الغارديان: هل تؤدي انتخابات تركيا إلى نهاية حُكم أردوغان؟
تظهر استطلاعات الرأي أن منافسه الرئيس كمال كيليجدار أوغلو، وهو محاسب سابق، يتفوق بفارق ضئيل عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ترجمات - السياق
قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن الرئيس التركي رجب طيب أدروغان، يواجه تحديًا كبيرًا بعد عقدين في السلطة، مشيرة إلى أن الانتخابات المرتقبة، تمثل خيارًا صارخًا للجمهور التركي، بين أردوغان بمخاوف أن تؤدي إعادة انتخابه إلى ترسيخ حكم الرجل الواحد، وخصومه الذين وعدوا بإصلاح النظام الرئاسي، وإعادة تركيا إلى الديمقراطية البرلمانية.
وتظهر استطلاعات الرأي أن منافسه الرئيس كمال كيليجدار أوغلو، وهو محاسب سابق، يتفوق بفارق ضئيل عن الرئيس التركي.
وتقول «الغارديان»، إن المعارضة التركية، وهي ائتلاف من ستة أحزاب برئاسة كيليجدار أوغلو، اتحدت لإزاحة أردوغان من السلطة، تعتقد أن المشكلات التي تواجه البلاد يجب أن تجعل هذا الاختيار سهلاً.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية العميقة، بالاستجابة الحكومية الباهتة لزلزالين قويين ضربا البلاد في فبراير 20 عامًا، في ظل حكم أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، الذي يبدو أنه سيتكبد خسائر في الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، بحسب الصحيفة البريطانية.
انقسام الشارع
في ضواحي العاصمة التركية، تنازع شابان منقسمان في ولاءاتهما على اقتراب موعد الانتخابات في محل حلويات، تفوح منه رائحة الزبد الساخن في الهواء.
أفلح أولوكلو، وهو شاب نحيف يبلغ من العمر 23 عامًا وذو شعر أبيض وبنطلون جينز أسود وقميص أسود، وبخ صديقه لعدم احترامه بعض أنصار الرئيس التركي، أثناء لعبة على الإنترنت.
وصف أولوكلو نفسه بأنه قومي، وقال إنه يعتزم دعم رجب طيب أردوغان في انتخابات رئاسية متنازع عليها في 14 مايو المقبل، قائلًا: «أردوغان مثل الأب بالنسبة لنا في تركيا. لقد كان يدير البلاد 20 عامًا. لا أعتقد أنه من المستحيل إزاحته من منصبه كزعيم، لكن خاصة بين هذه المعارضة، لا أحد يمكنه أن يحل محله».
أما صديقه كان، الذي كان مؤيدًا لحزب المعارضة الرئيس، الشعب الجمهوري، والذي رفض كشف هويته، فقد عبر عن اختلافه مع تلك الرؤية: «لا أعتقد أن هذا البلد يحكم بشكل جيد، وأريد أن يسمع من في السلطة أصوات الناس (...) أعتقد أن هذه قد تكون نهاية أردوغان، أو، على الأقل، آمل ذلك».
حسن، والد كان، صاحب متجر للأقمشة، كشف سبب عزمه عدم التصويت لحزب العدالة والتنمية أو أردوغان لأول مرة في حياته، قائلًا: «الأمر بسيط: لقد أخذ كل المال من جيبي. النسيج الذي نبيعه هنا، نشتريه بالجملة بخمسة أضعاف ما كان عليه، وإيجاري زاد بأكثر من الضعف».
آراء حسن بشأن الاقتصاد، يتبناها حزب الديمقراطية والتقدم التركي «ديفا» بقيادة مسؤول كبير سابق في حزب العدالة والتنمية، وهو الآن عضو في الائتلاف المعارض.
وقال إبراهيم جاناكجي، أحد مؤسسي "ديفا"، المسؤول السابق في الخزانة التركية: «لقد تدهور كل ذلك بشكل كبير في ظل هذا النظام الرئاسي».
وبحسب « جاناكجي» فإن أردوغان اعتاد إلقاء اللوم على الوزراء والمؤسسات والقوى الأجنبية، لكن الناس يرون بوضوح أنه عندما يتعلق الأمر بنظام حكم الفرد، فذلك يعني أن هناك شخصًا واحدًا فقط مسؤول عن هذه النتيجة.
نهاية مفاجئة
لكن وضع نهاية مفاجئة لعقدين من حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية مهمة ليست سهلة، ففي حين تشير استطلاعات الرأي إلى أن تحالف المعارضة يمكن أن يحصل على الأغلبية في البرلمان، فإن السباق على الرئاسة لا يزال محتدمًا.
