ما أسباب زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى مصر؟

الارتقاء بمستوى العلاقة الاقتصادية بين البلدين تلزمه تفاهمات سياسية، تلقي بظلالها على المشاريع الاستثمارية المرجوة

ما أسباب زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى مصر؟
عبدالفتاح السيسي - محمد شياع السوداني

السياق

تساؤلات كثيرة عن أسباب زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مصر قبل أيام، التي تعد الثانية في 100 يوم.

وبينما تطرق كثيرون إلى أبعاد اقتصادية وتفاهمات سياسية، كانت هناك أصوات تتحدث عن دور عراقي للوساطة بين القاهرة وطهران.

ووقَّع السوداني ونظيره المصري مصطفى مدبولي محضر أعمال "اللجنة العليا المشتركة" بين البلدين، كذلك شهدا مراسم توقيع 11 مذكرة تفاهم مشتركة، في عدد من المجالات والقطاعات.

ووصف المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، زيارة السوداني إلى القاهرة بـ"المهمة"، موضحًا أنها "تهدف إلى بحث العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين".

ورأس السوداني وفدًا موسعًا يضم 12 وزيرًا، خصوصاً من الوزارات الخدمية والأمنية، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال العراقيين، للقاء نظرائهم المصريين.

واستهل زيارته بلقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وأكد السيسي "دعم مصر الثابت والراسخ لأمن العراق الشقيق واستقراره، والاعتزاز بعمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والحرص على تعزيز وتنويع أطر التعاون الثنائي المتبادل في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، سواء على المستوى الثنائي أم من خلال آلية التعاون الثلاثي مع الأردن".

وقبيل الزيارة، بحث وزير التجارة العراقي أثير الغريري، مع وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، استعدادات انعقاد الدورة الثانية من اللجنة المشتركة "المصرية العراقية" بالقاهرة.

وأكد بيان للحكومة العراقية أن منتدى الأعمال العراقي المصري، الذي عُقد بمشاركة "نخبة من سيدات ورجال الأعمال" من البلدين، يعكس الرغبة الجادة ليكون القطاع الخاص شريكـًا للحكومة.

من ينفذ الاتفاقيات؟

جملة من الاتفاقيات وُقِّعت بين البلدين، ما دفع محللين إلى التساؤل عن إمكانية تطبيقها، وهل هناك رغبة سياسية حقيقية بين البلدين لتنفيذها، أم أنها ستبقى حبرًا على ورق، خاصة أن فصائل شيعية اعترضت على تولي مصر مشاريع لإعادة الإعمار في العراق.

واطلعت السياق على تصريحات لمحللين، تحدثوا لوسائل إعلام عن "موانع" قد تحول دون الالتزام بالاتفاقيات الموقعة قبل أيام، وكذلك منذ حكومة الكاظمي.

وأكد محللون أن الارتقاء بمستوى العلاقة الاقتصادية بين البلدين تلزمه تفاهمات سياسية، تلقي بظلالها على المشاريع الاستثمارية المرجوة.

وأشار محللون إلى أن القاهرة تعي ذلك، وهو ما يفسر اهتمام القيادة المصرية بدعم العراق في كثير من المواقف.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، قال في تصريحات لصحيفة العرب، إن اتفاقيات التبادل التجاري تصطدم بمجموعة من الصعوبات، منها أن 70 في المئة من الواردات تنتج خارجها، والجزء الأكبر من الصادرات يتعلق بالنفط.

واكد الدبلوماسي المصري أن تنافسية الاقتصاد بين البلدين، تحد من زيادة حجم التبادل التجاري بينهما.

ورأى أن البديل لذلك زيادة حجم الاستثمارات في مجال تصنيع الآلات والمعدات، التي يمكن استخدامها في إعادة الإعمار، فضلًا عن الصناعات الاستراتيجية الأخرى، مثل وسائل النقل والصناعات الغذائية.

واقع ملموس

وذكر المكتب الإعلامي لرئس الوزراء العراقي أن "السوداني بحث مع السيسي العلاقات الثنائية بين البلدين، التي تشهد تقدمًا ملموسًا على مختلف المستويات، ومناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

وتابع أنه جرى خلال اللقاء "تأكيد مواصلة التعاون المتبادل وترجمته إلى واقع عمل ملموس لتعزيز الشراكة بين البلدين"، مؤكدًا "أهمية إنضاج العمل المشترك لمواجهة التحديات والأزمات وتحقيق التكامل في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للبلدين والمصالح المتبادلة لشعبيهما".

وختمت الحكومة العراقية بيانها بأن "الرئيس المصري أعرب عن تقديره لدور العراق وجهوده في دعم استقرار المنطقة واستدامة الأمن فيها، مشيرًا إلى رغبة مصر في توسعة آفاق التعاون مع العراق بمختلف المجالات، ضمن شراكة طويلة الأمد تعزز التنمية للشعوب الشقيقة والصديقة".

وقال السوداني :"وجدنا رغبة جادّة من الجانب المصري لإنجاح أعمال اللجنة الوزارية المشتركة، التي أفضت إلى توقيع 11 مذكرة تفاهم".

وأكد أن بلاده "تشهد اليوم حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي، كما استعادت دورها الريادي في المنطقة". وجرى الاتفاق في تلك الزيارة على تفعيل عدد من المشاريع المشتركة بين البلدين، منها إنجاز المرحلة الأولى من الربط الكهربائي مع الأردن وصولا إلى العراق، وبحث إمكانية إنشاء منطقة لوجستية على الحدود بين العراق والأردن، للمساهمة في توفير السلع والمنتجات المصرية للأسواق العراقية.

وحسب تقارير صحفية غطت الزيارة، فإن الحكومتين وقعتا مذكرة تفاهم بين البنكين المركزيين للبلدين، في مجال تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وأيضًا مذكرة تعاون في مجالات التدريب الدبلوماسي وتبادل الخبرات، وأخرى في مجالات الإدارة والوظيفة العامة والخدمة المدنية.

مصر وإيران... هل من دور عراقي؟

من الاقتصاد إلى الملف الشائك "العلاقات المصرية الإيرانية"، التي تشهد حراكـًا على لسان مسؤولين من طهران "يتغزلون في القاهرة" حسبما تصفهم تقارير صحفية.

كذلك تحدثت وسائل إعلام، عن لقاءات أمنية بين البلدين، لبحث إمكانية عودة العلاقات بينهما، صاحبت ذلك جولة من الوساطات الإقليمية، منها زيارة السلطان العُماني للمرة الأولى إلى القاهرة قبل أسابيع.

إلى ذلك أكد أستاذ العلاقات الدولية فراس إلياس، فى تصريحات صحفية، وجود علاقة بين زيارة السوداني إلى مصر وتطبيعها مع إيران.

وقال إلياس، في تصريح لموقع فيتو، إن الزيارة لمعرفة آخر مستجدات مسار الحوار المصري الإيراني "الذي يجرى برعاية عراقية".

وأكد أستاذ العلاقات الدولية أن "حكومة السوداني" تنظر إلى "هذا الحوار" بأهمية كبيرة.

يذكر أن تعيين السوداني رئيسًا للحكومة، جاء بضغط القوى الشيعية الموالية لإيران وهي "الإطار التنسيقي" أبرز تحالف شيعي في البرلمان العراقي، ويضم كتلا أبرزها دولة القانون بزعامة المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي.