بعد واقعة حرق القرآن... هل يتعثر طلب انضمام السويد إلى الناتو؟

رئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون أدان حرق المصحف ووصفه بعدم الاحترام الشديد

 بعد واقعة حرق القرآن... هل يتعثر طلب انضمام السويد إلى الناتو؟

ترجمات - السياق

رأت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن مصير انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" أصبح عُرضة للخطر، بعد التظاهرة التي كانت أمام السفارة التركية في ستوكهولم، وحرق خلالها أحد السياسيين اليمينيين القرآن الكريم.

وأشارت إلى أن السويد قامت مؤخرًا بنشاط دبلوماسي محموم، في محاولة لإبقاء مسعى الانضمام إلى "الناتو" على المسار الصحيح، بعد رد فعل غاضب في تركيا، على السماح لمستفزٍ بحرق القرآن خارج سفارتها في ستوكهولم.

وبينت الصحيفة أن رئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون أدان حرق المصحف ووصفه بـ "عدم الاحترام الشديد"، بعد أن أشعل السياسي اليميني المتطرف راسموس بالودان النار في القرآن، السبت، أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية.

وسعى كريستيرسون ووزير خارجيته توبياس بيلستروم، إلى نزع فتيل موجة الغضب في تركيا، ليس فقط من الحكومة ولكن أيضًا من القيادات المعارضة والجمهور.

كانت السويد، التي تتمتع ببعض أقوى أشكال الحماية لحرية التعبير في أوروبا، قد منحت الإذن بمظاهرة حرق القرآن، كما فعلت مرات عدة، حتى بعد أن أثارت أعمال شغب في أبريل الماضي.

غير قانوني

وكتب أولف كريسترسون على الحساب الرسمي لرئاسة الوزراء السويدية: "حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أمرًا ملائمًا".

وتابع كريسترسون، الذي ينتمي إلى حزب التجمع المعتدل اليميني: "حرق الكتب المقدسة لكثيرين فعل مشين للغاية".

وقال رئيس الوزراء السويدي، الذي تولى منصبه في أكتوبر الماضي، إنه يعبر عن تعاطفه "مع المسلمين الذين شعروا بالإساءة لما حدث في  ستوكهولم".

بينما قال بيلستروم عبر "تويتر": "الاستفزازات المعادية للإسلام مروِّعة... السويد لديها حرية تعبير كبيرة، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة أو أنا ندعم الآراء التي يُعبَّر عنها".

وأوضحت "فايننشال تايمز" أن رد فعل تركيا الغاضبة من أن الشرطة السويدية سمحت لبالودان بالاحتجاج، تضمن إلغاء زيارة مُخطط لها لوزير الدفاع السويدي إلى أنقرة، كما استدعت الحكومة التركية سفير ستوكهولم.

لكن مظاهرة بالودان تسببت في مزيد من الضرر بالعلاقات التركية السويدية، بينما تحاول ستوكهولم إقناع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، بالموافقة على انضمام السويد وفنلندا إلى التحالف العسكري، وفقًا للصحيفة.

كانت تركيا قد ألغت زيارة مخططًا لها لوزير الدفاع السويدي بول جونسون قبل الحرق، الذي كان من المفترض أن يكون أول اجتماع ثنائي منذ تعليق مجموعة سويدية معارضة لعضوية "الناتو" دمية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خارج مبنى بلدية ستوكهولم.

وقال خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، لجونسون إن الاحتجاجات "الحقيرة والشنيعة" في ستوكهولم جعلت اجتماع 27 يناير المقرر لمناقشة عضوية الحلف "بلا معنى"، وفقًا لبيان وزارة الدفاع التركية.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية، أن وزارة الخارجية التركية استدعت السفير السويدي احتجاجًا على إحراق المصحف الشريف.

وقالت الوزارة في بيان: "نندد بأشد العبارات بهذا الهجوم الدنيء على كتابنا المقدس... السماح بهذا العمل المعادي للإسلام، الذي يستهدف المسلمين ويهين قيمنا المقدسة تحت غطاء حرية التعبير، أمر غير مقبول على الإطلاق".

وحثت وزارة الخارجية التركية السويد على اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الجناة، ودعت جميع الدول إلى اتخاذ خطوات ملموسة ضد معاداة الإسلام. وأضافت أن الأحداث أظهرت "المستوى المقلق" من الإسلاموفوبيا والعنصرية في أوروبا.

