بعد ساعات من لقاء شي وبوتين.. ماذا تعني زيارة رئيس وزراء اليابان لأوكرانيا؟

كيشيدا يعد الوحيد من قادة دول مجموعة السبع، الذي لم يزر أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.

بعد ساعات من لقاء شي وبوتين.. ماذا تعني زيارة رئيس وزراء اليابان لأوكرانيا؟

السياق

زيارة مفاجئة ذات دلالات وأبعاد خطيرة، إذ وصل رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى العاصمة الأوكرانية كييف، بعد ساعات من وصول شي جين بينغ إلى موسكو ولقائه فلاديمير بوتين.

وقالت وزارة الخارجية اليابانية إنّ كيشيدا "سينقل إلى الرئيس زيلينسكي احترامه لشجاعة ومثابرة الشعب الأوكراني، الذي يدافع عن وطنه تحت قيادته، كما سيعبّر عن التضامن والدعم المستمرّ لأوكرانيا من اليابان ومجموعة الدول السبع" التي تستضيف اليابان اجتماعاتها لهذا العام.

كيشيدا الوحيد من قادة دول مجموعة السبع، الذي لم يزر أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لهذا البلد في فبراير 2022.

ودُعي رئيس الوزراء الياباني باستمرار لزيارة أوكرانيا.

 

زيارة استثنائية

وبحسب شبكة إن.إتش.كي التلفزيونية اليابانية، فإنّ مراسليها في بولندا صوّروا -فجر الثلاثاء- كيشيدا أثناء وصوله في سيارة إلى بسيميش، المدينة التي غالباً ما ركب منها مسؤولون أجانب قطاراً للذهاب إلى أوكرانيا.

وقالت الشبكة إنّ "الموكب دخل محطة بسيميش وتوقّف أمام رصيف تستخدمه القطارات الدولية المتّجهة إلى أوكرانيا. نزل رئيس الوزراء كيشيدا من أول سيارة في الموكب، وصعد إلى آخر عربة في القطار".

ووفقاً للشكبة، غادر القطار المحطة فجر الثلاثاء.

وسبق لكيشيدا أن قال مراراً إنّ زيارة كييف "قيد الدراسة"، في حين نقلت وسائل إعلام يابانية عن مصادر حكومية قولها إنّ ذهاب رئيس الوزراء إلى كييف دونه مخاوف أمنية وتحدّيات لوجستية.

وبوصوله إلى أوكرانيا يصبح كيشيدا أول رئيس وزراء ياباني يزور منطقة حرب، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

تأتي زيارة كيشيدا إلى كييف، في الوقت الذي يزور فيه الرئيس الصيني شي جينبينغ موسكو، حيث اجتمع بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.

 

جزر متنازع عليها

وقال الرئيس الصيني في مستهل زيارته: "أنا مقتنع بأن هذا اللقاء سيكون مثمرًا، ويفتح فصلًا جديًدا من الصداقة مع روسيا، وسيمنح زخمًا جديدًا لتطور سليم ومستقر للعلاقات الصينية الروسية"، واصفًا علاقة بلاده بموسكو بأنهما "جاران جيدان وشريكان موثوقان".

جدير بالذكر أن لليابان نزاعات إقليمية على جزر مع الصين وروسيا، وحسب خبراء فإن طوكيو تشعر بقلق بالغ إزاء توثيق علاقات بكين وموسكو، بخلاف قيامهما بمناورات عسكرية مشتركة قريبة من سواحل اليابان.

استراتيجيًا فإن اليابان تميل لدعم سياسات المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وكذلك كوريا الجنوبية.

وتأتي زيارة الرئيس الصيني لروسيا، وما لحقه من استقبال أوكرانيا لرئيس الوزراء الياباني، في وقت تتصاعد نيران الحرب وتتعقد سبل الحل السياسي.

