زلزال سوريا سلاح ذو حدين... وضع مثالي لداعش وفرصة ثمينة لأمريكا
يقول الباحث المتخصص في الحركات الإرهابية منير أديب، في تصريحات لـ -السياق-، إن التنظيم الإرهابي يستغل الأزمات والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية لتنفيذ مهامه.

السياق "خاص"
بينما يحاول تنظيم داعش الإرهابي، استغلال حالة الفوضى والرخوة الأمنية، التي سببها الزلزال شمالي سوريا، لإعادة تموضعه، كان ذلك الوضع الذي عده «مثاليًا»، فرصة ثمينة لتنفيذ استراتيجية «قطف الرؤوس» الأمريكية.
تلك الاستراتيجية التي حققت نجاحات كبيرة، الفترة الماضية، بإطاحة قياديين في التنظيم الإرهابي، مستعدة لقطع رؤوس قادة «داعش»، الذين يحاولون استغلال الأوضاع الراهنة، لإثبات حيوية التنظيم، وأنه ما زال على قيد الحياة.
كانت القيادة المركزية الأمريكية، أعلنت -في بيان قبل أيام- اعتقال قيادي في «داعش» بسوريا، معروف باسم «بتار» متورط في التخطيط لهجمات على مراكز اعتقال وتصنيع عبوات ناسفة.
استراتيجية متوازنة
ورغم أن الأوضاع الحالية تساعد في اصطياد قيادات داعش، فإنها بيئة خصبة لاستمرار أفكاره المتطرفة، التي من المتوقع أن تتطور وتتبلور وتصبح أكثر تطرفًا من أفكار التنظيم الإرهابي.
تلك الصورة تتطلب استراتيجية متوازنة أمنية وفكرية، لمواجهة هذا الخطر، خاصة أن مناطق الشمال السوري بؤرة لتهديد أمن المنطقة في السنوات المقبلة.
يقول الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية والإرهابية باسل ترجمان في تصريحات لـ«السياق»، إن حالة الانهيار التنظيمي، التي أثرت في الجانب العملياتي لـ«داعش»، بالتزامن مع الفوضى التي شهدتها بيئة تمركزه، أسهمت في خروج مقاتليه إلى النور، ما جعل من المنطقي تساقطهم في قبضة القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية.
وأوضح أن التعاون بين القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية ليس غريبًا، لكن يمكن أن يكون تحالفًا عضويًا بينهما، في اصطياد مقاتلي «داعش» شمالي سوريا.
بيئة خصبة
وأشار الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية، إلى أن ما شهدته المناطق على الحدود السورية التركية من زلازل، وفر «بيئة خصبة» لإعادة انتشار داعش وتموضعه مرة أخرى، ما سهل استهدافه خلال هذا التحرك.
لكن ترجمان أكد أن خطر «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى شمالي سوريا ما زال قائمًا، مشيرًا إلى أن هذا الخطر يتمثل في استمرار أفكارها ومعتقداتها، التي تنتشر في المناطق التي تتمركز فيها.
واستند الباحث -في رؤيته- إلى تطور الواقع الاجتماعي شمالي سوريا على مدى السنوات العشر الماضية، إذ إن الجماعات «الإرهابية» والتنظيمات المتطرفة هناك، صنعت واقعًا اجتماعيًا جعلها مكونًا أساسيًا.
وأشار إلى أن الخطر يتمثل في أن شمالي سوريا، بات مركزًا ومرتكزًا للفكر التكفيري، ما يفرض تحديا يتعلق بآلية التعامل مع هذا المجتمع بأجياله المختلفة، لإزالة آثار هذا الفكر خلال السنوات المقبلة.
تهديد المنطقة
في السياق نفسه، يقول الدكتور صلاح ملكاوي، الخبير في الشأن السوري، إن هناك تحركات متزامنة إغاثية وأمنية شمالي سوريا، لمواجهة تكتيكات «داعش» المتوقعة.
وبينما قال إن تنظيم داعش ينتعش في الظروف التي ترافقها الفوضى ومنها الكوارث الطبيعية مثل الزلازل، أكد أنه ليس من المستبعد أن يشن التنظيم عمليات نوعية.
وأكد الخبير في الشأن السوري، في تصريحات لـ«السياق»، أن المناطق التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "دير الزور والرقة وجزء من حلب والحسكة"، لم تتعرض لدمار جراء الزلزال، لكنها هدف لتسلل داعش إليها، في محاولة لإحداث فوضى تسهل عملياته.
ضعف داعش
بدوره، يقول الباحث المتخصص في الحركات الإرهابية منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»، إن الوضع المضطرب شمالي سوريا أثر في وجود «داعش» وطبيعة عملياته، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي يستغل الأزمات والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية لتنفيذ مهامه.
وأشار إلى أن الواقع الراهن في المناطق المنكوبة، كشف عن خروج «داعش» للانتشار وإعادة التموضع، مستغلًا هذه الظروف الاجتماعية والإنسانية التي ضربت البلاد لتنفيذ عملياته، ما يكشف ضعف خلايا التنظيم وتراجع قدرته التنظيمية.
وأشار الباحث المتخصص في الحركات الإرهابية منير أديب، إلى أن القوافل الإغاثية التي كانت تصل سوريا، تراجعت نتيجة ظروف، منها ما هو أمني، مما أثر في تكتيك التنظيم العكسي الذي خطط لتنفيذه، إذ أشارت تقارير إلى أن داعش كان يخطط لاستخدام حرية حركة القوافل الإغاثية لاختراق سوريا وتركيا، وشن هجمات تعيده إلى المسرحين الإقليمية والدولي.
وطالب بضرورة وضع استراتيجية مواجهة شاملة سياسية واقتصادية، وفكرية واجتماعية، لاستئصال أفكار التنظيم الإرهابي.
حرب العصابات
من جهة أخرى، قال الخبير في شؤون الحركات الإرهابية، الدكتور حسن أبو هنية، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم داعش، لديه نسق متقن للعمليات في مناطق قوات سوريا الديمقراطية، مشيرًا إلى أن التنظيم ينشط الفترة الماضية عقب كارثة الزلزال، بتنفيذ عمليات قنص ونصب كمائن.
وأوضح أن داعش الذي لا ينفذ عمليات كبرى، ما زال يحتفظ باستراتيجية الاستنزاف وحرب العصابات والهجمات غير المعقدة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تدرك ضرورة أن يبقي التنظيم تحت الضغط، خاصة في الظرف الحالي، حتى لا يستكمل هجماته.
وأكد الخبير في شؤون الحركات الإرهابية، أن أمريكا تحاول إعاقة عمليات التنظيم، لكن ذلك لا يغير الواقع الأمني في سوريا، فلا تزال القوات المحلية، سواء السورية أو قوات سوريا الديمقراطية، غير قادرة وحدها على التصدي لهجمات التنظيم.