اتصال مرتقب بين شي وزيلينسكي.. هل تتوسط الصين بين روسيا وأوكرانيا؟

في السنوات المقبلة، من المرجح أيضًا أن تلعب جيوب الصين العميقة دورًا في مساعدة أوكرانيا لإعادة البناء بعد الدمار الذي خلفته الحرب.

اتصال مرتقب بين شي وزيلينسكي.. هل تتوسط الصين بين روسيا وأوكرانيا؟

ترجمات - السياق

من إطلاق الانتقادات اللاذعة ضد المجر وألمانيا لتقربها الشديد من الروس، إلى اللعبة الدبلوماسية طويلة المدى، مع الحليف رقم1 لموسكو، الرئيس الصيني شي جين بينغ، تنوع أسلوب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في معاملة مختلفة.

وتقول صحيفة بوليتيكو، إن هناك أسبابا وجيهة لعدم إثارة غضب الصينيين، رغم «شراكتهم غير المحدودة» مع موسكو، مشيرة إلى أن زيلينسكي يريد إبقاء بكين في الصدارة، كمستثمر وشريك تجاري ووسيط محتمل، بدلاً من دفعها بعيدًا، والمخاطرة بموافقة شي على صادرات كبيرة من الأسلحة إلى القوات الروسية.

في السنوات المقبلة، من المرجح أيضًا أن تلعب جيوب الصين العميقة دورًا في مساعدة أوكرانيا لإعادة البناء بعد الدمار الذي خلفته الحرب.

وبينما زار شي موسكو هذا الأسبوع، تتزايد التكهنات بأنه قد يجري أول مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا، بحسب «بوليتيكو»، التي قالت إنه بينما لم يتأكد أي اتصال، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إنه يرحب بهذه المحادثة بين شي وزيلينسكي، مضيفًا: «نعتقد أن جمهورية الصين الشعبية والرئيس شي نفسه يجب أن يستمع مباشرة إلى المنظور الأوكراني وليس فقط الروسي».

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن بكين وكييف ليستا غريبين، قبل الحرب، كانت الصين الشريك التجاري الأول لأوكرانيا، فضلاً عن كونها سوقًا ضخمًا لشعير البحر الأسود والذرة، مشيرة إلى أن بكين استثمرت بكثافة في البنية التحتية الأوكرانية، مثل الموانئ والاتصالات السلكية واللاسلكية.

وفي محاولة لتجنب الخلافات مع هذا الشريك الحاسم، امتنعت كييف عن التصويت، خلال تصويت الأمم المتحدة العام الماضي، لإدانة اضطهاد الصين لأقلية الأويغور المسلمة.

 

كيف تتعامل أوكرانيا مع مبادرة الصين؟

تقول الصحيفة الأمريكية: رغم أن زيلينسكي كشف أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أبدوا شكوكًا في خطة من 12 خطوة من الصين لإنهاء الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي، فإن زيلينسكي أكد استعداده لإبقاء الباب مفتوحًا أمام الحوار الذي تقوده الصين.

«أعتقد أن حقيقة أن الصين بدأت تتحدث عن أوكرانيا ليست سيئة»، يقول زيلينسكي في مؤتمر صحفي في كييف، مضيفًا: «لكن السؤال: ما الذي يتبع الكلمات؟ أعتقد أن بعض المقترحات الصينية تحترم القانون الدولي، وأعتقد أنه يمكننا العمل على ذلك مع الصين، ولِم لا؟ هدفنا جمع كثيرين حولنا لعزل روسيا».

هذا الرأي في الصين كوسيط سلام محتمل، أدى إلى انقسام حاد في الآراء، فعديد من النقاد يلاحظون أن هدف الصين الحفاظ على تحالف استراتيجي مع روسيا، يمكن أن يساعدها في موازنة الغرب الديمقراطي، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن الاهتمامات التجارية وصورتها كوسيط، تأتي في المرتبة الثانية بعد ذلك.

