عودة ممدوح حمزة تثير لعاب الإخوان... هل تتصالح مصر مع التنظيم الإرهابي؟
يقول باحث مصري إن التساهل مع عودة تنظيم الإخوان خطيئة، ويفتح الباب لإعادة تشكيل وتهيئة المجتمع المصري، لموجة أشد راديكالية من العنف.

السياق
عودة المعارض المصري ممدوح حمزة إلى مصر، باتت باب أمل رآه تنظيم الإخوان الإرهابي وحده ممكنًا، لأن يكون لبنة للبناء عليها، وثغرة للولوج منها مجددًا إلى مصر.
تلك الثغرة حاول قادة تنظيم الإخوان اللعب على وترها، بالترحيب بعودة المعارض ممدوح حمزة، أملًا منهم أن تتكرر التجربة مع قياداتهم بالسجون والمشرذمين في الخارج.
إلا أن عودة حمزة -كما عدها الإخوان، باب أمل، كانت في الوقت نفسه معيارًا للقياس، إذ إن ممدوح حمزة الذي كان شديد الانتقاد للقيادة المصرية، لم تتلوث يداه بدماء المصريين -كما فعل التنظيم الإرهابي- ما يعني أن عودة الإخوان أو التصالح معهم، ضرب من المستحيل.
ذلك السيناريو أكده الواقع، بتصريحات للقيادة السياسية في مصر، وبخطوات عملية على أرض الواقع، فلجنة العفو الرئاسي لم تضع أي إخواني على قوائمها، بل أكدت أنهم لا تنطبق عليهم بنود العفو، إضافة إلى الحوار الوطني، الذي خلا من التنظيم الإرهابي.
رسائل حملتها مصر على مدى الأشهر الماضية إلى «الإخوان»، أكدت فيها ألا مجال للعودة أو للتصالح، خاصة أن التنظيم الإرهابي ما زال منبوذًا شعبيًا ورسميًا، إلا أن الأخير لم يفهم الدرس.
شروط صعبة
إلى ذلك، قال الباحث والأكاديمي المتخصص في الشأن المصري مصطفى النجار، في تصريحات لـ«السياق»، إن المصالحة مع المعارضين الموجودين في الخارج عملية إيجابية بكل المقاييس، لأن لديهم رصيدًا من الوطنية، ما يعني أن عودتهم لممارسة أنشطتهم الشرعية من الوطن أمر منطقي، خاصة أن رؤيتهم أو ملاحظاتهم السياسية والاقتصادية، ربما تكون متطابقة مع المعارضين في الداخل.
وأوضح الأكاديمي المتخصص في الشأن المصري، أن المصالحة مع المعارضين في الخارج، بما يخدم المصلحة العامة للوطن والمواطنين ويحقق التوافق الداخلي، تعد محورًا أساسيًا لإعادة إحياء العملية السياسية في مصر.
في الجهة المقابلة، يرى النجار، أن الشرط الوحيد لعودة تنظيم الإخوان إلى المشهد السياسي في مصر «تغيير أفكاره»، إلا أن هذا لن يحدث في المستقبل القريب، خاصة مع تصاعد الصقور، وطبيعة أيديولوجية الإخوان القائمة على العنف، إضافة إلى أن عودته قد تواجه برفض شعبي ورسمي.
فـ«رغم إعلانهم التوبة في لقاءات وجلسات مغلقة داخل مصر وخارجها، فإن التجارب أثبتت أن الشارع المصري لا يتعاطف مع الدماء»، بحسب الأكاديمي المصري، الذي أكد أن التحدي الآن أمام تنظيم الإخوان، يتمثل في قدرتهم على تغيير أفكارهم، من أجل التوجه للعمل السلمي العام.
ضغوط التمويل
وأشار إلى أن قيادات الغرب تنظر للإخوان كفصيل سياسي ضعيف، لأن التنظيم الإرهابي عندما أتيحت له فرصة إدارة دولة محورية بقوة مصر، لم يكن على قدر المسؤولية السياسية، ما أدى إلى خروجه من المشهد بسرعة دراماتيكية لم تكن في الحسبان، وأدى ذلك لزعزعة صورته لدى الدول الداعمة له منذ سنوات.
