هل 'داعش' قادر على شن هجمات بأوروبا؟.. خبراء يجيبون

أشار الخبير في شؤون الحركات الأصولية أحمد سلطان، في تصريحات لـ السياق، إلى أنه لا يمكن القول إن داعش يستأنف نشاطه في أوروبا، لأنه لم يتوقف هناك، بل خفتت فقط، وتباطأت تحركاته، وأصبحت أنشطة لوجستية.

هل 'داعش' قادر على شن هجمات بأوروبا؟.. خبراء يجيبون

السياق

مع انحسار عملياته الإرهابية وأنشطته الخبيثة في الشرق الأوسط، بفعل الضربات الأمنية التي أدمت أوصاله وأفقدته توازنه، بخسارته كثيرًا من القيادات، بدأ تنظيم داعش التفتيش في دفاتره القديمة، لعله يجد فيها الملجأ والملاذ.

وما أن بدأ يفتش، وجد ضالته في الدول الأوروبية، التي كان بعض مواطنيها اللبنة الأولى لمقاتليه، الذين أمدوه بالمال الوفير والقيادات التي أصبحت فاعلة في صفوفه.

وبعدما تحولت أنشطته في القارة العجوز إلى «لوجستية» خفتت بموجبها تحركات مقاتليه، بات «داعش» ينشط مجددًا، ناشدًا أن تكون تلك الدول منبعًا ورافدًا جديدًا للأموال التي حُرم منها التنظيم الإرهابي، بعد أن فقد المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، إبان ما عُرف بـ«عصره الذهبي».

فعبر العملات الرقمية، وتحويلات الأموال، شقت الشبكات الداعشية في أوروبا طريقها، ووجدت سبيلها لتكون رافدًا مهمًا لتمويل التنظيم الإرهابي، حتى أن هناك شبكات تستثمر بعض الأصول عبر نظام الحوالات البنكية، لخدمة مصالح التنظيم.

ذلك التحول المثير في الشبكات الإرهابية، المنضوية تحت لواء داعش في أوروبا، من تنفيذ الهجمات إلى المساعدة في الدعم اللوجستي، طوق النجاة لبقايا التنظيم الإرهابي في الشرق الأوسط.

إلا أن الأجهزة الأمنية في القارة العجوز -بينها ألمانيا- فطنت لذلك التحول، فشنت حملات ومداهمات أمنية، هي الأولى في عام، لملاحقة تنظيم داعش على أراضيها، ما أسفر عن ضبط 7 من التنظيم الإرهابي، وفق ما أعلن مكتب الادعاء العام الاتحادي الألماني.

 

هل ينشط «داعش»؟

يقول الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي إبراهيم عرفات، في تصريحات لـ«السياق»، إن التفاصيل التي أزاح الادعاء العام الألماني الستار عنها، تكشف التكتيك الذي يعتمده داعش في هذه المرحلة.

وأوضح عرفات أن «داعش» الذي يسعى إلى إعادة بناء فرقه، يحتاج إلى تمويل، خاصة بعد تجفيف منابعه في العراق وسوريا، وغلق «حنفية» النفط كان يعدها التنظيم الإرهابي مصدرا لتمويله.

وأشار إلى أن نجاح داعش في فتح مسار لجمع وتهريب الأموال، يعني أنه يملك قوات خاملة، تؤهله إلى الانتقال للمرحلة التالية، بتنفيذ عمليات إرهابية، مؤكدًا أن تحقيقات الجهات الأمنية الألمانية، كشفت نواة إعادة بناء التنظيم، التي تتمثل في النساء، كمدخل رئيس لعملية التجنيد.

وبحسب الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي، فإن مخيم الهول، الذي يضم نحو 50 ألف طفل وامرأة «مفرخة» لجيل «داعشي» جديد يعد الأشرس والأعنف.

 

شبكات إلكترونية

وأشار إلى أن تنظيم داعش ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي، في ما يمكن وصفه بـ«الجهاد الإلكتروني»، مؤكدًا أنها آلية مناسبة لجمع الأموال، رغم محاولات الشركات المالكة والمشغلة لهذه المواقع، ضبط الأمر.

