الإنسانية تنتصر لسوريا.. كيف دعمت الدول العربية والغربية سوريا وتركيا؟
دبلوماسية النكبات تنتصر على المواقف السياسية... كيف دعمت الدول العربية سوريا وتركيا؟

السياق
بعد أكثر من مئة ساعة على زلزال عنيف، أودى بحياة أكثر من 21700 شخص، في إحدى أسوأ الكوارث في هذه المنطقة منذ قرن، يتراجع الأمل الجمعة، بالعثور على أحياء في تركيا وسوريا.
تلك الكارثة، التي أودت بحياة الآلاف وشردت غيرهم في البلدين، أطلقت «دبلوماسية النكبات»، التي تجاوزت الحدود، وتخطت الحواجز السياسية والحسابات الدولية، لتشحذ الدول العربية والغربية هممها، استجابة لنداء الإنسانية.
فمن مساعدات عينية وإيفاد فرق طبية، مرورًا بتخصيص أموال، إلى رفع العقوبات وزيادة التمثيل الدبلوماسي، تنوعت استجابة الدول العربية والغربية، لمساعدة تركيا وسوريا في تجاوز تلك المحنة.
كيف استجابت الدول العربية؟
بـ27 طائرة تنقل 640 طنًا من المساعدات لإغاثة المتضررين في سوريا وتركيا، جنبًا إلى جانب مع أوامر أصدرها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم 100 مليون دولار، شحذت دولة الإمارات همتها لإغاثة المتضررين في البلدين.
وتشمل مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، تقديم 50 مليون دولار للمتضررين من الزلازل من الشعب السوري، إضافة إلى 50 مليون دولار إلى الشعب التركي، وتوجيه بإنشاء مستشفى ميداني وإرسال فريقي بحث وإنقاذ إضافة إلى إمدادات إغاثية عاجلة إلى المتأثرين من الزلزال في تركيا وسوريا، لتستفيد منها الأسر في المناطق الأكثر تأثراً بتداعيات الزلزال.
ليس ذلك فحسب، بل إن قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع الإماراتية، أعلنت بدء عملية «الفارس الشهم2» لدعم تركيا وسوريا، التي نجحت في إنقاذ عائلة مكونة من أم وابن وابنتين من الجنسية السورية من تحت الأنقاض، بعد سقوط منزلهم في أعقاب زلزال تركيا.
في السياق نفسه، وجَّه نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، بتقديم بمساعدات إنسانية عاجلة للمتضررين في سوريا جراء الزلزال بـ 50 مليون درهم، من خلال مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.
وفي محاولة لتخفيف وطأة الأزمة والمساعدة في التواصل، أعلنت شركة اتصالات الإماراتية، توفير مكالمات مجانية لمدة أسبوع، من شبكتها في دولة الإمارات إلى سوريا وتركيا، كجزء من استجابتها الإنسانية في مواجهة آثار الزلزال المدمر الذي ضرب الدولتين، وحرصها على مواصلة دورها في ربط المجتمعات وإبقائها على تواصل مع آخر المستجدات.
تسري هذه المبادرة من 9 فبراير حتى 16 فبراير الجاري، وتشمل جميع عملاء شبكة الهاتف المتحرك في اتصالات سواء من الأفراد أم الشركات، ليكونوا على اتصال بعائلاتهم وأحبائهم في سوريا وتركيا بإمكانية استخدام ما يصل إلى 1000 دقيقة مجانية، بحسب البيان الذي قال إنه يمكن للعملاء المسافرين إلى سوريا وتركيا تلقي المكالمات الواردة مجاناً، وإجراء مكالمات صادرة غير محدودة من وإلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك داخلياً في الدولتين.
عملية #الفارس_الشهم2: #الإمارات أرسلت حتى الآن 27 طائرة شحن إلى #سوريا و #تركيا لإغاثة ضحايا الزلزال#السياق #earthquakeinturkey #زلزال_تركيا_سوريا pic.twitter.com/kZJRUNgKRL
— السياق (@alsyaaq) February 10, 2023
السعودية
أعلنت المملكة العربية السعودية، تسيير مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية جسرًا جويا، لمساعدة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا، بينما غادرت الجمعة، مطار الملك خالد الدولي الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة، إلى مطار أضنة بجمهورية تركيا تحمل 104 أطنان و62 كيلو غرامًا من المساعدات الإغاثية، تشتمل على المواد الغذائية والخيام والبطانيات والبسط والحقائب الإيوائية، إضافة إلى المواد الطبية.
