واشنطن بوست: لماذا تحجم أمريكا عن إرسال طائرات إف -16 لأوكرانيا؟

واشنطن بوست: الكونغرس يضغط على البنتاغون لمنح أوكرانيا طائرات إف16

واشنطن بوست: لماذا تحجم أمريكا عن إرسال طائرات إف -16 لأوكرانيا؟

ترجمات - السياق

في عام بات الرهان فيه عسكريًا، أكثر من كونه سياسيًا، لإنهاء الأزمة الأوكرانية، كان صوت إرسال المساعدات العسكرية الغربية إلى البلد الأوراسي، هو الأكثر ترديدًا خلال الفترة الماضية.

وفي استجابات نادرة، خطت ألمانيا وأمريكا ودول أخرى قفزات كبيرة، في إطار حشد الدعم العسكري بأسلحة دقيقة، قد تعيد تغيير المشهد على الأرض لصالح أوكرانيا.

إلا أن هناك سلاحًا طلبته أوكرانيا من الولايات المتحدة، لا يزال التردد سيد الموقف في أمريكا لتلبيته، لاعتبارات عدة، أهمها أن الطائرات إف16 التي طلبتها كييف سلاح هجومي، قد يغير المعادلة لصالح أوكرانيا، لكنه سيثير غضب روسيا، وقد يدفعها إلى خيارات أكثر «تطرفًا».

وفي هذا الإطار، قال مسؤول دفاعي أمريكي، للمشرِّعين الأمريكيين، إن إمداد كييف بالطائرات الحربية، ليس هو الاستخدام الأكثر حِكمة للأموال الأمريكية، في هذه المرحلة من الحرب.

وأكد المسؤول الكبير في «البنتاغون»، خلال جلسة استماع في الكونغرس، أن القوات الأوكرانية ستحتاج إلى 18 شهرًا على الأقل لتتعلم كيفية الطيران والحفاظ على طائرات مقاتلة من طراز إف16 أثناء القتال.

وبينما واصلت إدارة بايدن تجنب الأسئلة عن الطلب المتكرر من كييف -بشكل متزايد- لتلك الطائرات، قالت «واشنطن بوست»، إن هذه القضية تطارد الإدارة منذ أشهر، حيث يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توجيه مناشدات منتظمة لطلب تلك الطائرات، وسط تساؤل المشرعين الأمريكيين عن سبب عدم تدريب الطيارين الأوكرانيين لمعرفة كيفية عملهم.

وقال وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة كولين كال، لأعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: «أعتقد أن هذه المحادثة ستستمر»، مشيرًا إلى أنه في أفضل السيناريوهات، يمكن نقل طائرات إف16 الأقدم في غضون 18 شهرًا.

وأشار إلى أن شراء وتسليم طائرات جديدة، قد يستغرق ما يصل إلى ست سنوات، مضيفًا أن أفراد القوات الجوية الأمريكية قدروا أنه لكي تحدث أوكرانيا أسطولها من الطائرات المقاتلة، من المحتمل أن تحتاج إلى قرابة 80 طائرة.

وقال كال: «من الصعب بالنسبة لي أن أخبر الجمهور الأمريكي، بأن أفضل استخدام لهذا الدولار الذي ينفق الآن هو على طائرات إف16.

 

الأرض المرهقة

الأسبوع الماضي، قال الرئيس بايدن إن أوكرانيا «لا تحتاج إلى مقاتلات إف16 الآن»، ما يؤكد توقعات كبار مستشاريه العسكريين أنه عندما تبدأ المرحلة التالية من الحرب التسارع مع ذوبان الجليد في الربيع، ستبدو إلى حد كبير مثل الأرض المرهقة والدموية.

ودعت القيادة الجمهورية بلجنة القوات المسلحة في مجلس النواب إلى جلسة الثلاثاء، وسط شكوك متزايدة في جزء من الحزب، وبين بعض الديمقراطيين، بشأن المساعدة التي سمحت بها واشنطن لمساعدة أوكرانيا في صد القوات الروسية.

وتعهد الحزب الجمهوري، على نطاق واسع، بإجراء رقابة قوية على عشرات مليارات الدولارات من الأسلحة والأموال التي قدمتها الإدارة للحكومة في كييف.

ورغم ذلك، فإن أعضاء الحزبين السياسيين اتفقا -خلال الجلسة- على أن ذلك مناسب، حيث بدا أن معظمهم يتجنب المسرحيات الحزبية للغاية، التي أصبحت تهيمن على حوار الكونغرس بشأن عديد من الأمور.

وأشاد النائب الجمهوري دوغ لامبورن (كولورادو)، بالرئيس بايدن لزيارته الأسبوع الماضي إلى كييف، حيث احتفل، إلى جانب زيلينسكي، بالذكرى السنوية الأولى للحرب.

 

اليد العليا

بينما تساءلت أقلية صريحة من الجمهوريين، عما إذا كان ينبغي لواشنطن أن تساعد أوكرانيا على الإطلاق، انضم عديد منهم إلى الديمقراطيين، في فحص ما إذا كانت الإدارة تتحرك بسرعة كافية، لتوفير الأسلحة المتقدمة التي يمكن أن تساعد جيش زيلينسكي في طرد الروس من المناطق التي سيطروا عليها، وإعطاء كييف اليد العليا في أي مفاوضات سلام مستقبلية.

وقال النائب مايك د. روجرز، رئيس اللجنة: «منذ البداية، كان الرئيس قلقًا للغاية، من وجهة نظري، من أن إعطاء أوكرانيا ما تحتاجه للفوز سيكون تصعيدًا للغاية. هذا التردد أدى فقط إلى إطالة أمد الحرب ورفع التكلفة من حيث الدولارات والأرواح».

