بين آمال الانتخابات ونكاية المناكفات.. هل تشق ليبيا طريقها إلى الانتخابات؟

رغم التوافق الذي ساد نتائج اجتماعات لجنة 6+6، فإن ما توصلت إليه، إضافة إلى المسائل المثيرة للجدل، في ما يتعلق بقانون انتخاب الرئيس وشروطه، عبر السماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين بخوض سباق الرئاسة، وشروط الترشح لمجلس الأمة، دفعت البرلمان الليبي، إلى إعادة المشروع إلى اللجنة لمراجعته

بين آمال الانتخابات ونكاية المناكفات.. هل تشق ليبيا طريقها إلى الانتخابات؟

السياق

خطوة جديدة على طريق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، الذي عطلته «القوة القاهرة» عام 2021، وأرجأت الاستحقاقات الديمقراطية التي توصف بـ«المهمة»، والتي كان يعول عليها البلد الإفريقي، لإخراجه من أزمة انقسام المؤسسات وسطوة المليشيات.

تلك الخطوة تمثلت في إقرار لجنة 6+6 المشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، القوانين الانتخابية، التي بموجبها ستجرى الاستحقاقات الدستورية المقبلة، داعية إلى تشكيل سلطة جديدة في البلاد، للإشراف على إجراء الانتخابات وتنظيمها، بعد مشاورات استمرت 10 أيام في مدينة بوزنيقة المغربية.

إلا أن تلك الخطوة لم تسلم من الاعتراضات والمناكفات السياسية، بل يهددها الخلاف على مخرجاتها، بشكل قد يضع البلاد على مفترق طرق واحتمالات تفجر أزمات جديدة.

ورغم التوافق الذي ساد نتائج اجتماعات لجنة 6+6، فإن ما توصلت إليه، إضافة إلى المسائل المثيرة للجدل، في ما يتعلق بقانون انتخاب الرئيس وشروطه، عبر السماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين بخوض سباق الرئاسة، وشروط الترشح لمجلس الأمة، دفعت البرلمان الليبي، إلى إعادة المشروع إلى اللجنة لمراجعته.

وضع قد يفاقم الأزمة، خاصة بعد تصريحات رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح قبل أيام، التي تحدث فيها عن القوانين الانتخابية، قائلًا إن «نص انتخاب الرئيس من جولتين، المقصود به تعطيل الانتخابات»، مضيفًا: «حتى لو حصل المرشح على 99% من الأصوات يجب أن تجرى جولة انتخابية ثانية، وهذا شيء عجيب وغير مسبوق ولم نسمع به في انتخابات العالم».

 

هجوم برلماني

وواصل صالح هجومه على القوانين الانتخابية، مشيرًا إلى رفضه نص اشتراط الجنسية الليبية فقط للترشح، قائلًا: أنا مع الجميع في أن الرئيس ينبغي ألا يحمل جنسية أخرى، لكن الليبيين مروا بظروف اضطرتهم لأخذ جنسية أخرى، وأنا اقترحت أن يتنازل المرشح عن جنسيته الثانية فور فوزه، ويمنح مهلة 15 يومًا للتنازل عنها، وإن لم يفعل المرشح يسمى المرشح الثاني رئيسًا للبلاد».

أما عن إمكانية ترشح العسكريين للانتخابات، فقال رئيس البرلمان الليبي: «يجب اعتبار المرشح سواء كان عسكريًا أم مدنيًا، مستقيلًا بقوة القانون عند تقدمه للانتخابات، ويرجع إلى عمله حال عدم فوزه»، في إشارة إلى قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، الذي رشح نفسه للانتخابات في الجولة الماضية.

وفي إشارة إلى أن ما توصلت إليه لجنة 6 + 6، لن يرى النور، قال عضو مجلس النواب الليبي المبروك الخطابي، إن البرلمان سيشكل لجنة للتواصل مع الأطراف الفاعلة لتوافق واسع على القوانين الانتخابية، لضمان نجاح العملية الانتخابية.

وأكد عضو مجلس النواب، أن البرلمان سيتخذ القرار المناسب في قوانين الانتخابات، بعد التواصل مع أطراف الأزمة، في إشارة إلى أن الموعد الانتخابي المفترض قبل نهاية العام بات والعدم سواء، ما يضع سيناريو إطالة الفترة الانتقالية على الطاولة، في انتظار ما قد يبادر به المبعوث الأممي عبدالله باتيلي في إحاطة مقبلة.