وضمن حملة «عطاؤكم يخفف عنهم»، أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الحملة الشعبية عبر منصة «ساهم» لمساعدة المتضررين من الزلزال في سوريا وتركيا، التي تمكنت من جمع ملايين الريالات خلال يومين فقط، بينما قال المشرف العام على مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، عبدالله الربيعة، إن فرق الإنقاذ السعودية ستنتقل إلى مواقع الحدث بعد الجسر الجوي.
سلطنة عمان
سيرت سلطنة عُمان، ممثلة بالهيئة العُمانية للأعمال الخيرية، بالتعاون مع سلاح الجوّ السُّلطاني العُماني، رحلات إغاثة إلى المناطق المتضررة بسوريا جراء الزلزال الذي تعرضت له.
كما سيرت سلطنة عُمان جسرًا جويًا، لنقل المواد الإغاثية للمناطق المتضررة من الزلزال في سوريا وتركيا، تنفيذًا لتوجيهات السلطان هيثم بن طارق.
الكويت
وجَّه أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بإنشاء جسر جوي لإرسال مساعدات وفرق طبية عاجلة إلى تركيا جراء الزلزال، تشارك فيه وزارة الخارجية وقوة الإطفاء والجيش الكويتي ووزارة الصحة.
وأرسلت الكويت طائرتين عسكريتين إلى تركيا، تمثلان أولى طلائع الجسر الجوي الإغاثي لضحايا الزلزال، حملتا فريق إنقاذ بكل تجهيزاته، ومساعدات طبية طارئة ومواد غذائية قدرت بنحو 8 أطنان.
البحرين
العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، أصدر توجيهات بتقديم مساعدات إنسانية إغاثية عاجلة إلى المتضررين من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.
وبحسب وكالة الأنباء البحرينية، فإن العاهل البحريني وجَّه المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، للمساعدة في تقديم العون اللازم لضحايا الزلزال.
ووجَّه الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، الخميس، الدعوة إلى شعب مملكة البحرين والمقيمين، للتكاتف والتلاحم مع السوريين والأتراك والتبرع ضمن الحملة التي تقودها المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية «الحملة الوطنية لدعم ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا».
مصر
أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، توجيهات لقيادة الجيش، بإرسال 5 طائرات عسكرية محمَّلة بمساعدات طبية عاجلة إلى سوريا وتركيا.
كما أجرى الرئيس المصري أول مكالمة هاتفية بنظيره السوري منذ ترشحه لرئاسة مصر عام 2014، إضافة إلى أول اتصال هاتفي بنظيره التركي منذ مجيئه رئيسًا، أعرب خلالهما عن خالص التعازي بضحايا الزلزال المدمر، متمنياً "الشفاء العاجل للجرحى والمصابين".
وأكد الرئيس المصري "تضامن مصر مع سوريا وتركيا وشعبيهما في هذا المصاب الأليم"، مشيراً إلى "طلبه تقديم كل أوجه العون والمساعدة الممكنَين في هذا الصدد إلى سوريا وتركيا".
ليس هذا فحسب، بل إن مصر أرسلت فريقًا إغاثيًا وطبيًا إلى بلدة جندريس بريف عفرين شمالي حلب، لدعم عمليات إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، بينما نقل وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى نظيره السوري قرار الحكومة المصرية بإرسال مساعدات إغاثية عاجلة تضامنًا مع سوريا في مواجهة تداعيات تلك الكارثة.
الأردن
سير الأردن أول قافلة مساعدات برية إلى المتضررين من الزلازل في سوريا وتركيا، تضم سبع شاحنات محملة بمواد إغاثة ومستلزمات أطفال ومواد طبية وإنسانية.
