سُحبت من يد السوداني ليستغلها المالكي... ما مصير الموازنة العراقية؟
ما كتبه المالكي، يعزز الرواية التي نشرتها صحف محلية عراقية، بأن أطرافًا في الإطار التنسيقي، استطاعت سحب ورقة الموازنة من يد رئيس الحكومة محمد السوداني، لتستخدمها في الدعاية الانتخابية المبكرة

السياق
الحديث في العراق، عن الموازنة التي لا تزال حبيسة الأدراج، ولايزال المواطن ينتظرها، تتنقل من خزانة إلى أخرى، لأغراض سياسية.
النائب عن ائتلاف دولة القانون بالبرلمان العراقي ياسر المالكي، أعلن –الاثنين- جمع توقيعات نواب الائتلاف لتحديد جلسة التصويت على الموازنة العامة للعام الجاري 2023.
وقال المالكي عبر "تويتر": "بعد جهود حثيثة جمعت تواقيع نواب ائتلاف دولة القانون لتحديد جلسة التصويت على الموازنة العامة لعام 2023 خلال اليومين المقبلين".
وما كتبه المالكي، يعزز الرواية التي نشرتها صحف محلية عراقية، بأن أطرافًا في الإطار التنسيقي، استطاعت سحب ورقة الموازنة من يد رئيس الحكومة محمد السوداني، لتستخدمها في الدعاية الانتخابية المبكرة.
الموقف الكردي
موقع جريدة المدى، نشر تقريرًا قال فيه إن إقرار الموازنة تواجهه عثرات بسبب اقتراحات من "إطاريين" داخل اللجنة المالية البرلمانية بشأن كردستان، وصفتها الأخيرة بـ"المؤامرة".
في المقابل، أشارت إلى استمرار "سكوت" السوداني على التطورات الأخيرة في وقت ظهرت فيه إشارت من الجانب الكردي عُدت إيجابية بشأن الأزمة.
وقال وزير الخارجية فؤاد حسين، المخول من الحزب الديمقراطي للتفاوض مع «الإطار»، الخميس الماضي، إن المشكلات المتعلقة بحصة الكرد في الموازنة ستحل.
كانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت حكمًا بعد أيام من انفجار أزمة الموازنة، بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان سنة إضافية.
وكانت تسريبات قد أفادت بلقاء بين فؤاد حسين وزعيم منظمة بدر هادي العامري، بعد يوم من اجتماع الإطار التنسيقي بشأن التطورات الأخيرة في الموازنة.
وقد أعرب مسؤولون في إقليم كردستان العراق، عن اعتراضهم على تعديلات أدخلت على مشروع الموازنة العامة العراقية، تتعلق بالإقليم، بينما لم تطرح الموازنة على التصويت بعد أكثر من شهرين على إعدادها.
وأنهت الحكومة العراقية منتصف مارس الماضي، إعداد موازنة لثلاث سنوات.
لكن مذّاك أدخلت تعديلات على مادتين متعلقتين بإقليم كردستان، أثارت اعتراضات مسؤولين في الإقليم، لأنها تتعارض مع اتفاق أبرم بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم المتمتع بحكم ذاتي.
وأعرب نجيرفان بارزاني رئيس الإقليم المتمتع بحكم ذاتي -في بيان- عن "قلقه العميق" إزاء "التغييرات التي مست فقرات مشروع قانون الموازنة العامة"، موضحًا أن هذه "الخطوة عقبة في طريق مشروع قانون الموازنة العامة".
في السياق نفسه، رأى مسرور بارزاني رئيس الحكومة في الإقليم –السبت- أن التعديلات التي أدخلت "تعد خيانة وظلماً ومؤامرة حيكت ضد إقليم كردستان".
وفي العراق، غالباً ما يحتاج أي اتفاق سياسي إلى مفاوضات لامتناهية بين الأطراف السياسية، قبل أن يحال إلى التصويت في البرلمان.
ويفتح اتفاق أبرم بين بغداد وأربيل الباب أمام استئناف تصدير النفط من الإقليم بعد نحو شهرين من توقفه، إثر قرار غرفة التجارة الدولية في باريس، الذي منح بغداد الحق بإدارة ملف النفط في الإقليم.
وفق الاتفاق، على مبيعات النفط من كردستان أن تمر عبر شركة النفط الحكومية العراقية "سومو"، وليس حصراً عبر السلطات الكردية المحلية، كما ينصّ الاتفاق على إيداع عائدات الصادرات الكردية في حساب تديره السلطات المحلية في كردستان وتشرف عليه بغداد.
وشرح الخبير الاقتصادي كوفند شيرواني أن التعديل الأكثر حساسيةً في مشروع الموازنة هو "ربط إرسال حصة الإقليم من الموازنة بتسليم إيرادات 400 الف برميل نفط يوميًا مع الإيرادات غير النفطية، قبل إرسال حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية".
وأوضح أن "النص الأصلي لهذه المادة لا يشترط ذلك، ولا يشير إلى إرسال الإيرادات غير النفطية، التي يصرف معظمها في النفقات التشغيلية للمؤسسات العامة بالإقليم"، لافتًا إلى أن "النص الأصلي يشير إلى إرسال حصة الإقليم من الموازنة من دون اشتراطات وكاستحقاق دستوري (المادة 121)".
فضلاً عن ذلك، فإن الصيغة الأصلية لإحدى المواد "تتضمن فتح حساب لحكومة الإقليم في بنك دولي، المخول بشأنه هو رئيس حكومة الإقليم أو من يخوله، وهذا الحساب يخضع لمراجعة ديوان الرقابة المالية العراقية".
لكن "الصيغة المعدلة تشير إلى فتح حساب باسم وزارة المالية في البنك المركزي العراقي".
ورأت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان فيان صبري، أن التعديلات تتضمن فقرات "مخالفة للدستور في موضوع الالتزامات المالية والنفط، ومخالفة لصلاحيات الإقليم الدستورية في إدارة شؤون الإقليم الإدارية والمالية".
السوداني
وترى مصادر -نقلاً عن "المدى"- أن الأزمة الأخيرة كانت في صالح أطراف من «الإطار» متخوفة من تحول الموازنة إلى أداة بيد رئيس الحكومة للترويج للانتخابات.
وبدلاً من ذلك، استغل الإطار التنسيقي ورقة الموازنة في الترويج له.
وقال نوري المالكي زعيم "دولة القانون"، إن العراق مقبل على حملة خدمات وإعمار كبرى، وإن موعد إقرار الموازنة قريب جداً، عقب لقاء مع أحد السفراء الأوروبيين في بغداد قبل يومين.
وبدأت الانتقادات من "الإطار" للسوداني حين قرر إرسال موازنة لـ3 سنوات مقبلة، ما دفع إلى الشك في نية الأخير وإمكانية استخدام الأموال في الدعاية.
جريدة المدى العراقية، نقلت عن منقذ داغر الباحث في مؤسسة "غالوب" الأمريكية قوله: "هناك انقسامات داخل الإطار التنسيقي ولا يراد أن يظهر السوداني بمظهر المنتصر".
وأضاف داغر معلقًا على أسباب انفجار أزمة الموازنة الأخيرة في حديثة لـ "المدى": "إذا استطاع رئيس الحكومة أن يسير ببرنامجه بطريقة سلسة، فإن الإطار التنسيقي سوف يفرز له منافسًا جديدًا ويهدد شعبيته -المنخفضة بالأساس- في الانتخابات".