 

وضع ضبابي

وضع ازداد ضبابية، مع دعوة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، لإعادة النظر في النصوص التي تضمنها قانون الانتخابات، وتعديل بعضها.

وقال رئيس مفوضية الانتخابية، في خطاب إلى المجلس الأعلى للدولة، إن هناك مواد لا يمكن تنفيذها وتشكل خطراً على نزاهة العملية الانتخابية، وعلى شرعية السلطات المنتخبة.

كما طالب بتعديل صياغة المادة التي تنص على عدم جواز الطعن في شروط الترشح للرئاسة، باستثناء شرط الجنسية، مشيرًا إلى أن مفوضية الانتخابات ستستبعد أي مرشح للانتخابات الرئاسية يحمل جنسية أخرى وسترفض طلب ترشحه.

ويقول رئيس مفوضية الانتخابات، إنه لا يمكن فنياً إجراء العمليات الانتخابية الثلاث في الجولة الثانية، بشكل متزامن وفي يوم اقتراع واحد، مشيرًا إلى أن الفوضى ستعم مراكز الانتخاب في هذه الحالة، ويفتح الباب أمام التزوير ويطوّل مرحلة العد والفرز.

في السياق نفسه، قال عضو مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عبدالحكيم الشعاب، إن المفوضية راسلت مجلسي النواب والأعلى للدولة، وأحالت لهما ملاحظات على القوانين الانتخابية الصادرة من لجنة 6+6، عبر النسخ المتداولة، طلبًا لتعديلها قبل نشرها في الجريدة الرسمية، لأنها ملزمة حسب التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري.

وأوضح الشعاب، أن الملاحظات الواردة بالمراسلة، تتعلق بجوانب تنفيذية وفنية قد تصعب العمليات الانتخابية، مشيرًا إلى أنها لا علاقة لها بالإطار القانوني والشروط المطلوبة.

بين هذه الملاحظات استحالة وضع ستة صناديق اقتراع داخل المراكز الانتخابية، ليصوت عليها المواطن في يوم واحد فقط، بحسب عضو مفوضية الانتخابات، الذي أكد أن أن المفوضية تنتظر إحالة تلك القوانين لها، متى كانت جاهزة.

 

هل من حلول؟

مستشار الأمن القومي لمجلس النواب الليبي إبراهيم بوشناف، حاول الدخول على خط الأزمة بمبادرة قدمها إلى البعثة الأممية، تتضمن تشكيل لجنة من مجلس الأمن القومي، والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وخبراء البعثة الأممية لدى ليبيا، لإجراء تعديلات على مسودة الدستور لتجاوز الأزمة الحالية.

مقترح بوشناف، دعا إلى إمكانية تأجيل الاستفتاء، واعتماد النسخة المعدلة للدستور من جهة مجلسي النواب والأعلى للدولة، بالاشتراك مع الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.

آفاق باتت مسدودة، إلا أن أية انفراجة محتملة، تنتظر الخطوة التالية من المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، التي قد يكشف النقاب عنها، في إحاطته المرتقبة بعد أيام، أمام مجلس الأمن.

 

لجنة تسييرية

هل تُشكل لجنة تسييرية، تضم الطيف السياسي والاجتماعي والمدني بديلة للجنة 6+6 -كما اقتُرح- خاصة أن الأمم المتحدة حددت يونيو موعدًا للانتهاء من إنجاز التشريع الانتخابي، لإجراء الانتخابات بنهاية العام.

إلا أن عضو مجلس النواب الليبي سلطنة المسماري، ردت على ذلك، قائلة إن تشكيل اللجنة رفيعة المستوى التي لوح بها باثيلي، كان مرهونًا بإخفاق لجنة 6+6، وهذا لم يحدث.

وأوضحت البرلمانية الليبية، أن «من توصيات لجنة 6+6 وجود حكومة مصغرة لتنفيذ القوانين، وهذا شرط أساسي لإجراء الانتخابات، مشيرة إلى أن شرط تشكيل الحكومة المُصغرة، هو أساس الانتخابات، وعلى باثيلي والمجتمع الدولي الدفع في هذا الاتجاه، إذا كانا يُريدان إجراء الانتخابات.