من أطلق الرصاصة الأولى في السودان؟.. أسرار تروى للمرة الأولى

سؤال كانت الإجابة عنه حاضرة لدى الفريق أول محمد حمدان دقلو الذي اتهم الجيش السوداني، بأنه أطلق الرصاصة الأولى في هذا الصراع.

من أطلق الرصاصة الأولى في السودان؟.. أسرار تروى للمرة الأولى

السياق

من أطلق الرصاصة الأولى؟ سؤال يشغل الشارع السوداني، الذي فوجئ في الخامس عشر من أبريل الجاري، بتغيير جذري في أزمة بلاده السياسية، لتتحول من اختلافات في وجهات النظر، إلى حرب شوارع، تنذر بتهديدات خطيرة لثالث أكبر بلد في إفريقيا.

سؤال كانت الإجابة عنه حاضرة لدى الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» قائد قوات الدعم السريع، الذي اتهم الجيش السوداني، بأنه أطلق الرصاصة الأولى في هذا الصراع.

وفي تصريحات لإذاعة بي بي سي البريطانية، قال حميدتي: «نحن لم نطلق الرصاصة الأولى. كان جميع الوسطاء حاضرين. اتفقنا على الجلوس الساعة 10 صباحًا وتوقيع الاتفاقية النهائية. لقد فوجئنا بأن البلد مغلق، وبدأوا إطلاق النار علينا».

ماذا حدث قبل الرصاصة الأولى؟

تقول وكالة رويترز، إن مجموعة من الوسطاء كانت تدفع -قبل أسبوعين- باتجاه إجراء محادثات في اللحظات الأخيرة، بين القائد العام للجيش الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو.

لكن ثلاثة من الوسطاء السودانيين، قالوا إن البرهان ودقلو لم يشاركا في الاجتماع الذي عُقد في مقر الرئاسة وسط الخرطوم، الساعة العاشرة من صباح 15 أبريل الجاري، في إشارة إلى الاجتماع الذي تحدث عنه قائد قوات الدعم السريع.

ونقلت «رويترز»، عن ثلاثة شهود ومستشار لـ«حميدتي»، قولهم إن إطلاق النار في معسكر سوبا العسكري، بدأ الثامنة والنصف صباحًا جنوب الخرطوم بالتوقيت المحلي، ما جعل العنف يتصاعد بسرعة في أنحاء البلاد.

وقال دبلوماسي، اطلع على الأمر واثنان من الوسطاء، إن البرهان وحميدتي التقيا -للمرة الأخيرة- في الثامن من أبريل الجاري، في مزرعة على مشارف الخرطوم، مشيرًا إلى أن البرهان طلب انسحاب قوات الدعم السريع من مدينة الفاشر، التي تقع في إقليم دارفور غربي السودان، معقل حميدتي، ووقف تدفقات قوات الدعم السريع إلى الخرطوم المستمرة منذ أسابيع.

وأوضح الدبلوماسي والوسيطان أن حميدتي طلب بدوره سحب القوات المصرية من قاعدة مروي الجوية، خشية استخدام هذه القوات ضده، مشيرين إلى أن الرجلين تحدثا أيضًا على انفراد، ووافقا -على ما يبدو- على خفض التصعيد. 

وبينما كانت هناك نية لعقد لقاء آخر في اليوم التالي، إلا أن ذلك لم يحدث، بحسب «رويترز»، التي قالت إنه على مدى الأسبوع التالي وفي الكواليس، كان كل من الفريقين يستعد بقوة للأسوأ.

كيف استعد الطرفان للحرب؟

مصدران عسكريان قالا إن القوات الجوية بقيادة البرهان، كانت تدرس أماكن تجمع قوات الدعم السريع، اعتمادًا على إحداثيات قدَّمها الجيش، مضيفين أن قوات الدعم السريع كانت في الوقت ذاته تنشر مزيدًا من المسلحين، في سوبا ومعسكرات أخرى في أنحاء الخرطوم.

وقال المصدران العسكريان إن القوات الجوية، التي تقصف مواقع في العاصمة منذ اندلاع القتال، ظلت تدرس أماكن معسكرات قوات الدعم السريع أكثر من أسبوع قبل بدء المعارك. 

وأضاف المصدران أن الجيش شكل أيضًا لجنة صغيرة من كبار قادته، للاستعداد لصراع محتمل مع قوات الدعم السريع.

ونقلت «رويترز» عن موسى خدام محمد مستشار حميدتي، قوله إن الطلقات الأولى في الحرب، التي دوت 15 أبريل الجاري، أيقظت قوات الدعم السريع المتمركزة في سوبا، مضيفًا أن قوات الدعم السريع شاهدت قوات الجيش خلف أسوار المعسكر تنصب مدافع في المنطقة المحيطة به.

وزعم مستشار حميدتي، أن قوات أخرى تجمعت حول مقر إقامة حميدتي في الخرطوم، مضيفًا: «شعرنا بأن قوة جاءت في الموقع نفسه».

في المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد الركن نبيل عبدالله، إن الجيش كان يستعد للرد وليس لشن حرب، بعد مؤشرات عن هجوم لقوات الدعم السريع، زاعمًا أن هذه القوات هي التي بدأت الهجوم وأسرت جنودًا.

وأوضح المتحدث باسم القوات المسلحة، أن الجيش تحرك لصد الهجوم، مشيرًا إلى أن الجيش كان ينفذ حملته بموجب تسلسل قيادي واضح، وأن قوات الدعم السريع أصبحت هدفًا مشروعًا للقوات الجوية، بعد بدء القتال.

