بعد إخفاقات وغضب رئاسي... تعديل حكومي في الجزائر يطيح وزراء
أصدر الرئيس عبدالمجيد تبون، الخميس، تعديلًا حكوميا، شمل 11 حقيبة، أهمها الخارجية والمالية والتجارة.

السياق
«الرئيس غاضب حقًا وغير راض عن وتيرة معالجة الحكومة لعديد من الملفات»، بهذه الكلمات أعربت وكالة الأنباء الجزائرية -قبل قرابة شهر- عن غضب الرئيس عبدالمجيد تبون، من أداء مجلس الوزراء.
فـ«المواطن خط أحمر ورفاهيته أولوية»، كلمات عُدت -آنذاك- تمهيدًا لإقالة بعض الوزراء، الذين وصفهم الرئيس عبدالمجيد تبون بـ«المتقاعسين» في حكومة التكنوقراط، محذرًا من «إجراءات صارمة» ضد وزراء ومسؤولين حكوميين.
فماذا حدث؟
بعد قرابة شهر من تقرير وكالة الأنباء الجزائرية، الذي عبَّـر عن غضب رئاسي، أصدر الرئيس عبدالمجيد تبون، الخميس، تعديلًا حكوميا، شمل 11 حقيبة، أهمها الخارجية والمالية والتجارة.
ووفقًا للتعديل الحكومي الذي نشرته الرئاسة الجزائرية، واطلعت «السياق» على نسخة منه، فإن تبون أعاد أحمد عطاف لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، بعد قرابة ربع قرن على خروجه منها، خلفًا لرمطان لعمامرة.
تولى عطاف رئاسة الدبلوماسية الجزائرية بين عامي 1996 و1999 قبل وصول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للحكم، وكان قبلها وزيرًا مكلفًا بالشؤون المغاربية والإفريقية، وهو دبلوماسي متخرج في المدرسة الوطنية للإدارة، التي تخرج فيها تبون نفسه.
عطاف الذي يعد عضوًا في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، كان سفير الجزائر في الهند ويوغوسلافيا والمملكة المتحدة.
إلا أنه لم يتول أي منصب رسمي خلال حكم بوتفليقة الذي دام 20 سنة، والتحق بالمعارضة في حزب طلائع الحريات، إلى جانب رئيس الحكومة السابق علي بن فليس.
بينما تولى رمطان لعمامرة (71 سنة) وزارة الخارجية في يونيو 2021 خلفًا لصبري بوقدوم، كما سبق له شغل المنصب بين عامي 2013 و2017.
وخلال الفترة الأخيرة من حكم بوتفليقة وتحديدًا عام 2020 كان نائب رئيس الوزراء المكلف بالشؤون الخارجية، إلا أنه في الأيام الأخيرة من عمر الوزارة بعهد الرئيس تبون، لم يكن في الساحة السياسية، في غياب بدا واضحًا بعدم استقباله مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال زيارة للجزائر، الأحد والاثنين الماضيين.
هل نشب خلاف بين الرئيس تبون ولعمامرة؟
فرضية أخرى كشفها موقع أفريكا إنتليجنس الاستخباري، في تقرير نشره قبل أيام، مؤكدًا أن تعديلا وزاريًا مرتقبًا في الجزائر، سيطيح رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة من منصبه، بسبب «صدام» بينه وبين الرئيس عبدالمجيد تبون، على حد قوله.
الموقع الاستخباري استند في رؤيته بتغيب لعمامرة عن واجهة الأحداث، إلى عدم حضوره الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، الذي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة.
وأشار إلى تقارير زعمت أن استبعاد لعمامرة، جاء بعد توتر علاقته بالرئيس تبون، الذي برز من خلال رفض الأخير للائحة السفراء والقناصل الجدد، التي اقترحها بصفته وزيرًا للخارجية والجالية.
إلا أنه طرح سيناريو آخر لإقالة لعمامرة، قال فيه، إن رئيس الدبلوماسية الجزائرية البالغ من العمر 71 عاماً، مصاب بمرض عُضال يجعله غير قادر على القيام بمهامه.
حقائب أخرى
وبحسب القرار الرئاسي، فإن التعديل شمل وزارة التجارة التي عين فيها الطيب زيتوني، الأمين العام لحزب التجمع الوطني الجزائري، مدير مؤسسة تنظيم المعارض الاقتصادية، خلفًا لكمال رزيق الذي أنهيت مهامه وزيرًا للتجارة وترقية الصادرات.
وتعرض رزيق لانتقادات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب نقص بعض المواد الأساسية في السوق، حتى إن الرئيس تبون انتقده مباشرة عندما قال: «أنا لم أطلب منع الاستيراد» كما فعل الوزير.
