة جنرال إلكتريك النفاثة، حيث تسعى إدارة بايدن إلى تحويل نيودلهي بعيدًا عن روسيا ومواجهة الصين.

وتعزز الخطة (المعروفة بمبادرة الولايات المتحدة الهند بشأن التقنيات الحرجة والناشئة)، أجندة واشنطن الأوسع لتعزيز الروابط العسكرية والتكنولوجية وسلسلة التوريد مع الدول الشريكة.

وقال سوليفان، في إحاطة إعلامية، إن إطار العمل لن يكون مدفوعًا بالتحديات الجيوسياسية التي تفرضها موسكو أو بكين فقط، لكنه أضاف أن التحركات العسكرية الصينية العدوانية والممارسات الاقتصادية كان لها "تأثير عميق في التفكير بدلهي"، وعواصم أخرى.

وأضاف مستعرضًا الشراكة مع الصحفيين: "العوامل الصينية الروسية حقيقية، لكن هناك فكرة بناء نظام بيئي ديمقراطي عميق من التكنولوجيا العالية، لذا، فإن الجغرافيا السياسية لا تقف جانبًا، لكنها ليست تفسيرًا شاملاً لما يحدث".

وأوضح سوليفان أن المسؤولين الأمريكيين يقيمون اقتراحًا من جنرال إلكتريك للموافقة على الإنتاج المشترك لمحركات الطائرات الحربية الهندية، وقال إنه لا يتكهن بإعلان ذلك قريبًا، مضيفًا أن الدول تهدف إلى "تقدم سريع وطموح".

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد مجالات الاهتمام للهند، الإنتاج المحلي لمحركات جنرال إلكتريك النفاثة، التي تستخدمها في طائراتها المقاتلة.

وقال المسؤولون إنهم سيعملون لتسهيل بناء شبكة متنقلة متقدمة في الهند، والبحث عن تعاون جديد في إنتاج أشباه الموصلات، بما في ذلك الجهود المبذولة لمساعدة الهند في تعزيز أبحاث وإنتاج الرقائق التي من شأنها أن تكمل الاستثمارات الرئيسة في الصناعة بالولايات المتحدة.

وبينّت الدولتان أن الحوار الجديد سيشمل جهودًا للحد من الحواجز التنظيمية بينهما، بخلاف رفع بعض قيود التأشيرات التي منعت الهنود الموهوبين من العمل في الولايات المتحدة.

 

إصلاحات متبادلة

ولتحقيق هذه الأهداف، نقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء قولهم: الهند تحتاج إلى مواصلة إصلاح نظام التصاريح والضرائب، لجذب مزيد من شركات التصنيع الأجنبية، بينما تحتاج الولايات المتحدة إلى إصلاح القيود المفروضة على نقل التكنولوجيا المتعلقة بالدفاع خارج البلاد، إذا كانت تأمل العمل مع الهند، لإنتاج محركات نفاثة وأسلحة متطورة.

وأشار المحللون إلى أن عددًا من الشراكات التقنية سيعتمد على روابط جديدة بين القطاعات الخاصة في البلدين.

كما تشكل مشتريات الهند من المعدات العسكرية الروسية وعلاقاتها الوثيقة بموسكو تحديًا آخر للشراكة المخطط لها مع واشنطن، لكن مسؤولي إدارة بايدن قالوا إنهم يعتقدون أن التعاون يمكن أن يسرع ابتعاد الهند عن روسيا، لصالح علاقتها بالولايات المتحدة.

والاثنين الماضي، التقى سوليفان ووزير التجارة جينا ريموندو ومستشار الأمن القومي الهندي أغيت دوفال، أكثر من 40 مديرًا تنفيذيًا ورؤساء جامعات وآخرين، بمن في ذلك المديرون التنفيذيون من شركة لوكهيد مارتن، وتاتا، وأداني للدفاع والفضاء، وشركة ميكرون تكنولوجي.

وناقش المشاركون في المائدة المستديرة الفرص المتاحة لتعزيز تطوير التقنيات المهمة والناشئة مثل الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي، مع التركيز بشكل خاص على كيفية زيادة التبادلات البحثية الأكاديمية والحكومية وتعزيز روابطهم بالقطاع الخاص.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن تانفي مادان، الباحثة فى برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز الأمريكي للأبحاث، قولها، تعليقًا على المبادرة: "من المحتمل أن تنتقل العلاقات بين الولايات المتحدة والهند إلى المستوى التالي". وأضافت أن الحيلة ستكون "الانتقال من الإمكانات والوعود إلى النتائج".

وحسب الصحيفة الأمريكية، تُعرف الهند تقليديًا بأنها شريك صعب للولايات المتحدة في المفاوضات التجارية، لافتة إلى أنه خلال المحادثات التي تجريها إدارة بايدن في آسيا، المعروفة بالمنتدى الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ، انسحبت الهند من الجزء التجاري للصفقة، رغم أنها واصلت التفاوض في الطاقة النظيفة وسلاسل التوريد والعمالة.

لكن المحللين قالوا إن الحكومة الهندية كانت متحفزة أكثر في ما يتعلق بمسائل الأمن القومي، لا سيما من خلال إغرائها بآفاق العمل مع الولايات المتحدة، لتنمية الصناعات التكنولوجية المتطورة.