إقرار موازنة العراق يصطدم برفض الإطار التنسيقي.. هل يتعارض المتحالفون؟

اندلعت خلافات بين القوى السياسية على مشروع قانون الموازنة العامة، الذي تقدمت به حكومة محمد شياع السوداني إلى البرلمان، للتصديق عليه.

إقرار موازنة العراق يصطدم برفض الإطار التنسيقي.. هل يتعارض المتحالفون؟
محمد شياع السوداني

السياق

من مأزق إلى آخر يتخبط العراق بمساره السياسي، في ظل أزمة اقتصادية كبيرة ومخاوف من عودة شبح الإرهاب، أو شحن المتضادين لحرب أهلية، أسالت دماء كثيرين في البلاد.

آخر ما تعانيه بغداد، خلافات بين القوى السياسية على مشروع قانون الموازنة العامة، الذي تقدمت به حكومة محمد شياع السوداني إلى البرلمان، للتصديق عليه.

وما يوحي بحالة التخبط السياسية تلك، معارضة عدد من بنود مشروع قانون الموازنة العامة، من قِبل الإطار التنسيقي، الذي رشح السوداني لرئاسة الحكومة.

 

أبرز المعوقات

وتسعى حكومة السوداني جاهدة إلى تمرير هذا القانون بسرعة، لكن يبدو أن جهودها لن تكلل بالنجاح، في ظل مطالبات بإدخال تعديلات واسعة عليه، تحديداً من "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي، بخلاف تصدع قد يصيب الحكومة بتغيير عدد من وزرائها، وفق ما قال عدد من النواب في تقارير صحفية.

رئيس لجنة الصحة النائب ماجد شنكالي، حدد بدوره أبرز المعوقات التي تعترض تمرير "مشروع الموازنة" الذي من غير الإمكان التكهن بموعد إقراره.

وحسب تصريحات صحفية لشنكالي فإن الموازنة -الأضخم في تاريخ العراق الحديث- يواجهها خلاف القوى السياسية على إعدادها والتصويت عليها "لموازنة ثلاث سنوات" بخلاف العجز الذي وصل إلى 64 تريليون دينار بنسبة 33% من حجم الموازنة، كذلك الخلاف على سعر برميل النفط الذي حدد بـ70 دولارًا للبرميل، وسط مطالبات متعارضة بين وجوب تخفيضه تجنبًا للمخاطر ورفعه امتثالًا لاستراتيجية "أوبك بلس" الجديدة التي قد تصل بسعر البرميل إلى 90 دولارًا.

إضافة إلى اعتراض عدد من النواب، على المخصصات المالية للمحافظات التي يعدونها قليلة جدًا، ولا تلبي الاحتياجات الأساسية من تنمية وإعادة إعمار.

وتسلم مجلس النواب العراقي -منتصف مارس الماضي- مشروع قانون الموازنة للعام الحالي والعامين المقبلين، إذ بلغت قيمة كل موازنة قرابة 200 تريليون دينار أي 151 مليار دولار.

 

الفساد

وتسير بغداد أمورها، من دون موازنة ولم يجر إقرارها عام 2022 بسبب الأزمات السياسية التي عصفت بالبلاد. ورغم محاولات حكومة مصطفى الكاظمي إرسال الموازنة، فإن المحكمة الاتحادية العليا حالت دون ذلك، لكنها تلتزم بالمادة 13 من قانون الإدارة المالية، الذي نص على أنه، حالة تأخر إقرار الموازنة العامة الاتحادية، يصدر وزير المالية توجيهًا بالصرف للنفقات التشغيلية، مثل رواتب الموظفين وخلافه.

ويعد العراق من أكثر الدول فسادًا في العالم، ودائمًا ما تكشف فيه قضايا اختلاس وسرقة من المخصصات المالية الحكومية، أو تستخدم موازنة الدولة من قبل ائتلافات سياسية لأغراض انتخابية، وهذا ما اتُهم به ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي.

 

تجميد نشاط الصدر

في سياق آخر لكنه متصل بأزمات العراق السياسية، أعلن الزعيم الديني الشيعي البارز مقتدى الصدر الجمعة تجميد معظم أنشطة أحد أبرز التيارات السياسية في العراق، لمدة "لا تقل" عن عام.

واعتاد الصدر أن يفاجئ أنصاره وخصومه بقرارات صادمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالعام الماضي أعلن انسحابه من الحياة السياسية.

قال الصدر على "تويتر": "أن أكون مصلحاً للعراق ولا أستطيع أن أصلح (التيار الصدري) فهذه خطيئة، وأن أستمر في قيادة (التيار الصدري) وفيه (أهل القضية) وبعض الفاسدين وبعض الموبقات، فهذا أمر جلل".

يأتي إعلان الصدر، بعد تداول عراقيين ومنصات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو منسوبًا لأحد مؤيدي جماعة غامضة تطلق على نفسها "أنصار القضية"، دعا خلاله إلى "حملة لإعلان البيعة للإمام الموعود المنتظر السيد مقتدى الصدر"، في إشارة الى الأمام الغائب المهدي الذي يأمل الشيعة عودته.

لذلك قرر في التغريدة أن "من المصلحة تجميد التيار أجمع ما عدا صلاة الجمعة وهيئة التراث و(براني السيد الشهيد)، لمدة لا تقل عن سنة، وكذلك "يغلق مرقد الوالد إلى ما بعد عيد الفطر".

وتمارس هيئة التراث أنشطة ثقافية دينية، ويطلق الشيعة تسمية "براني" على بهو واسع قرب مبنى مرقد أئمة ورجال الدين البارزين.

 

سوابق

يحظى الصدر بقاعدة شعبية واسعة بفضل تراث عائلته، ولديه مئات الآلاف من الأنصار الذين يطيعون أوامره، نصرة لوالده الذي اغتيل عام 1999 وما زالت ذكراه تحظى باحترام واسع من أغلبية الشيعة.

وعام 2022 أعلن الصدر خلال أزمة سياسية تتعلق بتسمية رئيس وزراء للبلاد، "انسحابه النهائي" من العمل السياسي، الأمر الذي أدى إلى اشتباكات مسلحة دامية في بغداد، بين أنصاره من جهة وفصائل شيعية من جهة أخرى.

وسبق أن أعلن استقالة نواب التيار الصدري (73 نائبًا) كانوا يمثلون أكبر كتلة سياسية في مجلس النواب.

ودائمًا ما كان تهديد الصدر بعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية، يثير مخاوف الفصائل السياسية الأخرى والمواطنين، الذين يخشون تحول الصدر وأتباعه إلى قوة معارضة، يسهل عليها حشد التظاهرات وقتال الشوارع.