مشاركة خجولة... ماذا يعني الغياب العربي عن اجتماع طرابلس؟

يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ-السياق-، إن غياب الدول الفاعلة في الوطن العربي عن اجتماع طرابلس، يعني أن حكومة الدبيبة أصبحت معزولة تمامًا في الجامعة العربية، وأنها لم تعد الحكومة الشرعية التي تمثل ليبيا.

مشاركة خجولة... ماذا يعني الغياب العربي عن اجتماع طرابلس؟

السياق

مشاركة عربية «خجولة» في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالعاصمة الليبية طرابلس، عُدَّت «هزيمة دبلوماسية وسياسية»، لحكومة الوحدة الليبية منتهية الولاية.

وشاركت 7 دول عربية فقط من بين الأعضاء الـ22 بجامعة الدول العربية، في الاجتماع الذي عُقد الأحد بالعاصمة الليبية طرابلس، لتعلن أمانة الجامعة العربية، «إخفاق» حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية ووزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش، في توفير النصاب القانوني اللازم، لإضفاء الطابع الرسمي على أعمال اجتماع الوزاري العربي على المستوى الوزاري للدورة اﻟ158.

ذلك الاجتماع الذي «فشل» في الحصول على تذكرة الاعتراف العربي، اقتصرت المشاركة فيه على الجزائر، وتونس، وقطر، وفلسطين، وسلطنة عمان، والسودان وجُزر القمر، إضافة إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة، وممثل للاتحاد الإفريقي.

بينما تغيبت عن المشاركة 12 دولة عربية: السعودية، الإمارات، مصر، البحرين، الكويت، جيبوتي، سوريا، العراق، موريتانيا، اليمن، لبنان، إضافة إلى أمانة الجامعة العربية.

 

إحراج لحكومة الدبيبة

وبعد الاعتذارات العربية عن المشاركة في الاجتماع، حاولت وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية نجلاء المنقوش، التقليل من أثر الغياب العربي، بتسمية الاجتماع بـ«التشاوري» و«غير الرسمي»، ملمحة إلى دور مصري أضعف الحضور في ذلك الاجتماع .

وقالت المنقوش، إن الاجتماع التشاوري لقاء عربي مفتوح ومرن ليس له ضوابط ولا نصاب، الهدف منه التشاور تأكيدًا لاتفاق لوزارة الخارجية العرب بتكثيف التشاور بين أعضاء الجامعة وتوحيد الموقف العربي في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

تصريحات المنقوش، كانت ردًا منها على بيان لأمانة جامعة الدول العربية، قالت فيه إنها تلقت السبت تأكيدات إضافية من 4 دول بالمشاركة في الاجتماع: الصومال، السودان، قطر، سلطنة عمان، ليكون إجمالي الدول التي أكدت للأمانة العامة مشاركتها في الاجتماع 7 دول، ما يتعذر معه إيفاد وفد من الأمانة العامة لتغطية الاجتماع، لعدم وصول عدد التأكيدات المطلوبة إلى رقم 14.

إلا أن المنقوش قالت إن الاجتماعات التشاورية للجامعة العربية الطارئة عقدت بحضور وزيرَين أو ثلاثة فحسب، مضيفة أن هذا الشرط وضع كثيرًا من الدول في حرج من الاصطفاف، فـ«الجامعة أقحمت بهذا الشرط، نفسها في الاتجاه الواضح لإحدى الدول، وهذا ما تمنينا تجنبه».

وأشارت إلى أن الحكومة أرسلت دعوات لكل الدول قبل الاجتماع و«استغربنا عدم تلبية بعضها للدعوة»، مشيرة إلى أن «مشكلة الملف الليبي أنه لا يناقش بحضور الليبيين أصحاب القرار، وقد حاولت كسر هذا الأسلوب، بأن نكون نحن من يتحدث، لسنا بحاجة لأي دولة لأن تتكلم عنا بالنيابة، وطوال الفترة الماضية لرئاسة ليبيا في الجامعة العربية، سعيت لرفض أسلوب الوكالة أو النيابة عن ليبيا».

المقاطعة العربية الواسعة لاجتماع وزراء الخارجية العرب، كانت «إحراجًا كبيرًا» لحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، بحسب مراقبين أكدوا أنها رسالة موجهة بعدم الاعتراف بها، وبضرورة خروجها من المشهد.

 

رسائل عربية

وهو ما أشار إليه عضو مجلس النواب الليبي علي الصول، قائلًا في «تويتر»، إن فشل اجتماع وزراء الخارجية العرب في طرابلس، يعني أن حكومة الدبيبة ستُغادر قريبًا، مشيرًا إلى أن عدم حضور الوزراء دلالة على أن هذه الحكومة غير شرعية.

الأمر نفسه أشار إليه عضو ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» بلقاسم قزيط، الذي كان مجلسه أكثر المؤيدين لحكومة الدبيبة، قائلًا، إن إصرار حكومة الوحدة منتهية الولاية على عقد الاجتماع رغم اعتذار معظم وزراء الخارجية العرب، محاولة لانتزاع شرعية.

وأوضح عضو «الأعلى للدولة»، في تصريحات صحفية، أن «اعتذار بعض وزراء الخارجية العرب عن عدم حضور اجتماع طرابلس، جاء بسبب انقسام البلاد في ظل حكومتين، إضافة إلى نفوذ بعض الدول في الجامعة العربية».