وقال أولكسندر ميريزكو، رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الأوكراني، إلى «بوليتيكو» إنه لا يبدو من المرجح أن تمارس بكين نفوذها على موسكو «لأنها لا تريد إيقاف بوتين».

كان بيتر ستانو، المتحدث باسم الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، متشككًا أيضًا في مدى ملاءمة الصين كوسيط عادل، مشيرًا إلى أن الصين ترفض الاعتراف بمن المعتدي ومن الضحية.

وأضاف: بكين تضع روسيا على المستوى نفسه مع أوكرانيا، التي تتعرض لهجوم وحشي وغير قانوني، في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة، على حد قوله، مضيفًا: «الميثاق نفسه الذي تدعي الصين حمايته. الجميع مرحب بهم للتوسط في السلام. لكن أولاً وقبل كل شيء، يجب قبولها من الطرفين المعنيين».

على النقيض من ذلك، جادل فيتا جولود، رئيس مجلس إدارة الرابطة الأوكرانية لعلماء الصينيات، بأن بكين يمكن أن تلعب دورًا مفيدًا.

 

هل يتكرر السيناريو الإيراني السعودي؟

وأضاف جولود: «الصين بحاجة إلى أوروبا. والآن يمكن أن تظهر ذلك من خلال التأثير الإيجابي. يمكن أن تلعب دور الوسيط في هذه الحرب، تمامًا مثلما نجحت بكين في التوفيق بين إيران والسعودية وأصبحت صانع سلام».

وقال إن الصين تتمتع برفاهية السماح لنفسها بإغلاق أعينها عن الصراعات السابقة مع أوكرانيا، التي عادة تلعب دورًا طويلاً، مضيفًا: هذه المرة، تدرك الصين أنها إذا تمكنت من فعل ما فشلت الولايات المتحدة فيه، فإنها ستعزز نفوذها في أوروبا. والصين الآن بحاجة إلى أوروبا».

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه كانت هناك نقاط مؤلمة في العلاقة بين أوكرانيا والصين، على مدى السنوات الماضية، مشيرة إلى أن الخلاف الأكثر خطورة كان يتوقف على شركة MotorSich، أكبر منتج لمحركات الطيران الأوكرانية، التي حاول الصينيون شراءها في صفقة ينظر إليها حلفاء أوكرانيا الغربيون، بما في ذلك الولايات المتحدة، على نطاق واسع بأنها تهديد أمني.

 

هل تقفز الصين على الماضي؟

عام 2017، طلبت شركة Skyrizon Aviation و MotorSich الصينية من لجنة مكافحة الاحتكار في أوكرانيا (AMCU) الموافقة على اندماجها، لكنها رفضت الصفقة وأوقف أمن الدولة الاندماج.

وعام 2020، عندما قدمت Skyrizon طلبًا آخر إلى AMCU، أمرت الحكومة الأوكرانية بتأميم MotorSich، لكنها سرعان ما غيرت رأيها، وتركت منتج المحرك طي النسيان.

ورداً على ذلك، رفع مستثمرون صينيون دعوى قضائية أمام محكمة دولية، لاسترداد 3.5 مليار دولار من أوكرانيا، معتقدين أن كييف انتهكت اتفاقية حماية الاستثمار لعام 1992.

وعام 2021، قدمت Skyrizon أيضًا شكوى ضد أوكرانيا في لاهاي، تطالب كييف بدفع 4.5 مليار دولار كتعويض.

«لقد كان من عمل مؤسستين خاصتين، وكان من الممكن التعامل معه بشكل جيد. لكن حكومتنا أشركت SBU (جهاز الأمن). الآن أصبح الأمر من اختصاص الدولة، وأصبح الوضع أسوأ»، يقول غولود، مشيرًا إلى أنه «لم يجب عن هذه الأسئلة. نحن مدينون للصين بكثير من المال».

وفي الوقت الحاضر، تراجعت العلاقات الدبلوماسية الأوكرانية مع الصين إلى نقطة أزمة، وفقًا لما قاله ميريزكو من لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوكراني، مشيرًا إلى أنه بينما كانت أغلبية الدول تسعى إلى عزل روسيا، كانت الصين تعمق العلاقات مع الدولة المعتدية في عديد من المجالات، ما يحول روسيا من شريك صغير إلى دولة تابعة.