احتجاجات ورفض

وحسب "فايننشال تايمز"، شهدت مدينة اسطنبول التركية، احتجاجات واسعة نظمها عديد من الجماعات القومية خارج القنصلية السويدية السبت، لقراءة القرآن والمطالبة بمنع السويد من الانضمام إلى "الناتو".

ونقلت عن بول ليفين مدير معهد الدراسات التركية في جامعة ستوكهولم، قوله: "مفاوضات الناتو دخلت في أزمة عميقة"، مشيرًا إلى أنه "إذا ظل أردوغان في السلطة، قد تنتظر ستوكهولم سنوات، وليس أشهرًا، قبل التصديق، على الأقل ما لم يتدخل حلفاء "الناتو" الآخرون بأي جزرة أو عصا متاحة لإقناع أنقرة بانضمامها".

ولفتت الصحيفة إلى أن السويد متعثرة حاليًا، وسط مطالب أنقرة بتسليم النشطاء الأكراد ومنع التجمعات التي تهاجم القيادة التركية، ما يضع ستوكهولم في موقف صعب مع محاولاتها الحصول على موافقة أنقرة لانضمامها إلى "الناتو".

وترى الصحيفة، أن الخلاف مع السويد وفنلندا منح أردوغان نفوذًا غير عادي على الشركاء الغربيين، وقد يساعد الغضب العام بشأن ترشيحهما في تحفيز قاعدته المحافظة قبل الانتخابات العامة المرتقبة في مايو، عندما يواجه حملة صعبة للاحتفاظ بالسلطة.

لكن الغضب من أحداث ستوكهولم قدم إجماعًا نادرًا مع المعارضة، إذ قال كمال كيليغدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري -أكبر حزب معارض في تركيا- على "تويتر" إنه يدين الهجوم على القرآن، واصفًا إياه بـ "الفاشية التي هي ذروة جريمة الكراهية".

من جانبها، قالت المجر إنها ستصدق على طلبات "الناتو" السويدية والفنلندية الشهر المقبل، ما يجعل تركيا الدولة الوحيدة الرافضة لانضمام الدولتين بين أعضاء التحالف الثلاثين.

كانت الولايات المتحدة أخبرت تركيا بأن الوقت قد حان للترحيب بالبلدين الشماليين في التحالف، مرددة تعليقات الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بشأن أهمية انضمامها، بينما أبلغت ليتوانيا أنقرة بأن التأخير يضر بالأمن الإقليمي لدول البلطيق.

وقال ينس ستولتنبرغ للصحفيين في اسطنبول بعد محادثات مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الشهر الماضي: "أوفت فنلندا والسويد بالتزامهما نحو تركيا، وأصبحتا شريكتين قويتين في معركتنا المشتركة ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره".

وأضاف: "حان الوقت للترحيب بفنلندا والسويد كعضوين كاملين في الناتو، سيجعل انضمامهما تحالفنا أقوى وشعوبنا أكثر أمنًا".

وتابع: "في هذه الأوقات الخطيرة، تزداد أهمية استكمال انضمامهما لمنع أي سوء فهم أو سوء تقدير في موسكو".

وتريد الحكومة التركية من فنلندا والسويد، شن حملة على أفراد تعدهم إرهابيين، منهم أنصار حزب العمال الكردستاني، وأشخاص يشتبه في تنظيمهم محاولة انقلاب فاشلة في تركيا عام 2016.

وبينما أعرب أردوغان عن استيائه من العلاقات السويدية الوثيقة بالجماعات الكردية التي يعدها إرهابية، أبدت السويد وفنلندا استعدادهما إلى تسليم العشرات من طالبي اللجوء السياسي، الذين يتهمهم بالانفصال الكردي، أو التورط في انقلاب فاشل عام 2016.

في السياق نفسه، أعرب عديد الدول الإسلامية عن شعورها بالغضب لحرق القرآن الكريم في العاصمة السويدية، ومن الدول التي أدانت هذا الفعل، المغرب والسعودية والإمارات وإندونيسيا، إضافة إلى مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي.

ضمن ردود الفعل أيضًا، تجمع عشرات المحتجين –السبت- أمام القنصلية السويدية في اسطنبو،ل حيث أحرقوا العلم السويدي ودعوا تركيا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع ستوكهولم، بحسب الصحيفة البريطانية.

ونوهت الصحيفة إلى أن بالودان، الناشط اليميني السويدي الدنماركي، الذي أدين بالإساءة العنصرية، أثار أعمال شغب في السويد العام الماضي، عندما ذهب بجولة في البلاد وأحرق القرآن علانية.