غضب على ترامب وتعاطف مع بايدن... كيف كشفت الوثائق السرية ازدواجية الإعلام الغربي؟

هناك وسائل إعلام غربية عريقة، لم تعد تستخدم مصطلح مستندات سرية، في ما يخص وثائق بايدن.

غضب على ترامب وتعاطف مع بايدن... كيف كشفت الوثائق السرية ازدواجية الإعلام الغربي؟

ترجمات - السياق

رأت مجلة سبايكد البريطانية، أن تسليط الضوء من قِبل النخب ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة والغرب، على الوثائق السرية التي كُشف عنها مؤخرًا في مكتب ومرآب الرئيس جو بايدن، كان غبيًا ومتمايزًا، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام الأعرق ابتعدت عن ربط الأمر بالوثائق التي كشفت في منزل سلفه دونالد ترامب.

وأعلن البيت الأبيض العثور على وثائق سرية جديدة في منزل الرئيس الأمريكي بديلاوير، في تطور يزيد الضغوط على جو بايدن، الذي يُقارن بسلفه دونالد ترامب المتابع في قضية مماثلة، وهو ادعاء يرفضه فريق بايدن بقوة.

واستغربت المجلة، في تحليل للكاتب بريندان أونيل -كبير الكتُّاب السياسيين بها- عدم اهتمام وسائل الإعلام الغربية العريقة بوثائق بايدن، على غرار ما حدث مع ترامب.

وبينت أن الأسئلة الكبيرة من نوعية "هل يُمثل تهديدًا للأمن القومي؟ وهل يُشكل خطرًا جسيمًا على الشعب الأمريكي؟ وهل يُعد تهديدًا قويًا للجمهورية؟"، ترددت كثيرًا بعد كشف وثائق سرية بمنزل ترامب في مارالاغو ببالم بيتش في ولاية فلوريدا، إلا أنها لم تتردد بعد كشف وثائق سرية بمرآب بايدن ومكتبه.

 

هدوء صحفي

ورأت "سبايكد" أن الأمر سيختلف بالنسبة لبايدن، وسيعود الصحفيين إلى هدوئهم بعيدًا عن الغضب الذي تملكهم بعد كشف وثائق بمنزل ترامب، بل إن بعضهم يرى أن تخزين مذكرات حساسة في منزل الرئيس الأمريكي ليس بالأمر المهم.

واستشهدت المجلة، بأحد عناوين شبكة بي بي سي البريطانية، التي وصفته بالناعم والمتعاطف مع بايدن، إذ رأت الشبكة أن اكتشاف هذه الأوراق يُمثل "صداعًا سياسيًا" للرئيس، أو يسبب له "الإحراج".

وتعلق المجلة البريطانية، على ذلك بسخرية، قائلة: "جو المسكين... وكأن وسائل الإعلام تريد أن تقول إنه يجب علينا الغضب ضد ترامب بسبب تمسكه بوثائق سرية، لكنهم يريدون منا أن نشعر بالأسف تجاه بايدن لفعله الشيء نفسه".

وأشارت إلى اكتشاف 10 وثائق، بعضها يحمل علامة "سرية للغاية"، في خزانة بمركز "بن بايدن للدبلوماسية والمشاركة العالمية" في واشنطن العاصمة.

ثم وجد المحامون "عددًا صغيرًا" -على حد تعبير البيت الأبيض- من "السجلات ذات العلامات السرية" بمرآب أحد مساكن بايدن الخاصة في ديلاوير.

وتعود هذه الوثائق إلى عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما ، عندما كان بايدن نائبًا للرئيس.

ورأت المجلة البريطانية، أن التحول في نبرة وسائل الإعلام يستحق الملاحظة، فبينما هاجمت ترامب بشدة، لم تتفاعل بالشكل المطلوب مع وثائق بايدن.

واستشهدت المجلة، بعنوان مجلة فانيتي فير الأمريكية في أغسطس الماضي: "كان ترامب يخزن طنًا متريًا من المستندات السرية في مارالاغو".

وللفت انتباه قرائها وإغرائهم، قالت المجلة الأمريكية: من المحتمل أن تكون "وثائق نووية" ضمن وثائق ترامب، في محاولة لجذب انتباه القراء بشأن المخاوف من وقوع بعض الأسرار النووية الأمريكية في أيدي جهات أجنبية.

في المقابل، لم تبد المجلة الأمريكية أي اهتمام يذكر بعد الإعلان عن وثائق سرية بمنزل بايدن.

وأشارت المجلة البريطانية، إلى أن "فانيتي فير" بدلًا من ذلك، مازالت تهاجم اليمين بدعوى أنهم "يسرعون آلة الغضب الخاصة بهم" ضد مخبأ بايدن السري.

 

اهتمام أقل

ففي كل الصحف والمجلات العريقة -حسب "سبايكد"- تقلل وسائل الإعلام من أهمية وثائق بايدن، إذ يتحدث معظمهم عن العثور على "10 وثائق سرية" فقط في مركز بايدن، مقارنةً بـ "أكثر من 325 ملفًا سريًا" في مارالاغو حسب ما جاء في شبكة بي بي سي.

وتتساءل المجلة البريطانية ساخرة: "كم عدد المستندات السرية للغاية التي من المقبول الاحتفاظ بها؟ خمس وعشرون؟ أم خمسون؟".

