تقارب مصر وتركيا... كيف يؤثر في الأزمة الليبية؟

يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ السياق، إن التوافق المصري التركي سيكون له أثر مباشر في إعادة بناء جسور الثقة بين الأطراف الليبية، التي يعتمد كل منها على الدعم التركي أو المصري.

تقارب مصر وتركيا... كيف يؤثر في الأزمة الليبية؟

السياق "خاص"

على طريق الأزمة الليبية الحافل بالأشواك، بات البلد المأزوم سياسيًا واقتصاديًا على مقربة من حل، قد ينهي معاناة الـ12 عامًا الماضية، ويجعل حلم الانتخابات، الذي تعثر على صخرة «القوة القاهرة»، ممكنًا.

فمن تقارب وجهتي نظر مجلسي البرلمان والأعلى للدولة، مرورًا بتقاربات بين عسكريي الشرق والغرب، إلى انفراجات في المسار السياسي، توافقات شقت طريقها على الصعيد الداخلي للأزمة الليبية، تلاقت مع مباحثات مصرية تركية، وضعت الملف الليبي في القلب منها.

تلك المؤشرات جعلت الأزمة الليبية على وشك الحل، خاصة بعد التقارب المصري التركي الأخير، الذي قد يؤدي بدوره إلى بناء الثقة بين شرق البلاد المدعوم من مصر وغربها المدعوم من تركيا.

 

آخر التطورات

مباحثات مصرية تركية بين وزيري خارجية مصر سامح شكري وتركيا مولود تشاووش أوغلو في العاصمة التركية أنقرة، أمس، وضعت على طاولتها ملفات خلافية بين البلدين، بينها الأزمة الليبية.

إلا أن الأخيرة وجدت اهتمامًا بعيد المدى في تصريحات وزيري خارجية البلدين، اللذين أكدا توافقات بين أنقرة والقاهرة في ملفات عدة كانت محل خلافات داخل ليبيا.

فوزير الخارجية المصري سامح شكري أكد -خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو في أنقرة- وجود رغبة مشتركة في العمل معا لتُحَقِّق المؤسسات الليبية مسؤولياتها بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تؤدي إلى أن تتولى المسؤولية حكومةٌ تعبّر عن إرادة الليبيين، يمكنها الحفاظ على وحدة أراضي ليبيا وسلامتها، وعلى مقدرات البلاد لصالح الشعب الليبي.

بينما أكد وزير الخارجية التركي اتفاقه وشكري، على ضرورة إجراء انتخابات نزيهة وحرة وشفافة في ليبيا، مشيرًا إلى أنهما تبادلا وجهات النظر بشأن شروط هذه الانتخابات.

وقال أوغلو: سيكون هناك تعاون وثيق بين تركيا ومصر في الملف الليبي، وتدريب الجيش الليبي الموحد، مضيفًا: آراؤنا بليبيا متطابقة في كثير من الأمور مع مصر، لكننا سنعمل على خارطة طريق، لكي نكون أوثق في التواصل بهذا الصدد.

وشدد رئيس الدبلوماسية التركية على ضرورة الاستعداد للمسار السياسي والانتخابات في الوقت نفسه، قائلًا: «توافقنا مع مصر للعمل في هذا الشأن، وأن نعمل أيضا على استقرار ليبيا».

 

الملف الليبي

يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن التوافق المصري التركي سيكون له أثر مباشر في إعادة بناء جسور الثقة بين الأطراف الليبية، التي يعتمد كل منها على الدعم التركي أو المصري.

ورغم ذلك، فإن المحلل الليبي، قال إن من المبكر الحكم على هذا التقارب، لأنه لا يتعلق بالملف الليبي بشكل خاص، لكنه مرتبط بقضايا تركية مصرية عالقة، لم تجد طريقها للتسوية، أهمها الموقف النهائي للدعم التركي لحركات تنظيم الإخوان المسلمين، وأيضًا الخلافات على المنطقة الاقتصادية البحرية.

وأشار إلى أن هذا التقارب لا يزال رهن ملف التسوية في ليبيا، مؤكدًا أن تدريب الجيش الليبي مسألة ثانوية، ولا تمثل عمق الخلافات، لأن الجيش الليبي ليس في حاجة لتدريب.

وبحسب المحلل الليبي، فإن الجيش الليبي يضم كوادر وطنية على درجة عالية من الخبرة، يمكنها التكفل بهذه المهمة، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في الوجود العسكري التركي على الأرض الليبية وخطورته في السيطرة على الشأن الأمني، وما ينسحب منه على الشأن السياسي، في دعم أطراف موالية للأتراك، تريد احتكار ثروات ليبيا.