كان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اتفقا على هدنة مؤقتة هذا الأسبوع، بضغط من الولايات المتحدة والسعودية، اللتين تشعران -مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي- بالقلق من أن السودان قد يتفتت ويزعزع استقرار منطقة مضطربة بالفعل.

ورغم تمديد الهدنة الخميس، فإن الضربات الجوية والقذائف المضادة للطائرات، هزت العاصمة السودانية الخرطوم مرة أخرى، بعد أن سمح الهدوء الحذر لآلاف من سكان الخرطوم والزوار الأجانب، بالفرار من العاصمة. 

هل يمكن تحويل وقف النار إلى هدنة دائمة؟

قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قال في تصريحات لـ«بي بي سي»، إنه مستعد لإجراء مفاوضات مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، بشرط وقف إطلاق النار.

وأوضح قائد قوات الدعم السريع: «هناك شروط للمفاوضات. بداية، وقف إطلاق النار. ووقف الأعمال العدائية. بعد ذلك، يمكننا إجراء مفاوضات»، مضيفًا: «من واجبنا تشكيل حكومة مدنية قابلة للحياة في السودان».

وعما إذا كان من الممكن أن تستمر الهدنة فترة طويلة، لفتح ممرات عبور آمنة، قال الفريق حميدتي: «لقد طالبنا بالهدنة منذ اليوم الأول للحرب. وبدأنا فتح ممر إنساني على الفور»، مضيفًا: «فتحنا هذه الممرات داخل المناطق التي تسيطر عليها قواتنا. بدأنا الهدنة من جانبنا».

في المقابل، قال قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الذي وافق -منذ يومين بشكل مبدئي- على لقاء حميدتي، إنه يرفض الجلوس مع قائد قوات الدعم السريع، واصفًا قواته بأنها «متمردة».

وفي إشارة إلى قوات الدعم السريع، أوضح البرهان لوسائل إعلام محلية، أنه ليس من الممكن أن تتحدث «الميليشيات» عن الديمقراطية.

آخر التطورات الميدانية

في بيان صادر عنها السبت، اطلعت «السياق» على نسخة منه، زعمت قوات الدعم السريع، أن القوات المسلحة «مسنودة بفلول النظام البائد، هاجمت صباح اليوم عددًا من مواقع تمركز قواتنا وعددًا من الأحياء السكنية بالخرطوم بواسطة الطيران والمدفعية».

وجددت قوات الدعم السريع التزامها بالهدنة الإنسانية المعلنة، لفتح ممرات آمنة للمواطنين، لقضاء احتياجاتهم الأساسية، ولتسهيل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب، مضيفة: «نشير إلى الخروق المستمرة للقيادات الانقلابية وفلول النظام البائد المتطرفة، بسبب تعدد وتنازع مراكز القرار داخلها».

ودعت قوات الدعم السريع المواطنين، إلى عدم الالتفات إلى ما وصفتها بـ«الشائعات وحملات التضليل المدفوعة التي تبثها قوات التنظيم وأبواقها، لترهيب المواطنين من أجل تمرير أجنداتها الخبيثة».

وزعمت قوات الدعم السريع «سيطرتها على 90% من ولاية الخرطوم»، مشيرة إلى أن «جميع المنافذ المؤدية إلى الولاية مؤمنة تمامًا بواسطة قواتنا».

وأضافت: «استقبلت مواقع تمركز قواتنا اليوم أعدادًا كبيرة من قوات الانقلابين، الذين سلموا أنفسهم، رافضين القتال إلى جانب صفوف القيادات الانقلابية وفلول النظام البائد، ومن بين الذين انضموا لخيار الشعب السوداني وسلموا أنفسهم لقواتنا».

وأشارت إلى أن «قواتنا تصدت إلى عدد من الهجمات من قوات الانقلابيين والفلول على مواقع تمركز القوات، إلى جانب الهجمات المتواصلة بالطيران والمدافع، في مخالفة وخرق بائن للهدنة الإنسانية»، مضيفة: «تعاملت قواتنا مع القوات المعتدية بحسم وألحقت بها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد».

ماذا قال الجيش؟

في المقابل، قال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، في بيان السبت، اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن قواته تعمل طبقًا لما هو مخطط لها و«تؤدي مهامها بثبات وثقة»، مضيفًا: «التآمر كان كبيرًا وخططت له جهات في الداخل والخارج، لكن تكسرت حلقاته تحت وطأة صمود وثبات رجال القوات المسلحة».

وزعم بيان الجيش السوداني، أن «ما جرى إحباطه خلال الأسبوعين الماضيين، كان محاولة فاشلة للاستيلاء على الحكم بقوة المتمردين وغطاء سياسي، وهو في الحقيقة كان مشروعًا لاختطاف الدولة السودانية بكل تاريخها، لصالح مشروع حكم ذاتي لشخص واحد»، على حد قوله.

وأوضح الجيش السوداني، أن قواته «ستعمل على تهيئة الظروف لتتمكن الشرطة وبقية أجهزة الدولة من استئناف عملها، وعودة الحياة لطبيعتها بأسرع وقت ممكن»، مضيفًا: «ستكتمل حلقات النصر قريبًا وتأتي لحظة حساب كل مخذل».

وشدد على أن الجيش السوداني «لن يتنازل عن هدف المحافظة على كيان الدولة السودانية»، مضيفًا: «قريبًا جدًا ستحتفل الخرطوم بيوم النصر وتسدل الستار على انتهاء فصول أسوأ حقبة عاشتها البلاد».