احتجاجات عارمة في إيران .. ومخاوف من تجدد حملة القمع
المحتجين يخشون أن تخطط الأجهزة الأمنية الإيرانية لهجوم في مدينة زاهدان.

السياق
نقاط تفتيش، انتشار الشرطة في شوارع مدينة زاهدان، احتجاجات في عديد المدن الإيرانية، مظاهر يوم غاضب في العاصمة طهران وبعض المناطق، التي انتفضت خلال مراسم تأبين ضحايا التظاهرات، التي دخلت شهرها الخامس على التوالي، من دون أن تخمد جذوتها.
فبينما جدد المحتجون الإيرانيون عزمهم على قلب النظام من خلال التجمع في مراسم تأبين ضحايا الاحتجاجات وترديد وكتابة الشعارات المناهضة للنظام على الجدران، ومظاهرات موازية لتلك التي خرجت في مدينة زاهدان، كانت الشرطة الإيرانية تستعد بنقاط تفتيش وانتشار في معظم المدن.
وتقول صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير ترجمته «السياق»، إن المحتجين يخشون أن تخطط الأجهزة الأمنية الإيرانية لهجوم في مدينة زاهدان، مشيرة إلى أن هناك تقارير رصدت آلافًا من رجال الشرطة المسلحين في الشوارع.
وأقيمت خمس عشرة نقطة تفتيش، الأسبوع الماضي، في المدينة، عاصمة ولاية سيستان بلوشستان، اعتقلت خلالها قوات الأمن أشخاصًا عدة.
محمد في العشرينيات من عمره وواحد من آلاف المتظاهرين، الذين يسيرون حول المدينة كل جمعة بعد الصلاة، قال: «أغلِقت المداخل والمخارج من المدينة وإليها، وأقاموا نقاط تفتيش. ليس لدينا أي فكرة عن عدد المعتقلين وإلى أين نُقلوا».
وقال محمد إن مدنًا عدة، في المحافظة ذات الأغلبية السُّنية جنوبي شرق إيران، محاطة بقوات الأمن، معبرًا عن مخاوفه من أن يقتل القناصة المتظاهرين «لحظة نزولنا إلى الشوارع»، في تكرار لما حدث في زاهدان قبل بضعة أشهر فقط في ما تعرف بـ«الجمعة الدامية».
في 30 سبتمبر الماضي، قُتل 66 شخصًا، بمن فيهم شقيق محمد الأصغر وأصدقاؤه، برصاص قناصة خلال مسيرة للاحتجاج على وفاة مهسا أميني في الحجز.
نقاط تفتيش
كانت احتجاجات الجمعة سلمية، لكن فرزين كادخدائي، ناشط حقوقي من بلوشستان، قال إن كل من يدخل المدينة أو يغادرها يخضع للتفتيش، مضيفًا: «إنهم ينظرون إلى هواتفهم، خاصة إذا كانوا صغارًا».
الناشط الحقوقي أضاف أن معظم المعتقلين ليس لديهم بطاقات هوية. لا يوجد أحد يتابع وضعهم»، مشيرًا إلى أن المدينة تشعر كأنها تحت الحصار، بينما بدأت الشرطة تصوير المتظاهرين، بما في ذلك بالقرب من مسجد مكي بالمدينة.
وتابع: يختطف أشخاص من المنازل والحدائق، وبدءًا من 1 يناير، شنت السلطات حملة اعتقالات جماعية، مقدّرًا اعتقال ما لا يقل عن 114 شخصًا، في الأسبوع الأول من يناير. لا نعرف حتى ما إذا كانوا أحياءً أم أمواتًا.
ونشرت وسائل الإعلام الموالية للنظام مقطع فيديو يظهر على ما يبدو ستة متظاهرين يطلقون النار على ضباط الأمن، بينما كشفت «الغارديان»، أن عائلات المعتقلين كانوا يذهبون إلى المحاكم في جميع أنحاء المدينة، على أمل رؤية أحبائهم.
وأضافت: «إطلاق سراح القُصَّر الذين اعتُقلوا يعتمد على الحالة المزاجية للحراس في ذلك اليوم. أطلقوا سراح عدد قليل من المراهقين والبقية ما زالوا في السجن».
وأدين أحد المتظاهرين، ويدعى شعيب ميربالوتشي ريجي، 18 عامًا، بتهم يعاقب عليها بالإعدام. وبحسب ما ورد فإنه تعرض للتعذيب والتجريد من ملابسه، بينما زُعم أن ضباط الاستجواب أجبروه على الاعتراف بانتمائه إلى ميليشيا مسلحة.
