هل تحسم دبابات ليوبارد2 الألمانية المعركة في أوكرانيا؟

مع قرار واشنطن وبرلين إرسال دبابات إلى أوكرانيا، تتجه الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى داخل الحرب مباشرةً ضد روسيا.

هل تحسم دبابات ليوبارد2 الألمانية المعركة في أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

مع اشتداد المواجهات في الساحة الأوكرانية، يحاول طرفا الأزمة شحذ همم الحلفاء، لمدهم بالمزيد من العتاد والأسلحة، إذ أعلنت ألمانيا، الأربعاء، عزمها إرسال دبابات ليوبارد2 إلى أوكرانيا.

بدورها، رأت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن القرار الألماني بإرسال دبابات ليوبارد2 إلى أوكرانيا نقطة تحول، مشيرة إلى أنها قد تساعد في تقدم قوات كييف بالجبهات.

وبينت أنه مع قرار إرسال دبابات إلى أوكرانيا وزيادة إنتاج المدفعية ستة أضعاف، تتجه الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الحرب مباشرةً ضد روسيا، لافتة إلى أنه مثلما استغرق الأمر أكثر من عام للرد على دمج جوزيف ستالين لأوروبا الشرقية، فإن تصميم الغرب على مقاومة محاولة بوتين إخضاع أوكرانيا، كانت عملية طويلة الأمد، إلا أن الغرب -بقراره الأخير بدعم كييف بالدبابات- يلقي بظلاله بقوة في أتون الحرب.

ورأت أن بوتين كان مقتنعًا بأنه يمكن أن يصمد أكثر من التحالف الغربي، لكن الغرب -بقرار الدعم الأخير- بدا عازمًا على الصمود أكثر منه.

وقالت: "لقد ولى زمن التردد في مواجهة عنجهية موسكو ووقف نهبها لأراضي أوكرانيا"، مشددة على أن الرئيس الأمريكي جو بايدن بدا مصممًا على سحق التطلعات الروسية للهيمنة على أوروبا مرة واحدة وإلى الأبد.

وأعلنت ألمانيا، الأربعاء، أنها سترسل دباباتها ليوبارد2 إلى أوكرانيا، لتتجاوز بذلك إحجامها عن إرسال أسلحة ثقيلة، تعدها كييف ضرورية لصد الغزو الروسي، لكن موسكو رأت ذلك استفزازًا خطيرًا.

ويتزايد الضغط على حكومة المستشار الألماني أولاف شولتز منذ أسابيع، لإرسال الدبابات والسماح للشركاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) باتخاذ هذه الخطوة، قبل الهجمات المتوقع أن يشنها الجانبان في الربيع.

كانت حكومة شولتز مترددة، خوفًا من تصعيد روسيا حربها في الأراضي الأوكرانية، أو دخول حلف شمال الأطلسي طرفًا في الصراع.

ويُمهد قرار ألمانيا الطريق أمام دول أخرى، مثل بولندا وإسبانيا وفنلندا وهولندا والنرويج، لتزويد أوكرانيا ببعض دباباتها من طراز ليوبارد، التي تقول كييف إنها بحاجة إليها.

 

أهمية رمزية

وبينت "ناشيونال إنترست" أنه رغم الترددات الأولية، فإن المستشار الألماني أولاف شولتز وافق على إرسال دبابات ليوبارد2 إلى أوكرانيا، موضحة أن للقرار أهمية رمزية وأخرى عملية.

فمن الناحية الرمزية، تحررت ألمانيا من القيود التي عملت في ظلها بعد الحرب العالمية الثانية، فرغم أن ألمانيا زودت أوكرانيا بكمية كبيرة من المعدات، بما في ذلك سيارات مدرعة، إلا أنها كانت تعاني تقليدها الخاص بمناهضة النزعة العسكرية، في ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ كان يُنظر إلى توريد دبابات قتال رئيسة، على أنه يُمثل إشكالية بسبب قدراتها الهجومية الواضحة.

وعمليًا، يحرر القرار دولًا مثل بولندا وفنلندا، لنقل الدبابات الألمانية الصُنع في أسرع وقت ممكن، للمساعدة في هجوم أوكراني محتمل هذا الربيع، بينما وعدت المملكة المتحدة بتزويد كييف بأربع عشرة دبابة تشالنغر2.

كانت بولندا ودول البلطيق تضغط على ألمانيا للتخلي عن موقفها ضد مساعدة أوكرانيا بالدبابات.

أمام ذلك، أعلنت نائبة رئيس البوندستاغ كاترين جورينغ إيكاردت على "تويتر" تحرير ليوبارد. وأضافت: "نأمل مساعدة أوكرانيا بسرعة في كفاحها ضد الغزو الروسي".

بشكل عام -حسب المجلة- تتوقع أوكرانيا تسلُّم 100 دبابة ليوبارد2 من اثنتي عشرة دولة.

وتعد "ليوبارد2" -التي يستخدم عدد من الدول بحلف شمال الأطلسي (الناتو) منها قرابة 2000 دبابة- من الأكثر قوة في العالم.