وأشار إلى أن «محاولة انتزاع دعم عربي في غياب دول متنفذة في الجامعة وفاعلة ومؤثرة في المنطقة، لن ينجح، ولذا يُعدّ المؤتمر غير ناجح»، مؤكدًا أن «الحديث عن حكومة جديدة في مارس المقبل أو غيره لم نسمع به، وأستبعده لأن التحضيرات والموقف الدولي والإقليمي حائرة بهذا الخصوص».

 

حكومة باشاغا تتدخل

وحاولت حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا -التي تعذرت خطواتها في تولي مهامها بشكل رسمي، بسبب «تعنت» سلفتها في تسليم السلطة- الدخول على خط الأزمة، بتوجيه الشكر للدول التي لم تحضر اجتماع طرابلس.

ووجَّه رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، في «فيسبوك» الشكر للدول العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر والسعودية ودولة الإمارات والأمانة العامة للجامعة العربية على امتناعهم عن المشاركة في «المسرحية» التي حاولت الحكومة منتهية الولاية «تسويقها للادعاء بأنها الجهة المعترف بها دولياً»، على حد قوله.

باشاغا أضاف: «أدعو الأشقاء العرب لدعم وحدة البلاد والمصالحة بين الليبيين ودعم التسوية الليبية، التي ستدفع إلى سلطة منتخبة تمثل إرادة الشعب الليبي، كما أدعو جيراننا في الجزائر وتونس إلى إعادة النظر في سياستهما الخارجية تجاه ليبيا، وألا ينجروا وراء أهواء حكومة انتهت ولايتها القانونية والإدارية من السلطة التشريعية، وفقًا لأحكام الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي».

 

ماذا يعني الغياب العربي؟

وعن ذلك المشهد «الملتبس»، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن غياب الدول الفاعلة في الوطن العربي عن اجتماع طرابلس، يعني أن حكومة الدبيبة أصبحت معزولة تمامًا في الجامعة العربية، وأنها لم تعد الحكومة الشرعية التي تمثل ليبيا.

وأوضح المحلل الليبي، أن الغياب العربي يضع عضوية ليبيا في الجامعة العربية على المحك، مشيرًا إلى أن ذلك الموقف الذي وصفه بـ«القوي» يعبر عن ضغط عربي على الأطراف الداعمة لهذه الحكومة، بأن تراجع مواقفها، ذا كانت لديها جدية في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا.

وعن انتقاد المنقوش ما وصفته بـ«الانحياز الواضح» لأمانة الجامعة العربية لصالح «إحدى الدول»، عن طريق «ابتداع شرط غير موجود في اللوائح»، قال المحلل الليبي، إن هذا الانتقاد ليس في محله، «خصوصًا عندما تعجز دولة منظمة للاجتماعات عن توفير الضمانات الأمنية لسلامة الوفود الجسدية من القذائف العشوائية التي تقع في كل مكان بالعاصمة طرابلس من الميليشيات المتقاتلة».

وأوضح المحلل الليبي، أنه لا أحد يستطيع لوم أي من البلدان التي لم تحضر أو حتى أمانة الجامعة العربية المسؤولة والمعنية أيضًا بظروف عقد الاجتماع الأمنية، مشيرًا إلى أن حكومة لا تسيطر على الأمن في عاصمتها، أقرب إلى الحكومة الوهمية منها إلى الشرعية، على حد قوله.

وأشار إلى أن الواقع يقول إن حكومة عبدالحميد الدبيبة تقع تحت سيطرة أمراء الحرب والعصابات، مؤكدًا أنه رغم أن الدبيبة «هو الذي يغدق الأموال لحماية المليشيات المسلحة، لكنه عاجز عن فك الاشتباكات بينها، عندما يتعلق الأمر بنزاعها على مناطق النفوذ التي تسيطر عليها».

أما عن رسالة باشاغا، وما إذا كانت ستدفع بحكومته إلى النور قريبًا، قال المحلل الليبي، إن «باشاغا حاول استغلال الحدث سياسيًا للترويج لحكومته، في محاولة للعودة إلى المنافسة من جديد»، إلا أنه قال إن «حظوظ باشاغا تبقي ضئيلة جدًا، لأن المطروح هو تشكيل حكومة جديدة جامعة تتجاوز حكومته الفاشلة».

 

هل يقود الغياب إلى حل؟

وعن الحضور المتباين في اجتماع طرابلس، قال المرعاش، إن الدول التي حضرت ليس لها «تأثير قوي» في ليبيا، مشيرًا إلى أنه بينما دور الجزائر محدود إلا أن حكومة الدبيبة تحصل على دعم تركي قوي ميدانيًا، عن طريق المرتزقة السوريين على الأراضي الليبية.

أما عن إمكانية أن يقود فشل الاجتماع إلى حل في ليبيا بضغط عربي، قال المحلل الليبي، إن حل الأزمة الليبية تتقاذفه مصالح إقليمية ودولية، مشيرًا إلى أنه «بكل أسف لا الدول التي وافقت على الحضور ولا المتغيبة عن الاجتماعات لديها مفتاح حل الأزمة، بل إن تأثيرها ليس بالمأمول».