كيف فر قيادات حزب البشير من سجن كوبر؟

في بيان مسجل، خرج أحمد هارون المسؤول السوداني السابق في نظام عمر البشير، على قناة طيبة المحلية، كاشفًا تفاصيل خروجه وبعض المتهمين في قضية انقلاب يونيو 1989، من سجن كوبر.

كيف فر قيادات حزب البشير من سجن كوبر؟
أحمد هارون، القيادي في حزب البشير

السياق

مع اندلاع أحداث السودان، في الخامس عشر من أبريل الجاري، ووصول طرفي الأزمة إلى «نقطة اللاعودة»، باتت الاتهامات المتبادلة والشائعات، السلاح الأكثر نجاعة في المعركة الجارية على أرض ثالث أكبر بلد إفريقي.

فمن اتهامات بمن المتسبب باندلاع الأحداث التي أدت إلى وفاة وإصابة المئات، مرورًا بشن هجمات على بعض المواقع العسكرية لهذا الطرف أو ذاك، إلى اختراقات الهدنة... لائحة اتهامات متبادلة كانت محور التراشق الإعلامي بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

إلا أن اتهامًا جديدًا أضيف إلى تلك اللائحة، قد يحرك الشارع السوداني إلى مساندة أي من الطرفين، حال ثبوت صحته، ما يضع السودان خلال الأيام المقبلة على صفيح ساخن.

 

فماذا حدث؟

في بيان مسجل، خرج أحمد هارون المسؤول السوداني السابق في نظام عمر البشير، على قناة طيبة المحلية، كاشفًا تفاصيل خروجه وبعض المتهمين في قضية انقلاب يونيو 1989، من سجن كوبر.

وقال أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، في البيان الذي تابعته «السياق»، إن «قيادات ثورة الإنقاذ الوطني ظلت بمحبسها في سجن كوبر تحت تقاطع نيران المعارك الدائرة الآن تسعة أيام».

وأضاف القيادي السابق في نظام البشير: «كنا نعاني انعدام مقومات الحياة من انقطاع الكهرباء والمياه والطعام والرعاية الصحية حتى للجرحى، جراء تساقط النيران وسط السجون والنزلاء، ما أدى إلى وفاة وإصابة بعض النزلاء».

وعن طريقة الفرار من سجن كوبر، قال هارون: «خرج كل النزلاء، 23 أبريل الجاري، من السجن عنوة، بعد انفجار الأوضاع داخل السجن (...) لكننا (قيادات الإنقاذ) ظللنا بالسجن حتى خلا من نزلائه وسجانيه، عدا قلة لا تتجاوز عشرة من قادة وضباط وأفراد السجن».

إلا أنه «بناءً على طلب القوة المتبقية من قوة السجون، تحركنا لموقع آخر خارج السجن تحت حراسة محدودة لا تتعدى ثلاثة، على أمل أن تحصل سلطات السجون على أمر قضائي بالإفراج عنا»، يقول أحمد هارون، مضيفًا: «لم تعد هناك سجون ولا مقار لمباشرة أجهزة ووكالات إنفاذ القانون لمهامها».

وأضاف: «اتخذنا قرارنا الخاص بنا، بأن نتحمل مسؤوليتنا في حماية أنفسنا، بعد عدم صدور الأمر القضائي المستحق قانونًا لأسباب غير قانونية نفصح عنها لاحقًا، وفي ظل تسارع الأحداث وازدياد حدة الاشتباكات وتعاظم النذر والمخاطر من حولنا، وفي ظل انشغال السلطات الأخرى في المعارك الدائرة الآن».

 

الدعم السريع ترد

قيادة قوات الدعم السريع، أصدرت بعد سويعات بيانًا وجهته إلى السودانيين وقوات الجيش، زعمت فيه، أن القيادة العامة للجيش السوداني «وضعت الخطط ورسمت السيناريوهات لإشعال الحرب كغطاء لمبررات أمنية لإخراج قيادات النظام البائد من السجن، لاستكمال مشروعهم الإرهابي المتطرف، من خلال العودة مجددًا إلى السلطة».

