ضربات تونسية للإخوان... هل نجحت سياسة قطع الأطراف؟
من القيادات التي سطرت أسماؤها في القائمة، التي أصدرتها السلطات القضائية: عادل الدعداع وعامر العريض، وابنة القيادي السابق بحركة النهضة ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي

السباق
على وقع ضربات متلاحقة «أدمت» تنظيم الإخوان الإرهابي في تونس، ودفعت به إلى الزواية، متخذًا موقف المدافع تارة، ورافعًا شعار «المظلومية» تارة أخرى، مضى البلد الإفريقي في طريقه الذي خطه لنفسه قبل عام ونصف العام.
ذلك الطريق، الذي بدأ بقرارات استثنائية جعلت 25 يوليو 2021 ساعة الصفر لها، اقترب البلد الإفريقي من إكمال محطاته، التي رفعت شعار «لا للإخوان».
فمن حل البرلمان وتحصين القضاء، مرورًا بمرحلتي الانتخابات البرلمانية إلى التحقيقات القضائية المتلاحقة ضد حركة النهضة التونسية، باتت «العشرية السوداء»، التي تقلدت فيها الحركة الإخوانية زمام البلد الإفريقي «وبالًا» عليها، بعد أن أعيد فتح كشوف الحسابات، رغم أن الحبر الذي كُتبت به جف.
آخر تلك الكشوف التي أعيد فتحها، كان قرار السلطات التونسية، بتجميد أرصدة قيادات، ضمن قضية غسل الأموال التي يحاكم فيها القيادي السابق بحركة النهضة، العضو بجمعية «نماء تونس» عبدالكريم سليمان، وضمت نحو 101 شخص وكيان.
ومن القيادات التي سطرت أسماؤها في القائمة، التي أصدرتها السلطات القضائية: عادل الدعداع وعامر العريض، وابنة القيادي السابق بحركة النهضة ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، وصهر زعيم الحركة راشد الغنوشي محمد الحشفي، ومحمد العش المعروف بقربه من نجل رئيس حركة النهضة معاذ الغنوشي.
إلا أن هذا القرار يحمل عديد الدلالات، خاصة أنه صدر بعد أيام من قرار النيابة العامة في تونس، باعتقال 10 قيادات إخوانية ورجال أعمال مرتبطين به، على خلفية اتهامات بجرائم غسل الأموال في قضية جمعية نماء الخيرية.
تضييق الخناق
إلى ذلك، قال المحلل السياسي التونسي أيمن الزمالي، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه الخطوة تأتي ضمن خطوات لتضييق الخناق، بدأت بعد القرارات الاستثنائية في 25 يوليو 2021.
قطع الأجنحة
وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن سياسة السلطة التونسية بدأت تتضح، بعد مرور عام ونصف العام على اتخاذ الإجراءات الاستثنائية، إذ فتحت ملفات تمويل الحركة وكل ما يتعلق بشبهات الفساد والملفات ذات البعد الإرهابي، مشيرًا إلى أن القضاء التونسي تحرر من سيطرة الإخوان.
الزمالي أشار إلى أن تحركات الإخوان في تونس وحلفائهم، لاستغلال تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وارتباك السلطة في بعض الملفات، تهدف لتأليب الشارع وإعادة زخم الاحتجاج الى الواجهة، وإرباك الدولة وأجهزتها ووقف سياسة «قطع أجنحة» حركة النهضة، ومنها تلك المتعلقة بالتمويلات المشبوهة والخارجية.
وأكد المحلل السياسي التونسي، أنه بعد فتح عدد من ملفات القضية المعروفة بـ«جمعية نماء» وعدد من الجمعيات المشبوهة، اتضح أن الأموال الطائلة التي تلقاها عدد من القيادات الإخوانية، تحت غطاء هذه الجمعيات، غير معلوم المصدر.
وأشار إلى أن التحقيق مع القيادات البارزة بالحركة، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، كشف عن تعقد الهياكل المالية لها، ما ساعد السلطات القضائية المختصة في إصدار قرارات تجميد أرصدة «بارونات الإخوان» في تونس.
وأكد ضرورة انتظار اكتمال التحريات والتحقيقات التي تتولاها الأجهزة القضائية والأمنية، لمعرفة مصدر تلك الأموال الطائلة، التي قد تكشف مفاجآت متعلقة بعمليات إرهابية متورطة فيها حركة النهضة، ربما تتخطى النطاق الجغرافي للدولة التونسية.
وأشار إلى أن الخطوات التي وصفها بـ«الحاسمة والصارمة» لأجهزة الدولة القضائية والمالية، ستؤثر كثيرًا في عمل حركة الإخوان بتونس والمتحالفين معها، إلا أنه حذر من أن الأخيرة قد تغير تكتيكاتها، التي ترتكز على الحملات الدعائية الموجهة لجمع التبرعات.
كما حذر الزمالي من أن عودة نزول الجماهير للشارع، قد تدفع الحركة لاستخدامها «مطية»، لقلب موازين القوى والأوضاع الحالية، التي لم تستقر.
تضييق الخناق
المحلل السياسي التونسي صلاح الدين الجورشي قال، في تصريحات لـ«السياق»، إن ما يجرى حاليًا خطوة أخرى تلجأ إليها السلطة في تضييق الخناق حول حركة النهضة على الصعيد الأمني، مشيرًا إلى أنه لا يمكن معرفة جدية التهم الموجهة إلى قيادات الحركة، وهل الذين أغلقت حساباتهم هم الذين بيدهم حسابات النهضة أم لا؟
وشدد المحلل السياسي على أنه لا يمكن الاعتماد فقط على إجراءات السلطة للجزم بصحة الوقائع، خاصة أنه سبق إيقاف قياديين في النهضة، لكن القضاء اضطر لتبرئة ساحتهم.
وعن تأثير هذه الإجراءات في مسار وتدفق التمويلات للحركة الإخوانية، قال الجورشي إن تمويل النهضة لغز لدى الجميع، خاصة أنها قادرة على الاستمرار سياسيًا وماليًا، رغم هذه التضييقات.