بلينكن في جولة شرق أوسطية... مباحثات لتهدئة التوتر وحلحلة أزمات المنطقة

تناولت مباحثات وزير الخارجية الأمريكي مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، عددًا من قضايا المنطقة، بينها الأزمتان الليبية والسودانية، إضافة إلى سد النهضة والأزمة الأوكرانية.

بلينكن في جولة شرق أوسطية... مباحثات لتهدئة التوتر وحلحلة أزمات المنطقة

السياق

على وقع تصعيد فلسطيني إسرائيلي، بلغ ذروته خلال الأيام الماضية، ووسط مخاوف من «انتفاضة ثالثة»، حاولت الولايات المتحدة الدخول على خط الأزمة قبل انفجارها، بجولة لوزير خارجيتها إلى المنطقة.

ورغم أن جولة الوزير أنتوني بلينكن مجدولة قبل التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي، فإن وصول رئيس الدبلوماسية الأمريكية إلى القاهرة الأحد، قطع تكهنات بإلغاء هذه الزيارة التي وصفتها تقارير غربية بـ«المهمة».

وبحسب موقع صوت أمريكا، فإن زيارة الوزير بلينكن إلى المنطقة التي بدأها من مصر وستأخذه إلى القدس والضفة الغربية، محاولة لإنهاء الاشتباكات الفلسطينية الإسرائيلية.

وأكد الموقع الأمريكي، أن مصر التي تشترك في حدود مع إسرائيل وقطاع غزة، توسطت منذ فترة طويلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن دورها يساعد في استمرار التعاون الأمني الوثيق بين القاهرة وتل أبيب في مكافحة الإرهاب.

وبينما انتهت أولى محطات الوزير الأمريكي من العاصمة المصرية، تناولت مباحثاته مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، عددًا من قضايا المنطقة، بينها الأزمتان الليبية والسودانية، إضافة إلى سد النهضة والأزمة الأوكرانية.

 

فماذا دار في لقاءات بلينكن والمسؤولين المصريين؟

في بيان للرئاسة المصرية، اطلعت «السياق» على نسخة منه، قال المتحدث الرسمي، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي التقى أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، ودانيل روبنستاين القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالقاهرة، لمناقشة الملفات السياسية والأمنية وقضايا المنطقة.

وأكد بلينكن للرئيس المصري، أن واشنطن تعوِّل على التنسيق الحثيث مع مصر بقيادة السيسي، لاستعادة الاستقرار وتحقيق التهدئة واحتواء الوضع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وأوضح المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية، أن الوزير بلينكن والرئيس السيسي استعرضا التطورات والأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، والجهود المشتركة والمساعي المصرية لاحتواء التوتر المتصاعد خلال الأيام الماضية.

وأكد السيسي أن تطورات الأحداث الأخيرة تؤكد أهمية العمل بشكل فوري، في إطار المسارين السياسي والأمني لتهدئة الأوضاع، والحد من اتخاذ أي إجراءات أحادية من الطرفين، مشددًا على موقف بلاده الثابت، بالتوصل إلى حل عادل وشامل، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية، وعلى نحو يحل تلك القضية المحورية في المنطقة، ويفتح آفاق السلام والاستقرار والتعاون والبناء.

اللقاء تطرق إلى سد النهضة، إذ أكد السيسي موقف مصر الثابت بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد، بما يحقق المصالح المشتركة ويحفظ الحقوق المائية والتنموية لجميع الأطراف، مشدداً على أهمية اضطلاع أمريكا بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة.

ومن لقاء السيسي إلى المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، كانت تصريحات بلينكن داعمة لموقف القاهرة في سياقها الإقليمي.

 

دور حيوي

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال في كلمته خلال المؤتمر الصحفي، إن مصر عملت عبر تاريخها على تعزيز السلام والأمن والرخاء في المنطقة، مؤكدًا أنها تستمر في لعب هذا الدور الحيوي.

وبينما قال الدبلوماسي الأمريكي، إن القاهرة لعبت دورًا مهمًا في تخفيف حدة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أشار إلى أنه ناقش مع السيسي وشكري كيفية العمل على تخفيف التوتر واستعادة الهدوء.

وأشار إلى أن مباحثاته تعكس التزام وتقدير البلدين لهذه الشراكة، وأهميتها للمنطقة والعالم، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ومصر ملتزمتان بهذه العلاقة وتعميقها، كإحدى أولويات التعاون الاقتصادي.

وعن أزمة سد النهضة، قال الدبلوماسي الأمريكي، إن أزمة المناخ تؤكد ضرورة إيجاد حل دبلوماسي سريع لأزمة سد النهضة، مشيرًا إلى أن أمريكا تدعم أي حل يراعي مصالح جميع الأطراف والحياة المعيشية للمصريين والسودانيين والإثيوبيين.

وشدد بلينكن، على أن نقاش أزمة سد النهضة يجب أن يكون بمرونة من جميع الأطراف، للتعامل مع المصالح الوجودية لمصر في هذا الخصوص.

من جانبه، قال وزير خارجية مصر سامح شكري، إن القاهرة تعوِّل على التعاون المشترك مع واشنطن، لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن هناك إمكانية لتحقيق الاستقرار ومنع التصعيد وإيجاد الإطار السياسي الملائم، للتوصل لحل دائم وشامل وعادل للقضية الفلسطينية، على مبدأ حل الدولتين.