وقالت قوات الدعم السريع: «لقد حذرنا -منذ اليوم الأول- من اندلاع الحرب، وأكدنا بالدليل القاطع أن قيادة قوات الانقلاب عادت إلى أحضان تنظيمها المتطرف، واختطفت قرار القوات المسلحة وجيرته لخدمة أجندتها».

وذكرت قوات الدعم السريع، أن «الحقائق تكشفت اليوم بشكل مفضوح، بعد البيان الذي أصدره المطلوب للمحكمة الجنائية أحمد هارون، نيابة عن قادة النظام البائد، الذين غادروا سجن كوبر على أيدي القوات الانقلابية وكتائب المجاهدين»، على حد قولها.

 

"الحرية والتغيير" على الخط

في السياق نفسه، قالت قوى الحرية والتغيير، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن بيان أحمد هارون، أكد «الحقائق التي ظللنا نرددها في قوى الحرية والتغيير في الآونة الأخيرة، من أن النظام البائد وحزبه المحلول، من خلال أعضائهم داخل القوات المسلحة والقوات النظامية، هم الذين يقفون خلف الحرب الدائرة الآن، لعودة الطغمة الفاسدة المستبدة للحكم مجدداً»، على حد قولها.

وأوضح البيان، أن «وجودهم في مشهد الأحداث وخروجهم من السجن في هذا التوقيت، بوصفهم مجموعة مارست أبشع الجرائم والحروب، وقسمت البلاد وقتلت وشردت الملايين من أهلها، يعني زيادة اشتعال الحرب، ما وضح في خطابهم بنيتهم الواضحة في زيادة إشعال الفتنة وتوسيعها»، على حد زعم البيان.

وأشارت قوى الحرية والتغيير إلى أن «هذه الحرب التي أشعلها ويتكسب منها النظام البائد، ستقود البلاد إلى الانهيار ولن تحقق أياً من القضايا الرئيسة التي سعت الأطراف المدنية والعسكرية لحلها عن طريق العملية السياسية، وعلى رأسها قضية الإصلاح الأمني والعسكري، الذي ينهي تعدد الجيوش ويقود للوصول لجيش واحد مهني وقومي»، على حد قولها.

وبينما طالبت السودانيين بالتصدي لمخططات الفلول، التي تكشفت الآن أكثر من أي وقت مضى، جددت الدعوة لقيادة القوات المسلحة والدعم السريع، بوقف هذه الحرب فوراً.

وأشارت إلى أن الطريق لمعالجة القضايا العالقة يكون عن طريق الحلول السياسية السلمية، التي تقود لوحدة بلادنا وأمنها وسيرها في طريق تحقيق غايات ثورة ديسمبر، وتقطع الطريق أمام مخططات النظام البائد ومساعيه للعودة لحكم البلاد مجدداً.

 

رواية الجيش

في المقابل، ردت القيادة العامة للقوات المسلحة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، على قيادة قوات الدعم السريع، قائلة إن جزءًا من متهمي 30 يونيو من العسكريين كانوا محتجزين بمستشفى علياء التابع للقوات المسلحة، لظروفهم الصحية وحسب توصيات الجهات الطبية بسجن كوبر قبل اندلاع التمرد، مشيرة إلى أنهم لا يزالون بالمستشفى تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية.

وعن هوية هؤلاء المحتجزين، قالت القيادة العامة للقوات المسلحة، إنهم: عمر حسن أحمد البشير، بكري حسن صالح، عبدالرحيم محمد حسين، أحمد الطيب الخنجر، يوسف عبدالفتاح»، إضافة إلى مدني واحد هو: «د. علي الحاج محمد محتجز لتلقي العلاج بمستشفى أحمد قاسم، بموجب توصية طبية من سلطات السجن، وتقع مسؤولية حراسته على الشرطة».

وأشارت إلى أن موقف القوات المسلحة «سيظل واضحًا بشأن هذا الأمر، وهو الرفض القاطع لأي محاولات يائسة، لربط ما يجري بالسجون بأي مزايدة على موقفها الوطني».