فضيحة الفساد... هل تؤثر إقالات كبار المسؤولين في الحرب الأوكرانية؟

أعلن عدد من كبار المسؤولين الأوكرانيين –الثلاثاء- استقالاتهم، إثر تقارير كشفت عمليات شراء إمدادات للجيش بأسعار مبالغ فيها

فضيحة الفساد... هل تؤثر إقالات كبار المسؤولين في الحرب الأوكرانية؟

السياق       

على وقع الحرب الأوكرانية، التي دارت رحاها قبل عام، بات الصراع في البلد الأوراسي، أبعد من أي وقت مضى، عن الحل، فالتهديدات النووية حاضرة وشحذ همم الحلفاء ما زال على الطاولة، ما ينبئ بأزمة طويلة الأمد.

ومع توقعات استمرار الأزمة الأوكرانية لمدى ليس بالقصير، تستعد كييف لمعركة طويلة الأمد، بمسارين، أولهما مكافحة الفساد في أروقتها، والآخر محاولة جلب المزيد من الأسلحة من الدول الغربية والأوروبية.

إلا أن المسار الأول الذي سلكته كييف، الذي تهدف من ورائه إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، بعد أن وضع الأخير مكافحة الفساد شرطًا لذلك، سلَّط الضوء -مرة أخرى- على التاريخ الطويل من الفساد المستشري والحوكمة الهشة في أوكرانيا.

 

فماذا فعلت أوكرانيا لتخطي الفساد المستشري في أروقتها؟

قبل يومين، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده لن تتغاضى عن الفساد الذي يمثل مشكلة «مزمنة» في بلاده، متعهدًا باتخاذ قرارات للقضاء عليه.

وفي كلمة مصورة، حدد زيلينسكي الأسبوع الجاري موعدًا لاتخاذ قرارات مناسبة في إطار مكافحة الفساد، مشيرًا إلى أن قرارات في هذا الصدد أعدت بالفعل.

زيلينسكي، الذي انتخب عام 2019 بناءً على تعهدات بتغيير الطريقة التي تُدار بها الدولة السوفيتية السابقة، قال إن الحكومة قبلت استقالة نائب وزير بعد تحقيق في مزاعم بأنه قبل رشوة.

تعهد زيلينسكي جاء بعد مزاعم بفساد على مستوى رفيع، بما في ذلك تقرير عن أساليب مريبة في المشتريات العسكرية، رغم محاولة المسؤولين الأوكرانيين توحيد الصفوف لمواجهة العملية العسكرية الروسية.

غداة تلك التصريحات، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن التغييرات في المناصب العليا بالحكومة وفي الأقاليم، خلال يوم.

وأكد زيلينسكي في خطابه الليلي المصور: «هناك بالفعل قرارات تتعلق بالمناصب، في ما يتعلق بالمسؤولين على مختلف المستويات في الوزارات والهياكل الحكومية المركزية، وكذلك في الأقاليم ومنظومة إنفاذ القانون».

 

فساد داخل الجيش

بعد يومين من تعهدات زيلينيسكي، أعلن عدد من كبار المسؤولين الأوكرانيين –الثلاثاء- استقالاتهم، إثر تقارير كشفت عمليات شراء إمدادات للجيش بأسعار مبالغ فيها.

وبحسب صحيفة الغارديان، فإن بين المسؤولين المستقيلين نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف، الذي كان مسؤولاً عن الدعم اللوجستي للقوات المسلحة ومساعد مدير الإدارة الرئاسية كيريلو تيموشينكو ونائب المدعي العام أوليكسي سيمونينكو.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن وزارة الدفاع قولها، إنه بينما تعد هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، فإن مغادرة شابوفالوف تسمح بالحفاظ على ثقة المجتمع والشركاء الدوليين، وكذلك ضمان موضوعية الجهود الرامية إلى كشف ملابسات هذه القضية.

