مع وصول السياسة اللبنانية إلى طريق مسدود.. حزب الله الخطوة التالية لإيران

حزب الله المستفيد الأول من الفوضى في لبنان.

مع وصول السياسة اللبنانية إلى طريق مسدود.. حزب الله الخطوة التالية لإيران

ترجمات - السياق

استأنف قاضٍ يحقق في انفجار مرفأ بيروت عام 2020 عمله هذا الأسبوع، في مفاجأة قد تلقي بظلالها على شخصيات بارزة في لبنان، وفق صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.

وتعرض القاضي طارق بيطار لانتقادات من قِبل حزب الله، وتوقف عمله بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت منذ ديسمبر 2021، بينما تأتي أنباء استمرار عمله، في ظل غياب رئيس جديد على رأس السلطة في لبنان.

كان السياسيون في بيروت قد صوتوا للمرة الحادية عشرة، ولم يتمكنوا من انتخاب رئيس جديد، ما يترك البلاد منقسمة مع فراغ السلطة.

وحسب الصحيفة الإسرائيلية، عادةً ما يملأ حزب الله هذا الفراغ، لافتة إلى أن هدف الحزب المسلح أن يكون لبنان مفلسًا وبلا زعيم حتى يتمكن من السيطرة على هذا البلد وتفريغه، ثم ملئه بالسلاح لتهديد أمن إسرائيل.

 

حزب الله يستفيد من الفوضى

ورأت "جيروزاليم بوست" أن حزب الله المستفيد الأول من الفوضى في بيروت، مشيرة إلى أن لديه نوعًا من "القبضة الخانقة" على السلطة في لبنان، ليس لأنه حزب كبير، لكن لأن لديه حلفاء ولديه القوة الكافية لمنع المعارضة من فعل أي شيء، لافتة إلى أن هؤلاء الحلفاء يستفيدون من الفوضى، لذلك يدفعون في اتجاه جر البلد إلى مأزق سياسي.

وبينت أنه رغم الطائفية التي تحكم لبنان، فإن هناك من يدعم حزب الله، رغم الاختلاف الطائفي، ومن هؤلاء جبران باسيل، رئيس الحزب المسيحي، التيار الوطني الحر، الذي يعد حليفًا مهمًا لحزب الله رغم الاختلاف الديني.

وأشارت إلى أن السياسة اللبنانية طائفية بحكم القانون، لذلك فإن كل حزب تقريبًا له جذور طائفية عرقية دينية، سواء أكان المسيحيين الموارنة أم حزب الله الشيعي أم السُّنة أم الدروز، إلخ، منوهة إلى أن باسيل مرتبط بالرئيس المنتهية ولايته ميشال عون، ليس فقط من خلال خلافته في زعامة الحزب، وإنما أيضًا من جهة النسب.

وأفادت الصحيفة، بأن عون كان وراء التحالف بين حزبه المسيحي وحزب الله، لافتة إلى أنه العام الماضي، انتقد باسيل الولايات المتحدة وإسرائيل، واتهمهما بالوقوف وراء مؤامرة يفترض أنها أثرت في الانتخابات النيابية اللبنانية.

وقالت: "هذه نقطة الحديث الإيرانية المعتادة، أي إلقاء اللوم على الأمريكيين وإسرائيل في كل شيء"، موضحة أن طهران تستخدم هذه اللغة لصرف الانتباه عن الفشل الذي جلبته لدول المنطقة.

 

إيران ولبنان

وعن الاهتمام الإيراني بالسياسة اللبنانية، بينت "جيروزاليم بوست" أن الصحف الإيرانية المحسوبة على النظام، ومنها وكالة تسنيم نيوز، لم تفوت أمرًا لبنانيًا إلا وتعلق عليه، آخر هذه التعليقات، المخاوف التي أبدتها الشبكة الإيرانية من احتمال انفصال باسيل عن حزب الله.

وأشارت الوكالة الإيرانية، إلى اختلاف المواقف بين رئيس الوزراء المؤقت نجيب ميقاتي وباسيل، وهو ما عدته مقدمة لانفصال محتمل بين زعيم التيار الوطني الحر وحزب الله.

بينما تحدثت مصادر إعلامية لبنانية عن تلاسن ومشادات كلامية بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في مناقشة تعلقت بالوزراء المسيحيين وإشارة الصليب.

واتهم ميقاتي، باسيل بأن له نظرة تمييزية تجاه الوزراء المسيحيين حيث كشف أن "رئيس التيار الوطني الحر أبلغه في لقاء جمعهما بعد انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء إثر الشغور الرئاسي، بأن سبعة من أصل 12 وزيرًا مسيحيًا في حكومته يشاركون في هذه الجلسات، وكان رد باسيل "ليس كل من رسم شارة الصليب على وجهه مسيحي".

ورفض باسيل هذه التهم وأصدر مكتبه الإعلامي بيانًا ينفي الواقعة، متهمًا ميقاتي بإثارة النعرات الطائفية لغايات سياسية، في إشارة الى مساعٍ من ميقاتي لضرب القوى المسيحية ببعضها.

مقابل ذلك، فإن حزب الله، الذي كان يحاول الحفاظ على الهدوء منذ ظهور بعض الخلافات مع التيار الوطني الحر في وسائل الإعلام، كان عليه أن يرد على كلام باسيل بإصدار بيان يقول فيه: "لا نريد أن تتحول أي علاقة لخلاف"، وهو ما صورته وسائل إعلام إيرانية، منها "تسنيم"، بأن "حزب الله يهدد الزعيم المسيحي".

