دولة غزة... ضابط إسرائيلي رفيع ينشر مقترحًا يثير الجدل

المقترح الإسرائيلي، يتضمن إنشاء مشروع عالمي مالي، إضافة إلى مركز للتجارة الحرة والترفيه وغير ذلك، بين محافظتي العريش وبورسعيد المصريتين، في المنطقة التي يمكن أن تمثل بنية تحتية مثالية لإنشاء المشروع.

دولة غزة... ضابط إسرائيلي رفيع ينشر مقترحًا يثير الجدل

السياق

مقترحات توطين الفلسطينيين بسيناء، تكررت كثيرًا في شكل إشاعات وادعاءات، حملت في طياتها أحيانًا أغراضا خبيثة وتشكيكية، من تنظيم الإخوان الإرهابي، في قدرة السلطات المصرية على الاحتفاظ بهذه القطعة من أراضيها، إلا أنها -كل مرة- تتحطم على صخرة الحقائق.

ورغم أن تلك المقترحات نابعة -في أغلب الأحيان- من التنظيمات الإرهابية، فإن لها صدى في نفوس الإسرائيليين، قيادة وشعبًا، الذين يودون إزاحة صداع غزة من على رؤوسهم.

ذلك الصدى تردد مؤخرًا في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، التي كانت افتتاحيتها بعنوان: «لنتحدث للحظة عن رؤية دولة غزة»، كاشفة عن خطة تسعى إليها تل أبيب، مفادها أن تتولى مصر مسؤولية إدارة حكم قطاع غزة.

 

فماذا تتضمن تلك الخطة؟

الخطة التي نشرتها الصحيفة، نقلا عن مقال رأي لقائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق إيتان بن إلياهو، تتضمن تحويل غزة لمنتجع سياحي ضخم، تستفيد منه مصر اقتصاديًا، إضافة إلى مساحة القطاع بأراضٍ من مدينة العريش المصرية في شبه جزيرة سيناء.

وبحسب قائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق، فإن التاريخ والدروس المستفادة تظهر أن خطوة واحدة فقط، هي التي تفصل الوضع الحالي في قطاع غزة، الذي تبلغ مساحته 362 كيلومترًا مربعًا فقط، ويقطنه قرابة مليوني نسمة، عن غزة كدولة، مشيرًا إلى أن تلك البقعة التي يعد معدل المواليد فيها مرتفعًا للغاية، تعد إقامة دولة مزدهرة فيها أمرًا صعبًا للغاية.

ورغم ذلك، فإن هناك بعض البيانات التي تعزز إمكانية قيام دولة في غزة، بحسب إيتان بن إلياهو، الذي قال إن القطاع مفتوح على البحر، مشيرًا إلى أنه بتجفيف المناطق البحرية أمام الساحل على المناطق البرية التي ستكون في البحر، فإن ذلك سيؤدي إلى إنشاء مطار لن تتداخل حركة المرور منه وإليها مع الطرق الجوية من وإلى إسرائيل.

وبحسب قائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق، فإن هذا الميناء التجاري الذي سينشأ على شواطئ قطاع غزة، سيخدم حركة البضائع إلى سيناء وخارجها ومع البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن الدافع السياسي يجب أن يكون وراء عملية تسريع إقامة دولة في قطاع غزة، من دون النظر إلى الظروف الجغرافية وحدها.

وأشار إلى أن مصر التي تعد لاعبًا رئيسًا في القضية الفلسطينية، تعرضها الصراعات بين إسرائيل وحماس لأخطار، لذلك من المعقول أن نفترض أنه تحت الضغط والأمل في السلام، قد ترغب مصر حتى في زيادة مساحة قطاع غزة على حساب أراضي سيناء، وهو توسع يمكن أن يصل إلى أطراف مدينة العريش.

المقترح الإسرائيلي، يتضمن إنشاء مشروع عالمي مالي، إضافة إلى مركز للتجارة الحرة والترفيه وغير ذلك، بين محافظتي العريش وبورسعيد المصريتين، في المنطقة التي يمكن أن تمثل بنية تحتية مثالية لإنشاء المشروع، تتميز بوقوعها على ساحل البحر المتوسط وبقربها من العالم الغربي، وتوفيرها مئات الآلاف من فرص العمل، بحسب قائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق.

إلا أن بناء هذا المشروع، الذي وصفه بـ«الضخم» لن يكون إلا بمساعدة الحكومات التي ستوقظ فيها الرغبة والرؤية لمستقبل اقتصادي وسياسي أفضل في الشرق الأوسط، وأيضًا بمساعدة مالية من قادة العالم، الذين سيكون دافعهم الأعمال وربما أيضًا الأعمال الخيرية، يقول قائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك، فإن هذه رؤية بعيدة، وتحقيقها مشكوك فيه.

وفي مايو الماضي، نشرت مجلة إسرائيل ديفينس، المختصة بأخبار الجيش الإسرائيلي، تقريرًا اقترحت فيه فكرة شبيهة، تتضمن تسليم إدارة قطاع غزة إلى مصر، مشيرة إلى أن القاهرة طرف أكثر اعتدالًا من حركة حماس التي تدير القطاع، ما يجعلها مناسبة أكثر لذلك الدور في غزة.

 

مشاورات مصرية إسرائيلية

نافية وجود مشاورات مصرية إسرائيلية رسمية في هذا الصدد، قال منصة «متصدقش»، التي تصف نفسها بأنها تحارب الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، إنه لا يوجد أي تقرير رسمي يشير إلى مشاورات بين مصر وإسرائيل لمنح أراضي سيناء للفلسطينيين.

وأشارت إلى أن هذه الأخبار تعود إلى مقال نُشر بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في الأول من يونيو 2023، وفق مقترح قدمه قائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق إيتان بن إلياهو، ما يعني أن الأخبار المنتشرة مجرد اقتراح نُشر في مقال رأي بالصحيفة، وليس أمرًا رسميًا تدرسه الحكومة الإسرائيلية.

 

كيف تعاملت مصر مع المقترح؟

ذلك المقترح الذي تردد كثيرًا، من دون كشف تفاصيله، نفته مصر، فسبق للرئاسة المصرية، أن أصدرت في فبراير 2017، بيانًا عدت فيه التقارير الإعلامية التي تحدثت عن مقترحات لتوطين الفلسطينيين في سيناء، ضمن خطة أكبر لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيلين، تهدف إلى إثارة الفتنة وزعزعة الثقة في الدولة.

وأوضحت الرئاسة المصرية، في بيان على لسان المتحدث باسمها-آنذاك- السفير علاء يوسف، أن ما تردد عبر وسائل الإعلام بشأن مقترحات لتوطين الإخوة الفلسطينيين في سيناء، أمر لم تسبق مناقشته أو طرحه على أي مستوى، من جانب أي مسؤول عربي أو أجنبي، مع الجانب المصري.

وأوضح الدبلوماسي المصري، أنه «من غير المتصور الخوض في هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة، خاصة أن أرض سيناء جزء عزيز من الوطن، شهد ولا يزال أغلى التضحيات من أبناء مصر الأبرار».

ودعت الرئاسة المصرية إلى عدم الالتفات إلى هذه الشائعات «التي لا تمت إلى الواقع بأي صلة، وهناك مَن يثيرها لبث الفتنة وإثارة البلبلة وزعزعة الثقة في الدولة»، مؤكدة أنه «من الأجدى مواصلة العمل على تعزيز وحدة الصف والتكاتف الوطني، كسبيل وحيد للتصدي لهذه الشائعات».