وأكد أن بلاده تحرص على تعزيز العلاقات الأمريكية المصرية، على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشيرًا إلى أن المباحثات مع الجانب المصري، أظهرت إمكانات هائلة لتطوير الشراكة الاستراتيجية في عديد من المجالات.

 

جدول الزيارة

وزارة الخارجية الأمريكية قالت -في بيان- إن الوزير بلينكن حاول خلال زيارته إلى القاهرة، ولقائه كبار المسؤولين المصريين، دفع الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر وتعزيز السلام والأمن في المنطقة، عبر الدعم المشترك للانتخابات في ليبيا والعملية السياسية الجارية بقيادة السودان.

ووصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاثنين إلى تل أبيب، لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية إيلي كوهين، وغيرهما من كبار القادة لمناقشة الدعم الأمريكي الدائم لأمن إسرائيل، لا سيما ضد تهديدات إيران.

ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بمطار بن غوريون في تل أبيب، الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى عدم «تأجيج التوترات»، قائلًا: «تقع على عاتق الجميع مسؤولية اتخاذ تدابير لتخفيف التوترات بدلاً من تأجيجها».

وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإن الوزير سيناقش اندماج إسرائيل العميق في المنطقة، والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وأهمية حل الدولتين، ومجموعة من القضايا العالمية والإقليمية.

في الضفة الغربية، سيلتقي الوزير رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، لمناقشة العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وأهمية حل الدولتين، والإصلاحات السياسية، وزيادة تعزيز العلاقة الأمريكية مع الفلسطينيين.

ومع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين، سيؤكد وزير الخارجية الحاجة الملحة لأن يتخذ الطرفان خطوات لتهدئة التوترات، لوضع حد لدائرة العنف التي أودت بحياة عديد من الأبرياء، بحسب الخارجية الأمريكية، التي قالت إن بلينكن سيناقش أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن للقدس.

ويقول موقع صوت أمريكا، إن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية الجديدة أثارت القلق في الداخل والخارج، بشأن مستقبل القيم العلمانية لإسرائيل، وأدت إلى توتر العلاقات العرقية وتوقف محادثات السلام مع الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن موجة أعمال العنف الأخيرة، زادت المخاوف من تصاعد العنف.

وقتل مسلح فلسطيني سبعة أشخاص، في هجوم خارج كنيس يهودي في القدس الجمعة، في أسوأ هجوم من نوعه على إسرائيليين في منطقة القدس منذ عام 2008، في أعقاب غارة إسرائيلية دامية في مدينة جنين بالضفة الغربية الخميس.

وفي محادثاته مع الإدارة الإسرائيلية الجديدة، التي تضم أحزابًا قومية متطرفة ترغب في توسيع مستوطنات الضفة الغربية، سيكرر بلينكن دعوات الولايات المتحدة للهدوء وتأكيد دعم واشنطن لحل الدولتين، بحسب الموقع الأمريكي.

واقترحت حكومة نتنياهو إصلاحًا شاملاً للسلطة القضائية، من شأنه أن يعزز السيطرة السياسية على تعيين القضاة، مع إضعاف قدرة المحكمة العليا على إلغاء التشريعات أو الحكم ضد الإجراءات الحكومية، بينما أثارت المقترحات مظاهرات كبيرة في الشوارع ضد ما يعده المحتجون تقويضًا محتملاً لاستقلال القضاء.

وقالت باربرا ليف، كبيرة مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط: «من الواضح أنه مقياس لحيوية الديمقراطية التي طُعن فيها بشكل واضح صعودًا وهبوطًا، عبر قطاعات من المجتمع الإسرائيلي»، مشيرة إلى أن بلينكن سيستمع إلى آراء من داخل الحكومة الإسرائيلية وخارجها بشأن الإصلاحات.

 

منتدى النقب

وقالت ليف إن الزيارة ستبني أيضًا على الجهود السابقة لإعادة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، عبر «منتدى النقب» الذي يضم مسؤولين من دول إقليمية، بينهم مصر، لمناقشة التعاون الاقتصادي والسياحة.

كما ستكون الحرب الروسية المستمرة منذ 11 شهرًا في أوكرانيا على جدول الأعمال، بحسب «صوت أمريكا»، الذي قال إن كييف التي تلقت كميات كبيرة من المعدات العسكرية من الولايات المتحدة وأوروبا، طلبت من إسرائيل توفير أنظمة لإسقاط الطائرات من دون طيار، بما في ذلك تلك التي قدمتها إيران خصم إسرائيل الإقليمي.

ورغم أن إسرائيل أدانت العملية العسكرية الروسية، فقد اقتصر دورها على المساعدات الإنسانية ومعدات الحماية، مشيرة إلى رغبتها في استمرار التعاون مع موسكو بشأن جارتها سوريا التي مزقتها الحرب، وضمان رفاهية يهود روسيا.

ويناقش الدبلوماسيون أيضًا برنامج إيران النووي، مع تعثر جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وعدم وجود خطة بديلة، لمنع إيران من تطوير سلاح، بحسب الموقع الأمريكي.