إقالة نائب وزير الدفاع، تأتي في أعقاب إطاحة نائب وزير تنمية البلديات فاسيل لوزينسكي، بشبهة تلقيه رشوة بـ 400 ألف دولار، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إنه اتهم بتسهيل إبرام عقود شراء معدات ومولدات بأسعار مبالغ فيها، في الوقت الذي تواجه فيه بلاده نقصًا في الكهرباء بعد الضربات الروسية على منشآت الطاقة.

كما شملت حملة الإقالات الحكام الإقليميين لكييف وسومي وخيرسون وزابوريجيا ودنيبرو.

فضائح فساد

فضائح الفساد شملت -كذلك- الدائرة المقربة من الرئيس الأوكراني؛ فـ«كيريلو تيموشينكو» الذي أشرف على مشاريع إعادة إعمار المنشآت التي تضررت من القصف الروسي، كان اسمه حاضرًا في اتهامات بالفساد، قبل العملية العسكرية الروسية وبعدها.

وقال نائب مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية كيريلو تيموشينكو إنه طلب من الرئيس فولوديمير زيلينسكي إعفاءه من مهامه.

وكتب تيموشينكو على "تلغرام": «أشكر رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي على الثقة وفرصة القيام بأفعال صالحة كل يوم وكل دقيقة».

كان تيموشينكو، 33 عامًا، نائب رئيس مكتب الرئاسة منذ عام 2019، وأشرف على سياسات المناطق والسياسات الإقليمية، كما عمل أيضًا مع زيلينيسكي خلال حملته الانتخابية، مشرفًا على المحتوى الإعلامي والإبداعي.

وفي أكتوبر الماضي، اتُهم باستخدام سيارة دفع رباعي منحتها مجموعة جنرال موتورز لأوكرانيا لأغراض إنسانية، إلا أنه بعد كشف الأمر أعلن نقل السيارة إلى منطقة قريبة من خط المواجهة.

وقال مكتب المدعي العام الأوكراني، إن أوليكسي سيمونينكو نائب المدعي العام أُعفي من منصبه، ضمن حركة تغييرات لكبار المسؤولين.

ولم يوضح بيان إعلان الإعفاء سببًا للقرار، لكنه أشار إلى أنه جاء «بناءً على رغبته»، بينما قالت وكالة رويترز إن نائب المدعي العام الأوكراني قد أقيل.

كانت صحيفة أوكراينسكا برافدا الأوكرانية النافذة، اتهمت سيمونينكو بأنه سافر إلى إسبانيا في إجازة، في الوقت الذي يحظر فيه على الأوكرانيين في سن القتال، السفر إلى الخارج إلا لأغراض مهنية.

وقالت الصحيفة الأوكرانية، إن سيمونينكو ذهب في سيارة مملوكة لرجل أعمال أوكراني، يرافقه الحارس الشخصي لهذا الأخير.

تأتي هذه الخطوة بعد استقالة المساعد الرئاسي كيريلو تيموشينكو ونائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف، وسط فضيحة فساد في الحكومة.

وتقول «الغارديان»، إن هناك تقارير في وسائل الإعلام الأوكرانية، تقول إن رؤساء عدد من السلطات الإقليمية، الذين كانوا على صلة وثيقة بتيموشينكو، قد يقدِّمون استقالاتهم أيضًا.

 

روسيا على الخط الموازي

في المقابل، قالت «الغارديان»، إنه من المحتمل أن يكون الجنرال الكولونيل ميخائيل تبلينسكي قد فُصل، كأحد القادة العملياتيين الرئيسين لروسيا في أوكرانيا.

كان تيبلينسكي الضابط المسؤول عن انسحاب روسيا الناجح نسبيًا من غربي دنيبرو في نوفمبر 2022، وأشادت به روسيا كقائد مقتدر وعملي.

وتقول «الغارديان»، إن من المحتمل أن تكون إقالة تيبلينسكي أحد أعراض الانقسامات المستمرة داخل التسلسل الهرمي الأعلى للعملية الروسية، حيث يحاول الجنرال فاليري جيراسيموف فرض سلطته على الحملة.