على خُطى إيران... مقربون من نتنياهو يتهمون أمريكا بتمويل التظاهرات لإطاحته

كان يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد اتهم الإدارة الأمريكية بتمويل الاحتجاجات في إسرائيل لإسقاط حكومة والده، والتوصل لاتفاق مع إيران.

على خُطى إيران... مقربون من نتنياهو يتهمون أمريكا بتمويل التظاهرات لإطاحته
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

ترجمات - السياق

إسرائيل على صفيح ساخن، آلاف المواطنين في الشارع ومواجهات عنيفة مع قوات الأمن، وموجة من الإضرابات، وقلق أمريكي إزاء الأحداث التي فجرتها محاولات حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة، لتعديل النظام القضائي المهم في البلاد.

إلى ذلك قال الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان، إن قرار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، إرجاء البت في مشروع الإصلاح القضائي، نزولًا على رغبة الجماهير الإسرائيلية التي ملأت الشوارع طوال الأشهر الثلاثة الماضية، مرحب به، إلا أنه شدد على أن "نتنياهو لا يمكن الوثوق به".

وكتب في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: "الحمد لله أن المجتمع المدني في إسرائيل أجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التوقف مؤقتًا، عن محاولته لفرض سيطرته على القضاء الإسرائيلي المستقل، لكن ما حدث يكشف حقيقة جديدة ومقلقة للولايات المتحدة، إذ إنه للمرة الأولى، يظهر زعيم إسرائيلي بشكل غير عقلاني، ويمثل خطورة كبيرة، ليس فقط على الإسرائيليين ولكن أيضًا على المصالح والقيم الأمريكية".

وشدد على أن هذه الخطورة، تتطلب إعادة تقييم فورية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، واللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل في أمريكا، الذين سبق أن أخبرهم نتنياهو بأن "إسرائيل ديمقراطية صحية".

وأضاف الكاتب مستغربًا: "كأن نتنياهو قال لهم -بايدن واللوبي- لا تقلقوا بشأن المتعصبين الدينيين الذين جلبتهم إلى السلطة للمساعدة في منع محاكمتي بتهمة الفساد".

واستطرد: "لقد أرادوا الوثوق به حينما وعدهم بإبقاء إسرائيل ضمن سياستها التقليدية القائمة على الديمقراطية، واتضح أن كل ذلك كذب".

كان نتنياهو، تراجع عن المضي قدمًا في خطة التعديلات القضائية، وقرر تجميد العمل بها حتى الدورة الصيفية لـ"الكنيست" التي تنتهي في يوليو المقبل، بعدما شهدت إسرائيل موجة احتجاجات وتهديدات غير مسبوقة بالإضراب العام، في المؤسسات الصحية والمرافئ الحكومية، ما أدى إلى فقدان السيطرة، ودفع الجيش الإسرائيلي إلى رفع حالة التأهب.

نية نتنياهو

وعن نية نتنياهو بشأن تغول حكومته على السلطة القضائية، بيّن فريدمان، أنه منذ اليوم الأول، كان واضحًا لكثيرين أن هذه الحكومة اليمينية ستذهب إلى أقصى الحدود، التي لم يجرؤ عليها أحد.

وحذر من أنه مع عدم وجود حواجز حماية، فإن الأمر سيأخذ الولايات المتحدة ويهود العالم أبعد من الخطوط الحمراء، التي لم يتخيلوا عبورها.

الأردن

وأشار إلى أنه مع احتمال زعزعة استقرار الأردن، والقضاء على الأمل بحل الدولتين، ستضع هذه الحكومة، إسرائيل -في الذكرى 75 لتأسيسها- على حافة حرب أهلية.

يذكر أنه بعد "أزمة الخريطة" والتصريحات العنصرية، التي أدلى بها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أوصى البرلمان الأردني بطرد السفير الإسرائيلي.

وقال رئيس مجلس النواب، أحمد الصفدي، الأسبوع الماضي: "نطالب الحكومة بإجراءات فاعلة ومؤثرة تجاه استخدام وزير مالية حكومة نتنياهو، خريطة لإسرائيل تضم حدود المملكة الأردنية والأراضي الفلسطينية".

ونوه الكاتب الأمريكي الشهير إلى أن "مفتاح تنفيذ أجندة الحكومة الراديكالية، كان دائمًا يبدأ بالسيطرة على المحكمة العليا الإسرائيلية -العائق الشرعي المستقل الوحيد لطموحات نتنياهو وشركائه في الائتلاف المتطرف- من خلال عملية متخفية باسم الإصلاح القضائي".

وأشار إلى أنه مع إحكام السيطرة على القضاء، التي يسعى إليها نتنياهو وشركاؤه لتقديم هذا النوع من السيطرة السياسية على المحاكم فوق أي أولوية أخرى يديرونها، ما جعل البلاد على شفا "حرب أهلية"، كما اعترف نتنياهو في خطابه الوطني.

وفي مواجهة هذه الحرب الأهلية -بعد ثورة غير مسبوقة شارك فيها قطاع عريض من المجتمع الإسرائيلي وقواتها المسلحة وحتى بعض أعضاء حزبه- عرض نتنياهو تعليق جهوده للسيطرة على السلك القضائي، ومنح فرصة تمتد نحو شهر مقابل مفاوضات مع المعارضة، لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى حل وسط.