ومن دون الفوز بالرئاسة والبرلمان، لن تتمكن المعارضة من تنفيذ الإصلاحات الدستورية الشاملة التي وعدت بها، تقول «الغارديان»، مشيرة إلى أن استمرار أردوغان رئيسًا حتى لو تعرض حزبه لهزيمة في البرلمان، سيؤدي إلى زيادة تركيز السلطة حول الرئاسة، وإلغاء أي مكسب للمعارضة.
أونورسال أديجوزيل عضو الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، النائب والمؤيد الشرس لزعيم المعارضة الرئيس في تركيا كمال كيليجدار، قال إن حزب الشعب الجمهوري سينتصر من خلال استهداف المتقاعدين والناخبين المترددين.
وأضاف السياسي التركي: «أعتقد أنه سيكون من الأسهل علينا الفوز في الانتخابات الرئاسية من التصويت البرلماني».
وتابع: «قبل عامين، لم يكن كيليجدار أوغلو منافسًا قويًا لأردوغان، لكنه الآن يتقدم في استطلاعات الرأي، والأهم من ذلك أنه يمكنه تحقيق السلام في تركيا، ولا يستخدم لغة استقطابية مثل أردوغان».
وعندما طُلب من معظم الناخبين وأعضاء ائتلافه تحديد مدى جاذبية ترشيح كيليجدار أوغلو، قالوا إنه قدم بديلاً لأردوغان ومثل التغيير، بحسب "الغارديان" التي قالت إن قليلين هم الذين تمكنوا من توضيح ما قد يشجع الناخبين المترددين أو أنصار أردوغان طوال حياتهم على اختياره.
فالسياسي البالغ من العمر 74 عامًا، الذي يرتدي نظارة طبية، واجه انتقادات من شريكه الرئيس في الائتلاف، الحزب الجيد، بأنه شق طريقه إلى الترشح، ما أجبر الآخرين على الخروج من السباق.
مخاطر كبيرة
وقال أوغور بويراز، الأمين العام لحزب الجيِّد، إن ترددهم بشأن ترشيح كمال كيليجدار، للمخاطر الكبيرة في هذه الانتخابات، حيث كانت الديمقراطية التركية على المحك، مضيفًا «موقفنا من المرشح يتعلق بموقفنا من النصر، وهذا في النهاية يتعلق بمصلحة بلدنا».
أما الكيفية التي يخططون بها لإطاحة الرئيس أردوغان، فقال بويراز إنه يعتقد أن الواقع سيعمل لصالحهم، وأن الشعب التركي لم يعد يثق بأردوغان ولا حزبه، مشيرًا إلى أن هذا الحزب سيتنافس على كل مقعد بأمل الفوز بما يعدونها أغلبية صامتة من ناخبي حزب العدالة والتنمية المستعدين للانشقاق.
وأضاف: «مشكلتنا ليست مع أي فرد، إنها تتعلق بنظام يلوث كل جوانب المجتمع التركي. إنه هذا النظام الذي نخطط لتغييره، وليس الشخص الذي نحاربه... الجمهور مقتنع إلى حد كبير بأن الوقت قد حان لتغيير هذه الحكومة، وأنها غير قابلة للإصلاح».
ورغم ذلك فإن الناخبين ليسوا مقتنعين، فبالنسبة لأولئك مثل كاموران أوزسيب، ابن عم أولوكلو، الذي صوت لأردوغان طوال حياته، فإن احتمال إنهاء حكم الرئيس غير عملي.
ويقول أوزسيب: «أنا أحب أردوغان، ربما تكون هذه سياسته، وربما شخصيته. إنه رجل دولة متمرس»، مشيرًا إلى تلفزيون يعرض أخبارًا لخطاب الرئيس الأخير في متجر الحلوى الخاص بعائلاتهم.
أوزسيب قال إنه يأمل أن يتمكن أردوغان من تحسين الأمور، مضيفًا: «هناك بعض المشكلات البسيطة، في الاقتصاد، أو عدم قدرة الناس على الكلام، أو إيداع الناس السجن. إذا غير أردوغان هذه الأشياء، لن تكون الحياة مثالية، لكنها ستتحسن».
وأضاف: «الكل يريدون التغيير، بصراحة لا أعرف ما يفكرون فيه. فوز كيليجدار أوغلو في الانتخابات، لا يمكن التنبؤ به على الإطلاق».
ابن أخيه أولوكلو انحنى على الطاولة بابتسامة لطيفة، وقال إن المعارضة تسيء فهم الناخبين، مضيفًا: «يتحدث الناس عنا، أولئك الذين يصوتون لأردوغان وحزب العدالة والتنمية كما لو كنا خرافًا، وكأننا نصوت لهم بشكل أعمى، لكن الحال ليس ذلك على الإطلاق، لدينا حرية الاختيار ونصوت على هذا الأساس».