ذلك الموقف جعل تنظيم الإخوان يعيش موقفًا حرجًا، بعد التطبيع بين مصر وقطر وتركيا، وأصبح لزامًا عليه تغيير سياساته ونهج السنوات العشر الماضية، حتى يكون قادرًا على البقاء، بحسب الأكاديمي المصري، الذي قال إن حلمي الجزار يطرح نفسه قائدًا لتغيير محتمل على المستوى الفكري والتنظيمي للجماعة، مشيرًا إلى أن الأخير إذا نجح سيكون نقطة تحول في تاريخ الإخوان وليس مجرد مرشد عام للجماعة مثل سابقيه.
اختبار للقيادة المصرية
في السياق نفسه، يقول المحلل السياسي المصري أحمد رفعت، في تصريحات لـ«السياق»، إن الدكتور ممدوح حمزة يعارض القيادة المصرية بشدة ويختلف معها بحدة، إذ بلغ الاختلاف حدودًا قاسية، ربما خرجت عن السياق المتعارف عليه، بما يهدم أي أرضية مشتركة ويعقد أي فرصة للتفاهم.
لكنه فسَّر عودته بأنه لم ينضم لجماعة إرهابية، ولم يدع لإرهاب ولا لعنف بأي درجة، ولا للخروج على القانون بأي شكل، لذا عاد إلى وطنه، بعد أن صار غير مطلوب على ذمة أي قضية، بحسب المحلل السياسي المصري، الذي وصف عودته بـ«الشجاعة» وباختبار للقيادة المصرية «نجحت فيه بامتياز».
وأوضح المحلل السياسي المصري، أن القيادة المصرية، أكدت قبولها كل ما جاء من حمزة، لأنه لم يتورط في العنف والدماء، كجماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية المصرية، أكدت قبولها الاختلاف مهما بلغ، حتى لو وصل إلى حدود «الشطط».
عودة حمزة بشروطها السابقة، تنطبق على كل من يتطابق وضعه معه، ما يعني صعوبة عودة تنظيم الإخوان إلى المشهد السياسي المصري، باعتباره تنظيمًا إرهابيًا، حرض أعضاؤه على الإرهاب والعنف والخروج على القانون، بحسب المحلل السياسي المصري.
باب الثأر
في السياق نفسه، يقول الباحث في العلوم السياسية إبراهيم أحمد، في تصريحات لـ«السياق»، إن عودة الإخوان للمشهد السياسي المصري، تحت أي ذريعة أو مسمى، ستكون كما حدث بعد «المراجعات» التي أجراها قياديو الجماعة الإسلامية الإرهابية في التسعينيات.
ورغم ذلك، فإن الباحث في العلوم السياسية، قال إنه إذا أعلن تنظيم الإخوان توبته، ستكون خادعة واستمرارًا لتنفيذ فقه الضرورة القائمة عليه أيديولوجيتهم في تطبيق التقية أو الباطنية، ما يجعل الأمر جسرًا للعودة للبلاد، لإعادة بناء التنظيم على مستوى القواعد، حتى تحين فرصة الثأر من الشعب والدولة المصرية، بإراقة الدماء، كما حدث في سوريا، عام 2011، وحملوا السلاح للانتقام من الدولة والنظام.
السيناريو السوري
وحذر الباحث في العلوم السياسية من الاستجابة للضغوط الخارجية، مشيرًا إلى أن عودة الإخوان تحت أي مسمى أو تنظيم حتى لو كان مختلفًا عن سابقه، أمر ستدفع ثمنه الأجيال القادمة، وسيكون بداية لعد تنازلي للعنف والفوضى ليس في مصر فقط، لكن في المنطقة، لأننا أمام تنظيم يعمل بشكل سري ويعتمد العنف منهجًا له.
وشدد الباحث في العلوم السياسية، على أن تنظيم الإخوان، كما نجح في التسلل إلى المجتمع السوري، بعد أحداث الثمانينات وانتهز الفرصة لضرب كيان الدولة السورية، وتسبب في تشريد الملايين والمتاجرة بهم، بعد اختراقه للمؤسسات، يتوقع أن يتكرر النمط ذاته، إذ سُمح لهم بالعودة سواء تحت مسمى «المصالحة أو المراجعة أو عبر هيكل جديد أو ما تطلق عليه الحاضنات السياسية المتمثلة في الأحزاب ذات التوجهات الدينية».
وختم تصريحاته بقوله، إن التساهل مع عودة تنظيم الإخوان «خطيئة»، ويفتح الباب لإعادة تشكيل وتهيئة المجتمع المصري، لموجة أشد راديكالية من العنف، قد تصل إلى إراقة الدماء، بعد أقل من عقدين، على حد قوله.