بعد تمريره بالقوة... هل يفتح قانون الانتخابات أبواب العنف في العراق؟

شهدت الجلسة فوضى عارمة، بسبب اعتراض أغلبية النواب المستقلين، الذين حاولوا منع التصويت على القانون، إما بالاحتجاج وإما بطرق أخرى مثل التصفير للتشويش على سير أعمال الجلسة.

بعد تمريره بالقوة... هل يفتح قانون الانتخابات أبواب العنف في العراق؟

السياق

فجر الاثنين، أقر البرلمان العراقي قانون التعديل الثالث للانتخابات النيابية ومجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، المعروف باسم سانت ليغو، الذي اعتمد في البلاد لأول مرة عام 2014، لكن الأمر لم يكن بالسهولة المتخيلة.

تمرير القانون جاء بعد احتجاجات قوية وحالة من الهياج العام داخل المجلس، وصلت إلى العنف واستخدام القوة ومشاجرات بين النواب، واحتكاكات بالأمن، في مشهد حول البرلمان إلى حلبة مصارعة.

ولم تمنع احتجاجات النواب المستقلين الرافضين للقانون خارج المجلس وداخله، في منع إقراره وسط مخاوف من أن يكون "سانت ليغو" شرارة تشعل الشارع العراقي من جديد، خاصة بعدما طالب المحتجون الرافضون للقانون سكان بغداد "اللحاق بركب المعتصمين" وهددوا بخطوات تصعيدية حال إقراره.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور جابت مواقع التواص الاجتماعي مشاهد الاعتداءات على النواب والمشادات الكلامية بين الحضور.

 

"كلا سانت ليغو"

شهدت الجلسة فوضى عارمة، بسبب اعتراض أغلبية النواب المستقلين، الذين حاولوا منع التصويت على القانون، إما بالاحتجاج وإما بطرق أخرى مثل التصفير للتشويش على سير أعمال الجلسة.

وتمكن ائتلاف "إدارة الدولة" من تأمين النصاب القانوني، الذي يمثل الإطار التنسيقي والكتل السُّنية والكتل الكردية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني.

ونتيجة الحالة العامة في المجلس من سب واعتداءات، طلب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من قوات الأمن في القاعة، طرد المعارضين عنوة، الذين ظلوا يهتفون "كلا كلا سانت ليغو".

 

ماذا تعني التعديلات؟

ذكرت النسخة العربية لصحيفة الإندبندنت، أن النائب محمد نوري تعرض لاعتداء بالضرب من أمن المجلس، ما تسبب له في جروح طفيفة.

بينما طالب عباس الزاملي رئيس كتلة الفتح بإنهاء عضوية النواب الذين رفضوا تمرير القانون.

وهددت حركة امتداد بتقديم دعوى إلى المحكمة الاتحادية، للطعن بالقرارات التي صدرت عن الجلسة.

تضمنت تعديلات القانون بنودًا عدة، أبرزها إلغاء الدوائر المتعددة واعتماد الدائرة الواحدة، أي أن المحافظة تكون دائرة مستقلة بذاتها، وكذلك تضمن شروطًا جديدة لـ "أهلية المرشح النيابي".

وحددت انتخابات مجالس المحافظات للعام الحالي، على ألا تتجاوز العشرين من ديسمبر، بينما نص على إجراء انتخابات مجالس المحافظات غير التابعة لإقليم، في يوم موحد بعموم العراق، ما أثار انتقادات حادة واعتراضات قوية، من النواب المستقلين الذين رأوا فيه مآرب وضعت خصيصًا لخدمة أهداف الكتل السياسية الكبرى، وكتم أصوات الأحزاب الصغيرة والشخصيات المستقلة والمعارضة الفردية.

 

التفاصيل

عُقدت الجلسة في الساعة الثامنة والنصف بتوقيت العراق من مساء الأحد، ولم يكتمل النصاب لتعقد ثانية في الساعة الحادية عشرة وأتم تمرير القانون بتصويت 189 نائباً والتصويت على اعتماد القاسم الانتخابي "1.7" من نظام "سانت ليغو".

ويرى معارضوه أن اعتماد هذه القانون، يعني تقديم مزيد من الدعم للقوى التقليدية، وجعلها أكثر سيطرة على القوائم الانتخابية، اعتمادًا على نظام توزيع الأصوات داخل القائمة الانتخابية، وليس على الأعلى في نسبة التصويت، بينما يؤكدون أنه يعزز هيمنة الكتل القديمة، ويبدد آمال العدالة التنافسية في الانتخابات.

هذه التعديلات تشكل عودةً إلى القانون، الذي كان قبل تظاهرات أكتوبر 2019.

 

"قوى إيران"

جاء في بيان مجلس النواب، أن المجلس صوّت في "جلسته السادسة عشرة فجر الاثنين بحضور 218 نائبا، على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018".

ويملك الإطار التنسيقي الأغلبية في البرلمان، وهو تحالف أحزاب شيعية مقربة بأغلبيتها من إيران، وتدعم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني.

ويعدّ القانون عودةً إلى قانون عام 2018 الذي كانت ترفضه الحركة الاحتجاجية التي شهدتها البلاد في خريف 2019 حينها نجح المحتجون في تحقيق مطلب قانون انتخابات جديد سمح بفوز مرشحين مستقلين، إذ تمكن المستقلون في انتخابات عام 2021 من الفوز بنحو 70 من أصل 329 مقعداً.

 

القانون المعدل

بذلك، تجري الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات المتوقعة في نوفمبر على أساس القانون المعدّل.

أما في إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي، فسوف تجرى الانتخابات البرلمانية المحلية في 18 نوفمبر وفق قانون مختلف.

ويجعل قانون الانتخابات المعدّل الجديد من كلّ محافظة دائرة انتخابية واحدة أي 18 دائرة، ملغياً بذلك الـ83 دائرة التي اعتمدت في الانتخابات الأخيرة.

ويرى الباحث السياسي في "ذي سنتشري فاونديشن" سجاد جياد أن اعتماد الدائرة الواحدة "يسهّل إمكانية فوز سياسيي الأحزاب بمقاعد"، في المقابل، سوف "يجعل من الصعب على مرشحي الأحزاب الصغيرة والمستقلة المنافسة على مستوى المحافظات".

 

سحق الأحزاب الصغيرة

بموجب القانون المعدّل، تُحتسب الأصوات على الطريقة النسبية المعروفة بـ"سانت ليغو"، التي يرى مناهضو القانون أنها تخدم الأحزاب الكبيرة.

ورأى سجاد جياد في تغريدة أن احتساب الأصوات على الطريقة النسبية "يخدم كذلك الأحزاب الكبيرة، ويجعل من الممكن بالنسبة لمرشحيهم، الذين لم يحصلوا على ما يكفي من الأصوات بالفوز بمقاعد".

وقال النائب علاء الركابي من كتلة امتداد المستقلة في البرلمان إن "الأحزاب الصغيرة لن يكون لديها أي أمل بالحصول على تمثيل في البرلمان" وأنها "سوف تسحق"، إذا طبّق القانون الجديد.

وأفاد النائب بهاء الدين النوري من الإطار التنسيقي، أن كتلته تدعم القانون لأنه "يعتمد على توزيع المقاعد لأي كتلة حسب ثقلها الجماهيري، ما يؤدي إلى تشكيل الحكومة ضمن التوقيتات الدستورية"، وبذلك تفادي المفاوضات الطويلة كما حصل في أعقاب انتخابات عام 2021.