كما قرر إرسال 99 منقذاً من فريق البحث والإنقاذ الدولي، للمساعدة في البحث عن ناجين ومتضررين جراء الزلزال، إضافة إلى طائرات الإغاثة التابعة لسلاح الجو الأردني، التي أقلعت محملة بمعدات إنقاذ وخيام ومواد لوجستية وطبية، وخمسة أطباء من الخدمات الطبية الملكية.
الجزائر
أرسلت الجزائر، بأمر من الرئيس عبدالمجيد تبون، فريقًا من الدفاع المدني إلى تركيا، للمشاركة في عمليات الإنقاذ والإغاثة، إثر الزلزال الذي ضرب المنطقة، ويتكون الفريق من 89 فردًا من أطباء وغيرهم.
بينما أرسل الهلال الأحمر الجزائري 210 أطنان من المساعدات الإنسانية، التي شملت مواد غذائية وخيمًا ومساعدات أخرى، إلى سوريا وتركيا.
فلسطين
غادر الأراضي الفلسطينية –الخميس- فريق دولة فلسطين للتدخل والاستجابة العاجلة متجهًا إلى سوريا وتركيا، عبر الأردن للمساهمة في أعمال البحث وإنقاذ ضحايا الزلزال الذي ضرب الدولتين.
وقال عماد الزهيري مدير عام الوكالة الفلسطينية للتعاون التي تشرف على الفريق، إنه يضم أطباء ومسعفين وخبراء في عمليات الإنقاذ يعلمون في هذا المجال منذ خمس سنوات، ولديهم الخبرات الكافية للتعامل مع الكوارث الطبيعية.
بينما قال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي إن «دولة فلسطين على استعداد لتسخير الإمكانات المتاحة لتقديم يد العون للأشقاء في تركيا وسوريا».
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية إن الرئيس محمود عباس أجرى –الأربعاء- اتصالًا هاتفيًا بالرئيس السوري بشار الأسد، ونقلت الوكالة عن عباس تأكيده وقوف القيادة الفلسطينية وشعب فلسطين، إلى جانب الأشقاء في سوريا في هذا المصاب الكبير، والاستعداد لتقديم كل أشكال الدعم وفق الإمكانات المتاحة.
تونس
أعلنت الرئاسة التونسية –الخميس- أن الرئيس قيس سعيد قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في سوريا، في أوضح إشارة إلى نية تونس إعادة العلاقات مع دمشق.
كانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، احتجاجًا على قمع نظام الرئيس بشار الأسد للاحتجاجات المناهضة لحكمه قبل أكثر من عشر سنوات، إلا أنها أعادت عام 2017 إلى سوريا بعثة دبلوماسية محدودة، سعيًا لتعقب أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل تونسي متطرف في سوريا.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد، في بيان عقب لقائه وزير الخارجية: «قضية النظام السوري شأن داخلي يخص السوريين(..) السفير يعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام».
وأرسلت تونس طائرات إغاثة إلى سوريا، تتضمن فرق إنقاذ وحماية مدنية وأطباء ومساعدات غذائية، وصلت بالفعل إلى مطار حلب الخاضع لسيطرة النظام السوري.
فتح معابر
وفي محاولة من تركيا لتخفيف معاناة السوريين، أعلن وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو –الأربعاء- أن بلاده تعمل على فتح معبرين حدوديين مع سوريا، لتدفق المساعدات الإنسانية إلى جارتها التي ضربها الزلزال.
وقال شاويش أوغلو إن الأضرار التي لحقت بالجانب السوري من الطريق المؤدي إلى معبر حدودي مفتوح فقط للمساعدات الإنسانية، في إطار تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تسبب صعوبات في ما يتعلق بالجهود المبذولة بعد الزلزال.
وأمس، وصلت أول قافلة مساعدات إنسانية لشمالي غرب سوريا منذ الزلزال المدمر الذي وقع الاثنين، بينما قالت تقارير غربية، إن القافلة تشمل ست شاحنات.
وقال مسؤول تركي إن معبر باب الهوى الحدودي مفتوح أمام المساعدات الإنسانية، وإن السلطات ستفتح عددًا قليلًا من المعابر بعد يومين، إذا كان الوضع الأمني جيدًا.
