تونس.. ماذا يعني تعيين الونيسي رئيسا مؤقتا لحركة النهضة الإخوانية؟
يقول الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية والإرهابية باسل ترجمان في تصريحات لـ السياق، إن تعيين منذر الونيسي، يؤكد أن الغنوشي لا يثق بأي من قيادات الحركة.

السياق
خوفًا من تكرار السيناريو المصري، وتأكيدًا للنفوذ المتغلغل داخلها، سارعت حركة النهضة الإخوانية، إلى تجاوز عقبة القبض على زعيمها راشد الغنوشي، بتعيين «متهم سابق في جريمة قتل» خلفًا له.
كانت تقارير إعلامية تونسية، قالت إن حركة النهضة الإخوانية عينت منذر الونيسي، رئيسًا مؤقتًا لها، بعد إيداع زعيمها راشد الغنوشي السجن، بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي، مشيرة إلى أنها شكلت مكتبًا مصغرًا للقيادة، يضم عددًا من القيادات البارزة.
خطوة كان لها كثير من الدلالات على الصعيدين المحلي والدولي، زعمت من خلالها حركة النهضة، حرصها على فكرة الإيحاء بوجود مؤسسية داخل التنظيمات وقيادات بديلة، وأرسلت رسالة إلى السلطات التونسية بأنها مستمرة، رغم ما تتعرض له من ملاحقات.
إلا أن الخطوة التي حاولت من خلالها حركة النهضة، البعد عن شرك السيناريو المصري، ذهبت إليه بنفسها، فما أن صدرت الأوامر بتعيين الونيسي رئيسًا مؤقتًا لها، نشبت خلافات بين الأخير ورفيق عبدالسلام بشلاكة، صهر الغنوشي الهارب في تركيا، الذي كان يطمح إلى المنصب، حتى يكون قادرًا على أموال الحركة.
ماذا تعني الخطوة؟
يقول الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية والإرهابية باسل ترجمان في تصريحات لـ«السياق»، إن تعيين منذر الونيسي، يؤكد أن الغنوشي لا يثق بأي من قيادات الحركة.
وأوضح باسل ترجمان، أن تعيين الونيسي ابن شقيقة راشد الغنوشي، يشير إلى أن الأخير لا يثق حتى بالقيادات خارج السجون، ما دفعه لاتخاذ القرار منفردًا، ويؤكد أن الحركة «مزرعة عائلية» للغنوشي وأصحابه وعائلته ودائرته المقربة، وينفي أي قدرة على العمل السياسي.
ويصف الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية، حركة النهضة بأنها «شبكة مصالح عائلية» لا تختلف عن المفهوم «الإقطاعي السياسي» الذي يسيطر على عقول جماعات الإسلام السياسي ومن يتبعها.
ورغم ذلك، فإن قرار تعيين حركة النهضة منذر الونيسي، لم يأتِ بجديد، من ناحية سيطرة الغنوشي على الحركة بكل تفاصيلها التنظيمية والهيكلية وأيضاً اللائحية، بحسب ترجمان، الذي قال إن القرار أوقع «النهضة» في أزمات تنظيمية ذات طابع عائلي.
تلك الأزمات تمثلت في النزاع الذي نشب بين الونيسي، ورفيق عبدالسلام بشلاكة صهر الغنوشي الهارب في تركيا، الذي كان يطمح في تعيينه رئيسًا للحركة من الخارج، حتى يملك يستطيع إدارة أموال الحركة، ما ينبئ بسيناريو مشابه للتنظيم في مصر، بحسب الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية.
رسائل متعددة
في السياق نفسه، قال الباحث المتخصص في الإسلام السياسي أحمد زغلول شلاطة، في تصريحات لـ«السياق»، إن تعيين منذر الونيسي رئيسًا لحركة النهضة التونسية، خلفًا لراشد الغنوشي، له أكثر من دلالة.
أولى هذه الدلالات، بحسب الباحث، أن الحركة تريد إيصال رسالة إلى الجميع بأنها مستمرة ومستقرة، وقادرة على إيجاد قيادة بديلة للغنوشي، بعد إلقاء القبض عليه من قوات الأمن التونسية، كما أن لديها استقرارًا في العمل اليومي والسياسي.
وأوضح شلاطة، أن حركات الإسلام السياسي بشكل عام، تحرص على فكرة الإيحاء بوجود مؤسسية داخل التنظيمات ووجود قيادات بديلة.
وأشار الباحث المتخصص في الإسلام السياسي، إلى دلالة أخرى تتمثل في أن حركة النهضة ترسل رسالة بشكل خاص إلى النظام التونسي، بأنها مستمرة رغم ما تتعرض له من ملاحقات.
وأوضح أحمد زغلول، أن قرار رئيس حركة النهضة الطاعن في السن، تعيين قيادة جديدة خلفًا له، حتى وإن كانت مؤقتة، إيحاء بأن الحركة ما زالت شابة وقادرة -من خلال الأجيال المنتمية لها- على الاستمرار.
ورغم ذلك، فإن شلاطة قال إن تعيين منذر الونيسي، يعد أمرًا عاديًا ولا يحمل تغييرًا دراماتيكيًا في مسار النهضة، مستندًا في رؤيته إلى أن راشد الغنوشي مازال على قيد الحياة ويتمتع بولاءات قوية من مختلف الأجيال له بشكل شخصي، بالتوازي مع ولاءاتهم للفكرة.
من هو الونيسي؟
وُلد منذر الونيسي (56 عامًا)، بمدينة الدهماني بمحافظة الكاف، شمال غربي تونس. انتمى إلى الإخوان عام 1984 وظل ينشط داخلها، حتى انتخابه عضوًا بمجلس الشورى خلال المؤتمر العام العاشر عام 2016.
تقلد الونيسي، الطبيب المتخصص في طب وزرع الكلى، عضوية المكتب التنفيذي للحركة بين عامي 2021 و2022، كما عُين نائب رئيس حركة النهضة، منذ أغسطس 2021.
كما سبق أن تقلد منصب مستشار وزير الصحة التونسي عبداللطيف المكي بين عامي 2012 و2013، في حكومة حمادي الجبالي، وهي أول حكومة تشكلها النهضة بعد انتخابات 2011 عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.
واتُهم الونيسي بإعداد وفاق إجرامي للقتل العمد مع الإصرار، في قضية قتل رجل الأعمال التونسي والبرلماني الأسبق في عهد زين العابدين بن علي، الجيلاني الدبوسي.