ماذا يفعل أردوغان إذا خسر الانتخابات؟
تساءل الكاتب والمؤرخ الأمريكي مايكل روبين، في تحليل نشرته مجلة واشنطن إكزامنر الأمريكية: ماذا يفعل أردوغان إذا خسر الانتخابات؟ .

ترجمات - السياق
أقل من شهر وتبدأ الانتخابات الرئاسية في تركيا، وسط تحالف المعارضة، وتحفز شعبي لإطاحة الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يبسط سطوته على البلاد منذ نحو عقدين من الزمن، مع تزايد استطلاعات الرأي التي ترجح خسارته منصبه.
بدوره، تساءل الكاتب والمؤرخ الأمريكي مايكل روبين، في تحليل نشرته مجلة واشنطن إكزامنر الأمريكية: ماذا يفعل أردوغان إذا خسر الانتخابات؟ .
وأشار إلى أن على الغرب والولايات المتحدة الاستعداد لهذه النتيجة من الآن، التي تعني الكثير، خصوصًا في ما يتعلق بصفقة حصول تركيا على نظام الصواريخ الروسي إس 400.
وأوضح الكاتب، أنه مع قرب موعد الانتخابات المقررة في 14 مايو المقبل، تظهر استطلاعات الرأي أن الرئيس رجب طيب أردوغان -الذي يهيمن على البلاد منذ عقدين- سيخسر.
ورغم ذلك -حسب روبين- فإن فرص تنحي أردوغان غير مطروحة، خصوصًا أنه يرى نفسه -بالمعنى الحرفي للكلمة- في مهمة موكلة من الله، بل وقال ذات مرة: "أنا خادم الشريعة".
ومن ثمّ فهو -وفق الكاتب- بعد أن سيطرت السلطة على مداركه، لم يعد يفهم أنه قد يأتي يوم ويطيحه الناخبون من منصبه، لذلك فإن فكرة التنحي غير واردة في قاموسه.
سيناريوهات
وعن سيناريوهات هذه الانتخابات، توقع روبين، إطاحة بأردوغان من الجولة الأولى في 14 مايو، لكن إذا لم يتجاوز أي مرشح 50%، فإنه خلال الجولة الثانية في 28 مايو، سيحقق مرشح المعارضة الرئيس كمال كيليجدار أوغلو فوزًا بفارق ضئيل.
ويرى محللون -تحدثوا لروبين- أنه رغم حملة أردوغان الانتخابية الكبيرة، فإن التضخم وسوء الإدارة المالية دفع كثيرين في مجتمع الأعمال المحافظ، إلى التخلي عنه.
وأشاروا إلى أن كيليجدار أوغلو قد يفتقر إلى الكاريزما، لكن بعد عقدين من حكم أردوغان، استنتج الأتراك أن عليهم التفكير في التغيير مهما كانت التحديات، ومن ثمّ قد يكون زعيم المعارضة هو الأبرز لمنافسة أردوغان، خصوصًا أن المرشحين الآخرين محرم إنغه -مرشح مستقل عن حزب البلد- وسنان أوغان -مرشح تحالف أتا- تقل حظوظهما كثيرًا في الفوز.
وبيّن روبين، أنه في حين أن الأكراد عادةً ما يكونون معادين لحزب الشعب الجمهوري -حزب المعارضة- بسبب تواطؤه التاريخي في قمعهم، إلا أنهم غيروا موقفهم وأعلنوا أنهم سيساندون كيليجدار أوغلو، انتقامًا من أردوغان.
ونوه إلى أن غضب الأكراد واشمئزازهم من هجوم أردوغان على إخوانهم العرقيين في سوريا، تفوق على كراهيتهم لحزب الشعب الجمهوري.
وهو ما دعا السياسي الكردي المسجون صلاح الدين دميرتاش إلى القول: "هناك أمل بأن يعم سلام شامل في فترة ما بعد أردوغان الذي أسهم بسياساته المتعنتة ضد الأكراد، في أن يتوجه معظم الأتراك إلى دعم معسكر كيليجدار أوغلو"، حسب وصفه.
