أموال روسية لإعادة إعمار أوكرانيا... هل يستغل الاتحاد الأوروبي أصول موسكو المجمدة؟
كان الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه جمدوا مئات المليارات من الدولارات من احتياطات النقد الأجنبي المودعة في حسابات خارجية للبنك المركزي الروسي

ترجمات - السياق
أصول روسية مجمدة بـ 300 مليار دولار، يبدو أن أوروبا على وشك استغلالها تحت مسمى "إعادة إعمار أوكرانيا" ليصاحب هذا الاتجاه جدل كبير بشأن قانونيته، وإلى أي مدى سيكون رد الفعل الروسي.
من جانبه حثَّ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، زعماء الاتحاد الأوروبي، على المضي قدمًا في محادثات لاستخدام أصول البنك المركزي الروسي المصادرة بـ 300 مليار دولار من احتياطاتها من النقد الأجنبي لإعادة إعمار أوكرانيا.
وقال -في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز"- إنه يريد بحث فكرة إدارة الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي، لتحقيق أرباح يمكن تخصيصها بعد ذلك لجهود إعادة الإعمار، مضيفًا أن "الأمر يتعلق بالعدالة والإنصاف، ويجب أن يكون بما يتماشى مع المبادئ القانونية".
كان الاتحاد الأوروبي قد أعلن تجميد 300 مليار يورو (326.73 مليار دولار) من احتياطات البنك المركزي الروسي في نوفمبر الماضي، لمعاقبة موسكو على حربها ضد أوكرانيا.
وتوقع رئيس المجلس الأوروبي، أن يبدي قادة التكتل مزيدًا من الاهتمام بهذا الأمر، خلال هذه المناقشات، مشيرًا إلى أنه رغم العوائق القانونية، التي تحول دون مصادرة الأصول، كان هناك "اهتمام سياسي جاد بإحراز تقدم في المسألة".
قرارات أوروبية
كان الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه جمدوا مئات المليارات من الدولارات من احتياطات النقد الأجنبي المودعة في حسابات خارجية للبنك المركزي الروسي، في وقت مبكر من الصراع، الذي بدأ أواخر فبراير من العام الماضي.
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن مسؤولين من الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، بمن في ذلك جوزيف بوريل، كبير دبلوماسيي الاتحاد، طرحوا بعد ذلك فكرة الاستيلاء على تلك الأصول، لاستخدامها في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة بأوكرانيا.
وقد قُدرت تكلفة إعادة الإعمار والتعافي بأوكرانيا في سبتمبر الماضي بنحو 350 مليار يورو من قِبل أوكرانيا وبروكسل والبنك الدولي.
وبينت الصحيفة، أن المبلغ المطلوب لم يزد منذ ذلك الحين، حيث أدت الهجمات الروسية الأسبوعية بالصواريخ والطائرات من دون طيار إلى تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية مثل محطات الطاقة والمساكن.
وصرح فيرغينيوس سينكيفيتشوس، مفوض البيئة في الاتحاد الأوروبي، لصحيفة فايننشال تايمز على هامش منتدى دافوس، الأربعاء: "كل يوم يدمر مزيد من البنية التحتية في أوكرانيا تحت القصف الروسي، ما يزيد الأموال التي تحتاجها كييف لإعادة الإعمار"، مضيفًا: "سنكون أول من يعيد بناء أوكرانيا"، مشيرًا إلى أن "ثمن إعادة بناء أوكرانيا يتزايد يومًا بعد يوم".
وأردف: "تلك التكهنات بأننا لن نكون قادرين، على استخدام الأصول المجمدة في إعادة الإعمار، تخيفني لأنني أعتقد أن روسيا يجب أن تخضع للمساءلة"، متابعًا: "الدولة التي عليها تمويل إعادة بناء أوكرانيا هي روسيا".
يذكر أنه أواخر العام الماضي، طرحت المفوضية الأوروبية فكرة تحويل الأصول المجمدة للدولة الروسية إلى صندوق، حيث يمكن إدارته لتوليد الأرباح، للمساعدة في الدفع لإعادة بناء أوكرانيا.
بينما بينت بروكسل أن الأصول الأساسية لن تصادر بموجب الخطة، لكنها ستعاد إلى الدولة الروسية حال توقيع اتفاقية سلام.
قانونية المصادرة
وأوضحت "فايننشال تايمز" أن دعوة ميشال، تأتي رغم الشكوك بين بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على توافق مصادرة الأصول مع سيادة القانون، والتحذيرات من أن أي إجراء يجب تنسيقه بعناية بين الحلفاء.
وحسب الصحيفة، يتخوف بعض المسؤولين الأوروبيين من أن استخدام هذه الأصول في إعادة البناء بأوكرانيا، قد يشكل سابقة محفوفة بالمخاطر، ما يزيد مخاوف الاستقرار المالي، من خلال إثارة التساؤلات عن الأصول الآمنة للاحتياطات الأجنبية، لافتة إلى أن ذلك قد يتطلب تشريعات جديدة في الولايات القضائية المعنية بتجميد الأصول، بما في ذلك الولايات المتحدة.
إلى ذلك، يقول سينكيفيوس: "بالطبع، يجب أن تكون المصادرة قانونية، هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على موافقة الدول الأعضاء وكذلك المجتمع الدولي".
وأضاف: "لا أعتقد أنه يجب أن يقتصر الأمر على الاتحاد الأوروبي، على بقية دول مجموعة السبع على الأقل أن تنضم إلينا في ذلك".
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن المحادثات بشأن أصول الدولة تأتي جنبًا إلى جنب مع محاولات أوروبية لتسهيل مصادرة أصول الأوليغارشية الروسية الخاضعة للعقوبات، مبينة أن من الدعائم الرئيسة في ذلك ضمان عدم التهرب من العقوبات كجريمة في الاتحاد الأوروبي، ما يسهل مصادرة الأصول الأساسية.
كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أكدت أنه على المدى القصير، يمكن للاتحاد الأوروبي وشركائه إدارة الأموال واستثمارها، حيث تذهب العائدات إلى أوكرانيا، بحيث تعوض في النهاية عن الأضرار التي لحقت بالبلاد.
وقالت: "سنعمل على اتفاقية دولية مع شركائنا لجعل ذلك ممكنًا، ويمكننا معًا أن نجد السبل القانونية للوصول إلى ذلك".
وأشارت دير لاين إلى أن الاتحاد الأوروبي سيقترح إنشاء محكمة متخصصة، تدعمها الأمم المتحدة "للتحقيق في جريمة العدوان الروسية ومقاضاة مرتكبيها".