تعاون وثيق

وعن التعاون الوثيق، قال المحلل الليبي إن هذه لغة دبلوماسية غامضة، تعني حُسن نية بين الطرفين، مؤكدًا أن ليبيا ليست بها التزامات ولا خطوات محددة، يمكن البناء عليها في حل ملف توحيد الجيش الوطني الليبي، خصوصًا الوجود التركي العسكري على الأرض الليبية، مشيرًا إلى أن ملف المرتزقة السوريين، الذين تقدر أعدادهم بالآلاف، لم يكن ضمن التصريحات الأخيرة، لأن أنقرة ترفض مجرد نقاش هذا الملف.

أما عن تأثير التوافق في أزمة المليشيات، فقال المحلل الليبي إن تأثيره سيبقى محدودًا إذا لم تعقبه خطوات واضحة، أهمها خروج القوات التركية الموجودة في الأراضي الليبية وترحيل المرتزقة، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، ودفع الأطراف الليبية ودعمها في التخلص من هيمنة سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا، اللذين يسعيان إلى الهيمنة المطلقة على العملية الانتخابية في ليبيا وإخراجها حسب مصالح الدولتين، وفرض شخصيات ليبية مشهود لها بالعمالة لهاتين الدولتين المارقتين.

 

رؤية ليبية

وأشار المحلل الليبي إلى أن الانتخابات التركية نفسها، ستكون عرضة للتأثيرات الإقليمية والدولية، مؤكدًا أن خطوات أردوغان في التقارب مع مصر وسوريا والعراق، تكتيكية أغراضها انتخابية، لفشل سياساته «العدوانية» على البلدان العربية القريبة والبعيدة.

من جانبه، قال المحلل السياسي محمد فتحي الشريف، في تصريحات لـ«السياق»، إن التفاهمات بين مصر وتركيا ستعجل حل الأزمة الليبية والإشكاليات العالقة في ليبيا، وستعالج الانسدادات الموجودة في الملف الليبي.

وأوضح المحلل السياسي، أن لمصر رؤية مهمة في الأزمة الليبية ستنقلها إلى الجانب التركي، مشيرًا إلى أن عودة العلاقات بين مصر وتركيا مرتبط بتحقيق المطالب المصرية بعدم التداخل في الشؤون الليبية الداخلية، واحترام المواثيق الدولية والقانون الدولي.

 

نتائج إيجابية

بحسب المحلل السياسي، فإن التقارب سيحقق نتائج إيجابية في ملفات المرتزقة، التي تشكل القوة القاهرة لتوقف العملية السياسية، مشيرًا إلى أن تركيا ستعيد النظر في هذا الملف، خاصة أن هناك قائمة من المطالب المصرية، قدمت خلال الاجتماع الأخير بين وزيري خارجية البلدين.

ويقول المحلل السياسي إن الأزمة الليبية معقدة وفيها كثير من الخلافات، فتركيا جزء من هذا التعقيد، مشيرًا إلى أن مصر وتركيا دولتان كبيرتان مؤثرتان في الشرق الأوسط.

وأكد الشريف، أن مصر تدرك أن تحسين العلاقات مع تركيا سيؤدي لانفراجة في الملف الليبي، مشيرًا إلى أن تأثير التقارب سيكون إيجابيًا في الأزمة الليبية، وسيعجل حل ملف المرتزقة والقوات الأجنبية، ودعم تركيا لجماعات الإسلام السياسي في الغرب الليبي، خاصة جماعة الإخوان.

وأشار إلى أن حل الأزمة الليبية يعود بالنفع على مصر وتركيا، وقد تستطيع أنقرة الاستفادة من ليبيا بشكل عادل، مؤكدًا أن التقارب المصري التركي، سيساعد المجتمع الدولي في إيجاد حلول سريعة للملف الليبي، وسيقرب من القيادات العسكرية غربي وشرقي ليبيا.

رئيس الأركان العامة التابع للقيادة العامة للجيش الليبي، الفريق عبدالرازق الناظوري، قال إن القيادات العسكرية بين شرقي وغربي ليبيا -مهما كان الخلاف- قادرة على التقارب وسد الفجوة في أقرب ما يمكن.

جاء ذلك خلال اجتماع عُقد الخميس في مدينة بنغازي، بحضور رئيس الأركان العامة التابع لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية الفريق محمد الحداد وقيادات عسكرية من شرق وغرب ليبيا، لاستكمال مناقشات ملف توحيد المؤسسة العسكرية.

وبحسب مقطع مصور، فإن الناظوري، أكد أن المؤسسة العسكرية الليبية تتلاشى فيها الانتماءات القبلية والحزبية والسياسية، مشيرًا إلى أن أبناء المؤسسة العسكرية لديهم القدرة على تجاوز الخلافات والدفاع عن سيادة وسلامة أراضيهم.

وبينما شدد على أن الجيش الليبي شرقًا وغربًا وجنوبًا بعيد كل البعد عن التجاذبات السياسية، ولن يكون أداة لأي طرف سياسي، قال الفريق الحداد: «سنحافظ على وحدة التراب وحرمة الدم ومدنية الدولة، وسنكون مساندين لشعبنا واختياراته في إنجاز انتخابات نزيهة، وحامين لها".