بعد القبض على مسرب وثائق البنتاغون... ما مصيره؟
اعتقل مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي شاباً بالحرس الوطني التابع للقوات الجوية يدعى جاك تيشيرا، فيما يتعلق بتسريب وثائق سرية على الإنترنت تسبب بالحرج لواشنطن أمام حلفائها في شتى أنحاء العالم.

السياق
أزمة متعددة الأبعاد وقعت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بسبب وثائق "البنتاغون" المسربة التي شغلت الرأي العام الدولي، وفتحت الباب أمام تساؤلات كثيرة، أبرزها عن الجهة الفاعلة ومن يقف وراء هذه التسريبات الضخمة والاختراق في أجهزة المخابرات والأمن الأمريكية؟
الاتهامات -بشكل غير رسمي- ألقيت في المقام الأول على روسيا، التي عدها مسؤولون أوكرانيون أكثر المستفيدين من هذه الوثائق المسربة، لكن بعد أيام من التحقيقات المكثفة، تمكنت وحدات إنفاذ القانون الأمريكية، من كشف اللغز المحير عن هوية الفاعل وضبطه، في انتظار أن يعرض على القضاء الجمعة.
فمن هو؟
اعتقل مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي شاباً بالحرس الوطني التابع للقوات الجوية يدعى جاك تيشيرا "21 عامًا"، فيما يتعلق بتسريب وثائق سرية على الإنترنت تسبب بالحرج لواشنطن أمام حلفائها في شتى أنحاء العالم.
وأعلن وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند أن هذا "الموظف الصغير" في الحرس الوطني الجوي "اعتُقل من دون حوادث" الخميس، في بلدة دايتون الريفية جنوبي بوسطن في ولاية ماساتشوستس (شمالي شرق).
وبثت القنوات التلفزيونية لقطات جوية لعملية توقيفه الخميس، ويظهر في اللقطات رجل وضع يديه على رأسه، ويرتدي قميصًا رماديًا وسروالًا قصيرًا أحمر، يتراجع ببطء نحو مسلحين، قبل اعتقاله ثم اقتياده إلى سيارة.
لحظة اعتقال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي على المشتبه بمسؤوليته عن تسريب وثائق #البنتاغون السرية.#السياق #الولايات_المتحدة #JackTeixeira pic.twitter.com/MnO2LnMPnd
— السياق (@alsyaaq) April 13, 2023
ويواجه الطيار الصغير اتهامات بتحميل مجموعات من المستندات السرية والسرية للغاية على منصة Discord للتواصل الاجتماعي.
وقال الحرس الوطني، إن جاك تيشيرا الذي عُين في سبتمبر 2019 اختصاصيًا في الكمبيوتر والاتصالات، حصل على رتبة طيار من الدرجة الأولى، ثالث أدنى رتبة في التسلسل الهرمي.
ويُعتقد أن تسريب الوثائق، التي نُشرت على نطاق كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، هو أخطر خرق أمني منذ ظهور أكثر من 700 ألف وثيقة ومقطع فيديو وبرقية دبلوماسية على موقع ويكيليكس في عام 2010.
خطر جسيم
قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنه يشتبه بأن الشاب تسبّب بـ"خطر جسيم" على الأمن القومي للولايات المتحدة، عبر نشر وثائق سرية على الإنترنت، عن الحرب في أوكرانيا، تكشف أيضًا أن واشنطن تجمع معلومات عن حلفائها، بمن فيهم إسرائيل وكوريا الجنوبية.
وتعدّ هذه من القضايا المحرجة لحكومة الرئيس جو بايدن.
وذكر مصدر في وزارة العدل الأمريكية أن الشاب يمكن أن يمثل أمام محكمة في ماساتشوستس الجمعة.
بايدن قلق
وأعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يزور إيرلندا أُطلع على عملية توقيف الشاب.
كان بايدن أعرب عن قلقه إزاء عملية التسريب، فيما فتحت وزارة العدل الأمريكية تحقيقًا جنائيًا بعد تسريب الوثائق.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن المسؤول عن التسريبات الضخمة تشارك الوثائق السرية مع مجموعة مغلقة من أصدقائه على الإنترنت.
وأوضحت أن المجموعة المغلقة، التي تضم رجالاً وفتياناً ويتم الانضمام إليها عبر دعوة فقط، تشكلت على منصة "ديسكورد" وهي منصة للدردشة لممارسي الألعاب الإلكترونية في 2020.
وطلب المسرب من الأعضاء الآخرين في مجموعة "ديسكورد" عدم نشر الوثائق وتوسيعها، مؤكدًا أنه لا يريد أن يكون مبلّغا عن المخالفات، كما ذكرت "واشنطن بوست"، لكنه "انتقد الدولة"، منددًا بـ"استغلال السلطة"، وكذلك الشرطة والاستخبارات.
وتضم المجموعة 24 شخصًا، بعضهم من روسيا وأوكرانيا وجمعهم منذ عام 2020 شغفهم المشترك بالأسلحة النارية والمعدات العسكرية والأفكار الدينية.
إلى ذلك، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن الولايات المتحدة تدرس "تداعيات" التسريب على "الأمن القومي" مضيفة أن "البنتاغون" قرّر أيضًا فرض مزيد من القيود، على الوصول إلى هذا النوع من المعلومات الحساسة.
وتابعت المتحدثة باسم الرئاسة، أن الحكومة الأمريكية تريد من شبكات التواصل الاجتماعي "تجنُّب تسهيل" توزيع هذه المواد السرية، مؤكدة أنها "تتحمل مسؤولية حيال مستخدميها والدولة".
خطر جسيم
وقال متحدث باسم منصة منتديات الدردشة "ديسكورد" إن سلامة مستخدميها أولوية، مؤكدًا أن المنصة تتعاون مع السلطات.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية كريس ميغر، إن مجرد تداول هذه الوثائق على الإنترنت، يمثل "خطراً جسيماً على الأمن القومي، ويمكن أن يغذي التضليل في المعلومات".
وأشاد وزير الدفاع لويد أوستن الخميس بـ"الاعتقال السريع" للمشتبه به، وقال في بيان إنه أمر "بمراجعة إمكانية الوصول إلى معلوماتنا الاستخبارية (...) وإجراءات الرقابة داخل الوزارة، لتركيز جهودنا بشكل أفضل على منع تكرار هذا النوع من الحوادث".
وتكشف الوثائق، التي نُشرت على الإنترنت خصوصًا، مخاوف أجهزة الاستخبارات الأمريكية بشأن جدوى هجوم أوكراني على القوات الروسية.
كما تتضمن وثيقة -اطلعت عليها "فرانس برس"- مخاوف الولايات المتحدة بشأن قدرة أوكرانيا، على الاستمرار في الدفاع عن نفسها ضد الضربات الروسية.
وتناقل رواد منصة "ديسكورد" وكذلك "تويتر" و"تلغرام" عشرات الصور لهذه الوثائق لأسابيع على الأرجح إن لم يكن لأشهر، قبل أن تتنبه لها وسائل الإعلام.
ولم تؤكد السلطات الأمريكية صحة الوثائق المنشورة على الإنترنت، كما لم يتحقّق منها بشكل مستقل.
ولم يعد عديد من هذه الوثائق متاحًا على المواقع التي ظهرت فيها.