وقال ميريزكو: «ستكون لهذا بالتأكيد عواقب على أوكرانيا وسياسة الصين تجاه أوكرانيا، إضافة إلى ذلك، اختارت أوكرانيا بوضوح طريق التكامل الأوروبي الأطلسي، وهو عكس تطور العلاقات مع الصين. نحن إلى جانب العالم الديمقراطي الحر».

ومع ذلك، في حين أن ميريزكو كان يأمل الحصول على مساعدة من الصين، وصف نهج أوكرانيا الدبلوماسي تجاه الصين بأنه ذكي من حيث السياسة الواقعية.

وتابع ميريزكو: «هناك خوف من أننا إذا بدأنا انتقاد الصين بقسوة أكبر، فإن بكين ستستخدمها كذريعة لتعزيز مساعدتها لروسيا، وحتى تقديم المساعدة العسكرية».

 

هل تصدر بكين أسلحة لروسيا؟

منذ اندلاع الحرب، تتشدق الصين بإعلان حيادها، وامتنعت عن التصويت على قرارات أوكرانيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وارتفعت درجات الانتقاد السياسي مؤخرًا، فوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين قال إن بكين تدرس توريد أسلحة إلى روسيا.

ومرة أخرى، بينما اتخذت واشنطن موقفًا متشددًا بشأن هذا الأمر، واختبرت أسس العقوبات ضد بكين في حالة شحنات الأسلحة المؤكدة، فإن الأوكرانيين يتخذون موقفًا دبلوماسيًا.

وقال أوليج أوستينكو، المستشار الاقتصادي لزيلنسكي، إلى «بوليتيكو» إن أوكرانيا ليست لديها «رؤية واضحة في ما يتعلق بالعقوبات المفروضة على الصين».

ومع ذلك، في حين أن موقف بكين المؤيد لروسيا واضح، فهي تضغط بشدة لرفع العقوبات، فعلى سبيل المثال قال سيرهي هيراسيمشوك، نائب المدير التنفيذي لمجلس السياسة الخارجية الأوكراني، منظمة غير حكومية، إن بعض نقاط خطة الصين للسلام المكونة من 12 نقطة تشيح بوجهها عن أوكرانيا.

 

هذه ليست خطة سلام

وأضاف هيراسيمشوك: «بعض عناصر الخطة موالية لروسيا. لكن البعض الآخر مهم. يمكننا استخدامها لحل مشكلاتنا الأمنية».

وأشار إلى السلامة النووية كإحدى هذه النقاط «حيث يمكننا التحدث عن ضمانات بأن روسيا لن تستخدم الأسلحة النووية ضد أوكرانيا. أو تحدث عن نزع السلاح من محطة زابوريجيا للطاقة النووية».

ويمكن أن تستفيد أوكرانيا أيضًا من الوساطة الصينية في قضايا الأمن الغذائي، لأنها يمكن أن تساعد في توسيع مبادرة الحبوب بالبحر الأسود، فالصين حاليًا المتلقي الرئيس للحبوب الأوكرانية، التي تأتي عبر الممرات الثلاثة لترتيب الأمم المتحدة.

وأشار هيراسيمتشوك إلى أن «الصين يمكن أن تضغط على روسيا لإطالة أمد المبادرة فترة أطول، وربما توسيع المبادرة إلى موانئ ميكولايف»، إلا أنه مع ذلك، قال إن أوكرانيا يجب أن تتوخى الحذر في مغازلة بكين، وإيلاء مزيد من الاهتمام لما قد تكون عليه الأهداف الاستراتيجية للصين.

وأضاف: «لست متأكدًا من أن القيادة الأوكرانية تتفهم مصالح الصين. سيكون من السذاجة توقع أن تتوسط الصين في حرب روسيا من دون السياق الأوسع لمصالح الصين».