وشمل التعديل أيضا وزير المالية، الذي وكل إلى مدير الميزانية عبدالعزيز فايد، خلفا لجمال كسالي وعلي عون على رأس وزارة كبرى جمعت الصناعة والصناعة الصيدلانية.
وعيّن البطل الأولمبي السابق رئيس اللجنة الأولمبية عبدالرحمن حماد، وزيرًا للشباب والرياضة، خلفًا للوزير المقال عبدالرزاق سبقاق، بينما عينت مريم بن ميلود وزيرة للرقمنة والإحصائيات خلفًا لحسين شرحبيل.
وشمل التعديل -كذلك- تعيين المدير العام السابق لصندوق الضمان الاجتماعي للأجراء فيصل بن طالب، وزيرًا للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، خلفًا ليوسف شرفة.
وعينت فايزة دحلب خلفًا وزيرة للبيئة والطاقات المتجددة، خلفًا لسامية موالفي، كما شمل التعديل وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، التي أوكلت إلى أحمد بداني خلفًا لهشام سفيان صلواتشي.
وبحسب التعديل، عُين عبدالحق سايحي وزيرًا للصحة، ويوسف شرفة وزيرًا للنقل، ويحيى بوخاري أمينًا عامًا للحكومة.
كما عين الرئيس تبون عبدالعزيز خلف وزيرًا للدولة مستشارًا لدى رئيس الجمهورية، ومحمد النذير العرباوي مديرًا لديوان رئاسة الجمهورية.
وشمل هذا التعديل، وزارتين جديدتين في الحكومة: وزارتا الري التي أسندت لطه دربال، والصناعة والإنتاج الصيدلاني، التي نشأت عن إسناد وزارة الصناعة، للوزير علي عون.
الرئيس غاضب
أواخر الشهر الماضي، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، تقريرًا، أكدت فيه غضب الرئيس عبدالمجيد تبون من أداء وقرارات حكومية لم يكن يعلم بها أو موافقًا عليها، على غرار هدم البنايات غير القانونية ووقف الاستيراد.
ولوقف ما وصفتها بـ«ثقافة التقاعس، والأمور غير المتوقعة»، في إشارة إلى أداء الحكومة والمؤسسات الرسمية في إدارة عديد من الملفات، ألمحت وكالة الأنباء الجزائرية إلى قرارات صارمة يستعد تبون لإعلانها.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية، إن «الرئيس تبون عليه اتخاذ إجراءات صارمة، لوضع حد لثقافة التقاعس التي تعيق تجسيد بعض الإجراءات المتخذة»، مضيفة: «رئيس الجمهورية الذي انطلق في سباق حقيقي مع الزمن، الذي على عِلم بما يجري، يدرك أن علاجات أخرى تفرض نفسها للقضاء على هذا الورم الخبيث المعروف بالبيروقراطية».
وأكدت الوكالة الرسمية للدولة، أن «الرئيس غاضب وغير راض عن وتيرة معالجة الحكومة لعديد من الملفات، حيث إن الآجال الطويلة والأرقام التقريبية غير الدقيقة، والقرارات التي تحدث الاختلال والارتباك على يوميات المواطنين وعلى المتعاملين الاقتصاديين، أثارت حفيظة الرئيس».
وأشارت إلى أن «رئيس الجمهورية عندما يتحدث عن هيبة الدولة هناك من يفهم أنه تسلط، ولمّا يشدد على حماية المنتج الوطني يفهم آخرون الحمائية، فرئيس الجمهورية لم يأمر بهدم بنايات غير قانونية، بل بأخذ الإجراءات اللازمة كي لا يتكرر ذلك»، مضيفة: «التحرك يجب أن يكون بصفة قبلية وليس بعد إنجاز البناية والإقامة فيها، وأن رئيس الجمهورية يعمل من أجل جزائر منفتحة على العالم وليس من أجل بلد منغلق، فلم يأمر بمنع الاستيراد، ذلك أنه لا وجود للاكتفاء الذاتي في أيّ بلد من العالم».
وتابعت: «الواردات ضرورية ورئيس الجمهورية أمر بوضع حد للفوضى، أي بمعنى لا استيراد لمواد لا يحتاجها المواطن، كما فرض رئيس الجمهورية تطهير القطاع، لوضع حد لظاهرة تضخيم الفواتير التي تعد مصدرًا لتهريب مبالغ معتبرة من العملة الصعبة تقدر بمليارات الدولارات».
وختمت الوكالة تقريرها بقولها: «الجزائريون الذين انتخبوا الرئيس في 12 ديسمبر 2019 لا يريدون الرجوع إلى ممارسات الماضي ولا إلى التسلط أو الحمائية ولا إلى الحقرة (التهميش) والمظاهر الكارثية لبلد كان منغلقًا وفي قبضة بعض البيروقراطيين الخطرين».