السودان في يومه الثالث.. استمرار المواجهات العسكرية وسقوط نحو 100 قتيل

قال شهود عيان –الاثنين- إن إطلاق النار ودوي الانفجارات مستمران، في محيط القيادة العامة للجيش، ومناطق أخرى في العاصمة الخرطوم.

السودان في يومه الثالث.. استمرار المواجهات العسكرية وسقوط نحو 100 قتيل

السياق

لليوم الثالث على التوالي، لاتزال المواجهات العسكرية دائرة، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم وعديد من ولايات البلاد، ما أسفر عن قتل نحو مئة مدني وإصابة مئات.

وقال شهود عيان –الاثنين- إن إطلاق النار ودوي الانفجارات مستمران، في محيط القيادة العامة للجيش، ومناطق أخرى في العاصمة الخرطوم.

وتستمر -منذ صباح السبت- المعارك بالأسلحة الثقيلة، بينما تدخل سلاح الجو، حتى داخل الخرطوم، لقصف مقار لقوات الدعم السريع.

وتنتشر قوات الدعم السريع، التي تضم آلاف المقاتلين السابقين في حرب دارفور، الذين تحولوا إلى قوة رديفة للجيش، باللباس العسكري ومدججين بالأسلحة في الشوارع، ويقاتلون للسيطرة على منشآت عسكرية ومقار حكومية.

وقُتل ما لا يقل عن 97 مدنيًا، كما أفادت -صباح الاثنين- نقابة أطباء السودان المستقلة، 56 منهم السبت و41 الأحد، نِصفهم تقريبًا في العاصمة السودانية.

وأوضحت النقابة في بيان أن 365 شخصًا أصيبوا أيضًا.

وسبق للنقابة أن أشارت إلى أن حصيلة القتلى في صفوف المقاتلين بـ"العشرات" لكنّ أيًا من الطرفين لم يعلن خسائره البشرية.

وأكد الجيش -مساء الأحد- أن الوضع "مستقر" والقتال "محدود"، في حين قالت قوات الدعم السريع إنها بصدد الانتصار.

 

حرب بيانات

وفي بيان له قدَّم الجيش السوداني "اعتذاره للشعب عن الظروف الصعبة التي يعايشها خلال هذه الأيام، بسبب تمرد قيادة الدعم السريع غير المبرر على الدولة".

وأكد الجيش أنه لن يستغني عن خدمات منسوبي الدعم السريع بالتسريح، لأن البلاد ما زالت في أشد الحاجة لسواعد أبنائها.

وختم بيانه بتأكيد أن "قيادة القوات المسلحة ستظل على عهدها، بألا تتراجع عن المسار السياسي الذي التزمت به".

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع إنها حققت "انتصارات كاسحة"، بعد يومين من اشتباكات دموية مع الجيش السوداني.

وبحسب بيان للناطق الرسمي لقوات الدعم السريع، في الساعات الأولى من صباح الاثنين، فإنها تمكنت من السيطرة على مقار عسكرية ومدنية، خلال معارك الأحد.

وأشارت إلى أنها سيطرت على مقر القوات البرية، وبرج وزارة الدفاع، والقصر الجمهوري ومحيطه.

وتابعت: "جرى أيضًا تحرير رئاسات الفرق العسكرية بولايات دارفور والاستيلاء على عتادها وآلياتها العسكرية، وعلى أكثر من 200 دبابة، وإسقاط 3 طائرات مقاتلة، وأسر وانضمام عشرات من كبار ضباط وضباط صف القوات الانقلابية، وأسر عدد من أفراد النظام البائد دفاع شعبي، أمن شعبي، مجاهدين، جار حصرهم".

وأضافت: "من خلال معركتنا المصيرية عازمون على وضع حد نهائي لهذه المجموعة الانقلابية، التي اختطفت إرادة شعبنا وقواته المسلحة، نحن أمام خيار واحد هو النصر وإزاحة هذا الكابوس الذي يجثم على صدر شعبنا".