وبحسب عرفات، فإن التحرك الإلكتروني يساعد في بناء شبكة معقدة من مسارات تحرك الأموال، خاصة في ما يتعلق بمواقع المحافظ الإلكترونية، التي تعتمد على العملات الرقمية والمشفرة، التي يصعب تتبعها وأيضاً السيطرة عليها.

كانت السلطات الألمانية، أعلنت أن داعش نجح في جمع نحو 62 ألف يورو، جرى تحويلها إلى نساء التنظيم في مخيم الهول.

تستخدم هذه الأموال -بحسب تقارير أمنية ألمانية- في تهريب النساء والأطفال والفتيان، من مخيم الهول، خاصة مع اعتناق معظمهم لأفكار التنظيم وإعلان ولائهم لدولته المزعومة، بالتزامن مع فشل محاولات وجهود عودة مقاتلي داعش إلى بلادهم الأصلية وتحديدًا في أوروبا.

 

عودة بعد خفوت

في السياق نفسه، أشار الخبير في شؤون الحركات الأصولية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إلى أنه لا يمكن القول إن داعش يستأنف نشاطه في أوروبا، لأنه لم يتوقف هناك، بل خفتت فقط، وتباطأت تحركاته، وأصبحت أنشطة لوجستية.

سلطان أضاف أن مراكز مهمة للنشاط الإعلامي لـ«داعش» موجودة في دول أوروبية مثل السويد وغيرها، مشيرًا إلى أن هناك شبكات دعم لوجستي في ألمانيا وغيرها من الدول.

مهمة هذه الشبكات، توفير التمويل اللازم للتنظيم، عبر وسائل عدة منها: العملات الرقمية، وتحويلات الأموال، بحسب الخبير في شؤون الحركات الأصولية، الذي قال إنه دائمًا ما تجد تلك التحويلات طريقها إلى تنظيم داعش في العراق وسوريا.

 

تحول مثير

وأشار إلى أن هناك خلايا داعشية، تستثمر هذه الأموال لخدمة مصالح التنظيم، بينما تجرى عمليات التحويل بعد ذلك عبر نظام الحوالات البنكية، الذي يعد موازيًا لهذه التحويلات، مؤكدًا أن خلايا داعش تحولت من تنفيذ الهجمات إلى المساعدة في الدعم اللوجستي، وهو أمر أهم بالنسبة للتنظيم.

واستدل سلطان على رؤيته، بتقديرات الأمم المتحدة، التي أكدها تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وتحدثت عن نشاط داعش والعمليات ضده.

وكشفت الأمم المتحدة، أن التحويلات المالية التي تصل إلى مخيم الهول وحده، بلغت 200 ألف دولار شهريًا، بينما أكد سلطان، أن جزءًا من هذه الأموال ينقل من القارة الأوروبية، ومن دول أخرى وشبكات داعش المنتشرة بهذه القارة.

 

هل ينفذ أنشطة إرهابية في أوروبا؟

وشدد سلطان على أن تنظيم داعش لا يريد أن ينفذ هجمات في أوروبا، حتى لا يحرق ما تبقى من خلاياه، لأن الحفاظ على بقاياه ووجوده، الهدف والغاية في الوقت الحالي.

أما بخصوص التوجه لحظر منظمات الإسلام السياسي في أوروبا خاصة في ألمانيا، فأشار الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إلى أنه لن يكون هناك حظر بالمعنى المباشر.

وأوضح أن وجود الإخوان في ألمانيا -على سبيل المثال- قديم، وبين الحين والآخر تخرج تقارير سواء عن الاستخبارات الداخلية الألمانية أم عن طريق مراكز أبحاث تعنى بدراسة الظاهرة.

وشدد سلطان على أن كل ما يخرج عن هذه الجهات، لا يعدو كونه مجرد تقارير أو توصيات، لن تجد طريقها للتطبيق في المدى المنظور.