السيناريو المكرر
وفي إمكانية لتكرار سيناريو انتخابات عام 2016، توقع روبين أن يكون أردوغان قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة خلال الانتخابات المقبلة، قبل أن يقلب دفة الأمور لصالحه، لافتًا إلى أنه مع تدفق الأتراك من ديار بكر إلى اسطنبول إلى الشوارع، للاحتفال بفرصة جديدة للديمقراطية، سيظهر أردوغان فجأة على شاشات التلفزيون ليعلن النصر.
وحسب الكاتب، سيدعي أردوغان حينها أن العاملين الذين فرزوا الأصوات كانوا من أتباع منافسه السابق الداعية الديني فتح الله غولن، وفي السابعة من صباح اليوم التالي، سيظهر ثلاثة من موظفي الاقتراع على شاشة التلفزيون، مكبلي الأيدي والعلم التركي في الخلفية، يعترفون بدورهم في تزوير النتائج.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، تبث وسائل الإعلام الحكومية التركية أنباء عن مكالمات هاتفية أو تصريحات لقادة روسيا وأذربيغان وباكستان، تُهنئ أردوغان بإعادة انتخابه.
وبينما تظل أوروبا صامتة، يخرج فيكتور أوربان رئيس المجر ليهنئ أردوغان بالنصر.
ووسط اسطنبول، تندلع احتجاجات مناهضة للحكومة في تقسيم، على مرمى حجر من احتجاجات حديقة جيزي قبل عقد من الزمن.
وبينما يلوح بعض المتظاهرين بالأعلام التركية وصور مصطفى كمال أتاتورك، يلوح آخرون بأعلام قوس قزح ويرفعون صور كيليجدار أوغلو.
لكن في الأزقة على طول الميدان، تتجمع شرطة مكافحة الشغب، وسرعان ما يقصف المتظاهرون بالغاز المسيل للدموع في جميع أنحاء المنطقة لتفريقهم.
وأشار الكاتب إلى أنه مع كثرة استخدام الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، من الممكن للسياح أن يشموا رائحتها على طول ضفاف البوسفور.
لكن صمت الاتحاد الأوروبي وواشنطن سيثير بلاشك حفيظة أردوغان حينها، فيأمر مؤيديه وعشائره بالتجمع خارج القنصلية الأمريكية في اسطنبول والسفارة الأمريكية في أنقرة لإعلان تأييده.
ووسط ذلك، تنتشر شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الموالية لأردوغان، بأن الجنود الأمريكيين في قاعدة إنغرليك الجوية ساعدوا في التلاعب بالنتائج.
وسرعان ما تحيط الحشود بالقاعدة مطالبين بالدم الأمريكي.
وفي غضون أسبوع، تعتقل قوات الأمن كيليجدار أوغلو، وتسجن رؤساء بلديات اسطنبول وأنقرة بتهم كاذبة بالتورط في ما بدأ أردوغان تسميته بانقلاب 2023.
ومع تمسك أردوغان بالسلطة، تبدأ التصدعات بين القادة الغربيين.
فتخشى ألمانيا أن يحرض أردوغان الشتات التركي على العنف، وتفوِّض سرًا سفيرها بمقابلة وزراء أردوغان، إن لم يكن علنًا أردوغان نفسه.
وفي واشنطن، يرفض عديد من المؤسسات الفكرية اتخاذ موقف واضح، خوفًا من فقدان إمكانية الوصول إلى تركيا.
وسيشير معهد هدسون للأبحاث إلى أن أردوغان قد يكون على حق، وبصرف النظر عن ذلك، فإن تركيا أهم من أن يضحي بها "الناتو" بسبب التصويت المتنازع عليه.
وبينما يعرب وزير الخارجية أنتوني بلينكين عن قلقه البالغ بشأن نزاهة الانتخابات، ويدعو إلى إطلاق سراح كيليجدار أوغلو من السجن، يلتقط المصورون صورًا للرئيس الأمريكي جو بايدن يتحدث مع أردوغان مبتسمًا، خلال قمة الناتو المقررة في يوليو 2023 في فيلنيوس بليتوانيا.
لكن، بالعودة إلى الحاضر، يشدد روبين على أن تركيا ليست ديمقراطية، وأردوغان ليس ديمقراطيًا، ومن ثمّ فإنه سيعمد إلى تزوير الانتخابات، لتحويل خسارته المتوقعة إلى فوز، وهنا يُطرح السؤال الأبرز على البيت الأبيض، ما إذا كان مستعدًا لذلك أم لا؟!