رغم الهدنة... إطلاق نار وانفجارات في الخرطوم

أفاد شهود عيان، بسماع دوي قذائف واشتباك بأسلحة ثقيلة في الخرطوم رغم الهدنة، بجانب تجدد الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش.

رغم الهدنة... إطلاق نار وانفجارات في الخرطوم

السياق

بعد ساعات من إعلان هدنة جديدة لوقف إطلاق النار في السودان، برعاية أمريكية سعودية، بدأت الاتهامات بخرقها عقب عشرة أيام من معارك دامية فشلت معها محاولات التهدئة.

ويبقى الاختبار بمدى التزام الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف "بحميدتي" بالاتفاق على الأرض، إذ سبق لهما -منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل- الإعلان أكثر من مرة عن هدنة، ما لبث كل طرف أن اتّهم الآخر بخرقها.

وأفاد شهود عيان، بسماع دوي قذائف واشتباك بأسلحة ثقيلة في الخرطوم رغم الهدنة، بجانب تجدد الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش.

واتهمت قوات الدعم السريع، الجيش السوداني بعدم الالتزام بالهدنة، وقالت في بيان: "في البدء نجدد التزامنا المطلق بالهدنة الإنسانية المعلنة لمدة 72 ساعة التي وافقنا عليها والتزمنا بكل شروطها من أجل فتح ممرات إنسانية للمواطنين والمقيمين من رعايا الدول الشقيقة والصديقة".

وأضافت: "نشير إلى أن الطرف الثاني لم يلتزم بشروط الهدنة، حيث ما زالت طائراته تحلق في سماء الخرطوم بمدنها الثلاث، بما يمثل إخلالًا بائنًا للهدنة وشروطها واجبة التنفيذ".

وأشار البيان إلى "أن كسر شروط الهدنة المعلنة يؤكد ما ظللنا نشير إليه مرارًا وهو وجود أكثر من مركز قرار داخل قيادة القوات المسلحة الانقلابية وفلول النظام البائد المتطرفين، كما أن خرق الهدنة يُعد دليلًا دامغًا على تعطش الانقلابيين للحرب وإلى سفك دماء الشعب السوداني إذ لم تكفهم منها ثلاثون عامًا".

 

إعلان أمريكي

وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن طرفي النزاع وافقا على وقف النار ثلاثة أيام، تبدأ الثلاثاء.

وقال في بيان الاثنين: "عقب مفاوضات مكثفة خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على تنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد ابتداءً من منتصف ليل 24 أبريل، ويستمر 72 ساعة".

وأضاف: "خلال هذه الفترة، تحث الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار".

وأشار الى أن الولايات المتحدة تعمل أيضًا مع شركاء لتشكيل لجنة تتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار في السودان.

وأكد كل طرف عزمه التزام التهدئة.

 

الجيش يلتزم

بالمقابل، أعلن الجيش في بيان عبر "فيسبوك"، أنه سيحترم الهدنة بشرط "التزام" قوات الدعم السريع بها.

جاء ذلك بعد تأكيد قوات الدعم، الاتفاق على "هدنة مخصصة لفتح ممرات إنسانية وتسهيل تنقل المدنيين".

إلى ذلك، قال خالد عمر يوسف، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير: "بوساطة أميركية وتنسيق مع الحرية والتغيير تبدأ منتصف ليل الثلاثاء هدنة 72 ساعة لأغراض إنسانية".

وأضاف: "خلال هذه الهدنة هناك حوار لترتيبات وقف نهائي لإطلاق النار، الولايات المتحدة -بتنسيق معنا- تواصلت مع القوات المسلحة والدعم السريع".

ومنذ اندلاع المعارك في الخرطوم ومدن أخرى في 15 أبريل، قُتل أكثر من 420 شخصا وأصيب زهاء أربعة آلاف، ونزح عشرات الآلاف، في ظل نقص حاد بالغذاء والمياه والوقود، وانقطاع التيار الكهربائي، وتراجع حاد في القدرة على توفير الخدمات الصحية.

 

نزاع في المنطقة

جاء إعلان اتفاق وقف النار، بعد تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العنف في السودان قد "يمتد إلى المنطقة وأبعد منها".

وقال -أمام مجلس الأمن- إن الوضع في السودان "يواصل التدهور"، مشددًا على ضرورة "أن تتوقف أعمال العنف. إنها تهدد بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى المنطقة وأبعد منها".

وأعرب بلينكن -الاثنين- عن "قلق بالغ لوجود مجموعة بريغوجين، مجموعة فاغنر الروسية، في السودان".

جاء إعلان وقف إطلاق النار بعدما تسارعت -منذ عطلة نهاية الأسبوع- عمليات إجلاء آلاف الرعايا والدبلوماسيين الأجانب بمختلف وسائل النقل البري والبحري والجوي.

غير أن الأمم المتحدة أعلنت -الاثنين- الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان، وعلى رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس، بينما وصل 700 من موظفيها وموظفي السفارات والمنظمات غير الحكومية إلى ميناء بورتسودان شرقي السودان لإجلائهم.

وفتحت عواصم غربية وعربية عدة، مسارات آمنة لإخراج الرعايا الأجانب بضمان الطرفين المتصارعين.

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن التكتل تمكّن من إجلاء ألف من رعاياه من السودان، في عمليات "معقّدة وناجحة".

وأعلنت الخارجية الفرنسية -الاثنين- أنها أجلت -إلى الآن- نحو 400 من رعاياها وحملة جنسيات دول أخرى، مثل ألمانيا والنمسا والدنمارك وفنلندا واليونان والمجر والمملكة المتحدة والسويد وسويسرا وجنوب إفريقيا وبوروندي وإثيوبيا وليسوتو والمغرب وناميبيا والنيجر وأوغندا ورواندا، فضلًا عن السودان والولايات المتحدة وكندا والهند واليابان والفلبين.

شملت عمليات الإجلاء دولًا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والصين، بينما كانت مصر والسعودية الأبرز في هذه العمليات بين البلدان العربية.

وأغلبية الأجانب الذين تمّ إجلاؤهم من الدبلوماسيين، بينما ينتظر كثير من المدنيين دورهم للإجلاء جوًا، ضمن قوافل حافلات وسيارات رباعية الدفع، تنتقل بمواكبة أمنية من الخرطوم نحو قواعد عسكرية خارجها، أو إلى مدينة بورتسودان.

 

احتدام المعارك

في موازاة ذلك، أثار مسؤولون ومحللون مخاوف حيال مصير السودانيين، وسط خشية من احتدام المعارك مجددًا، عندما ينتهي إخراج الرعايا.

وباتت مغادرة الخرطوم هاجسًا يؤرق سكانها البالغ عددهم خمسة ملايين، في ظل انقطاع الكهرباء ونقص المؤن.

إلا أن المغادرة ليست سهلة، خصوصًا في ظل حاجة لكميات كبيرة من الوقود، لقطع المسافة نحو الحدود المصرية شمالًا (زهاء ألف كيلومتر)، أو بلوغ بورتسودان (850 كيلومترًا إلى الشرق) أملًا بالانتقال منها بحرًا إلى دولة أخرى.

وحذرت الأمم المتحدة من أنه "في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف في الوضع الإنساني الحرج أساسًا بالسودان".

وقدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن 800 ألف لاجئ من جنوب السودان يعيشون في السودان، سيعتمدون على أنفسهم في العودة إلى وطنهم، الذي فرّوا منه هربًا من الحرب.