وأشار النائب جاريد غولدن (دي-مين) إلى أن مجموعة من المشرِّعين من الحزبين، دعت الإدارة -العام الماضي- إلى توفير صواريخ بعيدة المدى، إضافة إلى طائرات إف16.

في حين أن المسؤولين الأوكرانيين قد تكون لديهم أولويات أكثر إلحاحًا، مثل الحصول على دفاعات جوية إضافية لحماية الأشخاص والبنية التحتية المدنية من هجمات الصواريخ والطائرات من دون طيار الروسية «فمن المؤكد أنهم يفضلون تلبية احتياجاتهم أو قدراتهم الخمس الأولى أو الست أو العشر الأولى».

والتزم النائب الديمقراطي في اللجنة، آدم سميث (واشنطن)، بوجهة نظر الإدارة، قائلاً إنه بينما «أصبح الجميع مهووسين بطائرات إف16 في الأسابيع الأخيرة، فإن توفير طائرات متقدمة سيكلف نفقات كبيرة من دون مردود فوري».

وأشار مسؤولو بايدن -بدلاً من ذلك- إلى أن أي جهد لتحديث القوات الجوية الأوكرانية، يجب أن يرافق مناقشة أوسع لاحتياجات البلاد، للحفاظ على أمنها بمجرد انتهاء الحرب.

وقال سميث: «ربما يمكننا إدخال بعض طائرات إف16 التشغيلية إلى أوكرانيا في غضون عام، وربما ثمانية أشهر إذا دفعناها. فإن هذا يعني أنك مضطر لتدريب الطيارين، والميكانيكيين، ويجب أن يكون لديك مهابط طائرات يمكنها استيعاب مقاتلات إف16، كما يجب أن تكون لديك قطع الغيار لجعلها تعمل. نظرنا إلى ذلك، وقررنا أنه ليس استخدامًا حكيمًا للموارد الضرورية لكسب المعركة».

 

مصدر قلق

وفي جلسة استماع منفصلة، الثلاثاء، قال مسؤولون دفاعيون أمريكيون كبار إن الدفاعات الجوية الروسية الهائلة تظل أيضًا مصدر قلق شديد لأي طائرة تنشرها أوكرانيا.

وقال اللفتنانت جنرال بالجيش دوغلاس سيمز، وهو ضابط كبير في هيئة الأركان المشتركة للبنتاغون، للمشرِّعين في اللجنة الفرعية للدفاع بمخصصات مجلس النواب، إنه بينما كان الجيش الأوكراني قادرًا على تنفيذ بعض مهام الدعم الجوي بالطائرات التي يمتلكها، فإنهم لن يتغلبوا على مواجهة القادة إذا كانت طائرات أمريكية الصنع تصطدم بالأنظمة الروسية.

وقال النائب الجمهوري في تلك الجلسة، مايك جارسيا (كاليفورنيا)، إنه بينما ساعدت الولايات المتحدة في «معركة نبيلة» شنها الأوكرانيون العام الماضي، فقد أصبح قلقًا مع تحول المحادثة في واشنطن إلى مزيد من الأسلحة الكبيرة.

وتساءل: هل هناك محادثة ذات مغزى، فبدلاً من مجرد الاستماع إلى ما يطلبه الأوكرانيون، نجري حوارًا تكتيكيًا واستراتيجيًا معهم نسألهم عما يحاولون تحقيقه، ثم نعطيهم سلاحًا مطابقا؟

وأضاف الطيار المقاتل السابق في البحرية: «أخشى أن يتشتت انتباهنا بسبب سخافة طلب طائرات إف16».

وتقول «واشطن بوست»، إن جلسات استماع الثلاثاء كانت جيدة، للشعور الواسع بالاتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين، الذين يفضلون حسابًا أكثر صرامة للكمية الهائلة من المعدات العسكرية التي تُرسل إلى منطقة الحرب.

 

الأيدي الخطأ

وردا على سؤال عن احتمال وقوع أسلحة قدمتها الولايات المتحدة في الأيدي الخطأ، قال كال إن «البنتاغون لم ير «أي دليل» على ذلك (...) نعتقد أن الأوكرانيين يستخدمون بشكل صحيح ما حصلوا عليه».

ووصف المفتش العام لوزارة الدفاع، روبرت ستورتش، عمل فريقه بأنه جريء ومتسع النطاق، مشيرًا إلى أن النتائج التي توصلوا إليها -حتى الآن- كانت محدودة.

وأثناء الاستجواب، توقف ستورتش عن القول إنه لم يتم اختفاء أي أسلحة في أوكرانيا، قائلًا للنائب جون جاراميندي، إن المفتشين -حتى الآن- لم يكشفوا أي قضية رئيسة.

وعُقدت جلسة الاستماع بعد أسبوعين من قيادة روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة، لوفد من الكونغرس من الحزبين إلى بولندا ورومانيا، لمراقبة كيفية تسليم الجيش الأمريكي وتتبع الأسلحة التي يوفرها لأوكرانيا. وأصدر المشرِّعون بيانًا مشتركًا بعد زيارتهم دعوا إلى مزيد من الشفافية في هذه القضية.

وقال أعضاء الكونغرس: «للشعب الأمريكي الحق في معرفة أن المعدات العسكرية الأمريكية التي تبرع بها لأوكرانيا تستخدم للغرض المقصود منها، أي قتال أوكرانيا من أجل البقاء الوطني».

وأضافوا أنهم «توصلوا إلى فهم واضح للضمانات» التي وضعت بعد إحاطة مع الجنرال الأمريكي، الذي يشرف على الجهود، لكنهم حذروا من أنه «ينبغي لنا أن نؤكد أن أي مواد دفاعية قد اختفت، أو تحول مسارها، فإن تدفق المعدات الأمريكية لن يكون قابلاً للاستمرار».