تحالف بحري إيراني خليجي... مشروع تنشده طهران وتستبعده أمريكا
يقول قائد القوات البحرية للجيش الإيراني، إن بلاده والسعودية و3 دول خليجية أخرى تخطط لتشكيل تحالف بحري يضم أيضا الهند وباكستان.

السياق
مع مساعي تصفير الأزمات في المنطقة، تبحث الدول عن تخفيف التوترات في ما بينها، عبر المصالحات وتقريب وجهات النظر، خاصة مع انكفاء الولايات المتحدة على نفسها.
ذلك الانكفاء، عوضته دول المنطقة بإقامة تحالفات جديدة، تمثلت في ردم الهوة التي كانت متسعة بينها وبين جيرانها، بإبرام صفقات دبلوماسية، وتبريد النزاعات القائمة.
توجه بدا واضحًا في العلاقات بين إيران ودول الخليج، التي شهدت -في الآونة الأخيرة- تطورات لافتة، أبرزها الاتفاق السعودي الإيراني قبل نحو ثلاثة أشهر بوساطة صينية، الذي يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة لسنوات.
اتفاق رأى مراقبون أنه سيشكل فرصة مهمة لتخفيف التوترات الأمنية في المنطقة، ورغم اختلافهم على آثاره، فإن رؤيتهم لم تصل إلى ما زعمته إيران.
ماذا حدث؟
السبت، نشرت وسائل إعلام إيرانية، تصريحات لقائد البحرية الإيرانية، قال فيها إن بلاده والسعودية وثلاث دول خليجية تخطط لتشكيل تحالف بحري، يضم أيضا الهند وباكستان.
ونقل عن قائد البحرية الإيرانية شهرام إيراني قوله: «دول المنطقة أدركت أن التعاون بينها وحده، الذي يحقق الأمن للمنطقة»، إلا أنه لم يوضح شكل التحالف، الذي قال إنه سيتشكل قريبًا.
وقال قائد البحرية الإيرانية، إن الدول التي ستشارك في التحالف تشمل أيضًا الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والعراق وباكستان والهند.
تصريحات يبدو أن لها رصيدًا قديمًا، تمثلت في تأكيد للجيش الإيراني -الشهر الماضي- أن التحالف الذي تشكل مع روسيا والصين وسلطنة عُمان وباکستان يتوسع اليوم، وسيتضمن الهند ودول المنطقة بينها السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق.
وحتى اليوم لم يصدر أي تعقيب من السعودية أو باقي الدول الخليجية المعنية بالتحالف الذي ذكرته إيران حول الأمر.
ويستبعد مراقبون أن تنخرط الدول الخليجية في تحالف بحري مع إيران، من منطلق أن التهديدات في مياه الخليج مصدرها الرئيسي طهران، أو أذرعها في المنطقة، لكن قد يجري تنسيق بين الجانبين.
وتقول وكالة رويترز، إن إيران تحاول إصلاح علاقاتها المتوترة بعديد من دول الخليج العربية، ففي مارس الماضي، أنهت السعودية وإيران سبع سنوات من العداء بموجب اتفاق بوساطة الصين، بتأكيد الحاجة إلى الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي.
كانت وسائل إعلام إيرانية، قد تحدثت عن تحالف بحري جديد الأسبوع الماضي، من دون أن تقدم أي تفاصيل. ولم تكن هناك أي تلميحات من دول إقليمية أخرى لهذا التطور.
في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى الصفقة على أنها تحول في السياسات الخارجية والأمنية السعودية، التي اعتمدت لعقود على الولايات المتحدة للحماية، مقابل تدفق ثابت للنفط بأسعار معقولة.
وابتهجت طهران بالاتفاق مع الرياض، حيث أعلن المسؤولون مرارًا وتكرارًا انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا على واشنطن وخطوة أخرى نحو هدفهم بـ «طرد أمريكا» من المنطقة.
وغالبًا ما يطرح المسؤولون الإيرانيون ادعاءات مبالغًا فيها لرفع المعنويات، ويجب أن يتردد صدى مزاعم الإيرانيين في الدول العربية الإقليمية حتى تكون لها أي مصداقية.
وتضم المنطقة بعض أهم طرق الشحن في العالم، حيث بدأت منذ عام 2019 هجمات إيرانية، يشتبه في أنها ضد ناقلات النفط وسط توترات مع الولايات المتحدة، بينما اختارت إدارات أوباما وترامب وبايدن عدم الرد على الاستفزازات البحرية الإيرانية على مر السنين، أو إظهار رد رادع عسكري مقنع.
وفي أحدث استفزاز لها في مايو الماضي، احتجزت إيران ناقلتي نفط عابرتين بين موانئ الإمارات، بينما أدى تقارب السعودية مع إيران إلى إحباط جهود إسرائيل لعزل إيران دبلوماسياً.
إلا أنه مع ذلك، أعلنت الإمارات العربية المتحدة -بشكل غير متوقع- في 31 مايو الماضي، أنها انسحبت من تحالف القوات البحرية المشتركة، الذي تقوده الولايات المتحدة، المكون من 34 دولة، ما يشير إلى مزيد من الضعف لموقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان: «نتيجة تقييمنا المستمر للتعاون الأمني الفعال مع جميع الشركاء، سحبت الإمارات قبل شهرين مشاركتها في القوات البحرية المشتركة».
وتعمل فرقة عمل القوات البحرية المشتركة، ومقرها القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين، على الأمن ومكافحة الإرهاب والقرصنة في مناطق البحر الأحمر والخليج العربي، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا تحاولان تشكيل تحالف إقليمي لاحتواء إيران، بما في ذلك شبكة دفاع جوي، بحسب "إيران إنترناشيونال".
كيف ردت أمريكا؟
في السياق نفسه، قال المتحدث باسم الأسطول الأمريكي الخامس والقوات البحرية المشتركة تيم هوكينز عن التصريحات الإيرانية، إنه «لأمر يتحدى المنطق أن تدّعي إيران المسؤولة الأولى عن عدم الاستقرار الإقليمي، أنها تريد تشكيل تحالف أمني بحري لحماية المياه التي تهددها».
وبحسب تصريحات صحفية للمسؤول العسكري الأمريكي، فإنه «في العامين الماضيين وحدهما هاجمت إيران أو صادرت 15 سفينة تجارية ترفع أعلامًا دولية»، مشيرًا إلى أن «الإجراءات مهمة، وهذا هو السبب في أننا نعزز الدفاع حول مضيق هرمز مع الشركاء».