وشهدت العلاقة بينهما توترًا غير مسبوق، على خلفية انتخابات رئاسة الجمهورية وجلسات حكومة تصريف الأعمال، إذ يرفض باسيل دعم مرشح الحزب غير المعلن رسميًا، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، للرئاسة، وينتقد حزب الله على مشاركة وزرائه في جلسات الحكومة، موضحًا أنه لا يحق لها الانعقاد في ظل الفراغ الرئاسي، ما أدى به إلى إطلاق مواقف عالية السقف ضد حليفه، متهمًا إياه بعدم المصداقية.

كان "التيار الوطني الحر" لوّح باحتمال إنهاء تحالفه السياسي مع ميليشيا حزب الله، ما عده محللون بداية لتغيير التحالفات في البلاد، قبيل الانتخابات المقررة مارس المقبل.

وللمرة الأولى، بشكل علني، هاجم زعيم "التيار الوطني الحر"، جبران باسيل، (صهر الرئيس ميشال عون)، الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، بعدما كان يحصر الأزمات في جبهة "حركة أمل" برئاسة نبيه بري، محيدًا حزب الله بشكل أو آخر.

وانتشر مقطع مصور مسرب لباسيل، رفع فيه منسوب الهجوم على الحزب المسلح قال خلاله: "اللي ما بكون معنا ومع قضية الحق تبعنا عمره ما يكون".

بينما طالب حزب الله الحكومة بعدم عقد أي اجتماعات بلا "توافق"، ما يعني أن "حزب الله" لا يريد من حلفائه في الحكومة عقد أي اجتماعات ما لم يفرض "حزب الله" جدول الأعمال.

ويقول تقرير "تسنيم" إن باسيل منزعج من عدم إحراز تقدم بين القادة السياسيين في البلاد، وإنه يعترض على تأثير حركة أمل، وهي تجمع سياسي شيعي.

وجاء في التقرير أن نائب حزب الله حسين خليل التقى باسيل، وناقش الجانبان انتخاب الرئيس والنقاط الإيجابية والسلبية لاتفاق مار ميخائيل، الذي يشير إلى مذكرة وقعت عام 2006 بين عون وحزب الله.

ففي 6 فبراير 2006، وقَّع زعيم حزب الله، حسن نصرالله وزعيم التيار الوطني الحر (آنذاك) الرئيس الحالي ميشال عون تفاهمًا في كنيسة مار مخايل ببيروت، للعمل معًا في معالجة قضايا مهمة أبرزها "بناء الدولة".

وثيقة التفاهم من 10 بنود، أبرزها "قانون الانتخاب"، و"العلاقات اللبنانية السورية"، و"حماية لبنان"، وبند آخر بعنوان "بناء الدولة" ينص على اعتماد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة، وقضاء عادل ومستقل، ومعالجة الفساد من جذوره.

والخلافات ليست وليدة اليوم، ففي فبراير الماضي، قال المجلس السياسي للتيار الوطني، في بيان، في ذكرى الاتفاق، إن تفاهمه مع "حزب الله"، "لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، ونرى في ذكرى التوقيع مناسبة للتمعن في هذا التفاهم".

وفي يونيو الماضي، قال باسيل إن "وجود سلاح غير سلاح الجيش اللبناني ليس طبيعيًا، وهذا الوضع استثنائي يجب ‏ألا يستمر"، بعد معلومات سربت عن خلافات بينه وبين ممثلي الثنائي الشيعي بشأن أزمة تشكيل الحكومة آنذاك.

وبينما قال زعيم حزب الله حسن نصر الله مرارًا إنه ملتزم بالاتفاق، أشارت وكالة تسنيم إلى أن "النقطة الجديرة بالملاحظة أن حزب الله والتيار الوطني الحر كانا مهتمين بالتغطية الإعلامية لهذا الاجتماع لإنهاء إشاعات قطع العلاقات بين هذين الحزبين في بعض الدوائر".

كانت صحيفة لورينت توداي اللبنانية ذكرت في 4 يناير الجاري، أنه "إضافة إلى إظهار الانفتاح على تسوية سياسية أوسع للانتخابات الرئاسية، أراد حزب الله إيصال رسالة إلى حليف كان يواجه صعوبة في ذلك، هو زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي يرفض بشكل قاطع تأييد جوزيف عون، ويعارض أيضًا انتخاب زعيم المردة سليمان فرنجية، مرشح حزب الله المفضل".

بينما يشير تقرير "تسنيم" إلى أنه لا يوجد سوى اثنين من المرشحين الواقعيين للرئاسة (فرنجية وعون)، لافتة إلى أن فرنجية نجل طوني فرنجية الذي اغتيل عام 1978 إبان الحرب الأهلية اللبنانية، وحفيد الزعيم السياسي والرئيس سليمان فرنجية، وهو أيضًا من أقرباء المفكر السياسي اللبناني الشهير سمير فرنجية، بينما جوزيف عون قائد الجيش اللبناني منذ 8 مارس 2017 خلفًا للعماد جان قهوجي.

أمام ذلك، تأمل إيران أن يتوصل حزب الله وقيادة التيار الوطني الحر إلى نوع من التفاهم رغم المأزق الشديد، وفي الوقت نفسه يطالب نواب آخرون في لبنان بأن يستمر التصويت على الرئيس وألا يواصل النواب التنصل من مسؤوليتهم، لكن يبدو أن لا أحد منهم قادر على إثبات موقفه على الأرض.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية، إلى أنه مع استمرار الأزمة، يواصل "حزب الله" ترسيخ أسسه القائمة على بناء أبراج المراقبة والتحصينات جنوبي لبنان، التي تهدد أمن إسرائيل.

من جانبها، تجري إسرائيل والقيادة المركزية الأمريكية تدريبات عسكرية واسعة النطاق هذا الأسبوع.

بينما يعرف "حزب الله" أنه يجب أن يخطو بحذر، لأنه يستفيد من فراغ السلطة بقلب بيروت.