 

وضع صعب في المستشفيات

لكن يصعب تشخيص الوضع، فقد أعلنت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على المطار السبت، الأمر الذي نفاه الجيش.

وتقول هذه القوات إنها دخلت القصر الرئاسي، لكن الجيش ينفي ذلك أيضًا، ويؤكد أنه يسيطر على المقر العام لقيادته العامة، أحد أكبر مجمعات الجيش في الخرطوم.

أما التلفزيون الرسمي فيؤكد كل من الطرفين السيطرة عليه، لكن سكان محيط مقر التلفزيون يؤكدون أن القتال مستمر، بينما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية على غرار ما حصل خلال الانقلاب السابق.

وبينما لا يرتسم في الأفق أي وقف لإطلاق النار، دق الأطباء والعاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر.

فبعض الأحياء في الخرطوم محرومة من التيار الكهربائي والمياه منذ السبت، بينما تقنين الكهرباء سار في الأيام العادية.

وحذرت متاجر البقالة القليلة التي لا تزال مفتوحة، من أنها لن تصمد أكثر من أيام، إذا لم تدخل شاحنات المؤن العاصمة.

وأكد أطباء انقطاع التيار عن أقسام الجراحة، بينما أفادت منظمة الصحة العالمية بأن "مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية".

وقالت نقابة أطباء السودان إن المرضى وهم أطفال أحيانًا وأقاربهم، لا يحصلون على المياه ولا الأغذية، مشيرة إلى أنه لا يمكن إخراج الجرحى المعالجين بسبب الوضع الأمني، ما يؤدي إلى اكتظاظ يمنع العناية بالجميع.

وعجزت "الممرات الإنسانية" التي أعلنها الطرفان المتحاربان ثلاث ساعات بعد ظهر الأحد، عن تغيير الوضع، فقد استمر سماع إطلاق النار ودوي انفجارات في الخرطوم.

 

للمرة الأولى

قرر برنامج الأغذية العالمي تعليق عمله في السودان، بعد قتل ثلاثة عاملين في البرنامج بإقليم دارفور غربي السودان السبت، بينما يحتاج أكثر من ثلث سكان البلاد، البالغ عددهم 45 مليونًا، إلى مساعدة إنسانية.

وفي الخرطوم حيث انتشرت رائحة البارود، يتحصن المواطنون في منازلهم، بينما ترتفع أعمدة الدخان الأسود وسط العاصمة، حيث المقار السياسية والعسكرية.

وقالت خلود خير التي أسست مركز الأبحاث "كونفلويس أدفيازوري" في الخرطوم، لوكالة فرانس برس: "إنها المرة الأولى في تاريخ السودان منذ الاستقلال (1956) التي يسجل فيها هذا المستوى من العنف وسط الخرطوم".

وأضافت الخبيرة: "تشكل الخرطوم مركز السلطة التاريخي وطالما كانت أكثر مناطق السودان أمنًا خلال الحروب القاتلة ضد المتمردين" التي شنت في دارفور ومناطق أخرى مطلع الألفية.

وتابعت: "اليوم المعارك تدور في أنحاء المدينة وقوات الدعم السريع منتشرة أينما كان، لا سيما في مناطق الكثافة السكنية، لأن كلًا من الطرفين ظن أن التكلفة البشرية المرتفعة قد تردع الآخر، وندرك الآن أن الغلبة كانت للنزاع على السلطة بأي ثمن".

وكثرت الدعوات في صفوف الأسرة الدولية، منذ السبت، للتوصل إلى وقف القتال.

فدعا وزيرا خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا من اليابان الاثنين إلى "وقف فوري" للعنف.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بعد اجتماع مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي، إن هناك اتفاقًا على الحاجة إلى "وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المحادثات".

وعقدت جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي اجتماعات طارئة، للمطالبة بوقف إطلاق النار والعودة إلى الحل السياسي، وهو خيار لم يؤد إلى استئناف الانتقال الديمقراطي في السودان، الذي خرج عام 2019 من حكم ديكتاتوري استمر ثلاثين عامًا.