إرسال أمريكا وألمانيا دبابات إلى أوكرانيا... هل يغيِّــر مسار الحرب؟
يضع القرار المنسق بين الولايات المتحدة وألمانيا حداً لأشهر من التردد في برلين، حيث تردد المسؤولون في خطر تصعيد الصراع

السياق
في خطوة انتظرتها أوكرانيا كثيرًا، قررت ألمانيا إرسال 14 دبابة من طراز ليوبارد 2A6 إلى كييف من مخزون جيشها، عقب اجتماع عقدته الحكومة صباح الأربعاء، بينما تستعد واشنطن لاتخاذ الخطوة نفسها بإرسال عشرات من دباباتها أبرامز إم1 إلى كييف.
نالت هذه الخطوة إشادة واسعة من عواصم أوروبية، بينما أدانتها موسكو وعدَّتها "تصعيدًا خطيرًا"، لكنها أثارت الابتهاج في أوكرانيا.
وأكد مسؤولون كبار في إدارة بايدن -الأربعاء- أن الولايات المتحدة سترسل 31 دبابة M1 أبرامز إلى أوكرانيا، أو ما يعادل كتيبة دبابات أوكرانية.
تعد دبابات أبرامز وليوبارد من أفضل الدبابات القتالية الحديثة تصنيفًا في العالم، وقد جادلت كييف بأنها بحاجة إليها لاختراق خط المواجهة، الذي بالكاد يتزحزح في الأسابيع الأخيرة، واستعادة "الأراضي المحتلة"
ردع روسيا
كما تقول إنها بحاجة إلى دبابات غربية، لردع هجوم روسي متوقع، أوائل الربيع.
ويضع القرار المنسق بين الولايات المتحدة وألمانيا حداً لأشهر من التردد في برلين، حيث تردد المسؤولون في خطر تصعيد الصراع.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: "المركبات المدرعة ستحسن قدرة الأوكرانيين على المناورة، وهو أمر مهم لأوكرانيا، حيث يواصلون الدفاع عن أراضيهم واستعادتها".
يأتي تحرك الولايات المتحدة لإرسال دبابات إلى أوكرانيا، بعد موجة من النشاط الدبلوماسي، لتكثيف الدعم لأوكرانيا، لا سيما بين برلين وواشنطن.
بدوره قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن أوكرانيا بحاجة إلى "قدرة دائمة لردع العدوان الروسي والدفاع عن أراضيها " لكنه حذر من أن "تسليم هذه الدبابات إلى الميدان يستغرق وقتًا"، كما شكر المستشار الألماني أولاف شولتز.
كان بايدن قد تحدث إلى شولز ورئيس فرنسا إيمانويل ماكرون ورئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، لتنسيق الدعم لأوكرانيا بشكل أكبر، حيث التقى جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، نظراءه الألمان والفرنسيين والبريطانيين في واشنطن لمدة يومين.
إلى ذلك منحت برلين الضوء الأخضر لتسليم دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا، التي تطلبها بإلحاح لمواجهة الغزو الروسي.
وستسلم ألمانيا، من جانبها، 14 دبابة من طراز ليوبارد 2A6 إلى أوكرانيا من مخزون جيشها، بحسب البيان.
يأتي هذا الإعلان، عقب اجتماع للحكومة صباح الأربعاء.
وقال المتحدث باسم الحكومة إن القرار جاء"نتيجة المشاورات المكثفة التي جرت مع الشركاء الأوروبيين والدوليين الأقرب لألمانيا".
ويتعرض المستشار الألماني أولاف شولتز -منذ أسابيع- لضغوط من حلفائه الغربيين وأوكرانيا وشركائه الليبراليين والمدافعين عن البيئة في ائتلافه الحكومي.
ونقل البيان عن شولتز قوله: "هذا القرار يتبع خطّ سلوكنا المعروف جيدًا، وهو دعم أوكرانيا بكل قوتنا. إننا نتعامل بطريقة منظمة ومنسقة بشكل وثيق على المستوى الدولي".
وأشار البيان إلى أن "الهدف هو إنشاء كتيبتين من الدبابات مجهزتين بدبابات ليوبارد2 من أجل أوكرانيا".
دعم أوكرانيا
وأوضح المتحدث: "لهذا الغرض، ستوفر ألمانيا مجموعة من 14 دبابة من طراز ليوبارد 2A6 من مخزون الجيش الألماني".
وطراز 2A6 نموذج أكثر حداثة وأفضل من 2A4 الذي تنوي إرساله بشكل خاص بولندا وفنلندا.
ورأى المتحدث أن "تدريب الفرق الأوكرانية يجب أن يبدأ بسرعة في ألمانيا" مضيفاً: "إلى جانب التدريب، ستشمل الحزمة كذلك الخدمات اللوجستية والذخيرة وصيانة الأنظمة".