وأشارت إلى أن صحيفة غارديان البريطانية أيضًا قللت من شأن وثائق بايدن، وعنونت صفحاتها: فضيحة وثائق ترامب السرية "أكثر خطورة" من فضيحة بايدن.

ولفتت إلى أن هناك وسائل إعلام، لم تعد تستخدم مصطلح "مستندات سرية"، في ما يخص وثائق بايدن.

وفي ذلك، تشير الكاتبة ماغي هابرمان من صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إلى المستندات الموجودة في مباني بايدن على أنها "أوراق ذات علامات سرية" ، مرددة الصياغة التي سبق أن استخدمها البيت الأبيض للدفاع عن بايدن.

وتعلق المجلة البريطانية، على ذلك: "لاشك أن مصطلح أوراق ذات علامات سرية أكثر مرونة من المستندات السرية، إذ لا تعد لافتة للانتباه بالنسبة للقراء.

ومما يشير إلى أن وسائل الإعلام لم تبد الاهتمام الكافي بوثائق بايدن -حسب المجلة البريطانية- أن اكتشاف الوثائق السرية في مركز بايدن كان قبل ستة أيام من الانتخابات النصفية، لكن الاعتراف به كان بعد الانتهاء من هذه الانتخابات.

حتى أن الإعلامية جوي بيهار مقدمة برنامج ذا فيو بشبكة أي بي سي، نوهت إلى "مؤامرة" في ما يخص كشف وثائق بايدن في هذا التوقيت.

وقالت خلال برنامجها: "بينما نقترب من الحصول على جميع وثائق ترامب وفك أسرارها، تظهر هذه الوثائق بطريقة ما".

وتعلق المجلة البريطانية، على ذلك بالقول: "هم الآن في نظرية المؤامرة" ، مضيفة بطريقة ساخرة: "يبدو أن احتمال أن يكون بعض الترامبيين المرعبين في الدولة العميقة قد زرعوا أوراقًا في ممتلكات جو، أمرًا مسليًا للغاية".

 

تهديد الديمقراطية

وأشارت "سبايكد"، إلى أنه عندما انفجرت فضيحة مارالاغو العام الماضي، كان هناك ذعر كبير بشأن "التهديدات للديمقراطية".

فقد أفادت مجلة نيويورك بأن الليبراليين "ملتهبون" بسبب مخبأ وثائق ترامب، لدرجة أن استطلاع "إن بي سي نيوز" وجد أن "التهديدات للديمقراطية" أصبحت قضية رئيسة لبعض الناخبين قبل الانتخابات النصفية.

وتعلق المجلة: "يا له من أمر مدهش أن الليبراليين يبدون أقل تأججًا، وغير متفاعلين بشكل إيجابي مع أوراق بايدن ذات العلامات السرية".

وتتساءل: ألم يكن الاحتفاظ بأوراق سرية للغاية في منزل أحد السياسيين "تهديدًا للديمقراطية"، مشيرة إلى أن ذلك دليل على تقلب السياسيين بين فينة وأخرى، مضيفة: "بينما ألقوا الماء على فضيحة وثائق ترامب، يلقون البنزين على وثائق بايدن"، في إشارة إلى غض الطرف عنها.

ورغم ذلك، فإن المجلة رأت أن فضيحة وثائق بايدن تعد أكثر صدمة من فضيحة وثائق ترامب، لسبب بسيط هو أن صعود بايدن إلى البيت الأبيض، الذي عُد كاستعادة الحياة الطبيعية للولايات المتحدة، بدا خلاف الحقيقة الآن.

وأشارت إلى أن الجميع يعلمون أن ترامب مباشر وواضح في تصريحاته وأفعاله، وغير محترف وربما أيضًا خالٍ من اللياقة، ومن ثمّ فإن العثور على وثائق بمنزله ربما لم يكن مستغربًا، بينما في المقابل فإن بايدن -الذي تضم إدارته عديدًا من الحكماء- قد لا يكون هناك مبرر لوجود هذه الوثائق السرية في صندوق داخل خزانة بمكتب غير مؤمن في مركز يملكه الرئيس الأمريكي بواشنطن العاصمة.

من الغريب -حسب المجلة- أن بايدن رد على ذلك، بالقول: إنه "فوجئ" باكتشاف الوثائق السرية، لكن الأغرب هو تفاعل "النخب الحمقاء" مع القصة، مشيرة إلى أن سوء التعامل مع قضية مهمة مثل تخزين معلومات حساسة، يكشف عن "نخبة ضلت طريقها".

ورأت المجلة، أن النخب تتصرف بطريقة فوضويّة ومتفردة بشكل متزايد، لافتة إلى أن تفريغ السياسة الحديثة أدى إلى ظهور لاعبين سياسيين جدد، يفتقرون إلى الإحساس القديم باللياقة والمسؤولية، الذي كان يحكم المجال السياسي ذات يوم.

فلم يتوقف الأمر عند بايدن ولا الولايات المتحدة، وإنما أيضًا في المملكة المتحدة، حيث عُثر على وثائق سرية لوزارة الدفاع في محطة للحافلات، كما أن أحد كبار مسؤولي المخابرات البريطانية ترك وثيقة سرية للغاية لتنظيم القاعدة في قطار.