هدوء حذر في الخرطوم... وجنيف تستضيف مؤتمرًا لتنسيق إيصال المساعدات

تستضيف جنيف –الاثنين- مؤتمرًا برعاية السعودية لمحاولة تنسيق وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها سكان السودان، حيث الحرب مستمرة منذ أكثر من شهرين.

هدوء حذر في الخرطوم... وجنيف تستضيف مؤتمرًا لتنسيق إيصال المساعدات

السياق

لليوم الثاني على التوالي، يسود الهدوء الحذر معظم المدن السودانية، مع التزام الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، باتفاق الهدنة التي وقعها الطرفان ودخلت حيز التنفيذ، من فجر الأحد وتستمر حتى الأربعاء.

وسبق للجيش وقوات الدعم السريع أن أبرما -بوساطة سعودية أمريكية- أكثر من هدنة منذ اندلاع النزاع بينهما، لكن لم يكن الالتزام بها كليًا على الأرض.

ومن المقرر أن تستضيف جنيف –الاثنين- مؤتمرًا برعاية السعودية لمحاولة تنسيق وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها سكان السودان، حيث الحرب مستمرة منذ أكثر من شهرين.

 

اتفاقيات طويلة

التزم الطرفان بوقف إطلاق النار للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، في الدولة الواقعة شرقي إفريقيا، وإحدى أفقر الدول.

ورغم توقف إطلاق النار -الأحد- بعد أيام من القصف المستمر، لا تزال الأدوية والمواد الغذائية شحيحة.

وأبدى سكان في العاصمة رغبتهم في أن تكون اتفاقات وقف النار أطول.

وقالت هناء حسين، التي تقطن الخرطوم: "مشكلتنا أن الأيام التي تلي الهدنة تكون قاسية جدًا، كأنما المقاتلون يريدون تعويض أيام الهدنة".

من جهته، قال سامي عمر الذي يقطن ضاحية أم درمان شمالي العاصمة: "نريد وقفًا شاملًا لإطلاقِ النار".

وأضاف: "الهدنة لا تكفي لكي نواصل حياتنا، قد يتوقفون عن القتال، لكن قوات الدعم السريع لن تغادر المنازل، التي سيطر مسلحوها عليها، كما أن المرور عبر نقاط التفتيش صعب أيام القتال".

المعلومات التي قيلت في الفترة الأخيرة، تؤكد أن العملية العسكرية، لم تكن محل الاهتمام العالمي.

السيسي يلتقي نائب البرهان

في السياق، شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي -الأحد- على أهمية وقف الاقتتال بالسودان بشكل دائم، وبدء حوار سلمي بين طرفي النزاع.

وحسب بيان للرئاسة المصرية، جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري في القاهرة، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة.

وهذه أول زيارة يجريها عقار إلى مصر منذ تعيينه نائبًا لرئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، في 19 مايو الماضي، بديلًا لمحمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع، التي تخوض نزاعًا مسلحًا ضد الجيش، منذ منتصف أبريل الماضي، إثر خلافات بينهما.

وقال الرئيس السيسي: إن "وقف الاقتتال وإطلاق النار بشكل دائم وشامل، وبدء عملية الحوار السلمي بما يفضي إلى تحقيق إرادة الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية، هي الأولويات التي ينبغي تكثيف الجهود من أجل تنفيذها".

وشدد على "قيام مصر ببذل أقصى الجهد لتحقيق التهدئة وحقن الدماء ودفع مسار الحل السلمي، ودعم مصر للسودان وتماسك دولته، ووحدة وسلامة أراضيه".

من جهته، أشار مالك عقار، إلى "مجريات الجهود الرامية لتسوية الأزمة، على النحو الذي يحافظ على وحدة وتماسك الدولة، فضلاً عن سبل التعاون والتنسيق لإيصال المساعدات الإنسانية وتقديم الإغاثة".

وأشاد بجهود مصر في المساهمة بالحفاظ على سلامة واستقرار السودان.

أكثر من ألفَي قتيل

تسبّب النزاع، منذ اندلاعه في 15 أبريل، بقتل أكثر من 2000 شخص وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أنّ الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.

وكذلك، تسبّبت المعارك بنزوح أكثر من 2.2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفًا منهم إلى دول الجوار، وفق المنظّمة الدوليّة للهجرة.

ووفق تقديرات الأمم المتحدة، يحتاج 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان وعددهم نحو 45 مليونًا، للمساعدة في بلد من أكثر بلدان العالم فقرًا حتى قبل النزاع.

 

استجابة إنسانية

من المنتظر أن ينطلق –الاثنين- في جنيف مؤتمر لتنسيق الاستجابة الإنسانية.

كانت الأمم المتحدة قد أشارت إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها، نالت 16 بالمئة فقط من التمويل المطلوب.

وأعلنت السعودية التي ترأس المؤتمر بالشراكة مع دول وأطراف أخرى، أن المؤتمر هدفه "إعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة".

إلى جانب السعودية، ستشارك في المؤتمر قطر ومصر وألمانيا ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (أوتشا) والاتحاد الأوروبي ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وفق الحكومة السعودية.

ومنذ أسابيع، تقود واشنطن والرياض وساطة في مفاوضات جدّة لحل النزاع الدائر في السودان.

 

كارثة إنسانية في دارفور

وسبق أن أُعلنت هدن عدّة، منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم، معظمها برعاية سعوديّة أمريكيّة، لكن لم يتمّ الالتزام بها كليًا على الأرض، لذلك لم تصل المساعدات الإنسانية بصعوبة وبكميات قليلة.

وعبر أكثر من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدوديّة من إقليم دارفور، حيث تثير الأوضاع قلقًا متزايدًا، خصوصًا في الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم.

كان موقع الرئاسة التشادية، أفاد في بيان –الأحد- بتفقد الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، مدينة أدري الحدودية مع السودان شرقي البلاد لـ "ضمان الإغلاق الفعلي للحدود".

وأشارت منظمة أطباء بلا حدود في فرنسا عبر "تويتر" إلى أن الأسبوع الماضي "فر نحو 6000 شخص من الجنينة للاحتماء في تشاد بالقرب من أدري".

وأوضحت -في بيان السبت- أنّ "ما لا يقلّ عن 622 جريحًا أدخلوا مستشفى مدينة أدري التشاديّة الحدوديّة مع السودان" خلال الأيّام الثلاثة الماضية.

وقال منسّق المنظّمة في أدري سيبو درايا: "الوضع صراحة يفوق طاقتنا لكنّ الجميع يقومون بأقصى ما يمكن للتأقلم".

 

جرائم ضد الإنسانية

الخميس، قال مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية -في بيان- إن إقليم دارفور يتجه سريعًا نحو كارثة إنسانية، مضيفًا: "لا يمكن للعالم أن يسمح بذلك".

والثلاثاء، حذّر رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس، من أنّ العنف في دارفور، خصوصًا في الجنينة، قد يصل إلى "جرائم ضدّ الإنسانيّة".