وأكد أن "ألمانيا ستمنح الدول الشريكة الراغبة في تسليم أوكرانيا بسرعة دبابات ليوبارد2 من مخزونها التصاريح اللازمة للنقل".
من جانبه، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز أن ألمانيا تفعل ما هو "ضروري" لدعم أوكرانيا، من خلال الموافقة على إرسال دبابات ليوبارد لكنها تريد منع "تصعيد" النزاع الذي قد يؤدي إلى اندلاع حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
وأكد المستشار الألماني أمام "البوندستاغ" بعد موافقته على تسليم دبابات ليوبارد إلى كييف: "نحن نفعل ما هو ضروري وممكن لدعم أوكرانيا، لكننا في الوقت نفسه نمنع تصعيد الحرب، باتجاه حرب بين روسيا وحلف الناتو".
وأفصحت ألمانيا عن أنها سترسل 14 دبابة ليوبارد2 من مخزونها الخاص، ووافقت أيضًا على اتخاذ دول أوروبية أخرى الخطوة ذاتها.
وعلى الدول التي اشترت لجيشها دبابات ليوبارد2 من ألمانيا الحصول على إذن من برلين لإعادة تصديرها.
نزاع أشد
إلى ذلك، عبَّرت دول عدة، بينها بولندا وفنلندا وهولندا، عن استعدادها لتسليم هذه الدبابات الثقيلة، التي تطلبها كييف بإلحاح.
ومن المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بدبابات من طراز أبرامز، وفقًا لصحيفة وول ستريت.
وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمستشار الألماني أولاف شولتز عن "امتنانه" وقال في محادثة هاتفية معه الأربعاء إنه "ممتن بصدق" للضوء الأخضر الذي منحته برلين لمد بلاده بدبابات ليوبارد.
بدوره، ندد السفير الروسي في ألمانيا -الأربعاء- بقرار برلين "الخطير للغاية" تسليم دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا.
وقال سيرغي نيتشايف على حساب سفارته في "تلغرام": "إنه قرار خطير للغاية من شأنه أن ينقل النزاع إلى مستوى جديد من المواجهة".
وأضاف: "ذلك يجعلنا نقتنع من جديد بأن ألمانيا، مثل أقرب حلفائها، لا تريد حلًا دبلوماسًيا للأزمة الأوكرانية، وتريد تصعيدًا".
كما اتهم السفير الروسي برلين بأنها بتسليم الدبابات "عادت عن تعهداتها التاريخية" المرتبطة "بجرائم النازية" خلال الحرب العالمية الثانية.
وقال: "مع موافقة الحكومة الألمانية، سترسل دبابات تحمل الصلبان الألمانية مجدداً إلى الجبهة الشرقية، ما يؤدي حتمًا إلى قتل جنود روس ومدنيين أيضًا".
وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إن القرار "يمكن أن يساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها والفوز والانتصار كدولة مستقلة".
وأضاف: "أرحب بشدة بقيادة شولز وألمانيا توفير دبابات ليوبارد2 لأوكرانيا بالتشاور مع حلفاء وشركاء آخرين في الناتو".
دبابات الفهد
إضافة إلى إعلان إمدادها بالدبابات لأوكرانيا، قالت ألمانيا، بصفتها مُصنِّع ومصدر دبابات ليوباردز، إنها ستمنح الضوء الأخضر للدول التي تريد إرسال ليوبارد2 إلى كييف.
تستغرق ليوبارد وأبرامز أشهرًا عدة للوصول إلى أوكرانيا، وفقًا لمسؤولين ألمان وأمريكيين. كما ستوفر الحكومتان الألمانية والأمريكية تدريبات للجنود الأوكرانيين، إضافة إلى الوقود والمعدات لتشغيل الدبابات وإصلاحها.
وقوبلت أنباء قرار ألمانيا بإرسال دباباتها إلى كييف بابتهاج من الأوكرانيين، الذين أظهروا حماستهم وتقديرهم، عبر وسائل التواصل، حيث شارك الأوكرانيون صورًا لهم يرتدون قمصان ومعاطف وسراويل وبزات داخلية ونظارات شمسية بطبعة جلد الفهد، للتعبير عن امتنانهم لدبابات الفهد ليوبار الألمانية.
وشاركت السياسية الأوكرانية إينا سوفسون صورة لها وهي ترتدي بلوزة مطبوعة بنقشة جلد الفهد داخل قاعة البرلمان.
ونشر الجندي دميتري مراتشنيك صورة له وهو يلوح ببندقيته من طراز كلاشينكوف ومغطى ببطانية على شكل جلد الفهد، كان ينام تحتها على خط المواجهة منذ أشهر.
وقالت الصحفية أناستاسيا ستانكو لصحيفة فاينانشيال تايمز: "أنا لا أرتدي طبعة الفهد بشكل طبيعي، لكن بالنسبة للدبابات سأفعل ذلك".