ماذا يحدث؟

وعن توقعاته لما سيحدث، رأى فريدمان، أن هناك شيئًا واحدًا بات واضحًا، أن نتنياهو أصبح نموذجًا لشخص غير عقلاني و"لم يعد بإمكاننا التنبؤ بسلوكه"، ومن ثمّ ينبغي ألا يثق الرئيس بايدن في كلماته.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة بحاجة ماسة إلى التأكد من أن نتنياهو لا يستخدم الأسلحة الأمريكية، للدخول في أي نوع من الحرب التي يختارها مع إيران أو حزب الله، من دون تأييد القيادة العسكرية الإسرائيلية العليا، التي عارضت انقلابه القضائي.

ووصف الكاتب، نتنياهو بأنه بات "خطرًا على المصالح والقيم الأمريكية"، خصوصًا بعد أن ادعى ابنه بأن الولايات المتحدة -التي ساعدت إسرائيل بمليارات الدولارات اقتصاديًا وعسكريًا منذ تأسيسها - وراء المظاهرات الحاشدة التي خرجت ضد أبيه في أنحاء البلاد، احتجاجًا على مشروعه للإصلاح القضائي.

كان يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد اتهم الإدارة الأمريكية بتمويل الاحتجاجات في إسرائيل لإسقاط حكومة والده، والتوصل لاتفاق مع إيران.

ونشر يائير، تغريدة لناشط الليكود الذي يرأسه نتنياهو، يغال مالكا، ذكر فيها أن مارك ليفين، مقدم البرامج في قناة فوكس نيوز الأمريكية "يكشف أن وزارة الخارجية الأمريكية متورطة في تمويل المظاهرات بإسرائيل في محاولة لإطاحة حكومة نتنياهو بهدف التوصل إلى اتفاق مع السلطات في إيران".

وقبل أيام من اتهامات يائير، ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أنه بينما كان نتنياهو في زيارة رسمية إلى روما، نقلت عن "مسؤول كبير" في حزبه (ليكود) قوله (بلا أي دليل): "هذه الاحتجاجات ممولة ومنظمة بملايين الدولارات".

وتابعت الصحيفة الإسرائيلية: "أكد عضو آخر من الوفد المرافق لرئيس الوزراء أن المسؤول الكبير كان يشير إلى الولايات المتحدة".

على نهج إيران

ورأى الكاتب الأمريكي، أن اتهامات نجل نتنياهو، تسير على النهج نفسه الذي تنتهجه إيران، بتحميلها للولايات المتحدة مسؤولية المظاهرات التي خرجت ضد النظام، احتجاجًا على قتل فتاة على يد الشرطة، بدعوى عدم ارتدائها الحجاب بالشكل اللائق.

وأضاف: "هذه هي المؤامرة نفسها التي يفكر قادة إيران بنشرها لتشويه سمعة الحركة الديمقراطية الأصيلة في إيران، بقيادة الإيرانيات".

واستطرد: "أن ينقلب نتنياهو وابنه على الولايات المتحدة، بالسخرية المثيرة للشفقة نفسها، التي تتبعها إيران، أمر مخز ومجنون"، مشددًا على أنه "ينبغي عدم السماح لأي من الرجلين -نتنياهو وابنه- بدخول الولايات المتحدة حتى يعتذرا أولًا".

ليست هذه العلامة الوحيدة لما أصبح عليه نتنياهو، وأنه يتصرف بشكل "غير عقلاني"، إذ إن إصراره على التعديلات القضائية قسمت جيشه، في الوقت الذي تستطيع فيه إيران إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية في أقل من أسبوعين، وتحقق إنجازات دبلوماسية مع حلفاء إسرائيل العرب.

وأشار فريدمان، إلى أن نتنياهو، واجه عرض وزير دفاعه، يوآف غالانت، بضرورة وقف خطط تعديل النظام القضائي، محذرًا من أن الانقسام العميق، الذي أثارته في المجتمع الإسرائيلي يؤثر في الجيش ويهدد الأمن القومي، بأن أصدر قرارًا بإقالته، وهو ما ترك انقسامًا شديدًا داخل الجيش في هذا الوقت العصيب.

ووصلت هذه الانقسامات حد أن هدد بعض الجنرالات باستقالة جماعية.

المشروع القضائي

من الأمور التي تكشف -وفق الكاتب- عدم عقلانية نتنياهو، أنه بإصراره على مشروعه القضائي، يخاطر بواحد من أعظم إنجازات الدبلوماسية الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط، وهي "اتفاقيات أبراهام"، للمضي قدمًا في استيلاء قضائي من شأنه أن يمنح مزيدًا من الحرية لليهود المتعصبين ضد الفلسطينيين.

واستشهد بما فعله وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، من عرضه لخريطة لدولة إسرائيل تتضمن الأردن، وكل الأراضي الفلسطينية، ما قد يؤثر في "اتفاقيات إبراهيم" الأخيرة، مشيرًا إلى أن ما حدث أثار غضب الإمارات والبحرين، ناهيك عن الأردن، التي تعد ركيزة أساسية لاستراتيجية أمريكا في الشرق الأوسط.