توزيع الثروات السيادية... جدل جديد قديم في ليبيا

مجلس النواب الليبي  -شرق البلاد- يصوت بإجماع الحاضرين، لصالح مشروع قرار بشأن عدم المساس بالثروات السيادية، وتشكيل لجنة لتعديل قوانين توزيع الثروة وإيرادات النفط في البلاد.

توزيع الثروات السيادية... جدل جديد قديم في ليبيا

السياق 

مرة جديدة، يعود الجدل بشأن الثروات السيادية في ليبيا، البلد الغني بالنفط، الممزق بين حكومتي شرق وغرب، بعدما صوَّت مجلس النواب الليبي  -شرق البلاد- بإجماع الحاضرين، لصالح مشروع قرار بشأن "عدم المساس بالثروات السيادية"، وتشكيل لجنة لتعديل قوانين توزيع الثروة وإيرادات النفط في البلاد.

القرار يأتي في ظل مطالب متكررة لليبيين، بتوزيع عادل لإيرادات النفط، وهي الدعوة التي يمتد عمرها إلى ما قبل ثورة 2011، في الوقت نفسه، يتحدث نواب عن هدر عشرات الملايين من الدولارات ومنحها لدول أخرى.

ووفقًا لبيانات مصرف ليبيا المركزي، مطلع العام الجاري، حققت ليبيا عام 2022 أعلى إيرادات نفطية لها منذ 6 أعوام، بنحو 22 مليار دولار، بزيادة قُدرت بنصف مليار دولار تقريبًا عن عام 2021.

ويرى مراقبون أن قرار مجلس النواب موجه ضد دول تسعى للهيمنة على المقدرات النفطية لليبيا، عبر دعم قوى سياسية غربي البلاد، وبالتحديد حكومة الوحدة الوطنية، التي وقَّعت مذكرة تفاهم مع تركيا للنفط والغاز، العام الماضي.

 

لجنة مشتركة

وقال عبدالله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، إن "النواب ناقشوا بند التوزيع العادل للثروة وإيرادات النفط واستعمالها في مجالات التنمية ومنع استخدامها في الأغراض السياسية".

وأضاف -في بيان عن مخرجات الجلسة- أنهم ناقشوا وضع صياغة للتعديلات القانونية اللازمة، حيث التصويت بالأغلبية، على أن توكل مهمة تشكيل اللجنة إلى هيئة رئاسة المجلس.

وأشار البيان إلى أنه من المقرر أن  تتكون اللجنة من المناصب السيادية المعنية من الجانبين بحكومتي شرق وغرب ليبيا وخبراء مختصين ونواب عن لجنة المالية والطاقة ولجنة متابعة الأجهزة الرقابية، بثلاثة نواب عن كل لجنة مع مراعاة التمثيل الجغرافي.

 

إيقاف تصدير النفط

وشهدت الجلسة مطالبة رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسى العريبي، المجلس بإصدار قرار بوقف تصدير النفط حتى التوزيع العادل للثروة، مشيرًا إلى أنه يقصد بالتوزيع العادل، كل مناطق ليبيا بالغرب والشرق والجنوب.

واتهم العريبي عائلة رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية "الدبيبة"، ومحافظ البنك المركزي الصديق الكبير بالتحكم في الثروات الليبية، قائلًا: "نحن نرى ثروتنا تحت يد عائلة واحدة، وتحت يد مصرف ليبيا المركزي، المتمثل في شخص الصديق الكبير، وهناك أموال تتراوح بين 50 و70 مليون دولار تمنح لدول الجوار"، التي لم يسمها.

في المقابل رد النائب سالم قنان بقوله إن الرواتب تذهب إلى كل الليبيين، ويجب عدم التلويح بإيقاف النفط، مضيفًا: "هذه بلادنا وهذا نفطنا، لا نوقفه ولا نتهم فلانًا وعلانًا".

وتعد مسألة التوزيع العادل لإيرادات النفط أكثر الأزمات إزعاجًا لليبيين، لاسيما في الفترة الأخيرة مع وجود حكومتين -شرق وغرب- تتصارعان للسيطرة على إيرادات النفط، التي جمدت بمصرف ليبيا الخارجي قبل أشهر.

كان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي، قد وصف إدارة موارد البلاد بمصدر القلق الكبير لليبيين.

 

توحيد المؤسسات

وترعى الأمم المتحدة حوارًا اقتصاديًا بين الليبيين، لتوحيد المؤسسات الاقتصادية المنقسمة، وإيجاد خطة للتوزيع العادل لإيراد النفط، الذي تعتمد عليه البلاد بشكل كلي في إنفاقها.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إن زيادة عائدات النفط لليبيين، مصلحة مشتركة للتوصل إلى اتفاق يضمن استخدام أموال الدولة بشفافية وإنصاف.

ومنذ أشهر تحاول ليبيا إقناع شركات النفط الأجنبية بالعودة إلى استئناف عمليات التنقيب والإنتاج، بعد تحسن الوضع الأمني، في مسعى إلى تحقيق الإيرادات التي خسرتها العام الماضي، بعد ارتفاع الأسعار بالأسواق العالمية بسبب حرب أوكرانيا.

ويراهن البلد -الذي مزقته الحرب- على الاستثمارات الخارجية، لمساعدته في زيادة الإنتاج بسرعة، لتحصيل مزيد من الإيرادات، التي فقدها منذ عام 2011 بعد أن تضررت هذه الصناعة، المصدر الأول للعملة الصعبة.