وتصف الأمم المتحدة دخول الدعم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، من خلال باب الهوى بأنه "شريان حياة" لنحو أربعة ملايين شخص، تقول إنهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
كيف دعمت الدول الغربية سوريا وتركيا؟
في محاولة من الولايات المتحدة لتخفيف وطأة الزلزال على سوريا، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، الرخصة العامة 23 الخاصة بسوريا، وتسمح بـ180 يومًا من العمليات ذات الصلة بالإغاثة من الزلزال، التي كانت محظورة بموجب أنظمة العقوبات المفروضة على سوريا.
وعن الرخصة، قال نائب وزير الخزانة والي أدييمو: «نعرب عن خالص التعازي للشعبين التركي والسوري على الخسائر المأساوية في الأرواح والدمار عقب الزلزالين المدمرين. وبينما نحشد الحلفاء الدوليين والشركاء الإنسانيين لمساعدة المتضررين، أود أن أوضح أن العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا لن تقف في طريق الجهود المبذولة لإنقاذ حياة الشعب السوري».
وأوضح المسؤول الأمريكي، أن برامج العقوبات الأمريكية تقدم استثناءات قوية خاصة بالجهود الإنسانية، لكن وزارة الخزانة تصدر ترخيصًا عامًا شاملًا لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن من يقدمون المساعدة من التركيز على ما هو مطلوب أكثر، أي إنقاذ الأرواح وإعادة البناء.
ولا تستهدف برامج العقوبات الأمريكية المساعدة الإنسانية المشروعة، بما في ذلك جهود الإغاثة في حالات الكوارث. وقد أصدرت الحكومة الأمريكية منذ وقت طويل تراخيص عامة معمول بها قانونًا، ما يسمح بمعظم الأنشطة الداعمة للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها النظام، ومن قِبَل الأمم المتحدة أو الحكومة الأمريكية أو المنظمات غير الحكومية التي تشارك في معاملات تدعم بعض الأنشطة غير الهادفة للربح.
ويمتد هذا التفويض الجديد ليشمل التراخيص الإنسانية الواسعة النطاق والسارية بموجب القانون الخاص بالمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية والحكومة الأمريكية.
ويعكس هذا الطلب التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب السوري في أزمة الزلزال الحالية.
وقالت بريطانيا إنها بصدد التعهد بتمويلات إضافية، تبلغ ثلاثة ملايين جنيه استرليني (3.65 مليون دولار) على الأقل، لدعم عمليات البحث والإنقاذ ومساعدات الطوارئ في سوريا عقب الزلزالين اللذين ضربا المنطقة.
بريطانيا
وقالت بريطانيا في بيان: «في ضوء قوة الزلزالين وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة شمالي غرب سوريا فإن المملكة المتحدة ستزود جماعة الخوذ البيضاء بتمويل إضافي لدعم عملياتها الرئيسة للبحث والإنقاذ».
من جهتها أعلنت لندن -الخميس- مساعدة إضافية قدرها 3.4 مليون يورو على الأقل لتصل مساعدتها الإجمالية إلى 4.3 مليون يورو مخصصة للخوذ البيضاء.
أوروبا
وأرسل الاتحاد الأوروبي مساعدات أولى إلى تركيا، بعد ساعات على الزلزال الاثنين، إلا أنه لم يعرض إلا مساعدة محدودة لسوريا عبر برنامج المساعدات الإنسانية المعمول بها، بسبب العقوبات الدولية المفروضة على هذا البلد منذ بدء الحرب فيه عام 2011.
وزار المفوض الأوروبي لتنسيق مساعدات الاتحاد الأوروبي يانيش لينارسيتش، غازي عنتاب جنوبي شرق تركيا للقاء مسؤولين فضلًا عن منظمات إنسانية تنشط شمالي غرب سوريا على ما أعلنت المفوضية، وخصصت فرنسا مساعدة طارئة للشعب السوري بـ 12 مليون يورو.
وأعلن البنك الدولي -الخميس- تقديم مساعدة قدرها 1.78 مليار دولار لتركيا، بينما كشفت واشنطن أنها ستخصص 85 مليونًا لتركيا وسوريا.