 

الرد في تايوان

يبدو أن الزيارة اليابانية لكييف، ردًا على مثيلتها الصينية لموسكو، إذ نظر الغرب إلى القمة التي تجمع شي جين بينغ بفلاديمير بوتين بعين الريبة، أولًا من تنامي توثيق العلاقة بينهما، وثانيًا خشية أن تقدم الصين على دعم روسيا بالسلاح اللازم، في حربها على أوكرانيا.

ويبدو أن الرد الأمريكي على زيارة زعيم الحزب الشيوعي الصيني لروسيا سيكون في المنطقة التي تؤلمها، إذ أعلنت واشنطن عزمها استقبال رئيسة تايوان تساي إينغ وين، كضيفة على الولايات المتحدة في الأسابيع المقبلة، وهو ما نددت به بكين على لسان وزارة خارجيتها، التي قالت إنها ترفض الزيارة تحت أي مسمى أو عنوان.

من جانبها حذرت واشنطن الصين من أي عمل عدواني، ردًا على الزيارة، وطالبت الإدرة الأمريكية بكين بإبقاء قنوات الاتصال رفيعة المستوى مفتوحة، موضحة ألا شيء جديد في زيارة تساي، ولا تختلف عن زيارات سابقة، ويجب عدم تحميلها أكثر مما تحمله.

وقال مسؤول أمريكي مطلع، إن واشنطن لا ترى أي مبرر لأن تستخدم الصين هذه الزيارة العادية المرتقبة ذريعة لتكثيف أي نشاط عدواني حول مضيق تايوان.

وتعد الصين جزيرة تايوان جزءًا من أراضيها وإقليمًا متمردًا سيعود إلى سيادة بكين بالطرق السلمية، أو غير ذلك إذا استدعي الأمر، ومن ناحيتها تجدد الولايات المتحدة عزمها الدفاع عن تايوان -التي لا تعترف بها كدولة- ضد أي تدخل عسكري صيني.

ولا تلقى تايوان اعترافًا دوليًا بها كدولة مستقلة، لكنها تكون ورقة ضغط -في كثير من الأحيان- على الصين من الدول الغربية، ويبدو  هذا واضحًا في زيارة وزيرة التعليم الألمانية إلى تايبيه، ما أثار غضب وحفيظة الصين.

الزيارة هي الأولى منذ 26 عاماً لوزير ألماني إلى الجزيرة، التي تعدها الصين جزءاً من أراضيها، لتوقيع شراكة في مجال التكنولوجيا.

 

زيارة خبيثة

وقالت بيتينا ستارك واتزنيغر إنّ الاتفاق مع المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا (NTC) في تايوان، يهدف إلى "تحسين التعاون على أساس القيم الديمقراطية والشفافية والانفتاح والمعاملة بالمثل والحرية العلمية".

وأعرب الوزير عن "سرور كبير واعتزاز" لكونها أول عضو في حكومة ألمانية يزور الجزيرة منذ أكثر من عقدين.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين إنّ بكين "تعارض بشدّة" هذه الزيارة "الخبيثة".

وأضاف للصحافة أنّ "الصين أصدرت احتجاجات رسمية، وأعربت عن استيائها الشديد من ألمانيا، في بكين وبرلين".

تعارض الصين أي تبادلات رسمية بين تايوان وشركائها الدوليين. وبناءً على مبدأ "الصين الواحدة"، تعد الجزيرة ذات الإدارة الذاتية واحدة من مقاطعاتها التي ستستعيدها يوماً، بالقوة إذا لزم الأمر.

الأسبوع الماضي، جدّدت وزارة الخارجية الألمانية تأكيد التزامها باحترام مبدأ "الصين الواحدة"، الذي تحافظ بموجبه بكين على علاقات رسمية مع برلين، لكنّ ألمانيا تؤكد أنها "تحتفظ بعلاقات وثيقة مع تايوان".

ورداً على سؤال عن الاعتراض الصيني على زيارتها، لم ترغب ستارك واتزينغر في الإجابة.

وتأتي زيارتها بعد شهرين من زيارة وفد برلماني ألماني رفيع المستوى، تعرضت لانتقادات شديدة من بكين.