ويعتقد القادة الأوكرانيون أن قرابة 300 دبابة قتالية غربية سيكون عددًا كافيًا، لمساعدة قواتهم في إخراج القوات الروسية من أراضيهم، خلال الأشهر التالية.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن القوة الدافعة لتغيير موقف ألمانيا الحازم ضد إرسال الدبابات، تمثلت في وزير دفاعها الجديد، بوريس بيستوريوس، الذي لم يخف دعمه لنضال أوكرانيا ضد العدوان الروسي، الذي طالب الجيش الألماني -كخطوة أولية- بفحص مخزونه من الدبابات.

وبينما تشبث فريق في الحزب الديمقراطي الاجتماعي بمفاهيم عفا عليها الزمن، للتوصل إلى نوع من التوافق مع بوتين، فإن شركاء شولتز في الائتلاف، الديمقراطيين الأحرار والخضر، كانوا أقوياء في الضغط لموقف أكثر تشددًا، وكذلك فعل الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي أعلن زعيمه فريدريك ميرز أن "تسلُّم الدبابات هو القرار الصحيح".

وتعلق المجلة على ذلك: "من حيث الجوهر، كان شولتز ينحني لما لا مفر منه، وهو الإذعان لتسليم ليوبارد لأوكرانيا في النهاية".

 

دور بايدن

وترى "ناشيونال إنترست" أن الضغط الأهم على شولتز جاء من بايدن، الذي أدلى بدلوه، بموافقته على إرسال ثلاثين دبابة أبرامز إلى أوكرانيا، وهي الخطوة التي طالب بها شولتز مقابل تغيير معارضته السابقة لتزويد أوكرانيا بالدبابات.

وبينت المجلة أنه رغم العرض البولندي والفنلندي بتسليم دبابات ليوبارد2 إلى أوكرانيا، إلا أن إعادة تصدير أي من المعدات العسكرية الألمانية الصُنع مشروطة بالحصول على موافقة برلين.

وأشارت إلى أن قرار تكثيف الإنتاج العسكري للمدفعية، يجب أن يُقلق الكرملين جدًا، خصوصًا مع تراجع الاقتصاد الروسي، والخسائر التي يتعرض لها الجيش الروسي على الأرض، بخلاف قدرة الولايات المتحدة على زيادة الإنتاج بسرعة كبيرة.

وبينما أكد بايدن أن أوكرانيا حققت تقدمًا كبيرًا في الحرب التي تخوضها ضد روسيا، إلا أنه حذر -في المقابل- من أن الحرب قد تكون "طويلة المدى"، في تكرار لتحفظات عديد من المسؤولين الأمريكيين، على إعلان النصر بشكل مبكر.

وقال روب ويتمان، النائب الجمهوري عن ولاية فرجينيا وعضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إن غزو أوكرانيا كان لحظة "سبوتنيك" -في إشارة إلى الإطلاق السوفييتي لأول قمر اصطناعي في الفضاء عام 1957- أوضحت الحاجة إلى سرعة التوسع في قدرة تصنيع الذخيرة.

وأضاف ويتمان: "لقد كشف الغزو الروسي لأوكرانيا هشاشة سلسلة التوريد لدينا، لا سيما في ما يتعلق بالذخائر، التي أصبحت بوضوح نوعًا من حالات الطوارئ من حيث محاولة التجديد".

ويُعد إنتاج ذخيرة المدفعية في الولايات المتحدة عملية مُعقدة، تحدث بشكل أساسي في أربع منشآت مملوكة للحكومة، يديرها متعاقدو دفاع خاصون.

وتشكل الأجسام الفولاذية الفارغة في مصانع بولاية بنسلفانيا تديرها شركة جنرال دايناميكس، وتخلط المتفجرات الخاصة بهذه القذائف بوساطة عمال شركة (أنظمة بي إيه إي) في ولاية تينيسي ثم تسكب في قذائف بمصنع تديره شركة (أمريكان أوردنانز) في ريف ولاية أيوا، بينما يشحن الوقود الدافع لتصنيعها من براميل الهاوتزر التي تصنعها شركة (بي إيه إي) جنوبي غرب فيرجينيا.

وتعلق المجلة الأمريكية على ذلك: "لا يدرك الجمهوريون ولا الديمقراطيون أن توسيع نطاق النفقات العسكرية قد يؤثر في برنامج وظائف الأمريكيين".

وأضافت: "الحقيقة الفظة أن بايدن أصبح رئيس حرب، ومن ثمّ فإن اعتقاد بوتين -بداية الحرب- بأنه يمكنه تحييد الرئيس الأمريكي، وأنه يستطيع أن يجتاح أوكرانيا في غضون أسبوع كان أمرًا خاطئًا"، مشيرة إلى أن تصور الرئيس الروسي الأخير بأن التحالف الغربي سوف ينهار سريعًا ثبت خطؤه أيضًا.

وقالت المجلة الأمريكية: "لم يفعل أحد لإحياء التحالف الغربي أكثر من بوتين، فبينما يكثف الغرب الإنتاج العسكري، فإنه غارق في صراع قد يهدد استمرار حكمه الاستبدادي على روسيا".

وتضيف المجلة: "بعد أن أثار عن غير قصد الولايات المتحدة من سباتها بعد الحرب الباردة، ووحد الأوكرانيين في تصميمهم على معارضته، يواجه بوتين معركة حتى النهاية -وهي معركة لا يمكنه الفوز بها- متابعة: "بينما بدا من الواضح أنه عندما غزا بوتين أوكرانيا، فكأنه قد وضع نهايته بيديه".