وقال نشطاء إنه عندما أنكر التهم، تعرض للتعذيب ورفض تقديم الدعم القانوني له، بينما قالت منظمة العفو الدولية إن مقاطعة سيستان- بلوشستان «تحملت العبء الأكبر من حملة القمع الشرسة، التي شنتها قوات الأمن على المظاهرات».
وأفادت منظمة العفو الدولية بأن 18 شخصًا -بينهم طفلان- قُتلوا على أيدي قوات الأمن خلال الاحتجاجات بمدينة خاش في 4 نوفمبر.
تعطيل الاتصالات
مع زيادة المراقبة وتعطيل اتصالات الإنترنت، قال سكايلر طومسون، رئيس المناصرة في ناشطي حقوق الإنسان بإيران (HRA)، إنه كان من الصعب التحقق مما يجري في زاهدان، مشيرًا إلى أنه في حين أن الوضع يبدو خطيرًا، لا يوجد ما يشير إلى أن المدينة تحت الحصار، حتى الآن.
وقال: «ليست لدينا معلومات عن أن المدينة تحت الحصار لكنها مع ذلك، المكان الوحيد في إيران، الذي تتواصل فيه الاحتجاجات. صحيح أن الجو في المدينة يشعر بعدم الأمان إلى حد ما. لاحظنا مزيدًا من نقاط التفتيش في المدينة، لكنني أعتقد أن ذلك يرجع إلى تعيين محافظ جديد».
وعين محمد كرامي، القائد البارز للحرس الثوري جنوبي شرق إيران، حاكماً في ديسمبر، بينما قال طومسون: «أعتقد أن ذلك زاد الخوف في المنطقة لأسباب مفهومة».
وقالت سارة، التي انضمت إلى احتجاجات الجمعة في زاهدان، إن الوجود المكثف للشرطة لن يردعها، مضيفة: «قوات الأمن تهاجم مناطق البلوش منذ أسبوعين. نُصبت ما لا يقل عن 15 نقطة تفتيش في مدينتنا وحولها هذا الأسبوع. سيحاولون تهديدنا ولن نخاف» مضيفة أنها فقدت أيضًا عائلتها وأصدقاءها خلال الاحتجاجات.
وبينما وصفت الحكومة الإيرانية بأنها «معادية للإنسان وللمرأة»، قالت: «ميزت هذه الحكومة ضد البلوش والأكراد والسُّنة والبهائيين وغيرهم من الأقليات القومية منذ بداية الجمهورية الإيرانية، لكن ذلك أكثر إيلامًا في بلوشستان، لأنهم من البلوش والسُّنة، وبلوشستان أفقر منطقة في إيران».
تطورات على الأرض
بحسب المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام معارضة، فإن تجمعًا للمتظاهرين في حفل أربعين الطبيبة الراحلة آيدا رستمي في إمام زاده عبد الله جرجان، تعرض لهجوم من الأمن، مشيرة إلى أن القوات الأمنية اعتقلت عددًا من الحاضرين، بينهم شقيق آيدا رستمي.
وفي مشهد، تظهر التقارير أن قوات الأمن أغلقت الممرات المؤدية إلى قبر مجيد رضا رهنورد، في مقبرة بهشت رضائي، بالتزامن مع أربعينية قتله، التي شابتها أجواء أمنية مشددة بالقرب من قبره.
وتشير مقاطع الفيديو المرسلة إلى أن القوات الأمنية في مشهد، حاولت، الجمعة، منع المواطنين من الوصول إلى قبر مجيد رضا رهنورد، المتظاهر الذي أُعدم. وقال أحد الحاضرين الذين تمكنوا من دخول المقبرة إن اللافتات كانت مغطاة، حتى لا يتمكن الناس من العثور على قبره.
واستمرت الشعارات المناهضة للنظام الإيراني، بينما أظهرت مقاطع فيديو لمغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متظاهرين، يرفعون شعارات «الموت للقاتل خامنئي والموت للديكتاتور والموت للحرس الثوري، في طهران».
واستمرت كتابة الشعارات وتعليق اللافتات الثورية في البلاد، بينما علق المتظاهرون قطعة قماش على جسر للمشاة بالقرب من ساحة قائم في مشهد، كتب عليها «سنسحق قاتليك أيها البطل»
من ناحية أخرى، تعرضت مؤسسة أخرى تابعة للنظام لهجوم إلكتروني، تبنته مجموعة القرصنة «بلاك ريوارد»، قالت إنها اخترقت موقع جامعة إمام صادق، وتمكنت من الوصول إلى وثائق ومعلومات هذه الجامعة.